العنوان الأمة الإسلامية.. شروق لا غروب
الكاتب د. أحمد يوسف
تاريخ النشر الثلاثاء 18-يناير-1994
مشاهدات 15
نشر في العدد 1084
نشر في الصفحة 34
الثلاثاء 18-يناير-1994
المؤتمر السادس عشر لرابطة الشباب المسلم العربي في أمريكا (MAYA) يشهد:
أكبر حشد «للتعارف الإسلامي» يجتمع في الولايات المتحدة
في ملتقى لم تشهد له الرابطة مثيلًا في كل مؤتمراتها السابقة، من ناحية كثافة الحضور وجودة الترتيب والإعداد وسهولة التحرك والإجراءات، حيث احتشد ستة آلاف وخمسمائة من المسلمين الذين وفدوا من مختلف المدن الأمريكية وكندا للمشاركة في حضور المؤتمر السنوي السادس عشر للرابطة والذي انعقد بمدينة ديترويت في ولاية ميتشجان في الفترة ما بين ٢٦- ٢٩ ديسمبر الماضي.
ولعل هذا المشهد الرائع للحشد الكبير والقدرة التنظيمية البارعة قد شدت إحدى الشخصيات السياسية للتصريح بالقول:
إن دولًا بإمكانياتها الكبيرة تعجز عن إنجاح مؤتمر بهذه الكفاءة والتنظيم، لقد كان المؤتمر حافلًا بالحركة والنشاط وإن كان صدى الخطاب التربوي والدعوي قد غلب على أجواء الطرح والنقاشات، وإن تذاكر الحالة الإسلامية من البوسنة إلى كردستان قد عمقت الشعور بالهم الإسلامي ووضعية «الجناح المقصوص» للشعوب والأقليات الإسلامية في العالم.
إن الخطاب السياسي والفكر السياسي والرؤية السياسية قد غابت أو تم تغييبها عن أجواء المؤتمر لاعتبارات سياسية أيضًا ربما هدفت الرابطة من ورائها الحفاظ على وحدة أعضائها وعدم تحميلها -من قبل بعض الدول- مسئولية التعريض بسياساتها وتوجهاتها العربية والدولية. ومن هنا كان الاختيار لنوعية الضيوف المحاضرين، مما أعطى المؤتمر مسحة روحية»... سجلت معها اعتراضات الكثيرين بسبب حاجة الأمة وجيل الشباب الإسلامي إلى إضاءات فكرية جديدة ورؤية سياسية معاصرة تحمل في أحشائها تطلعات قادرة على استنقاذ الواقع العربي من وهدة الحيرى والانحطاط وحالة التخلف والخيبة والتشرذم التي لحقت بها بعد أحداث الخليج: الأزمة والحروب.
وبالرغم من الملاحظات الأخرى التي أبداها بعض الحضور حول نوعية المحاضرين وانتماء معظمهم إلى مدرسة فكرية واحدة هي مدرسة الإخوان المسلمين ومن الاتجاه المحافظ داخل هذه المدرسة تبقى مجمل المشاركات والعطاءات حالات كسب وتجليات تشافت معها النفوس وطابت القلوب، وأكدت على حقيقة لا زال يعترف بها الأعداء قبل الأصدقاء وهي أن صحوة الأمة الإسلامية وحركة الإفاقة والإصلاح الديني -في الغرب كما في الشرق- هي في شروق لا غروب.
إن الحشد الإسلامي الكبير قد لفت أنظار الجميع، وخاصة أولئك الذين شاركوا من خارج المحيط الإسلامي في ندوات المؤتمر أمثال ريتشارد كيرتس -رئيس تحرير مجلة Wash ington Report حيث أشاد بالتجمع الشبابي، ونادى بضرورة توظيف «الصوت الإسلامي» إذا ما أراد المسلمون أن يكون لهم قوة ومكانة مؤثرة في السياسة الأمريكية.. إذ بإمكانهم إيصال مرشحيه إلى الكونغرس والمجالس البلدية والفيدرالية الأخرى، وأضاف بأن المسلمين في حاجة إلى مثل هذه القوة من الحشد والتنظيم، حتى يتسنى لهم فرض احترامهم على الجميع، وخطب تأييدهم والاستجابة لمطالبهم أسوة بغيرهم من الأقليات اليهودية والأسبانية، وأشار إلى أن ثقل «الصوت الإسلامي» سيجعل الكثير من المتحاملين على الإسلام من السياسيين والصحفيين إلى مراجعة مواقفهم وعدم الإفراط في الاتهامات للمسلمين بالتطرف والإرهاب.
اليوم الأول: شروق لا غروب
بدأت فعاليات المؤتمر بمحاضرة رئيسية للأستاذ محمد مهدي عاكف عضو مكتب الإرشاد في التنظيم العالمي للإخوان المسلمين والتي كانت تحمل عنوان المؤتمر «الأمة الإسلامية.. شروق لا غروب» حدد خلالها خصائص الأمة الإسلامية ومميزاتها ذكر فيها: إفراد الله بالألوهية والربوبية بخلاف جميع الأمم الأخرى التي وقعت في براثن الشرك، ووصف الأمة الإسلامية بأنها أمة عالمية ليست محدودة بمكان أو زمان أو شعب، ولها منهج رباني وهي أمة وسط شاهدة على الأمم.
وتحدث بعد ذلك عن المؤامرات التي تحاك للأمة في الماضي والحاضر والتي يتسبب فيها أحيانًا جهل أبناء الأمة وتقصير علمائها وظلم حكامها.
وانتقل بعد ذلك مُبشرًا بالشروق الذي تعيشه الأمة رغم ما تمر به من فتن ومحن ومن هذه المبشرات مبشرات قرآنية ونبوية ثابتة وتعيش الأمة مبشرات حضارية واقعية تمثلت في سقوط الأطروحات غير الإسلامية وفي إقبال الغرب على التعرف على الإسلام والصحوة الإسلامية الكبيرة، وتحدث عن المبشرات السياسية التي تتمثل في المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية على الساحة العربية والإسلامية ونشوء أحزاب وهيئات سياسية تعمل على المستوى العالمي لنصرة هذا الدين.
ونوه بظهور مؤشرات المبشرات الاجتماعية التي منها انتشار الحجاب وظاهرة الالتزام بشكل عام وانتشار الأدبيات الإسلامية.
كانت المحاضرة الثانية بعنوان «سياسات الحركة الإسلامية بين المحاذير والضوابط» ألقاها الأستاذ أسامة التكريتي -رئيس الحزب العراقي الإسلامي- تحدث خلاله عن الحركة الإسلامية وارتباطها بالمجتمع الإسلامي سلبًا وإيجابًا، وتطرق في معرض حديثه عن التواجد الإسلامي على الساحة العالمية وضرورة معالجة الإفرازات السلبية الناتجة من المواجهة بين أهل الإسلام والباطل. وأكد على ضرورة استغلال مثل هذه الأجواء من الحرية في بلاد الغرب وتتوفر بتاتًا في الدول الإسلامية في إيجاد التجانس بين المسلمين أصحاب الخلفيات المختلفة والمتعددة المشارب.
وشخص بعد ذلك الحالة الإسلامية في ركنين مهمين هما: الوعي والإمكانات، وحدد درجة التباين بين هذين الركنين من قطر إلى آخر مما أثر على الحالة الإسلامية وطبيعة التعامل معها بحسب إمكانات وطبيعة كل قطر وحسب نسبة الحرية المتوفرة وذكر بعد ذلك العوامل المقابلة والتي تعمل على التقريب وتحجيم الاختلاف في الحالة الإسلامية، ونوه بدور الإعلام في ذلك واختراقة لكثير من الحواجز وكذلك كثرة المصائب التي تمر بالأمة والتي ساعدت على توحيد صفوف الأمة تجاه المصاب الأكبر والعدو المشترك.
وتناول دور الحركات الإسلامية في تقريب وجهات النظر وأهمية توحيد الجهود والسير جميعًا إلى مصدر الشروق في تجاه تحقيق العزة لهذه الأمة، واستيعاب جميع الجهود المخلصة مهما كانت يسيرة، وختم حديثه بدعوة الجمهور إلى فهم الإسلام بمفهومه الشامل وأنه هداية للبشرية وأكد على وجود فتح وترسيخ قواعد الحوار مع الجميع من أجل إقامة الحجة على الجميع بالإضافة إلى الاستفادة من جميع الخبرات الإنسانية تحت شعار «الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها».
وفي معرض إجابته على أسئلة الجمهور حول عدم سقوط النظام العراقي بعد حرب الخليج، ذكر الدكتور التكريتي بأن شعب الرافدين الذي دامت فيه الخلافة أكثر من ستة قرون يحكمه الآن أناس يذيقون الناس الخسف والهوان.
وارث الدين.. يدعو إلى توحيد الجهود
التقى العديد من المشاركين في المؤتمر بالإمام وارث الدين محمد بعد ظهر اليوم الأول حيث قام الشيخ عبد الله إدريس رئيس الـ ISNA بتقديمه للجمهور. وكانت كلمته المؤثرة التي عبر في بدايتها عن سروره وسعادته بالحضور والجهود المبذولة للمحافظة على الشباب المسلم، وتناول موضوع الوحدة مشيرًا إلى وحدة اتجاه المسلمين إلى القبلة وذلك مما يدعوهم إلى توحيد جهودهم بدون النظر إلى اختلاف أجناسهم وألوانهم، وذكر أن تميز الإسلام يتمثل في الكلمة التي تنطلق من أفواه أبناء الأمة الإسلامية دائمًا وهي كلمة «الله أكبر» وهي التي تعطي الإنسان القوة والتميز.. ودعا خلال محاضرته إلى توحيد جهود الجمعيات الإسلامية العاملة على الساحة الأمريكية ليصبح تميز الإسلام واضحًا.
وكانت مفاجأة اللقاء الإعلان عن اتفاق المنظمات ISNA و ICNA ومنظمة وارث الدین محمد وجميل الأمين على الإعلان الموحد لدخول شهر رمضان المبارك، استنادًا إلى ما صح في السنة النبوية الغراء.
ويعتبر هذا اللقاء من بوادر التقارب بين المسلمين الأفارقة والعرب في هذا البلد، والذي أصبح ضرورة في ظل الهجوم على الإسلام من قبل وسائل الإعلام الأمريكية.
وقد أكد على هذه المعاني الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي حيث دعا إلى فهم الإسلام بشموله، وإلى خيرية الأمة الإسلامية، وإثراء الحوار مع الأمم الأخرى.. وفي إجابته على أكثر الأسئلة تكرارًا -هلال رمضان- قال: «صوموا لرؤية البلد الذي أنتم فيه..». ولعل هذه «الفتوى» تغلق باب التشرذم والاتهام الذي ساد نقاش التجمعات الإسلامية كلما جاء شهر رمضان أو ذي الحجة.
اليوم الثاني: هموم الأمة الإسلامية
بدأت فعاليات اليوم الثاني بمحاضرة «أهم القواسم المشتركة في قضايا الأمة» التي أدارها الأستاذ كمال الهلباوي وشارك فيها كلا من الشيخ حافظ كرشي من ألبانيا والأستاذ معروف أمين من كردستان والأستاذ الحبيب المكني من تونس والدكتور خليل جسام من العراق والأستاذ أنور هدام من الجزائر والأستاذ عبد الله عبد الرحمن مسؤول مؤسسة الرحمة العالمية من الصومال والأستاذ مصطفى صبري من تركيا والأستاذ محمد فياض خان من کشمير والأستاذ مختار نوح من مصر والأستاذ أحمد عثمان مكي من السودان.
افتتح الأستاذ كمال الهلباوي المحاضرة بتقديم أهمية فهم وإدراك طبيعة الأحداث والأزمات والتفريق بين الأزمة ونتائجها ودعا إلى نظرة شمولية كاملة لقضايا الأمة الإسلامية حتى يتسنى فهمها كما تحدث عن أهمية النظرة المستقبلية وعدم الوقوف عند عتبات الماضي.
وبدأ الجزء الأول من الندوة بالأخ محمد فياض خان من كشمير حيث جسد مأساة المسلمين وهما يتعرضون له من اضطهاد وتعذيب على أيدى الهندوس ودعا الحضور إلى فهم القضية الكشميرية بشموليتها وقواسمها المشتركة والمتشابهة للقضايا الأخرى.
ثم تحدث عبد الله عبد الرحمن -مسؤول مؤسسة الرحمة العالمية في الصومال- ونوه بالوضع الذي يعيشه المسلمون في الصومال في ظل انتقال السلطة من الحكومة إلى القبائل والعشائر وانتشار المؤسسات التبشيرية الصليبية العاملة على الساحة الصومالية بدعم وإمكانات لا تتوفر للجمعيات الإسلامية ويشر في حديثه بانتشار الصحوة الإسلامية واتساع دائرة الفكر الإسلامي مما يملي على أبناء الأمة الإسلامية الوقوف بجانب إخوانهم في الصومال.
وتحدث بعد ذلك الأستاذ الحبيب المكني من تونس حيث فصل ما تتعرض له الحركة الإسلامية في تونس من قبل النظام الحاكم والتي بلغت حدودًا لا تليق بمكانة الإنسان المسلم ومنع الحركة من أي نشاط دعوي أو سياسي فقط لأنها حركة دينية ووصل بهم الأمر للوقوف ضد إيصال أية مساعدات لعوائل السجناء في تونس وعلى المستوى الداخلي أيضًا يمارس اليسار التونسي والمخابرات أساليب متنوعة للضغط على الحركة وإيقافها إلا أن الحركة في الداخل لا زالت تقوم بالرعاية الاجتماعية وبالربط بين أفرادها. أما على المستوى الخارجي فالتخطيط لإستراتيجيات وبرامج الحركة مستمر، وربط بين الصراع في تونس والقضايا المصيرية للأمة الإسلامية حيث قال: «إن الصراع في تونس له جوانب عالمية».
وتحدث بعد ذلك الشيخ حافظ كرشي -مفتي ألبانيا- حيث بدأ حديثه بشكر القائمين على المؤتمر ونوه عن سروره وفرحته بهذا اللقاء الذي لم يتوقع أن يرى فيه مثل هذا الجمع المبارك وانتقل بعد ذلك للحديث عن تاريخ دخول الإسلام وانتشاره في ألبانيا وما تعرض له المسلمون من اضطهاد وتحجيم ومنعهم من ممارسة شعائرهم وهدم مساجدهم، وسجن علماء ألبانيا حتى توفى عدد كبير منهم في السجون وبشر في نهاية حديثه بالنصر الكبير للأمة إلا أنه نوه أن مصائب الأمة كلها تكمن في أن كثيرًا من المسلمين لا يؤمنون بالله إلا باللسان فقط ولكن المطلوب هو الإيمان بالقلب والروح وطالب المسلمين والمسلمات بغض الأبصار لأن البصر متصل بالقلب.
وتحدث الأستاذ أنور هدام رئيس البعثة البرلمانية الجزائرية عن الوضع في الجزائر والتجربة الجزائرية للعمل الإسلامي والتي بدأت بالتدرج في العمل وتقديم الحلول السلمية، وإن الحركة في الوقت الحاضر تعطي أهمية للدعوة والتربية بين أوساط الشعب الجزائري، لإعداد القاعدة الشعبية الواعية لدورها في مسيرة الأمة الإسلامية، ومواصلة الجهاد السياسي التي انتهجته جبهة الإنقاذ وحققت من خلاله العديد من المواقف المشهودة لها.
وانتقل الحديث بعد ذلك إلى أفغانستان حيث جسد الأخ أحمد سعيد مسؤول منظمة النجدة العالمية في أفغانستان -للحضور ما يدور على الساحة الأفغانية من صراعات تتداخل فيها قوى خارجية تسعى لكبح النصر الأفغاني من خلال إثارة الفتن بين قيادات الأفغان، وناشد المؤتمرين بتكوين لجنة من علماء الأمة الإسلامية للذهاب إلى أفغانستان والبقاء هناك فترة كافية لرأب الصدع بين الإخوة قادة الجهاد الأفغاني... وصور موقع مأساة الأفغان وقواسمها المشتركة لقضايا الأمة الإسلامية بوجود ٨٥٪ من الشعب الأفغاني أميون وأكثر من مليون يتيم وستمائة ألف أرملة مما يملي على الإنسان المسلم ضرورة تحمل دور في قضية الجهاد الأفغاني وألا تُنسى من قبل المسلمين.
وتحدث بعد ذلك الدكتور خليل جسام رئيس هيئة الإنقاذ الإسلامية وقدم تقريرًا إحصائيًا حول ما يتعرض له شعب العراق من حصار داخلي وخارجي أوصل العراق إلى حدود غير مقبولة إنسانيًا أدت إلى انتشار الأمراض الفتاكة خاصة بين الأطفال، حيث وصل معدل الوفيات بين الأطفال 250 طفل من بين ألف طفل بينما كان قبل الحرب ۱۰ أطفال من بين كل ألف طفل ومن جملة ما ذكر أن التضخم في العراق وصل حدًا لا يصدق.. فالدولار قبل الحرب كان يعادل ۲۳ سنتًا وبعد الحرب أصبح يعادل ۱۷۰ دينارًا ووصل سعر الدجاجة إلى أكثر من ٢٥٠ دينارًا وازدادت الأمراض وعدد الوفيات.
وتحدث بعد ذلك الأستاذ معروف أمين ممثل الحركة الإسلامية الكردية في ألمانيا، حيث ميز مأساة الأكراد عن غيرها من مأسي الأمة الإسلامية نظرًا لعمرها التاريخي وتعدد الدول التي تساهم فيها، وتشعب القضية إلى مطامع خارجية وداخلية كثيرة، وذكر ما يتعرض له الأكراد حاليًا من تشريد وتعذيب خاصة وأن الشتاء في مناطق الأكراد قارس جدًا، ولا يسمح لهم بتوفير أبسط احتياجاتهم الأولية ومثل للحصار الخارجي ما يتعرض له الأكراد في الدول المتواجدين بها من تغريب وطمس لهويتهم ابتداء بعدم السماح لهم بفتح المدارس الكردية وحصرهم في مناطق لا يسمح لهم بمزاولة أية نشاطات اجتماعية أو سياسية.
وتحدث الأستاذ أحمد عثمان مكي عن الوضع في السودان وما تتعرض له الحكومة السودانية من اتهامات ابتداء من أنها دولة إرهابية، وأنها انتهكت حقوق الإنسان، وعن واقع الوضع الحالي في السودان أشار مكي إلى استقلالية القرار وعدم التبعية واستغلال الإمكانات السياسية والاقتصادية للبلاد وعدم رضوخها لقوى خارجية تضغط عليها وتلون مواقفها.
ولخص الأستاذ كمال الهلباوي مستشار معهد الدراسات الإستراتيجية في باكستان أهم القواسم المشتركة بين كل من هذه القضايا بالنقاط التالية:
1- صراع عالمي طويل.
2- صراع مستمر.
3- صراع تدميري متطور.
4- صراع متهور.
وفي أمسية المساء «فلسطين والبوسنة: أرض سلبت وشعب اقتلع» بدأت الندوة بتقديم من الأستاذ كمال الهلباوي للمشاركين بها وهما الشيخ عبد الرحيم عكور عضو البرلمان الأردني والأستاذ زياد أبو غنيمة الكاتب الإسلامي المعروف متحدثين عن فلسطين بشقين رئيسيين: الأول الجانب التاريخي، والثاني الجانب الجهادي المعاصر -الانتفاضة وتحدث عن البوسنة محرم شتولافيتش عضو مؤسس لجمعية التقوى البوسنية.
حيث بدأ الأستاذ عبد الرحيم عكور بتجسيد القضية الفلسطينية وتطوراتها الحديثة التي أدت إلى انهيار القيادات الحالية والدخول في اتفاقات وتقديم تنازلات لليهود مما أدى إلى تحطيم معنويات وبيع ضمائر بعض أبناء الأمة.
وركز على أهمية فلسطين كقيمة دينية وحضارية وجغرافية إستراتيجية وارتباطها بالرسالات السماوية منذ زمن سيدنا إبراهيم أبي الأنبياء.. هذا الأمر الذي يجب التركيز على تغذيته لأجيال الأمة الإسلامية، وانتقل للحديث عن السلام مع اليهود الذي قال عنه إنه ليس جديدًا حيث دعا إلى ذلك العديد من الأحزاب العلمانية والشيوعية من قبل، حتى انتقلت القضية إلى الأيدي الخائنة في مدريد ثم إلى واشنطن تآمرا على فلسطين ولكنها مؤامرات ستنتهي إلى الفشل بإذن الله وختم حديثه بأن الغرب كان يرصد التهديد القادم من الفكر الشيوعي والفكر الأصولي وبعد سقوط المعسكر الشرقي أصبح الفكر الإسلامي هو العدو الأوحد المشترك.
بدأ الأستاذ زياد أبو غنيمة حديثه متحديًا حصول الشعب الفلسطيني أو القضية الفلسطينية على أية فائدة حقيقية من وراء اتفاقية العار الأخيرة التي تمت بين بعض فلول المنظمة والعدو الصهيوني -وبين مدى رفض الشعب الفلسطيني لمثل هذه الخيانة حيث فازت الحركة الإسلامية والحركات الأخرى المعارضة للاتفاقية بجميع مقاعد جامعة بيرزيت والتي كانت من أقوى معاقل المنظمة. وأكد في نهاية حديثه باستمرارية الانتفاضة والتي يغذيها وفودان هما: وفود الدم وقد كفانا إياه أهلنا في فلسطين ووفود الدعم المالي لأسر الشهداء والذي لو كان عندهم ما سألونا إياه، مناشدًا الحضور الجهاد بالمال.
ثم تحدث الأستاذ محرم عن قضية البوسنة والهرسك مبينًا أنها قضية إسلامية لا يمكن عزلها عن قضايا الأمة الواحدة، وبين مكانة البوسنة والهرسك في قلب أوروبا أنها كالواحة الخضراء في وسط صحراء الكفر، وركز على ضرورة أن يفهم أبناء الأمة الإسلامية حجم مأساة الشعب البوسنوي وكونها قضية إسلامية ولها جذورها في التاريخ الإسلامي وتأدية دورهم تجاهها أو يقدرون حجم التآمر الصليبي الموجه ضدها، وأن الدول الصليبية لن تسمح أبدًا بقيام دولة إسلامية في قلب أوروبا.
وجسد بعد ذلك تألب الغرب على المسلمين هناك في صورتين هما: أولًا إطالة عمر المفاوضات حتى يتم الصرب جريمتهم لإبادة هذا الشعب، وثانيًا فتح باب الهجرة للمسلمين لتذويبهم ومسخ شخصيتهم. ونوه في ختام حديثه بالمبشرات والتي منها قيام الجهاد ونشوء صحوة إسلامية في بلد كان يُحكم بالشيوعية لأكثر من نصف قرن. شهد اليوم الثالث للمؤتمر تناولات لقضايا وإشكاليات تواجه المجتمع الإسلامي في الولايات المتحدة، وقد تحدث العديد من الضيوف حول وسائل الحفاظ على القيمة الإسلامية وتربية الأولاد بما يخدم تقوية أواصر العلاقات الاجتماعية على مستوى الجاليات، وإيجاد البدائل للأبناء في مثل هذا المجتمع الغريب عن الثقافة والقيم الدينية الإسلامية.
اليوم الرابع: إرهاصات النصر والفرج القريب
شارك في الندوة الأولى كل من المهندس عبد الله صعتر عضو مجلس النواب اليمني والأستاذ الحبيب المكني رئيس تحرير مجلة الإنسان في فرنسا.
بدأ الحديث الأستاذ المكني عن السبيل للخروج من دائرة الاستضعاف مبينًا أهمية السعي لهذا المستقبل حيث إن علينا أن نأتيه لا أن يأتينا ثم بين أن من أراد أن يملك المستقبل عليه أن يملك الحاضر، ولن يملك الحاضر إلا من استوعب الماضي والتاريخ.
ثم بين في إحصاءات أن عالم اليوم ينقسم إلى عالمين مهيمن ومهيمن عليه، قوي وضعيف متقدم ماديًا ومتخلف، والأمة الإسلامية للأسف في الطرف الآخر.
ثم بشر بأن الحركة الإسلامية استطاعت الوقوف في وجه هذا الكيد لتعيد الأمل من جديد بنصر هذا الدين.
ثم بدأ الأستاذ عبد الله صعتر بالحديث عن أفاق النصر مبشرًا بأن الخلافة لنا وقد وعدنا الله بها مشروطة بالإيمان المرتبط بالعمل، وأنه لن تقوم لنا دولة بالأماني والأحلام وإنما بالتضحية والجد والبذل، ثم بين أهمية التنظيم لإقامة هذا التمكين اقتداءً بهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي الندوة الثانية بدأ الشيخ جاسم مهلهل الحديث عن أخلاقيات جيل النصر مبينًا أهمية هذه الأخلاق حتى ما قبل النصر وذلك أنه من لا يستطيع قيادة نفسه وجمهوره في وقت الاستضعاف لن يستطيع قيادة دولة بكاملها بعد التمكين.
ثم عدد أخلاقيات جيل النصر وذكر منها خلق الرحمة والضمير الحي والأمانة واستشعار موضع القدوة، ثم بين أهمية التواضع وعدم الكبر وخصوصًا عند تحقيق الانتصار في أي ميدان، وأهمية التخلق بالعفو وعدم الانتقام اقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة وتكلم عن أهمية الحرص على هداية الخلق ومناصرة الضعيف وختمها بأهمية التناصر والتبادل وقول كلمة الحق.
ثم تكلم الشيخ منير الغضبان -من سوريا- عن أخلاقيات جيل ما قبل الانتصار حيث بدأ بالحديث عن حديث حذيفة الذي كان يسأل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن الشر في حين كان يسأله الناس عن الخير مخافة أن يقع فيه، ثم انطلق بلفتات رائعة في ظلال غزوة أحد حيث تحدث عن الأسباب التي تؤدي إلى فوات النصر كالفشل والتنازع والمعصية وطلب الدنيا ثم بين أن هناك فئة صابرة في الجيش الإسلامي وأخرى ضعيفة يهمها نفسها. فأما الثانية فكانت سببًا في فوات النصر، بينما كانت الأولى السبب في عدم الهزيمة، ثم ختم حديثه بأن المعركة قبل أن تكون معركة سيوف كانت معركة ابتلاء للقلوب وتمحيص لها، مبينًا بأن النصر قادم برغم الصعاب والمحن.
ولعل هذه المعاني هي ما حاول الكثير من الضيوف المشاركين التعبير عنها، حيث إن عنوان المؤتمر «الأمة الإسلامية: شروق لا غروب» قد فرض على الجميع -سواء بتوصيات الرابطة للضيوف بالتركيز على ذلك، أو هي طبيعة الخطاب الدعوي الذي يلتزم نهج «بشروا ولا تنفروا» أن يتحدثوا عن الشروق الذي يغمر الأفق والذي أعرب الشيخ عمر عبد الكافي عن مظاهره بتنامي الصحوة الإسلامية المباركة من جهة، وبداية سقوط الجاهليات المحيطة من جهة أخرى.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلالعادات الاجتماعية بالدول العربية وتأثيرها على زواج الشباب
نشر في العدد 2180
150
الخميس 01-يونيو-2023
«الحلقـــة الإسلاميــة».. 32 عامـــاً من خدمــة المسلميـن في اليابـان
نشر في العدد 2138
34
الأحد 01-ديسمبر-2019