العنوان الأمير الراحل صباح الأحمد.. محطات تاريخية ومواقف خالدة
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الخميس 01-أكتوبر-2020
مشاهدات 21
نشر في العدد 2148
نشر في الصفحة 8
الخميس 01-أكتوبر-2020
الكويت
الأمير الراحل صباح الأحمد.. محطات تاريخية ومواقف خالدة
عُرف بانتهاج سياسة حكيمة حافظت على مكانة متميزة للكويت في محيطها الخليجي والعربي والدولي
شهد العالم بأسره نجاحاته الدبلوماسية في نصرة القضايا العادلة للشعوب
استطاع أن يتخطى بالكويت مراحل حرجة من خلال انتهاج مبدأ التوازن في التعامل مع القضايا السياسية
بذل طوال سنوات قيادته لوزارة الخارجية جهداً كبيراً في تعزيز علاقات الكويت الخارجية
فقدت الكويت، يوم الثلاثاء 29 سبتمبر الماضي، أميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، يرحمه الله تعالى، عن عمر ناهز 91 عاماً، وذلك في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان يتلقى العلاج.
ونعى الديوان الأميري، في بيان، الأمير الراحل، وذكر أنه «ببالغ الحزن والأسى، ننعى إلى الشعب الكويتي والأمتين العربية والإسلامية وشعوب العالم الصديقة، وفاة المغفور له بإذن الله تعالى، صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، الذي انتقل إلى جوار ربه».
الولادة والنشأة:
ولد سمو الأمير الراحل في محافظة الجهراء، في 16 يونيو 1929م، وهو أمير البلاد الخامس عشر، والابن الرابع لأمير دولة الكويت العاشر الشيخ أحمد الجابر الصباح، الذي توسم في نجله الفطنة والذكاء منذ صغر سنه؛ فأدخله المدرسة المباركية، ثم أوفده إلى بعض الدول للدراسة واكتساب الخبرات والمهارات التي ساعدته على ممارسة العمل بالشأن العام.
نهج حكيم:
قاد سمو الأمير، رحمه الله، مسيرة تنمية البلاد خلال الـ14 عاماً الماضية –التي تولى فيها إمارة البلاد- وخلد اسمها في المحافل الإقليمية والعربية والعالمية.
ومنذ أن تولى سموه دفة الحكم في البلاد، يوم 29 يناير 2006م، حرص على السير على النهج الحكيم الذي سار عليه قادة الكويت طوال العقود الماضية في أداء دور فاعل في مسيرة الأمن والاستقرار بالمنطقة، ودرء الخلافات بين دولها، وتحقيق السلام في مجتمعاتها.
وعلى الصعيد الداخلي، قاد سمو الأمير الراحل البلاد نحو التطور والتنمية والازدهار في مرحلة صعبة شهدت فيها المنطقة تحديات كبيرة، واهتم ببناء الإنسان باعتباره أثمن الموارد التي يملكها الوطن وعماد نهضته وتطوره ورخائه.
وحظي سمو الأمير الراحل حين تولى دفة الحكم باعتباره الحاكم الخامس عشر لدولة الكويت بتأييد شعبي ورسمي كبير، وتمت مبايعته بالإجماع من أعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية، ليصبح أول أمير منذ عام 1965م يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة.
وكثيراً ما عرف سمو الأمير الراحل بانتهاج سياسة حكيمة حافظ من خلالها على مكانة متميزة للكويت في محيطيها الخليجي والعربي والدولي، وشهد العالم بأسره نجاحاته الدبلوماسية في نصرة القضايا العادلة للشعوب، وحماية الدولة من أي تأثير يهدد كيانها، والوصول بها إلى بر الأمان، في ظل محيط مضطرب بالتهديدات.
مسيرة العطاء:
بدأت مسيرة العطاء لسمو الأمير الراحل في عام 1954م حينما عُين عضواً في اللجنة التنفيذية العليا التي عهد إليها آنذاك مهمة تنظيم مصالح الحكومة ودوائرها الرسمية.
وفي عام 1955م، تولى سموه، يرحمه الله، منصب رئيس دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل، فعمل على تنظيم العلاقة بين العمال وأصحاب العمل، لا سيما في ضوء تدفق الهجرات الخارجية من الدول العربية والأجنبية للعمل في الكويت، واستحداث مراكز التدريب الفني والمهني للشباب ورعاية الطفولة والأمومة والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة وتشجيع الجمعيات النسائية والاهتمام بالرياضة وإنشاء الأندية الرياضية.
وأولى فقيد الكويت اهتماماً بالفنون، وعلى رأسها المسرح؛ فأنشأ أول مركز لرعاية الفنون الشعبية في الكويت عام 1956م، وفي عام 1957م أضيفت إلى مهام سموه رئاسة دائرة المطبوعات والنشر؛ إذ عمل على إصدار الجريدة الرسمية للكويت (الكويت اليوم)، وتم إنشاء مطبعة الحكومة لتلبية احتياجاتها من المطبوعات، ووقتها تم إصدار مجلة «العربي».
وبعد استقلال دولة الكويت عام 1961م، عُين سموه عضواً في المجلس التأسيسي الذي عهدت إليه مهمة تشكيل لجنة وضع دستور البلاد، ثم عُين في أول تشكيل وزاري عام 1962م وزيراً للإرشاد والأنباء.
وفي 28 يناير 1963م، وبعد إجراء أول انتخابات تشريعية لاختيار أعضاء مجلس الأمة، عُين وزيراً للخارجية لتبدأ مسيرة سموه مع العمل السياسي الخارجي والدبلوماسية التي برع فيها، فاستحق لقب «مهندس السياسة الخارجية الكويتية وعميد الدبلوماسيين في العالم» بعد أن قضى 40 عاماً على رأس تلك الوزارة رباناً لسفينتها في أصعب الظروف والمواقف السياسية التي شهدتها البلاد.
ويستذكر الكويتيون بكل فخر الدور الكبير للشيخ صباح الأحمد عندما كان وزيراً للخارجية حين رفع سموه علم الكويت فوق مبنى الأمم المتحدة بعد قبولها عضواً فيها، في 11 مايو 1963م.
محطات تاريخية:
سعى سموه منذ نحو 54 عاماً في لمِّ شمل الأشقاء وحل الخلافات عندما شارك في اللقاء الذي نظمته الأحزاب المتنافسة في اليمن مع ممثلي مصر والسعودية لوضع حد للحرب الأهلية هناك، التي استأنفت اجتماعاتها بالكويت، في أغسطس 1966م.
وعندما تدهورت العلاقة بين اليمن (الجنوبي الشمالي) وبدأت الصدامات بينهما على الحدود المشتركة، قام سموه بزيارة للدولتين، في أكتوبر 1972م، أثمرت توقيع اتفاقية سلام بينهما.
وقام فقيد الكويت، في عام 1980م، بوساطة ناجحة بين سلطنة عُمان وجمهورية اليمن الديمقراطية؛ نتج عنها توقيع اتفاقية خاصة بإعلان المبادئ، ثم وجَّه سموه الدعوة لوزيري الخارجية في الدولتين لزيارة الكويت عام 1984م، حيث اجتمع الطرفان على مائدة الحوار، وتوصلا إلى إعلان انتهاء الحرب الإعلامية بينهما، واحترام حسن الجوار وإقامة علاقات دبلوماسية.
واختط سمو الأمير الراحل منذ نحو خمسة عقود منهجاً واضحاً للسياسة الخارجية لدولة الكويت، استطاع من خلاله أن يتخطى بالكويت مراحل حرجة في تاريخها، من خلال انتهاج مبدأ التوازن في التعامل مع القضايا السياسية، ومن أبرزها الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت من عام 1980 حتى عام 1988م، وما نتج عنها من تداعيات أثرت على أمن الكويت واستقرارها داخلياً وخارجياً.
وبذل سموه طوال سنوات قيادته لوزارة الخارجية جهداً كبيراً في تعزيز وتنمية علاقات الكويت الخارجية مع مختلف دول العالم، وخصوصاً الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن.
وشهدت البلاد نتيجة ذلك استقراراً في سياستها الخارجية وثباتاً اتضحت ثماره في الثاني من أغسطس 1990م، عندما وقف العالم أجمع مناصراً للحق الكويتي في وجه العدوان العراقي الذي أثمر صدور قرار مجلس الأمن رقم (678) الذي أجاز استخدام كل الوسائل بما فيها العسكرية ضد العراق ما لم يسحب قواته من الكويت.
ونظراً إلى ما يتمتع به من فطنة وذكاء وقدرة فائقة على تحمل المسؤولية، فقد أسندت إلى سموه مناصب عدة إضافة إلى منصب وزير الخارجية؛ إذ عُين وزيراً للإعلام بالوكالة في الفترة من 2 فبراير 1971 وحتى 3 فبراير 1975م.
وفي 16 فبراير 1978م عُين نائباً لرئيس مجلس الوزراء، وفي 4 مارس 1981م تسلم حقيبة الإعلام بالوكالة، إضافة إلى وزارة الخارجية حتى 9 فبراير 1982م.
وفي 3 مارس 1985م عُين رحمه الله نائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للخارجية حتى 18 أكتوبر 1992م، عندما تولى منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية.
وفي 13 يوليو 2003م صدر مرسوم أميري بتعيينه رئيساً لمجلس الوزراء، وكانت المرة الأولى في تاريخ الكويت التي يتم فيها الفصل بين منصبي ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء.
ولم يقتصر نجاح سمو الأمير الراحل عند السياسة الخارجية فقط، بل استمر هذا العطاء والنجاح عند توليه قيادة دفة السياسة الداخلية للبلاد، فقد حرص منذ اللحظات الأولى لتوليه منصب رئاسة الوزراء على تبني رؤية شاملة وعميقة للتنمية في الكويت تشمل مختلف قطاعات الدولة وعلى رأسها القطاع الاقتصادي.
واستمر فقيد الكويت في مسيرة العطاء رئيساً للحكومة الكويتية حتى يناير عام 2006م، عندما اجتمع مجلس الوزراء واتخذ قراراً بالإجماع بتزكية سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أميراً للبلاد، وفقاً للمادة (3) من قانون توارث الإمارة الصادر عام 1964م.
وانطلاقاً من هذا القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء ومن مبايعة أسرة آل الصباح، عرض الأمر وفقاً للدستور على مجلس الأمة الذي عقد جلستين يوم الأحد 29 يناير 2006م، خصصت الأولى لمبايعة أعضاء مجلس الأمة لسمو الشيخ صباح الأحمد أميراً للبلاد، في حين خصصت الجلسة الثانية لتأدية سموه القسم الدستوري أمام المجلس بحضور جميع أعضاء مجلس الوزراء.
أوسمة رفيعة:
في عام 2014م كرمت الأمم المتحدة سموه في احتفالية رعاها «بان كي مون»، أمين عام الأمم المتحدة آنذاك، تقديراً لجهوده الإنسانية، وسماه «قائد العمل الإنساني».
وحصل سموه على أوسمة رفيعة عالمياً، أبرزها في مارس 2017م، بتقليده «وسام الدولة»، وهو أرفع وسام في تركيا.
كما منح الرئيس الأمريكي «دونالد ترمب» سموه «وسام الاستحقاق العسكري برتبة قائد أعلى» في مراسم أقيمت بالبيت الأبيض حيث مثل الشيخ ناصر صباح الأحمد سموه في مراسم تسلم الوسام.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
برقية جمعية الإصلاح الاجتماعي إلى مؤتمر وزراء التربية العرب في ليبيا
نشر في العدد 3
113
الثلاثاء 31-مارس-1970