العنوان الافتتاحية.. وقفات مع مؤتمر سمو ولي العهد
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 17-أكتوبر-1995
مشاهدات 11
نشر في العدد 1171
نشر في الصفحة 9
الثلاثاء 17-أكتوبر-1995
اجتذب المؤتمر الصحفي الموسع الذي عقده سمو ولي العهد الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح الأسبوع الماضي اهتمامًا واسعًا على الصعيد المحلي؛ نظرًا للمواضيع الهامة والحيوية التي طرحت فيه، وتمس أسس الاستقرار الوطني.
وحاز المؤتمر على مديح الإعلاميين، خاصة لكونه سابقة طيبة لسمو ولي العهد لاستضافته الوسط الإعلامي بكامله تقريبا، وقبوله الاستماع إلى شتى الأسئلة التي لم يخل بعض منها من النقد الحاد، ثم قيام وسائل الإعلام الرسمية ببث وقائع المؤتمر على الجمهور دون انتقاص أو معالجة.
هذه الإيجابيات لا بد من ذكرها بين يدي هذه الافتتاحية وقبل الانتقال إلى تحليل المواضيع التي طرحت في اللقاء، ووجهة نظر الحكومة فيها، ممثلة بردود الشيخ سعد على الأسئلة والتي هي موضع للاتفاق والاختلاف بين الناس.
وابتداء لا يختلف الكثيرون مع سمو ولي العهد في قلقه الواضح من نوايا النظام العراقي، وقد كانت هذه القضية أحد محاور اللقاء، بل المبرر الأساسي لعقده، لكن كثيرًا من المواطنين عبّر عن شكه في أن يكون تقدير الحكومة للخطر العراقي دقيقًا، أو أن التعبير عن القلق منه تم بالصورة المناسبة.
وتساءل بعض المواطنين -ومعهم الحق في ذلك- عما إذا كانت عملية مواجهة هذا الخطر تبرر الانصراف عن معالجة المشاكل الداخلية الملحة، أو إذا كانت الدعوة إلى الوحدة الوطنية أمام هذا الخطر تعني تقليص مساحة النقد الشعبي الموجه للسياسات الحكومية.
وإذا كنا جميعا أعجبنا بسعة صدر الشيخ سعد وهو يتلقى بعض الأسئلة الساخنة خلال المؤتمر «ويقابلها بابتسامته الأبوية»، فإن كثيرًا من الذين تابعوا المؤتمر أو حضروه ظنوا أن رئيس الحكومة ترك بعضًا من الأسئلة دون إجابات واضحة.
ففي رده على سؤال حول الجريمة والأمن الداخلي أحب الشيخ سعد طمأنة الجمهور بقوله: إن مستويات الجريمة وأنواعها في حدود ما هو طبيعي ومتوقع، لكن انطباع الناس عن ذلك ربما كان مختلفًا، حيث إن المصادر المختلفة -ومنها مصادر مسؤولة- ما فتئت تلاحظ انتشار الجرائم، ولا سيما الأخلاقية، وتلك المرتبطة بالعنف والأسلحة في فترة ما بعد التحرير وهي ظاهرة تعكسها الصحافة يوميًّا، ولا تواجهها الحكومة بإجراءات حاسمة ولا القضاء بعقوبات رادعة.
وخلال إجابته على سؤال حول البطالة التي تواجه الشباب الكويتي، اعتبر سمو ولي العهد أن المؤسسات العسكرية بأنواعها مفتوحة لهذا الشباب، وهي حقيقة لا تعتبر علاجًا لمشكلة البطالة فليس الانخراط في السلك العسكري التطوعي مرغوبًا عند الجميع، ومشكلة البطالة مرتبطة بمشاكل الهيكل الوظيفي، وفوضى مخرجات التعليم في الكويت، وليست ناشئة عن عدم وجود عمل.
كما أن إشارة أطلقها الشيخ سعد حول العنصر الأمني في معرض الرد على سؤال حول عدم قبول الكويتيين بالتجنس كضباط في السلك العسكري قدحت في أذهان البعض ظنونًا، بأن مجلس الوزراء الكويتي لا ينظر إلى مئات الآلاف من الكويتيين بالتجنس على أنهم موثقون أمنيا!! ولا تزال هذه النقطة بحاجة إلى توضيح عاجل من الحكومة لإزالة اللبس، وللتأكيد على أن شرف الانتماء للكليات العسكرية متاح لكل المواطنين دون تفرقة.
وهناك مشكلة «البدون» التي أكد الشيخ سعد قبوله تشكيل لجان عدة للبت في شأنهم سريعًا، ولكن التاريخ القريب لمعالجة الحكومة لهذه القضية لا يدعو للتفاؤل بقرب إيجاد حل لهذا المأزق الأمني الوطني، واللجان المشكلة لن تعالج المضاعفات الأمنية والإنسانية الناتجة عن وجود عشرات الآلاف من الشباب من فئة «البدون» دون مستقبل واضح.
من جهة أخرى أكد سمو ولي العهد على وجود إستراتيجية لسياسة الكويت تجاه «دول الضد»، لكن متابعة المواقف الرسمية لأعضاء الحكومة تبعث على الاعتقاد بوجود خلاف في وجهات النظر داخل الحكومة في شأن المواقف من هذه المسألة، ونعتقد أن آخر ما نحتاج إليه في ظروفنا الراهنة هذا التضارب في سياستنا الخارجية التي يجب أن تصاغ أساسًا في إطار المصالح الوطنية التي تحددها الإرادة الجماعية للشعب الكويتي بواسطة الحكومة والبرلمان، ونعتقد أن موقفنا تجاه بعض دول الضد التي أدانت فيما بعد نظام العراق وجريمته تجاه الكويت ينبغي أن يكون في سبيل كسب هذه الدول وإبعادها عن دائرة النظام الباغي لعزله عن العالم ومحاصرته.
وعودة إلى موضوع العراق، فإن غالب الهم الحكومي الذي عكسه خطاب الشيخ سعد يتركز في «سيناريو»، أحادي مضمونه تکرار حاكم العراق لعدوان عسكري على الكويت، وهو احتمال قائم، وهناك احتمالات أخرى سيئة مثل وقوع حرب أهلية في العراق أو انقسامه إلى دويلات متناحرة، وهي أمور لا نتمناها للشعب العراقي الشقيق، لكنها قابلة للوقوع وانعكاساتها على الكويت غامضة، وربما لا تكون تحالفاتنا الدولية الحالية علاجًا ناجحًا لها.
كذلك سرى الاعتقاد عند كثير من الناس بأنه كان مناسبًا جدًّا أن يصدر من الجهة الحكومية المختصة توضيح سريع للبس والارتباك الذي نشأ عن النقل غير الدقيق صحفيًّا لتصريحات الشيخ سعد، والتي قال إنها نسبت إليه خطأ وأنه حدد موعد 3 أشهر لوقوع العدوان العراقي!!.
هذه كلها ملاحظات لا تسطر على هذه الصفحة فحسب، بل تتداولها المنتديات السياسية والديوانيات في الكويت ولا تزال موضعًا للبحث والتقييم لأيام مقبلة.
ولا نشك أن سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء سيكون حريصًا على الاستماع إلى كافة الآراء وردود الأفعال، وأن قراراه الصائب بمقابلة الصحافة، ومفاتحة الجمهور الكويتي بقضاياه المصيرية سيكون خطوة طيبة في سبيل خدمة هذا الوطن العزيز.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل(باكستان)الجيش الباكستاني يرفض الضغوط الأمريكية لتفتيش المنشآت النووية
نشر في العدد 1096
6
الثلاثاء 19-أبريل-1994