; الآثار الاجتماعية للرعاية الإسكانية | مجلة المجتمع

العنوان الآثار الاجتماعية للرعاية الإسكانية

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 21-نوفمبر-1989

مشاهدات 731

نشر في العدد 942

نشر في الصفحة 10

الثلاثاء 21-نوفمبر-1989

دأبت الهيئة العامة للإسكان منذ أن أنشئت في ١٥ مارس ١٩٧٤ على القيام بمهمة توفير الرعاية الإسكانية للمواطنين، وتوفير كافة الخدمات المتعلقة بتلك الرعاية من شوارع ومساجد ومدارس ومراكز صحية ومراكز ضاحية وغيرها.

ولا شك أن المجهود الذي قامت به الهيئة العامة للإسكان كان ولا يزال جهدًا كبيرًا يستحق التقدير؛ إذ إنه قد بلغ عدد المساكن الحكومية التي تم إنجازها خلال الخطط الخمسية الثلاث أكثر من ٥٠,٠٠٠ خمسين ألف وحدة سكنية، من بين بيوت دخل محدود، ودخل متوسط، وشقق ودخل موحد، وقسائم سكنية موزعة توزيعًا جغرافيًا في جميع أنحاء الكويت.

ورغم ضخامة المشاريع التي تقوم بها الهيئة وضخامة الميزانية التي رصدت لتلك المشاريع؛ حيث تبلغ مليار وأربعمائة ألف دينار تقريبًا- إلا أنها لا زالت تفتقر إلى الدراسات المتخصصة في الأبعاد والآثار الاجتماعية لتلك المساكن الحكومية، ولنضرب على ذلك الأمثلة؛ إذ إنه بالمثال يتضح المقال.

أولًا: تلاصق البيوت بعضها ببعض

وهذه ظاهرة لا بد وأن تقوم الهيئة العامة للإسكان بدراستها؛ إذ إنه على سبيل المثال البيوت التي أنشئت في ضاحية صباح السالم، وخاصة قطعة (٦)، (۷)، (۱۰) تجد أن تصميم البيوت أتي على أساس تلاصق أسطح تلك البيوت بعضها بعض، ولا يفصل بين سطح البيت والآخر إلا جدار لا يتعدى ارتفاعه «50سم» أي نصف متر؛ مما يسبب الكثير من المشاكل الاجتماعية التي لا تحمد عقباها؛ إذ إنه باستطاعة أي شخص أن ينتقل بهذه الطريقة من أول بيت في «الفريج» إلى آخر بيت مجرد وصوله إلى سطح أحد تلك المنازل، لا سيما وأن السلم الموصل للسطح في أغلب البيوت سلم خارجي!

ثانيا: نظام الشقق السكنية

ونظرًا لندرة الأراضي السكنية قامت الدولة بإيجاد البدائل السكنية للمواطنين ممثلة في الشقق السكنية؛ سواء في مشروع الصوابر، أو مشروع شقق ضاحية صباح السالم.

وتوجه الدولة لنظام الإسكان العمودي يعكس بلا شك آثارًا اجتماعية كبيرة، لعل أولها مسألة تنظيم النسل وتحديده ولو بشكل غير مباشر؛ إذ إن الساكن في الشقة إنما يعيش في مساحة محدودة لا يستطيع معها زيادة النسل والإنجاب، كما أن نظام الشقق لا يساعد على تكوين العلاقات الاجتماعية بين الساكنين، أضف إلى ذلك تعذر وجود الديوانية التي تجمع فيما بينهم، وكذلك ما قامت به الهيئة من تخصيص الشقق في ضاحية صباح السالم، وتوزيعها على الأرامل والمطلقات، وما نجم عن ذلك من آثار اجتماعية سيئة للغاية.

 ثالثًا: ضيق مساحة الأراضي المخصصة

ونلاحظ أيضًا في الكثير من المشاريع أن الهيئة لم تراعِ العدالة في تلك المساحات؛ إذ إنه في السابق كان يتم توزيع مساحات «٦٠٠ متر مربع» كما هو في مشروع هدية ومشروع العارضية دخل متوسط، أما مشروع ضاحية صباح السالم ق (٥) فكان بمساحة «500 متر مربع» وبعدها قامت الهيئة بتوزيع المساحات للدخل الموحد والقسائم «٤٠٠ متر مربع» وبيوت الدخل المحدود بما يقارب «300-350 متر مربع»؛ إذ إن تقليص المساحات وارد، وهذا بحد ذاته فيه إجحاف لمن خصصت لهم المساحات من بعد ذلك.

كما أن تصميم تلك البيوت وقرارات الهيئة لا تساعد أبدًا على الارتباط بالزوجة الثانية أو الإكثار من النسل؛ سواء من جانب تصميم بيوت الهيئة، أو من تخصيص بيت آخر لمن عنده زوجة ثانية أو كثير النسل والذرية.

فالدولة بلا شك تعاني من مشكلة العنوسة بين النساء، وأنجح الحلول لتلك المشكلة يكون بالتشجيع على الزواج.

رابعًا: الشوارع الضيقة بين البيوت

ويلاحظ كذلك في العديد من مشاريع الهيئة أنها لا تراعي مساحة الشوارع التي تفصل بين البيوت، فهي ضيقة؛ بحيث أنها لا تشع لأكثر من سيارتين، فعند الافتراض أن كل بيت من تلك البيوت عندهم ما لا يقل عن سيارتين، يكون الفريج عندها قد أمتلأ، وليس هنالك أدنى مجال لأي زائر أو قريب لإيقاف سيارته فيه.

وهذا الأمر يعاني منه أصحاب البيوت عندما يقوم أحدهم بعمل وليمة، ويدعى فيها الأصدقاء والأقرباء؛ حيث لا يجد أحدهم موقفًا بالقرب من البيت المقصود.

ومع ذكر السلبيات التي يجب تلافيها مستقبلًا في المشاريع الإسكانية، كان ولا بد من ذكر بعض الإيجابيات؛ سواء من ناحية تصميم البيوت وملائمتها للسكن، أو من ناحية التخطيط الإسكاني، ونذكر في ذلك ما يلي:

1- نظام الفريج:

فمن التصاميم الجيدة التي قامت الهيئة العامة للإسكان بتنفيذها نظام «الفريج»، وهو أن تكون البيوت مرتبة ومصممة على أن تكون على شكل حرف (U) بحيث يكون المدخل والمخرج لذلك «الفريج» واحد، وهذا ما نلاحظه في مشروع خيطان دخل متوسط، وبعض القطاعات في القرين وغرب الفنطاس ومشروع الجهراء، فهذا النظام يتم فيه التعاون والارتباط بين أفراد الفريج الواحد؛ مما يسبب تماسك الفريج وزيادة الروابط الاجتماعية، إلا أن هذا النظام ينقصه التعميم على بقية المشاريع الإسكانية؛ خاصة بعد أن ثبت نجاحه في تقوية الصلات بين العائلات.

2- مراكز الضاحية والنوادي الاجتماعية:

كما تقوم الهيئة كذلك من ضمن خططها الإسكانية إيجاد مراكز الضاحية لخدمة أهالي المنطقة وتوفير المرافق الحيوية لهم، والتي من ضمنها النوادي الاجتماعية والوحدات الاجتماعية والصالات متعددة الأغراض أو صالة الاحتفالات، وهذه بادرة طيبة تشكر عليها الهيئة، كذلك الروابط الاجتماعية بين أهالي المنطقة الواحدة؛ خاصة في قضية الاحتفالات والمناسبات.

وختامًا نقول: إننا لا ندعي أن الآثار الاجتماعية المترتبة على الرعاية الإسكانية أنها هي محصورة في ما ذكرناه آنفًا، ولكننا كما ذكرنا في البداية أن الموضوع بحاجة إلى إعادة نظر، وإلى إيجاد الدراسات المتخصصة حول هذه القضية، ونرجو من المسؤولين القائمين على الرعاية الإسكانية النظر في تلك الآثار؛ حتى يتم الحصول على النتائج الأفضل بإذن الله تعالى.

عبد الرحمن الأحمد

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل