العنوان الابتلاء في سبيل الله
الكاتب علي إبراهيم الرتيع
تاريخ النشر الثلاثاء 18-مارس-1975
مشاهدات 18
نشر في العدد 241
نشر في الصفحة 35

الثلاثاء 18-مارس-1975
من علامات الإيمان الصبر على المصائب وكتاب الله وحديث الرسول زخرًا بهذا المعنى قال الله تعالى ﴿الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ*وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ (العنكبوت: 1-2-3)
إن للإسلام إشارات تشير إليه وإن للإيمان علامات تدل عليه فليس كل من زعم الإيمان كان مؤمنًا وليس كل من ادعى الإسلام كان مسلمًا ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ* يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ* فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ (البقرة:8-9-10)
فمن علامات الإيمان القيام بوظائف الطاعات والعمل بمقتضى الإسلام والاحتكام إلى الله والرسول.. ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ (النساء: 65)
ومن علامات الإيمان أن تؤمن بشريعة الإسلام ككل لا يتجزأ من عقائد ومعاملات وأخلاق، فلا يصح في دين الله أن يأخذ المسلم ببعض الأحكام الإسلامية ويترك بعضها، بل من الضلال والكفر أن يؤمن ببعض المبادئ ويكفر بالبعض الآخر.
﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ﴾ (البقرة: 85)
ومن علامات الإيمان الصبر على المصائب والتجلد أمام الأحداث ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ (البقرة:155-156-157)
فيؤخذ من هذا كله أنه لا يمكن أن يتميز المؤمن من المنافق والمخلص من المرائي والصابر من الجزوع وقوي الإيمان من ضعيفه، إلا أن يمر بمرحلة التجربة ويدخل قاعة الامتحان فعندئذ تظهر الحقيقة الواضحة إن كان صادقًا بدعوى الإيمان أو كان كاذبًا.
وإن من أعظم مواد الامتحان التي تظهر حقائق الرجال وتبين مواقف الأبطال هي الصبر على الأذى والابتلاء في سبيل الله.
فكثير من الذين لا يفهمون حقائق الإسلام يفضلون أن يصلوا في اليوم مائة ركعة ويذكروا الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم، ولكن ليس عندهم أي استعداد لأن يتجلدوا للمصائب وأن يصبروا على الأذى في سبيل الله ولو لحظة وإذا أوذوا تضجروا وانهزموا وقعدوا في بيوتهم مع القاعدين﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ ۚ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ﴾ (العنكبوت: 10)
ونحن إنا اطلعنا على كتاب الله ونقبنا عن أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- نجدها ناطقة بأحسن بيان بأن رضاء الله ودخول الجنة لا يكون بعمل الطاعات والعبادات فحسب ولا يكون باتباع الحلال واجتناب الحرام وكفى وإنما يدخل فيه كذلك الجهاد في سبيل الله والصبر على الإِحن والشدائد ومقاومة الظلم والظالمين، فمن الآيات: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ (آل عمران: 142) ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ (البقرة: 214)
ومن الأحاديث: قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات» وقوله: «يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف».
وحينما شكا عياش بن ربيعة والوليد بن الوليد وعمار بن ياسر وغيرهم إلى الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم على ما يلقون من أذى المشركين واضطهادهم نزلت هذه الآية ﴿الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾ (العنكبوت:1-2)
الرابط المختصر :
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

