; الأسرة.. وعالم الأطفال | مجلة المجتمع

العنوان الأسرة.. وعالم الأطفال

الكاتب الكوكبي

تاريخ النشر الثلاثاء 19-أكتوبر-1971

مشاهدات 13

نشر في العدد 82

نشر في الصفحة 24

الثلاثاء 19-أكتوبر-1971

الأسرة.. وعالم الأطفال

خاطرة

أسرنا.. وموائد رمضان

ميزانية خاصة بشهر رمضان، تعدها الأسرة كل عام حين يُقبل شهر الصوم، ويعرف التجار ذلك فيخرجون خبيء مخازنهم مما لذ وطاب يراودون به جوع الصائمين، وربما جارت مؤسسات الدولة الجميع في هذا الأمر؛ فصرفت رواتب موظفيها قبل موعدها من أجل رمضان ونفقاته.

ومن يطب له أن يتجول في نهاية أي يوم من أيام رمضان، يجد الأسواق وأصحابها قد تفننوا في عرض أطعمة مختلفة ألوانها، وعرضوها بطريقة تغري المفطرين بله الصائمين، مما لا يجد معه الصائم بدًا من الاستسلام لهذا الإغراء، وتحميل جيبه فوق مما يطبق بشراء شتى الأصناف من الأطعمة والأشربة.

وإلى هنا ربما يكون الأمر محتملًا ومباحًا، إلا أن الانحراف في المفهومات التي يفهم بها بعض الناس شهر الصيام، تذهب إلى حد الاستعدادات الهائلة لتغطية هذا الشهر بالأفراح والليالي الملاح، فتستعد دور السينما بأفلام جديدة، وسهرات طويلة، وتقوم دور اللهو والمسارح والكباريهات في كثير من بلاد المسلمين بالتعاقد مع نجوم اللهو والعبث؛ لعرض أكبر قدر ممكن من الانحلال والتفسخ في ليالي هذا الشهر التي تمتد حتى موعد السحور.

هذا المفهوم المقلوب لشهر الصوم، ألقى بثقله على كاهل أسرنا حتى أصبحت تتصرف بإيحاء من هذه الانحرافات دون وعي منها.. فهم يقضون ليالي رمضان ساهرين يشغلون أنفسهم بأي أمر، حتى إذا انتصف الليل أو جاوز النصف ختموا سهرتهم بالسحور، وناموا إلى ما بعد طلوع الشمس مهملين صلاة الفجر.

وقد استجابت حكومات بلاد المسلمين إلى هذه العادة، فأخّرت لموظفيها موعد بدء الدوام في أيام رمضان، وقلّلت ساعات العمل فيه لتتيح للصائم فرصة لقضاء أكثر يومه في النوم.

وفي النصف الثاني من اليوم وحين يكون ربَّ الأسرة نائمًا، تكون الزوجة منهمكة في إعداد ألوان الطعام والشراب، وربما أدركها الليل ولما تنتهِ من هذا العمل.

وهكذا ينقضي ليل رمضان ونهاره، سهر حتى الصباح، وكسل ونوم في النهار، وإنتاج قليل، وشراهة في الأكل تورث التخمة.

شهر رمضان إذن كما أساء فهمه الناس شهر يطول ليله في الأكل والشرب، وملء البطون، والسهر واللهو ويمتلئ نهاره بالعجز والخمول.

أما أن يكون هذا الشهر الفضيل شهرعبادة وتبتل، في نهاره يحرم الإنسان نفسه من شهوات الجسد ويصبر على الحرمان، ويترك ليده العنان مبسوطة تنفق على الفقراء والمساكين دون حساب، وفي ليله يتهجد بالنوافل وقراءة القرآن ويعتكف في المساجد لا في دور اللهو والفساد، أما أن يكون هذا الشهر كذلك فقد غاب عن كثير من الناس:

• إن على الأسرة المسلمة أن تعلم أن إفطارها مهما اقتصدت فيه، فإنه سيزيد عن حاجتها، فلتجعل فيها حظًا للفقراء والمساكين يشاركونها الطعام في كل يوم من أيام رمضان.

• إن على ربَّ الأسرة أن يترك لزوجته نصيبًا من الراحة في هذا اليوم، ولا يشغلها بإعداد الأطعمة الكثيرة، بل يجلس إليها يحدثها ويحملها على التفكر، والتأمل، والعيش في ظلال روحانية هذا الشهر الكريم.

• وليكن للأسرة مائدة روحية تجلس إليها مجتمعة كل يوم تتلو القرآن وتفسره، وتقرأ من سيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يبعث فيها الحياة والأمل، وتنفقه في دين الله في الكتاب الذي ترتئيه.

• وليكن أكل الأسرة خفيفًا بسيطًا يتفق مع الحكمة من هذا الصوم حتى يظل كل فرد فيها نشيطًا قادرًا على العبادة، وحتى لا تشغل الأسرة جزءًا من يومها في تحضير الطعام، وجزءًا آخر في التهامه أو التسلي بأكله.

