; الأول على معهد المعلمين يقول: «اجتهدت وثابرت.. واستعنت بالله فتفوقت» | مجلة المجتمع

العنوان الأول على معهد المعلمين يقول: «اجتهدت وثابرت.. واستعنت بالله فتفوقت»

الكاتب أبو هالة

تاريخ النشر الثلاثاء 25-يوليو-1972

مشاهدات 13

نشر في العدد 110

نشر في الصفحة 10

الثلاثاء 25-يوليو-1972

الدين والحياة

الأول على معهد المعلمين يقول:

«اجتهدت وثابرت.. واستعنت بالله فتفوقت»

                                                                                     تحقيق: أبو هالة

•• التفوق ظاهرة تفرض نفسها على الناس إجلالا وإكبارا، وتنساب تجاهها من الأعماق كل معاني التقدير والمحبة، وهو لدى الشعراء مصدر إلهام، ولدى القادة مادة تكريم وافتخار..

لكنه عند المصلحين منهج يدرس، وتراجم تلقن وتحفظ.

•• والبناء الحضاري لأية أمة، لا يكون إلا بمقدار ما تعددت فيها لبنات الإبداع والتفوق..

•• وإذا كان من المعلوم أن انتزاع مرتبة الأولوية في الدراسة والعلوم هو جهاد عنيف في میدان فسيح يحتاج إلى اللياقة الفكرية، والعين الساهرة، واليقظة الحسية، والموهبة المنظمة، والعقل الواعي المركز.. تسيرها إرادة فولاذية تأخذ نفسها بالعزائم ولا ترضى بالرخص، وتثابر في حلبة فسيحة واسعة تضم المئات من المتسابقين والمتصارعين، فإنها تدرك قبل كل شيء إمكانياتها، وتعي قدراتها، وتؤمن بأن يد الله القوي القادر لا بد أن تمتد إليها بالعون والتوفيق؛ ليحقق أملها ويسدد خطاها.

الفتى المسلم الحي

•• التقيت به لأول مرة، فتى يزينه الحياء، ولذلك توسمت فيه ما عناه الرسول صلى الله عليم وسلم «الحياء خير كله»، لكنه لم يكن يدور بخلدي أنه سيتوج هذا العام على دبلوم معهد المعلمين بتاج الأولوية ويحصل على النهايات أو ما يقاربها؛ ولذلك ما أن عرفت هذه النتيجة حتى سعيت إليه أملا في أن أقدم هذه الشخصية من خلال التحقيق معها لقراء المجلة وخاصة شبابنا الذين نعقد عليهم آمال بناء المجتمع الجديد- مجتمع الإسلام المتحضر المتقدم- .

•• وفي إحدى ضواحي الكويت في مساكن ذوي الدخل المحدود، في ضاحية «الصليبخات كانت عدستنا تفتح عينها وتطبقها على الشاب/ عودة فرهود حابس، الذي سينضم إلى قافلة الأساتذة المربين لأبنائنا بعد أن حصل على دبلوم المعلمين هذا العام وفاز بمرتبة الأولوية وبعد التهنئة دار بيننا الحديث التالي:

-        الاسم بالكامل؟

-        عودة فرهود حابس.

-        العمر؟

-        19 عاما

-        كم عدد إخوتك؟

-        ثلاثة

-        ما هو ترتيبك في الدبلوم؟

-        الأول

-        ما هو مجموعك؟

-        ٣٧٨,٥

-        ما هي درجاتك في مادة الرياضيات؟ -لأنها عقدة الكثيرين خصوصا في الشهادات العامة هذا العام!-

-        59 درجة والنهاية الكبرى ٦٠.

-        كيف حصلت على مرتبة الأولوية وبهذه الدرجات يا عودة؟

-        وأطرق الفتى حياء وخجلا... ليبتسم ابتسامة خفيفة: الله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء، وبيده الأمر كله

-        قلت له: ونعم بالله... لكن ما هو جهدك؟

-         وفقني الله إلى إحسان تنظيم الوقت واستغلاله، فبارك لي في جهدي ووقتي، ولذلك منحني النتيجة التي كنت أطلبها منه وكان الدعاء المأثور على لساني «اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحزن (الصعب) إن شئت سهلا»

وأحسست بأن مثل هذا الإنسان لن يتكلم بسهولة، بل لا بد من ملاحقته بالأسئلة:

-        كم كانت ساعات نومك في الأربع والعشرين ساعة؟

-        أربع ساعات ليلا، وواحدة بعد الظهر.

-        كيف كانت علاقتك بالأساتذة؟

-        الإنصات والاستيعاب، بحيث أعيش الحصة كلها مع أستاذي ودرسه.

-        مَن مِن أساتذتك كان له دور بارز في حياتك؟

-        أستاذ الرياضيات «سيد بنداري» حيث استطاع أن يشدني إليه بغزارته في مادته، وبدماثة خلقه وتدينه، والأستاذ «حمود الرومي» - ناظر الشويخ الثانوية الآن- الذي كان مثالا لتواضع المسلم وأستاذية المربي.

-        هل لك هوايات تملأ بها وقت فراغك؟

-        مكتبتي الخاصة وكرة القدم، والسباحة.

-        أین کانت ممارستك للسباحة؟

-        بالبحر.

