العنوان الأسرة .. خاطرة من أجل الأبناء
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 03-أغسطس-1971
مشاهدات 19
نشر في العدد 71
نشر في الصفحة 26
الثلاثاء 03-أغسطس-1971
الأسرة
خاطرة
من أجل الأبناء
· كان لنا في خاطرة العدد الماضي حديث عن ضرورة الاهتمام بتربية الأبناء تربية مدروسة واعية، ولما كان للأبناء احتكاك بغير الآباء والأمهات فمن الضروري أن نستمر في الحديث عن وسائل التربية الحديثة وحاجة المسلمين إليها.
· تأخذ وسائل الإعلام الحديثة التي تتطور تطورًا سريعًا جانبًا كبيرًا من حياة الشباب وتحتل في نفوسهم مكانًا واسعًا في الإرشاد والتوجيه وعلى المسلمين أن يدركوا أهمية هذه الوسائل ويحاولوا التأثير بكل إمكاناتهم على أي جانب من جوانب الإعلام.
· إن ما نفعله الآن من توجيه النقد واللوم إلى المسرح والسينما والتليفزيون والصحف والكتب لا يمكن أن يثني أصحاب هذه الوسائل والمهيمنين عليها عن عزمهم في المضي قدمًا فيما يصنعون، وأن أي محاولة لهدم هذه الصروح القائمة من وسائل الإعلام ستبوء بالفشل، ولن ينفعنا إلا إقامة صروح شامخة من وسائل الإعلام النظيفة لمنافسة ما هو قائم وصرف الناس إلى ما هو أفضل.
· إن المحاولات التـي نحاولها في كثير من الأحيان لمنع التليفزيون من دخول البيت المسلم أو منع الشباب من دخول السينما والمسرح وقراءة الصحف والقصص لن تثمر لنا شيئًا، ولا يمكن أن يترك الشباب بعد ذلك في فراغ تام، لا يعرفون كيف يشغلونه وقد أصبحت هذه الوسائل من ضرورات العصر.
· ولعل ذلك أشبه ما يكون بمن يدعون إلى مقاطعة البنوك الربوية ومحاربتها ثم لا يهيئون للناس مؤسسات مالية إسلامية غير ربوية؛ يتعامل معها الناس بدل تلك البنوك؛ لأن المقاطعة بدون بديل تعطل مصالح الناس وتشل اقتصادهم.
· لقد اندفع بعض المسلمين بدافع الغيرة على النشء إلى إقامة روضات ومدارس إسلامية في كثير من بلدان المسلمين وهذا عمل جاد مثمر وإيجابي ينافس مدارس التبشير والإلحاد منافسة عملية سليمة.
· ولقد اندفع مسلمون آخرون بالدافع نفسه فأقاموا المدارس والمراكز لتحفيظ القرآن الكريم لأبناء المسلمين وهذا عمل إيجابي آخر في طريق التربية الإسلامية السليمة.
· أما وسائل الإعلام الأخرى، فلا يزال الإحجام عنها ديدن المسلمين ولم يتقدم للخوض فيها أحد يذكر حتى الآن، اللهم إلا بعض المجموعات القصصية والصحف القليلة والمسرحيات المكتوبة.
ولعل القصة والمسرحية وقصائد الشعر من أهم وسائل التربية الحديثة المكتوبة، والتي سبقنا فيها أصحاب الفلسفات المادية والنظريات العلمانية، فغمروا بها الأسواق وأفسدوا علينا الشباب وجروهم عن طريق هذه الوسائل إلى الانحراف والضياع.
· في شباب المسلمين مثقفون مؤهلون لخوض تجارب في القصة والمسرحية والقصيدة الشعرية، وعند المسلمين إمكانات إنشاء المطابع ودور النشر والتوزيع، فلماذا لا يغمرون الأسواق بهذه الوسائل وينافسون الخصوم في جذب الشباب وتوجيههم إلى الخير والصلاح؟.
والمسرح والسينما والتليفزيون لماذا ننفر منها ونتجنبها، ولمَ لم نستغلها إلى الآن، وقد أصبحت تأخذ من وقت الأسرة وأبنائها الكثير وتؤثر في عقولهـم وسلوكهم تأثيرًا كبيرًا؛ وتقاوم ما يغرسه الآباء الصالحون من خير في أبنائهم مقاومة عنيفة.
· ما الذي يمنع المؤسسات والنوادي والجمعيات والمنظمات الإسلامية من إقامة مسارح يمارس فيها الشباب التمثيل؟ وما الذي يمنعهم من تكوين الفرق المسرحية المحترفة؟
· لماذا لا يتعلم أبناء المسلمين الإخراج السينمائي والتصوير السينمائي والماكياج والديكور وكل الأعمال والفنون السينمائية الأخرى؟ ولماذا لا يتقدم الأثرياء من المسلمين لإنتاج أفلام سينمائية إسلامية؟ أو لماذا لا تقام الشركات التي تعمل في صناعة السينما الإسلامية؟.
أليست هذه الوسائل جديرة بالاهتمام؟ أولسنا واثقين من أهميتها في التوجيه والتثقيف؟ ما الذي يمنعنا ويقيدنا بينما ينشط غيرنا في السيطرة على الأجيال عن طريق هذه الوسائل؟
إن آخر أخبار مؤتمرات السينما تقول: إن المستقبل سيحمل الأفلام السينمائية والتليفزيون إلى البيوت حيث يتحكم صاحب البيت في مشاهدة ما يريد.
فهل نظل ننتظر هذا الغزو الفكري يهدم بيوتنا ونحن مكتوفو الأيدي؟
لعل البداية في هذه المشاريع تحتاج إلى شجاعة لمواجهة هذه الأمور التي لم نتعودها، لكن المسلمين إذا درسوا هذه الأمور وتنادوا لتنفيذها فسيكون الخير منها كثيرًا جدًا.
وأمامنا الأبناء يريدون أن يحيوا عصرهم، ولا يمكن أن نحشرهم في قماقم نحفظها في جيوبنا، ولا بد لهم من الانفتاح على العالم عن طريق هذه الوسائل، فإما أن نجعلها وسائل خير بشيء من الجهد والبذل والتضحية، وإما أن تظل وسائل دمار في أيدي أعدائنا ومن أجل أبنائنا.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل