; الأسرة الحياة البسيطة | مجلة المجتمع

العنوان الأسرة الحياة البسيطة

الكاتب بأقلام القراء

تاريخ النشر الثلاثاء 26-يناير-1971

مشاهدات 18

نشر في العدد 45

نشر في الصفحة 26

الثلاثاء 26-يناير-1971

الأسرة

الحياة البسيطة

تعجبني الحياة البسيطة لا تعقيد فيها ولا تركيب، وأكره ما أكره التكلف والتصنع وتعقيد الحياة وتركيبها. ويظهر أن المدنية والحضارة تميل دائمًا إلى تعقيد الحياة وقد شمل التعقيد والتصنع والتكلف كل نواحي الحياة وقـد شمل كثيرًا من الأوساط بعد أن كان في الحضارات القديمة مقصورًا على بعض الملوك والأمراء ولو كان تعقيد الحياة يزيد السرور في الحياة لهان الأمر ولكن الواقع أن تعقيدها يضيع بهجتها ويقلل الاستمتاع بها، فالعامل البسيط يتلذذ من منظر رواية بسيطة أكثر مما يتلذذ الغني المترف من رواية معقدة والمرأة الفقيرة تفرح بجلبابها الجديد البسيط أكثر مما تفرح امرأة غنية بفستانها الأنيق الموشى. 

هذا فضلًا عما يستوجبه هذا التكلف والتعقيد من أسباب التعاسة، فكم بيت شقى بسبب امرأة في البيت تتكلف أكثر مما تحتمل ميزانيتها في الملابس وأدوات الزينة، وكم أسرة شقيت لأن رجلًا يحتفل بسكره أو قماره أكثر مما يحتفل بضرورات بيته، وکثیر من البيوت بائسة لأن حاجة المعيشة تعقدت وتركبت فأصبحت ميزانيتها لا تكفي للضروريات وكثيرًا ما تضر تكاليف الحياة وتعقدها أن يسلك الناس سبلًا غير شريفة في الحصول على المال الذي تتطلبه تعقيدات الحياة، ومن استطاع أن يحتفظ بشرفه عاش في قلق وهم من المطالب الكثيرة التي تحيط به والتي إن استطاع أن يحتملها في نفسه إلا أنه لا يحتملها في أهله وولده وضروب المعاملة والسلوك يسودها التصنع والتكلف ومظاهر الرياء في الوظيفة وفي المصالح الحكومية وفي المحال التجارية وفي الحفلات والولائم والأفراح والمآتم لا شيء من البساطة ولا شيء من الرجوع للفطرة.

نريد من البساطة الصراحة في القول والطهارة في التفكير وعدم الإمعان في المظهر والتصرف الحسن في بساطة ويسر، ونظافة الفكر من كراهية الناس والتعالي عليهم والسير في الحياة كما هي من غير كلفة ولا رياء ولا تظاهر ولا تعقيد لأن في بساطة العيش راحة النفس وحفظ الصحة وحسن التفاهم والشعور بأن الحياة المادية ليست كل شيء في الحياة حتى يضيع كل الزمن في تعقيداتها وتركيباتها فهناك حياة روحية سامية جميلة تستحق أن يوفر لها جزء من الزمان ويخصص لها وقت من التفكير.

سامية محمد صالح

خطبة بليغة

دُعِي خطيب شاب إلى إلقاء محاضرة بين المسجونين فجلس مضطربًا يستمع إلى كلمة أحد موظفي السجن وهو يقدمه إلى السجناء مثنيًا عليه مبالغًا في تمجيده، فلما انتهى الموظف من كلمته وأشار إلى الشاب كي يتقدم ليعتلي المنصة، أسرعت ضربات قلبه وتملّكه الدوار فلم يسر بضع خطوات حتى تعثر في مشيته وسقط على الأرض، وعندئذ ضج الحاضرون بالضحك فنهض الشاب بسرعة وتقدم نحو المنصة في خطوات ثابتة وقال مبتسمًا: إخواني. هذا هو ما حضرت اليوم لأقوله لكم. إن الانسان قد يسقط ولكنه يستطيع أن ينهض من سقطته.

من تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم.

· عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يُكتب عند الله صديقًا، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذابًا.

· اضمنوا لي ستًا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم وأوفوا إذا عاهدتم، وأدّوا إذا ائتمنتم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم، واحفظوا فروجكم.

· إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.

· الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار.

· لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ولا حسب كحسن الخلق. أفضل الأعمال الصلاة على وقتها.

· ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة، ما من وال يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة.

· ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفـــــــاحش ولا البذيء. 

· إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم.

حركة تحديد النسل

فشل الحركة البدائية وسببه

وفي بدء الأمر لم يلتفت عامة أهل الغرب إلى فكرة منع الحمل التفاتًا يُذكر، لأن الفكرة كانت ركيكة سخيفة في حد ذاتها. لقد كان لمالثوس أن يقدر النسبة التي بها تتزايد عدد السكان في بلاده، ولكن ما كان له بحال أن يقدر النسبة التي تتزايد بها وسائلها المعيشية ولا أن يطلع على خزائن الثروة التي سترتها الطبيعة في بطن الأرض ولا تزال تكشف عنها التجارب مع رقي العلم التجريبي وسيادة العقل وقوة الجهد والعمل، وتضع يد الإنسان على مزيد من وسائل المعيشة وموارد الرزق ولا كان لنظيره أن ينفذ بحال إلى الإمكانات التي كانت خافية إلى زمنه وراء حجب الغيب وبرزت إلى حيز الوجود والظهور بقوة الجهد والعمل فيما بعد. نعم، إن عدد السكان في أوروبا ما زال يتزايد حسب تقدیر مالثوس، بسرعته الفطرية حتى وصل إلى ضعفيه تقريبًا في «٧٥» سنة، ولا سيما في إنجلترا فإن سكانها تزايدوا في هذه المدة بسرعة مدهشة قلما يوجد لها مثيل في تاريخ الإنسان الماضي، فقد كان عددهم «۱۲» مليونًا فقط سنة «۱۷۷۹م» وبلغ (۳۸) مليونًا سنة (۱۸۹۰) م ولكن مع تزايدهم على هذا الوجه، فقد تزايدت وسائلهم للمعاش هي الأخرى بسرعة مدهشة في نفس هذه المدة، حيث أصبحت دولتهم محتكرة للتجارة والصناعة العالمية، ولم تعد حياتها الاقتصادية منحصرة في حاصلات أرضها فحسب، بل أصبحت تستورد الموارد الغذائية من بلاد الدنيا الأخرى عوضًا لما تصدر إليها من مصنوعاتها ومنتجاتها، حتى أنها -على الرغم من تزايد السكان- لم تشعر قط بأن الأرض قد ضاقت على أهلها أو أن خزائن الطبيعة أصبحت تأبى التمشي مع تزايد عددهم.

 

 

«عن كتاب حركة تحديد النسل
لأبي الأعلى المودودي»

الرابط المختصر :