العنوان الأسرة والمجتمع 1047
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 27-أبريل-1993
مشاهدات 13
نشر في العدد 1047
نشر في الصفحة 52
الثلاثاء 27-أبريل-1993
للداعيات فقط ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾ (آل عمران: 17)
يصف الله تعالى فئة من عباده الصالحين فيقول منهم: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ (الذاريات: 17/18).
بينت لنا الآية الكريمة صفة هامة لأولئك القوم فذكرت أنهم لا يغفلون عن ساعة هامة يستغفرون الله تعالى فيها ، تلك الساعة في ساعة السحر، وما أدراك كم من الخير الكثير في هذه الساعة، تلك الساعة التي ينام فيها كثير من الناس مفوتين على أنفسهم خيرًا كثيرًا يمكن أن يجنوه خلالها، ولا عجب أن يحرص الإمام الغزالي إلى أن ينبه ابنه لأهمية هذه الساعة فيقول له:
فإنك عمر الله أو كنت صادقًا
لما سبقتك بالهديل الحمائم
فالمسلم مطالب بالإكثار من الاستغفار واستغفاره في هذه الساعة أعظم بركة وأكثر أثرًا، وهذا هو الإمام الحسن النصري يأتيه شاك يشكو جفاف الضرع وجدب الزرع وقلة المطر فيوصيه بالاستغفار، ويأتيه ثان يشكو قلة الولد فيوصيه بالاستغفار، وآخر يشكو قلة الماء ومرة أخرى يوصيه بالاستغفار، فيندهش منه حوله من أصحابه فيقول لهم «إن الاستغفار دواء لكل داء» فكيف بمن يستغفر في الساعة التي يكون فيها المولى عز وجل قريبًا من عباده يسمع نجواهم وتضرعهم «هل من مستغفر فأغفر له».
أي عرض كريم وأي مطلب عظيم!
ترى أي أمرى ذاك الذي يستقيظ من نومه في هذه الساعة ليناجي ربه ويستغفره؟؟
إنه ولا شك المؤمن الذي يمتلىء قلبه محبة لله فيحلو له أن يخلو به في مثل هذه الساعة، إنه المؤمن الذي ملأ الخوف من الله وعذابه قلبه، فيهب في مثل هذه الساعة تائبًا مستغفرًا يرجو عفوه والنجاة من ناره.
إنه أيضًا ذلك الطموح الذي ألهب وصف الجنان فؤاده، فراح يدعو متشوقًا أن يكون من سكانها.
فهل نكون من المستغفرين بالأسحار؟؟
سعاد الولايتي
النهج التربوي في ظل الإسلام
أسلوب النتائج المنطقية في التربية
الحلقة الخامسة
إعداد: سمية المطوع
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن».
نتناول هذا الأسبوع أسلوب النتائج المنطقية في التربية والفرق بينه وبني أسلوب الثواب والعقاب الذي يتبع عادة من قبل المربين.
في البداية أود أن أنبه إلى أنه إذا لم تكن العلاقة طيبة بين الأم والطفل، فلا فائدة من أسلوب النتائج المنطقية ولن يأتي بنتائج فعالة.
يعتمد أسلوب النتائج المنطقية على تبيان الأم للطفل نتيجة أفعاله، فعلى سبيل المثال إذا قدمت له طعام الإفطار في الصباح ورفض أن يأكل هنا تبين له نتيجة هذا الفعل وهي أنه سيجوع في المدرسة، مثال آخر إذا رفض الطفل النوم مبكرًا تبين له أنه سيجد صعوبة في الاستيقاظ مبكرًا، وهكذا حتى يتعلم بنفسه نتيجة تصرفاته. نود أن نبين هنا أن التكرار غير مرغوب فيه؛ إذ تكتفي الأم بتبيان نتيجة التصرف للطفل مرة واحدة فهذا يكفي.
من خلال أسلوب النتائج المنطقية ندع الطفل يتحمل نتيجة خطئه، ولكن قبل ذلك يسبق كل موضع مناقشة وتوضيح، فمثلًا إذا كانت الأم تقرأ في الصالة وأولادها يلعبون مصدرين ضجيجًا، وهنا أرادت أن تترك الغرفة هربًا من إزعاجهم فعليها قبل ذلك أن تبين لهم السبب وهي أنها تقرأ وهم يزعجونها.
الفرق بين أسلوب النتائج المنطقية وأسلوب الثواب والعقاب:
- أسلوب الثواب والعقاب يجعل ولي الأمر هو المسؤول عن تصرفات طفله.
- أسلوب الثواب والعقاب يولد عنادًا لدى الطفل.
- أسلوب النتائج المنطقية يجعل الطفل مسؤولًا عن تصرفاته وليس ولي الأمر.
- أسلوب النتائج المنطقية يترك للطفل اتخاذ القرار.
- أسلوب النتائج المنطقية يعلم الطفل من الواقع العلاقات الاجتماعية.
- أسلوب الثواب والعقاب يبين أن السلطة فيه لولي الأمر: مثال: الأب يرغب في النوم بينما الطفل يشاهد التلفاز هنا يقول له الأب «أغلق التلفاز لأنني أريد أن أنام».
هذه العبارة فيها سلطة مطلقة من الأب، بينما لو كان الأب يستعمل أسلوب النتائج المنطقية لجاءت الجملة على الشكل التالي:
«محمد أنا أعلم أنك مستمتع بمشاهدة التلفاز، لكنني أرغب في النوم لأنني متعب، فإما أن تقلل من صوت التلفاز أو تخرج لتلعب في ساحة المنزل».
في الجملة الثانية بيّن الأب احترامه لرغبة ولده وخیره بين أمرين.
مثال آخر: تدخل الأم غرفة ابنتها لتجدها في فوضى عارمة فتقول «مها.. إذا لم تقومي بترتيب غرفتك لن أسمح لك بزيارة صديقتك يوم الأربعاء القادم».
أسلوب الثواب والعقاب حيث يبين سلطة الأم والعقاب الشديد الذي فرضته، بينما في أسلوب النتائج المنطقية ستكون العبارة على الشكل التالي:
«مها.. غرفتك في فوضى عارمة وأنا لا أستطيع ترتيبها؛ لذلك إذا كنت لا تريدين هذه اللعب والحاجات المتناثرة سأقوم بجمعها في كيس كبير وأنزلها جميعًا في السرداب»..
في العبارة التالية شرحت الأم للطفلة ما ستفعله إذا لم تقم بعمل كذا، من المهم في أسلوب النتائج المنطقية أن يكون التوجيه دائمًا في جو ودي ودون انفعال أو هياج من الأم.
من الضروري كذلك في أسلوب النتائج المنطقية أن تبتعد الأم أو الأب عن إهانة الطفل مثال:
أخذ يوسف مطرقة أبيه لاستعمالها ثم أضاعها، هنا يغضب الأب ويوبخ يوسف مبينًا أنه كان يجب أن يستأذن وأن الشخص الذي يأخذ حاجات غيره هو سارق وأنه مهمل... إلخ.
لقد أخطأ الأب عندما لم يفصل الفعل عن الفاعل فقد كان يجب أن يبين له أدب الاستئذان في أمر مسبقًا كقاعدة عامة في البيت ثانيًا كان بإمكانه أن يطلب من يوسف شراء مطرقة جديدة له بدل التي أضاعها من مصروفه الشخصي دون انفعال أو هياج.
من المهم جدًّا في أسلوب النتائج المنطقية ألا أربط العقاب بتصرفات وأخطاء سابقة للطفل. مثال: ذهب أحمد لزيارة صاحبه بعد أن اتفق مع أمه على أن يعود في الخامسة لكنه رجع في السادسة، هنا لا ينبغي على الأم أن تذكره بأفعال سابقة مشابهة مثل: أنت دائمًا تتأخر في كل مرة، أطلب منك أن تلتزم بالوعد لكنك لا تفعل... إلخ».
التصرف الصحيح من الأم في مثل هذا الموقف هو أن تسكت عند عودته وتتركه لينام وفي اليوم التالي عندما يهم أحمد بالخروج مرة أخرى تقول له «أحمد.. يبدو لي أنك للآن لم تتعلم كيف تحافظ على موعدك لذلك لن أسمح لك بالخروج اليوم»!
أسلوب الثواب والعقاب يعرض الطفل للإهانة مثال: أحمد يريد تربية قطة في البيت والأم لا ترغب لكنها تتفق معه مسبقًا على أن يتولى العناية بالقطة ومباشرة طعامها وشرابها، كان أحمد متحمسًا في البداية لكنه مع الوقت راح ينسى إطعامها هنا لا تبادر الأم فتقول «أرأيت... أما قلت لك.. إنك ستدخل النار لأنك أهملتها»... إلخ بل تقوم الأم بإطعام القطة لكنها في اليوم التالي تمنعه من الخروج حتى يقرر أحمد الاستمرار في العناية بالقطة أو التصرف فيها.
