; الافتتاحية: مخطط لاضطهاد الشباب المسلم | مجلة المجتمع

العنوان الافتتاحية: مخطط لاضطهاد الشباب المسلم

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 05-يوليو-1988

مشاهدات 16

نشر في العدد 873

نشر في الصفحة 4

الثلاثاء 05-يوليو-1988

     مع انتشار الصحوة الإسلامية في أرجاء العالم الإسلامي، ومع ازدياد نشاط الشباب الإسلامي المخلص لأمته وأرضه وأوطانه- تشتد مراقبة القوى الاستعمارية لعوامل الصحوة وأسباب نجاحها، كما تشتد مخاوف تلك القوى من أشكال النشاط الإسلامي الدائب المخلص الذي يسعى إلى إعادة صياغة المجتمعات الإسلامية وفق الصيغة التي أمر الله -سبحانه- بها، وتختلف متابعات القوى الاستعمارية ومراقبتها للنشاط الإسلامي بين مجال وآخر، إلا أن سائر المتابعات تستهدف خنق هذا النشاط وبالتالي إجهاض الصحوة الإسلامية المباركة. 

     وتعتمد القوى الاستعمارية بالدرجة الأولى على شبكات الاستخبارات الخاصة بها في ملاحقة النشاط الإسلامي التي تطورت في بعض البلدان، ووصلت إلى حد ملاحقة الإسلاميين.

     وتؤكد مصادر المجتمع: «إن الموساد الإسرائيلي يشترك في وضع الخطط لإجهاض الصحوة الإسلامية، وضرب عناصرها، وتحطيم قواها، وقتل رموزها» ويعتبر اغتيال البروفيسور الفلسطيني المسلم الدكتور إسماعيل الفاروقي في الولايات المتحدة عملًا يدخل في نطاق حرب المخابرات الدولية ضد الاسلاميين في العالم. 

     وتؤكد المصادر الخاصة بالمجتمع أن عددًا من أجهزة المخابرات التابعة لدول أجنبية تتعاون مع الموساد الإسرائيلي لتنفيذ بعض المخططات في المجتمعات الإسلامية، وتؤكد تلك المصادر أن الأجهزة الخارجية تتعاون مع عملائها داخل بعض الأقطار الإسلامية لتنفيذ مخططاتها.

     ومن المؤكد -كما نقلت مصادرنا الخاصة- أن استراتيجية متكاملة تم التخطيط لها بين عدد من أجهزة المخابرات الدولية والموساد اليهودي- تستهدف التضييق على الشباب المسلم المتدين من خلال النفاذ إلى المؤسسات التي يعمل بها المتدينون في شتى المجالات التي تشمل بالدرجة الأولى مؤسسات التعليم، وقد تم اختيار فئة الشباب المتدينة لضربها؛ لأن هذه الفئة الشابة هي الخطر الوحيد على مصالح القوى الاستعمارية في المنطقة؛ ولذا فإن الخطة تتضمن: 

۱- حرمان الشباب المسلم المثقف من إمكانية التحصيل العلمي العالي؛ لأن التحصيل العالي هو المدخل إلى قيادة المجتمعات. 

٢- التضييق على الشباب المسلم داخل وطنه وحرمانه من المغادرة سعيًا وراء التحصيل العلمي العالي إذا كان غير متوفر في بلاده.

٣- وضع شروط معجزة للتوظيف تعرقل توظيف المتدينين مما يؤدي حرمان المتمسك بدنية من التعيين والتوظف، وهذا ما يحدث الآن فعلًا في بعض الدول الإسلامية.

٤- مطاردة المتمسكين بدينهم داخل المؤسسات التي يعملون فيها، ولا سيما المؤسسات العلمية والتعليمية، ودفع مسؤوليهم للاستغناء عنهم.

٥- افتعال بعض الأسباب الواهية والاتهامات المزيفة لزج الإسلاميين المثقفين في السجون والمعتقلات؛ لحرمان المجتمعات الإسلامية من الانتفاع بهم.

٦- تعذيب المعتقلين داخل السجون بأساليب وحشية؛ بغية ترهيب أفراد المجتمع من اتباع مناهج هؤلاء الإسلاميين.

٧- تجويع أهالي الإسلاميين، ودفعهم إلى الحاجة انتقامًا منهم، ودفعًا للوسط الاجتماعي للتخلي عن اتباع المسلك الإسلامي خشية المصير نفسه. 

     وقد لوحظ أن بنود هذه الخطة الإرهابية الاستعمارية قد نفذت في عدد من الأقطار الإسلامية، وقد برز ذلك بشكل واضح في مجالات التعليم العام والتعليم العالي، وشمل إلى جانب طلبة العلم كثيرًا من العاملين في حقل التدريس الجامعي. 

     وإذا كان في الساحة الإسلامية الواسعة من ساهم -من أبناء جلدتنا وللأسف- في تنفيذ هذا المخطط الإرهابي اللاإنساني ضد الإسلاميين فإن السؤال المطروح:

  • ماذا جنى أولئك الأغبياء؟ 

     إن عداء المؤسسات الاستعمارية وعملائها للإسلاميين لم يأت بالنتائج التي انتظرها المخططون والمنفذون للمؤامرة، بل إن ذلك العداء أسفر عما لا يرضي أولئك، وجاءت النتائج عكسية، وذلك كما يلي:

أولًا- ازداد تمسك الشباب المسلم بدينه وعقيدته، واستعذب ما يلاقيه في سبيل الله، ولا سيما وأن هذا الشباب موقن أنه على الطريق المستقيم، وأنه لا يبتغي سوى مرضاة الله -سبحانه-، بينما الذين يعادونه أناس فقدوا الإحساس وهم ممن يعادون الله ودعوته، بل إن كثيرًا منهم لا يعرف من الحياة غير الخمر والسكر واقتناص الشهوات. 

ثانيًا- توسعت القاعدة الشبابية في صفوف الإسلاميين، وأقبل الشباب من كل حدب وصوب على الدعوة الإسلامية ينهل من معينها الذي لا ينضب، وينافح عنها مدافعًا ومجاهدًا من أجل إعلاء كلمة الله.

ثالثا- أخذ التكافل الاجتماعي الإسلامي موضعه بين الإسلاميين، فسدت الثغرة التي أرادها المتآمرون الذين خططوا لتجويع أسر الإسلاميين بعد الزج بهم داخل المعتقلات أو تشريدهم، أو حرمانهم من أدنى حقوق المواطنة.

رابعًا- بسبب المحن التي تتوالى على الإسلاميين في بعض البلدان تنفيذًا لذلك المخطط؛ قالت الجماهير كلمتها، حيث أعلنت في كثير من الأحيان كلمة الحق التي تناصر الشباب المتدين، وتدين الجهات الأجنبية وعملاءها، وبالتالي كان الموقف الجماهيري في الساحة الإسلامية كلها لصالح الدعاة المخلصين. 

خامسًا- لم يجن أصحاب المخطط وعملاؤهم سوى الشقاق والفتن، بل إن كثيرًا من القيادات السياسية في العالم الإسلامي أصيبت بصدمة عندما انعكس تدبيرها ضدها، والتف ترتيبها عليها، فالاضطهاد يؤدي إلى ردات فعل عنيفة، ولعل أقلها زرع الأحقاد بين الحاكم والمحكوم، بين القيادة والجماهير، وهذا الذي جعل بعض الأنظمة الاضطهادية تعيش في عزلة عن شعبها بسبب ما ارتكبته أجهزتها من ممارسات ضد مواطنيها ولا سيما الإسلاميين.

     وهكذا يستمر الصراع، ذلك الصراع الذي لا يستفيد منه سوى الاستعمار وأعدائنا اليهود، فهل تراجع تلك القيادات الاضطهادية موقفها من مواطنيها، ولا سيما الإسلاميين لتعرف أنهم ذخر كبير، بل كسب مؤكد للوطن ولكل وطني مخلص نرجو ذلك.

الرابط المختصر :