العنوان الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لشبه جزيرة سيناء.. ومرتفعات الجولان
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 20-نوفمبر-1973
مشاهدات 13
نشر في العدد 176
نشر في الصفحة 28
الثلاثاء 20-نوفمبر-1973
الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لشبه جزيرة سيناء.. ومرتفعات الجولان
ماذا نعرف عن صحراء سيناء، ذات الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية؟
وما هي المرتفعات السورية التي بقيت القوات الإسرائيلية تعيث فيها فسادًا منذ عام 1967؟
في تقرير أعده مركز الأبحاث في منظمة التحرير الفلسطينية جاء عن سيناء، ما يلي:
تبلغ مساحة سيناء 61,000 كيلو متر مربع، وهي شبه جزيرة على شكل مثلث قاعدته شاطئ البحر المتوسط ورأسه في الجنوب عند شرم الشيخ وضلعاه على شاطئ خليج السويس وقناة السويس من جهة وشاطئ خليج العقبة من الجهة الأخرى.
وسيناء - على رغم الانطباع السائد - ليست صحراء رملية قاحلة، إذ تمتد عبرها من الشمال إلى الجنوب سلسلة جبلية يصل ارتفاعها إلى 1400 متر فوق سطح البحر، كما تتوافر في سيناء مياه الشرب وعدد من الواحات، وفيها من الأراضي الصالحة للزراعة ما يقارب مليوني دونم.
وتدل الأبحاث الجيولوجية على توافر المياه الجوفية فيها بكميات كبيرة، وتسقط في سيناء كميات متباينة من الأمطار تراوح ما بين 20 ملم في الجنوب و60 ملم في الشمال.
وبحسب إحصاء 1960، كان يعيش في سيناء 16,000 نسمة غالبيتهم من السكان المستقرين من أهالي العريش «المركز الإداري لسيناء» ومدن أخرى والآخرون من البدو.
الأهمية الإستراتيجية السياسية
تعتمد الأهمية الاستراتيجية لسيناء على موقع هذه المنطقة الجغرافي – السياسي. إذ هي تسيطر على الطرق البحرية من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر عن طريق قناة السويس وخليج العقبة وتمثل جسرًا بين قارتي أفريقيا وآسيا، وتربط نصفي العالم العربي.
وإن أهمية مصر الخاصة - من الناحية الجغرافية - السياسية، تعود في الدرجة الأولى إلى امتدادها الآسيوي الذي يتمثل في شبه جزيرة سيناء.
وعدا موقعها كجسر بين القارتين، تكتسب سيناء مزيدًا من الأهمية الاستراتيجية بسبب ساحلها الطويل على البحر الأبيض المتوسط والذي يشكل مع ساحل العدو وغزة قطاعًا عريضًا يؤمن إشرافًا مباشرًا على شرق البحر المتوسط ويرتبط بالاستراتيجية الإمبريالية في المنطقة والمحيط الهندي المتمثلة في إقامة خط استراتيجي يمتد من اليونان ففلسطين المحتلة، مارًا بالسعودية والخليج.
فاحتلال سيناء الذي يصل مصر بالمشرق العربي يخــــــــــدم الاستراتيجية اليهودية الإمبريالية الرامية إلى تمزيق العالم العربي وتطويقه.
وفي الوقت عينه يخدم بقاء سيناء في أيدي العدو الإسرائيلي المساعي الإسرائيلية لإقامة علاقات أوثق مع أفريقيا وخصوصًا الدول الوطيدة العلاقة بالإمبريالية وذات الأيديولوجية العنصرية مثل إثيوبيا وروديسيا واتحاد جنوب أفريقيا.
وعلى الصعيد الاستراتيجي العسكري يعطي احتلال سيناء العدو ميزات جمة. فعلاوة على سيطرة إسرائيل على قناة السويس، أصبحت مطارات سيناء في أيديها وأصبحت المدن المصرية مثل القاهرة، وليست المدن الإسرائيلية، هي المهددة بالهجمات الجوية أضف إلى كل ذلك سيطرة إسرائيل على شرم الشيخ الذي يؤمن لهــــا مدخل خليج العقبة والصعوبات العملية التي أوجدها إبعاد الخطوط المصرية إلى ما وراء الضفة الغربية لقناة السويس لشن حرب عصابات مصرية ضد المستوطنات في إسرائيل ما قبل ١9٦٧، تكتمل أهم عناصر استراتيجية إسرائيل العسكرية في سيناء.