إن تطبيق أسلوب النتائج المنطقية يعتمد على حس الأم وإدراكها هل ينفع هذا الأسلوب مع طفلها أو لا، كذلك من المهم عند استعمال هذا الأسلوب تجزيء الهدف والابتعاد عن الأهداف المثالية الكبيرة، وخير مثال على ذلك الرسول عليه الصلاة والسلام حين بعث معاذ بن جبل إلى اليمن لنشر الإسلام قال له: «لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم».
هنا خص الرسول عليه الصلاة والسلام المهمة في رجل واحد فقط رغم أنه مرسل معاذ لجماعة من الناس وهذا كي يسهل عليه الأمر، حتى يصل إلى هدفه خطوة خطوة، ونفس الأمر تتبعه الأم في تقويم أخلاق الطفل وهي أن تحاول الوصول لهدفها خطوة خطوة، وإلا فإنها ستشعر باليأس والإحباط بعد ذلك.
على الأم كذلك أن تبتعد عن اللوم والغضب عند استعمالها لأسلوب النتائج المنطقية وألا تحول أسلوبها إلى أسلوب عقاب، كذلك عليها أن تدرك أن عدم طاعة الطفل لها في بعض الأمور لا يعني أن شخصيتها ومكانتها قد اهتزت؛ فمثلًا أم تقود السيارة ومعها في المقعد الخلفي ولداها أحمد ومحمد يتعاركان، توقفت الأم وطلبت منهما الهدوء فهدأ ثم تابعت هي السير مرة أخرى فعادا إلى عراكهما السابق.
الموقف السابق يبين لنا أن الأم قد وقعت في عدة أخطاء هي:
- لم تتفق مع أولادها على التزام الهدوء في السيارة وتبيان خطر هذا الأمر على سلامتهم جميعًا.
- تكرار التهديد مرتين بانفعال.
التصرف الصحيح هو إعادتهما إلى البيت بعد أن تكون قد وجهتهما قبل الركوب وتركهما في البيت حتى لا يسيئان التصرف داخل السيارة مرة أخرى.
في الختام نود أن نبين أن أسلوب النتائج المنطقية يتطلب صبرًا وقوة احتمال من الأم حتى يأتي بنتائج فعالة. ، بينما أسلوب الثواب والعقاب مريح جدًّا ويشفي غليل الأم لكنه(الكلام غيرر مكتمل)
الأسرة والمجتمع
اعترافات زوج
الزوجة الطفلة
بعد وفاة والدي انشغلت بتدبير أمر الثروة الطائلة التي تركها لنا ولأنني الأكبر في إخوتي فقد كانت أمي تعتمد عليّ اعتمادًا كبيرًا، مما دفعني بالتالي إلى تأجيل مشروع الزواج حتى تستقر الأمور.
مرت السنوات وتزوج جميع إخوتي وأخواتي كل منهم انشغل ببيته وأطفاله، وظللت أنا وحيدًا بلا زوجة رغم أنني قد تجاوزت الأربعين.
خلا البيت الكبير ممن فيه من إخوتي وبقيت وحدي مع أمي المريضة أرعاها وأعتني بها، وقد رغبت كما يرغب كل شاب في تكوين أسرة وأن يكون لي أطفال يملأون حياتي بهجة، ولم أجد مبررًا لتأجيل أمر زواجي أكثر مما أجلته فصارحت أمي برغبتي ولدهشتي لم أجد منها ترحيبًا كما توقعت وأن كانت في نفس الوقت لم تبد اعتراضًا.. لست أدري لماذا خيل إليّ أن أمي ترغب ببقائي عزبًا إلى جوارها طوال العمر!!
راحت أمي تبحث لي عن عروس مناسبة، وكنت أظن أن هذا الأمر لن يستغرق سوى فترة بسيطة لكن الفترة طالت ومرت الشهور وأمي لا تزال تبحث عن تلك العروس التي تليق بي حسبًا ونسبًا.
أصرت أمي على ألا يزيد سن العروس عن العشرين عامًا، ولم يعجبني إصرارها هذا، فهذه السن ليست مناسبة لي وأنا الذي يقترب من الخمسين لكن أمي أصرت ولم أملك إلا الرضوخ أمام إصرارها.
قامت أمي تقنعني بوجهة نظرها: «من حقك أن تقترن بعروس صغيرة في السن تعوضك عن سنوات عمرك الماضية» قلت لها في شك: لكن يا أمي من هي هذه العروس الصغيرة التي تقبل بكهل مثلي؟.. إنك تضعين شروطًا تعجيزية.. تريدينها صغيرة وجميلة وذات حسب ونسب!!
قالت في ثقة «أنت تستحق كل ذلك.. ثم إنك ثري والمرأة ضعيفة أمام إغراء المال!!»
لم تكن أمي صائبة في توقعاتها فكل فتاة كانت تختارها لي كانت ترفض، وكان سبب الرفض في كل مرة هو كبر سني ولم تشفع لي ثروتي في ذلك الأمر كما توقعت أمي!
طالت رحلة البحث عن العروس الموعودة ومرت سنوات وسنوات حتى جاوزت الخمسين وأمي لا زالت على نفس شروطها، حتى تسرب الملل واليأس إلى نفسي وازددت يقينًا بأنها لا تريد تزويجي؛ لذلك تبحث لي عن عروس صغيرة السن لأنها تدرك يقينًا أن مثل هذه العروس سترفضني لذلك فقد صارحتها ذات يوم ساخطًا، وأنت لا تريدين تزويجي يا أمي هذا كل ما في الأمر!! »
انزعجت أمي من صراحتي وقالت بأسى: «كيف تتهمني بهذا يا ولدي قلت بألم شديد: «لقد مرت سنوات وأنت تبحثين عن هذه العروس المزعومة دون جدوى لا أدري سبب إصرارك على أن تكون صغيرة السن وقد تزوج إخوتي جميعهم من فتيات تجاوزن العشرين»
قالت بثقة: «إنني أريد سعادتك يا ولدي».
قلت منفعلًا: «لم أعد صغيرًا يا أمي، وسنوات عمري تمضي لن أجد سعادتي مع فتاة صغيرة جدًّا، وأي بأس إذا ما تزوجت فتاة الثلاثين؟
شهقت أمي فزعة «يا إلهي.. تتزوج فتاة في الثلاثين!! لن تكون مناسبة لك، ستكون كبيرة جدًّا!»
قلت ضاحكًا: «اطمئني يا أمي سيكون فرق السن بيني وبينها عشرين عامًا!»
لم تقتنع أمي بوجهة نظري، ولم أستطع بدوري إقناعها رغم توسلاتي ومضت تكمل رحلة البحث عن العروس وفي كل مرة كان يزداد رقم الفتيات الرافضات، حتى أنني صرت أفكر جديًّا في الإقلاع عن فكرة الزواج!!
وكان يوم جاءت أمي فيه مستبشرة أخبرتني أنها عثرت أخيرًا على العروس المناسبة فتاة في العشرين، جميلة ومن عائلة ذات حسب ونسب.
سألتها في تردد «هل أخبرتها عن سني»
قالت في ثقة: «نعم.. هي وأهلها موافقون... ألم أقل لك إن ثروتك الكبيرة سيسيل أمامها اللعاب».
تم الزواج بسرعة، فقد كان يكفيني ما ضاع من سنوات العمر، لقد كنت سعيدًا بالتخلص من قيد العزوبية الذي ظل ملازمًا لي فترة طويلة من حياتي.
لم تطل سعادتي بهذا الزواج كثيرًا، فبعد أشهر قليلة وبعد أن عرفت زوجتي جيدًا، أدركت أنني قد تزوجت طفلة، أي والله طفلة في تصرفاتها وتفكيرها وميولها.
كانت في العشرين من عمرها، لكن الناظر إليها كان يعتقد أنها أصغر من ذلك بكثير، كانت باختصار فتاة تنقصها الرزانة، ورغم أن العديد من النساء قد يتزوجن في مثل هذا العمر، إلا أنني كنت أشعر أنني تزوجت طفلة ليس لها من هم سوى اللهو، كانت تتعامل معي وكأنني طفل آخر تريد أن تلهو معه، وحين كنت أذكرها بسني وأنه لا يليق بي كذا وكذا، كانت تضحك مني ساخرة وتصر على مطلبها، مثل الطفلة المدللة التي تصر على مطالبها من والدها.
حاولت أن أعدل من سلوكها نوعًا ما، أن أطعم طباعها بشيء من الرزانة التي أراها في زوجات إخوتي، فقد كانت تصرفاتها الطفولية تسبب لي حرجًا كبيرًا، لكن كل محاولاتي معها باءت بالفشل.
كانت المنازعات بيننا تثور لأتفه الأسباب، فقد كانت كما ذكرت الطفلة المدللة التي لا تحتمل أن يرد لها طلب!!
كانت تشعرني أنها قد تكرمت عليّ حين وافقت على الزواج من شيخ كبير مثلي، خصوصًا وهي تعلم عدد الفتيات اللواتي رفضن الزواج مني قبلها.
لقد شعرت أنها تزوجتني لثروتي، لا لسبب آخر ، ولست ألومها في ذلك فلست من حملة الشهادات أو الشخصية اللامعة، كل ما أملك في الحياة هو ثروتي الطائلة، ورغم أنني كنت أحاول تلبية مطالبها المادية العديدة، إلا أنها تجاوزت حدود المعقول كثيرًا، وصارت تنظر إلي كقطار يوصلها إلى المحطة التي تريدها، وهي اللهو ولا شيء غير اللهو!
لم أحتمل تلك الحياة مع مثل هذه الزوجة اللاهية العابثة، لقد أصابتني خيبة أمل مريرة، أبعد كل ذلك الصبر والانتظار يكون هذا نصيبي من الزواج!!
لم يطل ترددي كثيرًا فقد طلقتها قبل أن ينقضي العام الأول لزواجنا رغم اعتراض أمي وسخطها، لكنني لم أبال باعتراضاتها فهي السبب الأول في هذا المقلب حين! لم تبال برغباتي وشروطي طلقتها وأنا غير آسف عليها، فمثل تلك الزوجة الطفلة لا يأسف عليها شاب صغير، فكيف بكهل مثلي قد حنكته تجارب الحياة ويرغب بالراحة والاستقرار في أواخر أيامه!!
كانت مسألة الطلاق مفاجأة كبرى لزوجتي التي ما تصورت أنني سأقدم في يوم ما على هذه الخطوة الجريئة، وهي التي كما ذكرت قد أنعمت عليّ حين قبلت الزواج مني!!
بعد الطلاق بفترة قصيرة أخبرت أمي أنني سأبحث هذه المرة عن زوجة مناسبة بنفسي، حيث ما عدت أثق في اختيارها وعن طريق أحد أصدقائي الأوفياء وفقني الله بزوجة طيبة تجاوزت الثلاثين من عمرها.. شرطي الأول كان العقل والرزانة، وهذان بحمد الله قد توفرا في زوجتي الثانية التي عوضتني عن معاناتي مع زوجتي الأولى.
أنا اليوم سعيد بهذه المرأة الصالحة وقد ازدادت سعادتي حين رزقني الله تعالى الولد منها.
أمي وافقت على هذه الزوجة على مضض فهي حسب رأيها من عائلة ليست ذات حسب والأهم من ذلك أنها كبيرة في السن، غير أن تلك الاعتراضات من أمي قد تلاشت مع مرور السنوات حين رأت من خلق زوجتي ورزانتها ما أعجبها وقد اعترفت لي مؤخرًا: لقد كان اختيارك أفضل من اختياري!!»
زوج
مسؤولية التوجه
نمو الجنس البشري لا يتم إلا بوجود توازن بين الجانب المادي والمعنوي، أي يجب أن يكون هناك توازن مستمر بين النمو الأخلاقي والروحي وبين النمو الجسماني وفي جميع المراحل التي يمر بها الكائن البشري في نموه؛ لأنه إذا لم يتم التوازن فإن عملية النمو تتعطل ولا يتحقق الهدف من الخلقة والإيجاد من العدم.
النداء الفطري أرشد الإنسان إلى الكثير من الاحتياجات الفطرية والتي قد يشترك فيها مع أي كائن آخر؛ إذ إن وجودنا مرهون بتلبية هذه الاحتياجات من طعام وشراب وغيرها. أما الأخلاق والنمو الروحي فإن الحديث عنهما يبعث جرحًا عميقًا في قلوبنا؛ إذ إنه من العسير جدًّا أن تناقش أحدًا اليوم في أهون المبادئ الأخلاقية وأقربها إلى المنطق والضمير والإنسانية لأن الطريق إلى المعرفة وحاسة الإدراك قد سد بفعل الانكباب على الدنيا وغياب الموجه الواعي والجهل بأهمية الارتقاء الذاتي إلى مدارج الرقي والكمال.
إن التوجيه الواعي هو أول العوامل التي تدفع بعملية النمو الروحي إلى الأمام لأنه يبدأ في مرحلة مبكرة جدًّا، وكل ما تكون هذه بداياته فإنه من الصعب اقتلاعه من الجذور ومحو آثاره ودلائله؛ لأن طاقات الطفل يسهل أن تشجع بالمعاني الأخلاقية، ولأن منزلة الوالدين في تكوين نفسية الطفل يجعل التوجيه منهما يلعب دورًا كبيرًا في تأسيس القاعدة الأخلاقية وبنائها؛ إذ إن التوجيه الدائم إلى حسن القول وفعله يعني استمرارية النمو الروحي والأخلاقي ويعني استمرارية الارتقاء النفسي والفكري واستمرارية التهذيب والتجديد للإنسان.
إن التوجيه إلى إخلاص العمل وحسن العبادة وتطهير الضمير أمانة حملها الله الوالدين ولها ثقلها في ميزان الله؛ لأنها تعني إيجاد الإنسان الضال أو الفاسد، إلا أن هذا لا يقلل من أهمية العوامل الأخرى التي تسهم في تربية الفرد، ولكن توجيه الوالدين هو القاعدة التي يتم البناء عليها.
كما يجب أن لا يغيب عن أذهاننا قوله تعالى ﴿إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا * لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا﴾ (مريم: 93/95)
كما يجب أن تنمحي من مخيلتنا تلك اللحظة العصيبة في يوم القيامة ومشهد العتاب الأليم من الابنة لأمها لأنها لم تحسن توجيهها.
﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ (البقرة: 286)
يمن محمد عبد الرحيم المنلا
نحو غد... مشرق
إيمانًا مني بأن الإسلام في أمس الحاجة إلى أخوات داعيات على مستوى جيد من الإعداد والتكوين، أخوات نذرن أنفسهن لهذا الدين.. راسخات العقيدة ثابتات الإيمان والقلب.. ذوات أخلاق سامية وإدراك عميق وعزيمة ماضية يعشن للإسلام بكل وجودهن وتمنحنه كل تضحية فيكون عندنا الطفل المسلم، الشاب المسلم الرجل المسلم.. ولأن ذلك لن يكون بدون هذا القلب النابض.. كانت رسالتي هذه لك أختي المسلمة.
أختي المسلمة: أول واجب عليك أن تبذلي أقصى ما تستطيعين لتعرفي دينك الإسلامي؛ فقراءة القرآن عن فهم وتدبر، ودراسة الحديث والفقه، ومعرفة مبادئ الدين ومقتضيات الإيمان الأساسية، كل ذلك يفتح لك أبواب السعادة في الدنيا والآخرة.
ثانيًا: معرفة أحكام الإسلام في ما يتعلق بحياتك الخاصة الشخصية والعائلية والاجتماعية، فإن الجهل بهذا الأمر كان له دوره في رواج أمور غير شرعية في بيوتنا الإسلامية.
ثالثًا: السعي الحثيث في تكييف حياتك الشخصية والعائلية والاجتماعية وأخلاقك وسيرتك العامة وفق ما يحصل لك من معرفة الدين بدراسة القرآن والحديث والفقه واشتراكك في المحاضرات الإسلامية والدورات التربوية.
رابعًا: الاستقامة والصمود واحتساب الأجر عن كل عمل كبير أو صغير عند الله لكل ذلك آثار فعالة على أهل بيتك وأولادك والمجتمع بأسره.
خامسًا: من واجبك أختي المسلمة الاهتمام بكل مسلمة بإصلاحها وإعطائها من الوقت والجهد ما يعينها على فهم دينها....
سادسًا: واجبك أختي المتزوجة أن تبذلي جهدك لتوجيه زوجك إلى طريق الحق ومساعدته بكل ما أوتيتِ من قوة في الوصول معًا إلى رضى الله ورضى رسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى الله وسلم.
سابعًا: هو واجب كل أم تجاه أبنائها ويزداد هذا الواجب عندما تكون الأخت المسلمة مرتبطة بالدعوة والإصلاح فيتحتم عليها الاهتمام الكامل بأولادها فهم أول من يستحقون اهتمامنا وأول من يؤكد عليهم الإسلام في التربية والإعداد.
أختكم
مها أبو العز– مصر
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل