; اللجان الخيرية بين الحقائق والأباطيل | مجلة المجتمع

العنوان اللجان الخيرية بين الحقائق والأباطيل

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 25-مايو-1993

مشاهدات 18

نشر في العدد 1051

نشر في الصفحة 6

الثلاثاء 25-مايو-1993

تصريحات كثيرة أدلى بها الرئيس المصري حسني مبارك أثناء جولته الخليجية الأخيرة، غير أننا دهشنا بتصريحه الخاص بالجمعيات واللجان الخيرية في الخليج واتهامها دون سند أو برهان بأنها تقف وراء تمويل الإرهابيين وعمليات الإرهاب في مصر، وإن لدى حكومته قوائم تفصيلية بهذه العمليات، وما دفعنا إلى الدهشة من هذه التصريحات أنها جات بعد أيام قليلة من استقبال الحكومة المصرية وفدًا من مسؤولي الجمعيات واللجان الخيرية الكويتية التي بنت مئات الشقق السكنية لمتضرري الزلزال في مصر، وقد استقبلت الحكومة المصرية وفد الجمعيات الخيرية الكويتية استقبالًا رسميًا، وأقامت لهم احتفالاً كبيرًا، ثم أرسلت برقيات شكر إلى : كافة اللجان الخيرية على ما بذلت وقدمت, واليوم تتهم هذه الجمعيات على لسان أكبر مسؤول في مصر أنها تمول الإرهاب والعمليات الإرهابية، ولازلنا لا ندري سر هذا الاتهام مع وجود عشرات المشاريع الخيرية التي أقيمت أو التي تحت الإقامة في مختلف أنحاء مصر، والتي تمول بالكامل من هذه الجمعيات أو تحت إشرافها من مساجد ومدارس ومستشفيات وكفالة أيتام وغيرها من المشروعات الخيرية الأخرى التي تعود بالفائدة المباشرة على الشعب المصري، ودور هذه الجمعيات ليس قاصرًا على مصر، وإنما تنتشر في أنحاء العالم آلاف المشاريع التي أقامتها الهيئات واللجان الخيرية المختلفة لاسيما في أفريقيا وأسيا ، فمشاريع الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية وجمعية الإصلاح الاجتماعي ولجانها ولجنة مسلمي أفريقيا وجمعية إحياء التراث الإسلامي وبيت الزكاة الكويتي وجمعيات أخرى كويتية كثيرة تملأ الدنيا شرقًا وغربًا واستفاد من ورائها ليس عشرات الآلاف بل عشرات الملايين من المسلمين.

 وقد حاولنا عمل إحصائيات عن المدارس والمساجد والآبار والمستشفيات والمستوصفات والمراكز الإسلامية ورعاية الأيتام والفقراء وقوافل الأغذية والأدوية والمعاهد الحرفية والدينية التي أنشأتها هذه اللجان على مستوى العالم بدعم من الشعب الكويتي الكريم وبمؤازرة الحكومة الكويتية أميرًا وحكومة، فوجدناها تحتاج إلى كتاب كامل، ولكن على سبيل المثال لا الحصر فقد رجعنا إلى ما تحت أيدينا من إحصاءات لخمس لجان وهيئات وجمعيات خيرية في الكويت فقط التي قامت الهيئات والجمعيات في باقي دول الخليج بإنجاز أضعافها، فكانت على النحو التالي: بناء أكثر من ۳۲۳۰ مسجدًا، بناء أكثر من ٩٠٠ مدرسة ومشروع تعليمي، بناء أكثر من ۲۰۰ مستشفى ومستوصف مجهز بأحدث الأجهزة، و ما يزيد على مائتي سيارة إسعاف، تسيير وإدارة أكثر من ٨٠٠ مدرسة، كفالة ما يربو على ثلاثين ألف يتيم، بناء ومتابعة ما يزيد على 3۰۰ مشروع إنتاجي ومهني، بناء ثلاث قرى للأيتام والأرامل, رعاية ما يزيد على ٧٥ ألف طالب مسلم فقير ودفع رسوم دراستهم وبهم نسبة لابأس بها تدرس بالأزهر الشريف، طباعة ما يزيد على ٨ مليون كتاب فأكثر من ١٨ لغة وتوزيعها مجانًا على المسلمين، توزيع ما يربو على مائة ألف طن من الأغذية والأدوية والمساعدات الإنسانية الأخرى، وقد كان لكثير من هذه المشروعات - بفضل الله - الأثر الأكبر في تعليم المسلمين في هذه المناطق شؤون دينهم وفي إيقاف الحملات التنصيرية التي تستهدف المسلمين لاسيما في أفريقيا وأوروبا الشرقية وجنوب غرب آسيا، حتى أن الكويت على صغرها أصبحت غصة في حلق المنصرين وجمعيات التنصير في مختلف أنحاء العالم، وقد ظهر أثر هذه المشروعات وهذه الأعمال واضحًا وجليًا خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، حتى أن معظم هذه المشروعات أو غالبيتها ظلت تعمل بكامل طاقتها خلال فترة الاحتلال العراقي الغاشم للكويت، ولم تتأثر بما حدث بفضل الله أولاً ثم بفضل أهل الخير والقائمين على هذه المشروعات، وقد زاد نشاطها بقوة بعد تحرير الكويت، وتوسعت أنشطتها لتشمل أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى وغيرها من بقاع العالم الأخرى، أفبعد هذا الجهد وهذه الآثار التي تملأ الدنيا شرقًا وغربًا التي نذكرها بيانًا للحقيقة ليس إلا، يتم اتهام هذه الجمعيات بأنها تمول الإرهاب وأنها تقف وراءه. 

إن كل القائمين على هذه الجمعيات والهيئات سواء في الكويت أو في الأقطار الخليجية الأخرى هم من خيار رجال الخليج ولهم مكانتهم المرموقة في مجتمعاتهم لدى حكوماتهم وشعوبهم، وقد رفعوا رأس بلادهم وحكوماتهم عالية أمام العالم كله بالمشروعات الخيرية الكبرى والضخمة التي أقاموها بفضل الله أولاً ثم بفضل أهل الخليج الأخيار الذين راعوا نعمة الله عليهم فأنفقوا من أموالهم سرًا وجهرًا في سبيل الله.

 إن الحكومات الخليجية قبل الشعوب تفخر بأعمال اللجان والجمعيات الخيرية المعلنة فيها. وتدرك جيدًا أن هذه الجمعيات وهذه اللجان تمارس أعمالها الخيرية بأمانة وثقة بعيدًا عن المزايدات السياسية واللعبة الدولية، وأنها لا يحركها في أي مشروع تقيمه سوى حاجة المسلمين إليه، وإن محاولات زجها في متاهة اللعبة السياسية الدولية ومتاهة المشكلات الأمنية هدفه في بعض الأقطار هو إيقاف بحر الخير المتدفق الذي جعله الله رافدًا لعشرات الملايين من المسلمين في أنحاء الدنيا، وإن الجمعيات واللجان الخيرية لن يفت في عضدها هذه الاتهامات ، فحكوماتها تثق بها وفي الرجال القائمين عليها، وتعلم أنها ما قامت إلا للخير، ولا تسير إلا في طريق الخير، وبشعوبها تدرك أن كل درهم أو دينار أو ريال تدفعه إنما يصب في مصارف الخير التي تملأ جميع أنحاء العالم، وستظل المشروعات الخيرية القائمة في أقطار الدنيا وفي مصر هي خير حجة للرد على هذه الاتهامات التي سيدفعها الله بدعوة يتيم أو دمعة أرملة أو حاجة مسكين ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُور ﴾ (الحج: 38).

الرابط المختصر :