• وليكن نوم الأسرة إخلادها إلى الراحة مبكرًا، حتى تتمكن من الاستيقاظ للسحور قبل الفجر، وحتى تنال من النوم ما يكفيها للاستمرار حتى الفجر.

• هذه في رمضان خواطر.. فليكن صومنا صوم الطائعين، الخاضعين، الذين يستجيبون لربهم وينفّذون ما أمرهم بـه، وقد أراده الله شهرًا للأرواح خالصًا ينقيها فيه من كل درن، ويخلّصها من كل شائبة. فلنعش هذا الشهر بأرواح طاهرة، ونفوس شفافة، وقد أراده الله للنفس حرمانًا من شهواتها وامتناعًا عن لذائذها وتقويةً لإرادتها، فلا نجعله نحن بطنة تذهب الفتنة وامتلاء يورث الابتلاء.

الكوكبي

... وعالم الأطفال

معاونة المدرسة للموهوبين:

بدأت بعض الدول تُقدّر بشكل متزايد أهمية رسم برامج تعليمية خاصة للموهوبين، وذلك لتوفير الفرص لكل فرد لكي ينمو إلى المدى الذي تسمح به مواهبه وقدراته.

وفيما يلي بعض الأساليب التي تتبعها بعض المدارس الحديثة لمساعدة الموهوبين على النمو المطرد في الاتجاه السليم:

اختصار سنوات الدراسة:

لكي يصبح العمل المدرسي مشوقًا للأطفال الموهوبين، وحافزًا على بذل الجهد تلجأ أحيانًا بعض المدارس إلى اختصار سنوات الدراسة، وبعبارة أخرى تسمح لهم بتخطّي فرقة دراسية أو أكثر، أي تنقلهم من فرقتهم الدراسية الحالية إلى فرقة أعلى في نفس العام الدراسي، وسبب هذا الإجراء أن كثيرًا من الأطفال الموهوبين يضيقون بالعمل المدرسي العادي -الذي يناسب بقية الأطفال الذين هم في مثل سنهم- لأنه أقل من مستواهم، وعلى ذلك ربما كان الغذاء العقلي الذي يُعطَى في إحدى الفرق الدراسية التالية لفرقتهم أكثر إثارة لميولهم وتحدّيًا لمواهبهم.

وكثيرًا ما كان موضوع اختصار سنوات الدراسة بالنسبة للموهوبين مثارًا للنقاش والجدل، فهناك من يرى أن انتزاع الطفل الموهوب من فرقته، ووضعه مع مجموعة أخرى تفوقه في النضج الجسمي، والانفعالي، قد يؤثر في الطفل تأثيرًا سيئًا. ولقد ثبتت صحة هذا الرأي في بعض الحالات، ورغم هذا يعتقد معظم المربّين أن غالبية الأطفال الموهوبين لا يضارون نتيجة لنقلهم من فرقة دراسية إلى أخرى أكثر تقدمًا، إذا كانوا يتمتعون بالاستقرار النفسي.

وإذا حدثت هذه العملية في السنوات الدراسية الأولى، فمعظم الأطفال يستطيعون القيام بعملية التوافق بسهولة، أما إذا جاءت عملية النقل في مرحلة المراهقة، فقد يتعقّد الأمر بالنسبة للمراهق؛ لأننا بذلك نضيف مشكلة جديدة إلى مشاكل المراهقة.

ولقد استنتج ترمان بعد تحليله لنتائج دراساته بجامعة كاليفورنيا، أن الموهوبين يكونون مستعدين لدخول الجامعة في سن السادسة عشرة، أو في السابعة عشرة على أكثر تقدير.

وقد توصلت جامعة شيكاغو إلى هذا الرأي، وراعت هذا في نظمها فأصبح من مستطاع تلاميذ المدرسة الثانوية الالتحاق بهذه الجامعة بعد قضاء عامين فقط في المدرسة الثانوية «بدلًا من ثلاث سنوات».

توفير غذاء عقلي دسم:

وثمة طريقة أخرى لإمداد الطفل الموهوب بغذاء عقلي دسم، دون نقله من فرقته إلى فرقة أعلى، تلك هي توفير أنواع النشاط التعليمي، والمادة الدراسية التي تناسبه وتستثيره وتستهويه، ويستطيع المدرّس أن يوفّر هذا للطفل الموهوب عن طريق:

١- الرحلات والزيارات.

٢- المشروعات والبحوث الخاصة.

٣- الحلقات الدراسية.

٤ - النوادي الخاصة.

الرحلات:

ربما كانت الأماكن والمعالم التي يمكن زيارتها في المناطق الريفية محدودة، ولكن قد لا يخلو المكان من مطبعة صغيرة، أو مصنع للألبان، أو مكتب زراعي، أو حديقة عامة، أو مركز للتجريب الزراعي، أو لزراعة الأشجار ورعايتها، فهذه كلها معالم أساسية يستغلها المدرس الماهر، وكثيرًا ما تنتج من زيارتها فوائد كثيرة. وبطبيعة الحال يصحب المدرس جميع تلاميذ الفصل في هذه الزيارات، أي أنها لا تقتصر على الأطفال الموهوبين، ولكن المدرس قد يكتشف في أثناء هذه الزيارات بعض النواحي التي تهم الأطفال الموهوبين بصفة خاصة.