-        هل لديك مكتبة خاصة يمكن أن نلقي نظرة عليها؟

وفي إحدى جوانب حجرته بالمنزل نظم «عودة» مكتبة صغيرة كانت من أهم الكتب التي تحويها:

«غزوات الرسول - صلى الله عليه وسلم- » لمحمود شيت

« خطاب تاريخ الصحابة» لصابر عبده إبراهیم

«الإسلام والجاهلية» لأبو الأعلى المودودي

«معركة التقاليد» لمحمد قطب

«شبهات حول الإسلام» لمحمد قطب

«الإسلام ومشكلات الحضارة» لسيد قطب

«الإسلام بين جهل أبنائه» لعبد القادر عودة

« رسائل الشهيد حسن البنا»

-        كيف كنت توفق بين هذه الهوايات ودراستك؟

-        هداني الله ووفقني كما قلت لك سابقا إلى تنظيم الوقت وحسن استغلاله.

-        أي الكتب أعجبتك؟

-        كثيرة أهمها «منهج التربية الإسلامية»، و« رسائل الشهيد حسن البنا».

-        أي الشخصيات أثرت فيك؟

-        شخصية المصطفى صلى الله عليه وسلم... ومن رجالات العصر الحاضر حسن البنا.

-        هل كنت تستذكر دروسك وحدك؟

-        فترة المساء كنت أستذكر فيها دروسي مع أحد زملائي بالمسجد حتى صلاة العشاء.

-        أین كنت تذاكر؟

-        فترة الصباح بالمنزل، والعصر بالبر، والمساء بالمسجد.

-        هل قدمت لك وزارة التربية مكافأة أو منحة دراسية بالخارج أو الجامعة؟

-        لا... وباب الجامعة مفتوح لنا في كلية الآداب فقط وبشرط اجتياز امتحان معادلة.

-        هل هناك أحد من المسؤولين؟

-        لا...

•• وعجبت أن وزارة التربية تضن على أحد أبنائها الأوائل ولو بجائزة تشجيعية تكون حافزا على التقدم، أم يا ترى لأنه سيصبح معلما وهكذا حظ المعلمين!

ولنا أمل كبير من رجالات وزارة التربية بأن يلفتوا عيونهم نحو الأوائل في معهد المعلمين.

 ماذا يقول والد عودة؟

وحينما عاد الشرطي «فرهود حابس» والد «عودة» من عمله.

رأيناها فرصة أن نستقي بعض المعلومات من مصادرها..

-        كيف تلقيت نبأ نجاح «عودة»؟

-        بالفرح والسرور.

-        كيف كان شعورك حينما علمت أنه الأول؟ 

-        لم أصدق أول الأمر...! ولكن عندما قرأت «الجريدة» وتأكدت فرحت فرحا شديدا.

-        ماذا تذكر عن طفولة ابنك؟ هل كان صادقا؟ كثير الكلام أم قليلة؟ رغباته كثيرة أم قليلة؟ كثير الشجار أم هادئا؟

-        وفي إيجاز قال والد عودة: كان هادئا، كثير الصمت، صادقا، رغباته كثيرة،

-        وعن توجيهات الوالد لعودة قال:

-        كنت أشجعه فترة دراسته، وإن كان هو في نفس الوقت يعرف واجباته ويؤديها من نفسه.

-        وعن نشأته الدينية قال:

وهو صغير كنت آمره بالصلاة وأحضه عليها وأصحبه المسجد حتى إذا ما أدرك واظب عليها بحمد الله وتوفيقه،

-        وعن سلوكه وأخلاقه:

يحب إخوته ويعطف عليهم ونحن راضون عنه وعن سلوكه،

-        وعن أمله في مستقبله قال الوالد:

كنت أتمنى أن يدرس ابني الطب في الخارج، ولكني وجدت حاجة بلادنا إلى المدرسين، ورغبة ابني في أن یكن مدرسا فرضيت ولم أمانع.

وعن لي أن أختبر عواطف الوالد ومدى ارتباطها بمتطلبات التضحية فسألته:

-        لو قررت الدولة التجنيد الإجباري، هل تحزن أن ينخرط ابنك في سلك الجندية؟

-        فقال على الفور:

إن خدمة الوطن واجبة على أبنائه، والوطن أولى به وبأمثاله، فلا أحزن أبدا...!

-        واستوضحت مشاعره بسؤال آخر:

لو حدثت حربنا مع اليهود، هل ترضى بأن يكون ابنك أحد الجنود المقاتلين؟

-        نعم... فهذه عزة ورفعة لنا، ونحن نعتز بأن نضحي في هذا الميدان المجيد.

 مع إخوة عودة

-        وقال جودة فرهود الطالب بالشويخ الثانوية بالصف الثاني:

لقد كانت فرحتي بالأولوية التي حصل عليها أخي حافزا لي أن أستعد لها من العام القادم بإذن الله، والطريق إليها «لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد»، والتنظيم الدقيق لأوقات اللعب والدراسة...

-        وقال سعيد فرهود الطالب بالمتوسطة:

لقد فرحت كثيرا وأرجو الله أن أسير على خطاه، وأن يكون ذلك حافزا لي على الوصول إلى مرتبة الأولوية.

 

الرابط المختصر :