إن مطالبة إسرائيل «بالحدود الآمنة» هي مطالبة بتثبيت وجودها في شكل دائم في سيناء، إذ تشكل قناة السويس، من وجهة النظر الإسرائيلية، حاجزًا طبيعيًا ضد تحرك القوات المصرية المسلحة، ويظهر هذا جليًا من التصلب المتزايد الذي أبدته إسرائيل منذ احتلالها لسيناء عام ١٩٦٧ تجاه أي مشروع يترتب عليه انسحاب قواتها عن جزء صغير منها.
الأهمية الاقتصادية:
على أن هذا التصلب لا يعود فقط إلى الميزات السياسية والاستراتيجية التي تتمتع بها سيناء، بل هنالك أيضًا عامل مهم هو الثروة النفطية والمعدنية التي تختزنها شبه الجزيرة. وقد اكتشف النفط في سيناء في الثلاثينات والأربعينات من القرن الحالي وبدأت الشركات المصرية، بمساعدة بعض الشركات الأجنبية، استخراج هذا النفط وتكريره واستعماله في الخمسينات والستينات.
وشكل نفط سيناء عام 1966 نحو ثلثي الإنتاج المصري الكلي وقدر الدخل المصري السنوي منه بنحو 100 مليون دولار، وتولت شركة «لتيفي نفط» الإسرائيلية إصلاح مرافق حقل بلاعيم (أبو رديس)، واستخرجت النفط من الآبار البحرية مباشرة بعد الحرب، وفي هذه الفترة وصل الإنتاج إلى مليوني طن سنويًا، وأخذ الإنتاج في الزيادة بعد ذلك.
وفي حقل بلاعيم البري 100 بئر نفطية إضافة إلى الآبار الـ 17 في الحقل البحري.
ويبعد هذا حوالي 9 كلم عن الساحل، (دافار 12/1/72) استولت إسرائيل على 117 بئرًا نفطية حول أبو رديس بعد احتلالها لسيناء عام 1967، وقد أنتجت هذه الآبار ما مجموعه ٦ملايين طن عام 1971، أي ما قيمته 80 مليون دولار.
وتقدر المصادر اليهودية الدخل الصافي من إنتاج النفط في سيناء بالعملة الأجنبية بـ 50 مليون دولار سنويًا، ويعادل هذا المبلغ الذي تنفقه إسرائيل لاستيراد النفط الخام من مصادر خارجية (دافار 12/1/1971).
وتقول التقديرات الصهيونية إن احتياطات النفط في منطقة أبو رديس تصل إلى 120 مليون طن، أي ما يكفي لتشغيل شركة «لتيفي نفط» (شركة النفط للحكومة الإسرائيلية) مدة عشرين عامًا بمعدلات الإنتاج الحالي وهو 6,5 مليون طن سنويًا، وقدرت مصادر غربية (الفايننشال تايمز اللندنية في 28 - 2 - 1968) أن الطاقة النفطية لسيناء تقدر بنحو 40 مليون طن سنويًا، ويشكل هذا سبعة أضعاف إنتاج سيناء من النفط لعام ۱۹۷۱. وهكذا يكون في إمكان سيناء توفير دخل سنوي يعادل أكثر من 500مليون دولار سنويًا (بحسب أسعار 1972).
ومنذ احتلال إسرائيل لسيناء عام 1967 انهمك الجيولوجيون اليهود في أعمال التنقيب في سيناء وخارج شواطئها بحثًا عن النفط والمعادن، وكان هذا الاهتمام قد ظهر سابقًا عند احتلال سيناء عام 1956.
وصادق مجلس إدارة مؤسسة النفط الإسرائيلية في أيلول من هذه السنة على خطة شاملة للتنقيب عن النفط في إسرائيل وشمال سيناء في السنوات الخمس المقبلة يكلف تنفيذها 110 ملايين ليرة إسرائيلية، وتوصي الخطة باستثمار 20 مليون ليرة إسرائيلية في شمال سيناء.