وهنا يجب على المدرس تشجيعهم على القيام بدراسة أكثر عمقًا وتفصيلًا لما شاهدوه، وعلى تسجيل نتائج هذه الدراسة، ثم يناقشهم المدرس فيما وصلوا إليه.

أما في المدينة، فمجال الزيارات والرحلات واسع ومتنوّع، فالتلاميذ المهتمون بالنظم الحكومية مثلًا يستطيعون زيارة، دار المحافظة، ومركز البوليس، أو مقر الهيئة التشريعية.. كما يستطيع الموهوبون فنيًا زيارة، المتاحف، ومعارض الفن، وهناك أيضًا المصانع، ومراسي السفن ،وغيرها من الأماكن العديدة التي يمكن استغلالها لاستثارة ميول الأطفال الموهوبين ولخلق اهتمامات جديدة فيهم.

البحث عن.. الزعماء:

لكي يكتشف المدرس الأطفال الذين يتمتعون بصفات القيادة، لا بد له أيضًا أن يعتمد إلى حد كبير على ملاحظة سلوك الأطفال. فهذا تلميذ أصبح -دون فرض أو إملاء- قائدًا للمجموعة المسئولة عن القيام بإحدى الحفلات المدرسية. وهكذا نجد أن بعض الأطفال يأخذون القيادة لقدراتهم على البدء بالأعمال، وعلى تفهم حاجات الآخرين. وقد نستغل مثل هذه الصفات في أغراض بنائية نافعة ،أو في أغراض هدامة، فالطفل الذي تتوافر لديه هذه الصفات قد يصبح زعيمًا لفريق من الأطفال المشاغبين، وقد يصبح رئيسًا لأحد النوادي المدرسية. ويتوقف تحديد اتجاه الزعامة في هذا الفريق، أو ذاك على عوامل كثيرة، منها: قدرة المدرس على اكتشاف هذه القدرة عند التلميذ، وعلى مساعدته له في توجيه هذه القدرة في طريق سليم سوي.

توجيهات عامة:

يجب على المدرس أن ينوّع فيما يستخدمه من طرق للبحث عن الموهوبين، فلا يكتفي بالاختبارات، بل يستعين أيضًا بالملاحظة الشخصية. والمدرس الحكيم يُقَدِر أيضًا أن الموهبة قد تختبئ وراء أستار كثيفة، فالطفل الذي يجلس في آخر الفصل قد يمنعه الخوف والاضطراب من الحصول على درجة عالية في اختبار الذكاء، مهما طُبِّق هذا الاختبار بكل دقة ومهارة. وقد تنطبق هذه الحالة على الطفل المشاكس والمشاغب، فقد يجمع بين هذين الطفلين أمر واحد، وهو الخوف الذي يعوق تعبير كل منهما عن ذكائه، أو عن مواهبه الفنية، وإذا كان المدرس حريصًا على ألا يترك أية فرصة، أو وسیلة دون استغلالها في البحث عن الموهوبين، فمن الواجب عليه أن يدرس بيئة الطفل المنزلية، لا بد أن يعرف مستوى أسرته الثقافي، ومهنة والده، والتاريخ الطبي للعائلة، والجو الانفعالي الذي يعيش فيه الطفل، وموقف الأسرة إزاء التحصيل المدرسي، كما يجب على المدرس أن يبحث عن تلك القوى التي قد تتسبب عنها مشاكل نفسية للطفل، ذلك لأن بعض الخبرات المؤلمة التي قد يمر بها الطفل قد تترك آثارًا سيئة في نفسيته وتقف بينه وبين التعبير عن مواهبه على أحسن وجه. والمدرس الذي يزوّد نفسه بمثل هذه المعارف قد ينجح -على الرغم من سوء الظروف التي يعمل فيها- في اكتشاف تلك الثروة الثمينة المدفونة التي تحتاج إلى محافظة، وحسن تدبير وتوجيه حتى ينتفع بها المجتمع كله.

العمل المشترك:

إن مهمة البحث عن الطفل الموهوب مهمة مشتركة بين الآباء والمدرسين.

فالتعاون عامل أساسي ليس في اكتشاف الطفل الموهوب فحسب، بل وفي توفير الفرص له لكي ينمو روحيًا وجسميًا وعقليًا. وبالدرجة التي يشتركان بها في هذه المسئولية يتقاسمان الفخر بهذا الطفل وبالرضا عن أعماله، وهكذا يجمعان بين الرضا والحرص على أن يجعلا من هذا الطفل ذي المواهب النادرة شخصية متكاملة محبوبة وسوية.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

الأسرة.. وحزيران

نشر في العدد 3

838

الثلاثاء 31-مارس-1970

مجلس الوزراء يبحث إصلاح الأسرة

نشر في العدد 3

104

الثلاثاء 31-مارس-1970