وتعلق المنظمة الصهيونية أهمية اقتصادية كبيرة على نفط سيناء، ويظهر هذا في وضوح من تعليق الصحف الإسرائيلية حول الموضوع.
فقد كتبت «عال همشمار» «5/9/1973» إنه «تحت تهديد «أزمة الطاقة» قد ينشأ وضع تستصعب فيه إسرائيل «…» التنازل عن تلك المساحات في سيناء التي تشكل مصدر الوقود الأساسي للاقتصاد الإسرائيلي».
وأضافت: «أن سيناء تتحول بفضل «معركة النفط» من مجال يؤمن إنذارًا مبكرًا في الحرب الجوية ومساحة ذات عمق استراتيجي إلى موقع اقتصادي ذي أهمية من الدرجة الأولى»
لقد أدى احتلال العدو لسيناء ومصادر النفط فيها إلى تطوير صناعتها النفطية والصناعات
البترو - كيميائية وتوسيعها، إضافة إلى تأمين احتياجاتها من النفط «..».
وفي الوقت نفسه دخلت إسرائيل صفوف الدول التي توفر تسهيلات ترانزيت مهمة.
والمعادن
ولا يقتصر المردود الاقتصادي لسيناء على النفط. فهناك احتمالات متعددة أخرى تخص الودائع المعدنية والمياه الجوفية المتوافرة في شبه الجزيرة.
وقد عثر العلماء اليهود الذين ينقبون في سيناء على مستودعات للمعادن والمياه الجوفية.
وبحسب تقديرات الخبراء اليهود فإن هذه الكميات كافية لأن تغطي جزءًا كبيرًا من احتياجات قطاع غزة والعريش لعشرات السنين. كما عثرت الشركة الفرنسية «ايراب» والشركة الأميركية «توليكو» عام ١٩٦٩ على مستودعات هائلة من الغاز في منطقة «بورقان». وأن سيطرة العدو على المياه الإقليمية لسيناء واستغلال موارد قاع البحر في خليج العقبة والبحر الأحمر تعطي إسرائيل فرصًا متعددة بالنسبة إلى استغلال الغاز ومستودعات المعادن في البحر الأحمر.
وتقدر الطبقات الرسوبية الحاوية كميات هائلة من الزنك والنحاس والقصدير والفضة والذهب في موقع واحد فقط من البحر الأحمر «المسمى عمق أطلانطيس ٢» بما يزيد عن 50 مليون طن، وتقدر قيمتها بنحو 2500 مليون دولار.
ثم إن إسرائيل تقطف بعض الأرباح من السياحة في أماكن مختلفة من سيناء، وقدر السياح إلى شرم الشيخ وحـده بـ 100,000 شخص عام 1971.
وقد أنشأت إسرائيل قرية استجمام في المنطقة بعد ما تم ربطها بإيلات بطريق واسع معبد طوله 155 ميلا، كذلك تم افتتاح مطار مدني بالقرب من دير القديسة كاترينا معد لاستقبال شركة «اركيع» المدنية الإسرائيلية المكلفة نقل الزوار من إسرائيل إلى سيناء، هذا عدا المطار الذي تقيمه إسرائيل في شرم الشيخ.
وكشف شمعون بيرس وزير المواصلات الإسرائيلي، النقاب عن أن شركة «العال» ستقيم هذه السنة خطًا جويًا بين أوروبا وشرم الشيخ يسير رحلة واحدة في الأسبوع. وذكر الوزير أنه يتوقع أن يجذب الخط نوعين من السياح: هواة الغطس وأبناء الدول الإسكندينافية «معاريف –26 /6/1973».
كما كانت إسرائيل قد أعلنت في العام الماضي عن ضم منطقة طبـه وجزيرة المرجان والزقاق البحري إلى منطقة بلدية إیلات.
وذكرت أن مستثمرين سيقيمون مراكز ترفيه واستجمام في هذه المناطق، ومع كل هذه الفوائد الاستراتيجية والاقتصادية التي تجنيها إسرائيل من احتلال سيناء، فإن الاستعمار الصهيوني لا يكتمل من دون العملية الاستيطانية. وعلى رغم صعوبات الاستيطان في شبه الجزيرة، أقامت إسرائيل ثماني مستوطنات حتى الآن تركزت في منطقة شرم الشيخ والمنطقة الممتدة بين شرم الشيخ وإيلات وشمال سيناء، وتتضمن برنامج حزب العمل الذي أقره الحزب الحاكم الإسرائيلي في أيلول من السنة الحالية العزم على إقامة 6 مستوطنات في خليج إيلات.
كما أقر البرنامج إقامة مركز إقليمي كبير على حدود غزة وسيناء يتسع لربع مليون إسرائيلي سنة 1991، وستكلف هـذه المدينة 8 مليارات ليرة إسرائيلية.
مرتفعات الجولان
أما بالنسبة للمرتفعات السورية المحتلة عام 1967، والمسماة حاليًا هضبة الجولان، فيبلغ طولها حوالي 40 ميلا وعرضها الأقصى حوالي 16 ميلا، وهي تعرف في الخريطة الإدارية السورية بمحافظة القنيطرة الواقعة في أقصى الجنوب الغربي من أراضي الجمهورية العربية السورية، على نقطة التقاء الحدود الأردنية - السورية - اللبنانية - الفلسطينية.
ومن أهم مميزات هذه المنطقة، وعورة أراضيها وصعوبة مسالكها الجبلية.
فهي تمتد شمالًا من سفوح جبل الشيخ الذي يعلو سطح البحر 9232 قدمًا، إلى نهر اليرموك - الذي يعتبر حاجزًا مائيًا طبيعيًا أمام المركبات يفصلها عن الأراضي الأردنية - جنوبًا.
ومن سهل الحولة تبدأ المرتفعات بحائط صخري هائل يتكون من تلال صخرية بالغة الوعورة تتماسك في ما بينها مشكلة حصنًا منيعًا.
من هنا تأخذ هضبة الجولان أهميتها العسكرية بالنسبة إلى كل من سوريا وإسرائيل، فبالنسبة إلى سوريا تعتبر موقعًا استراتيجيًا يغلق الباب أمام التوسع الإسرائيلي، كما تساعد على حماية جنوب لبنان - ميمنة الجيش السوري - إضافة إلى حمايتها لجنوب سوريا وأعالي الأغوار الشمالية الأردنية.
أما بالنسبة إلى إسرائيل، فهي، فضلًا عن كونها محل أطماع دينية واستراتيجية، تحتوي على منابع نهري بانياس واليرموك، ولا يمكن إدراك أهمية هذين النهرين بالنسبة إلى العدو إلا بمقدار فهم أزمة المياه التي تهدد مشاريعه الزراعية، والتي من أجلها حول جزءًا كبيرًا من مياه نهر الأردن منذ أوائل الستينات.
يمكن تقسيم الطرف الغربي من الهضبة المطل على شمال فلسطين المحتلة ثلاثة أقسام طبيعية، هي في حد ذاته ثلاث قطاعات من الناحية العسكرية:
•القطاع الشمالي الممتد من تل العزيزيات حتى جسر بنات يعقوب، وفيه تصعد المرتفعات الصخرية فجأة من سهل الحولة حوالي ألفي قدم، مشكلة حائطًا لا يمكن عبوره إلا من خلال فتحات قليلة، هي عبارة عن فجوات ضيقة تحترق واجهة المرتفعات.
•القطاع الأوسط، يمتد من جسر بنات يعقوب إلى جنوب بحيرة طبريا، وعلى امتداد شاطئها الشرقي حتى وادي سمخ. وعلى رغم أن السفوح الصخرية في هـــــذا القطاع ترتفع إلى حوالي 3,000 قدم، إلا أنها أقل حدة في ارتفاعها من القطـــــــــــاع الشمالي. إذ ترتفع السفوح هنا على شكل متدرج خصوصًا في الشمال الشرقي وتتصل بالهضبة.
• القطاع الجنوبي يمتد من وادي سمخ جنوب بحيرة طبريا حتى نهر اليرموك، وعلى رغم أن هذا القطاع أصغر القطاعات إلا أنه أشدها انحدارًا. إذ تتميز سفوح الهضبة هنـا بانحدار ساحق تصل فيه ارتفاعات الرؤوس الجبلية إلى حوالي 1400 قدم فوق سطح بحيرة طبريا.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل