العنوان الشيخ محفوظ النحناح رئيس حركة المجتمع الإسلامي «حماس» في حوار ساخن مع «المجتمع»: الانتخابات الرئاسية هي بداية الحرية.. وما زال أمامنا الكثير
الكاتب أحمد منصور
تاريخ النشر الثلاثاء 28-نوفمبر-1995
مشاهدات 12
نشر في العدد 1177
نشر في الصفحة 22
الثلاثاء 28-نوفمبر-1995
• المطلوب من الرئيس زروال أن يوسع دائرة الحكم وأن يمكن كل القوى السياسية من ممارسة حقوقها
• لقد أثبتنا أن التيار الإسلامي هو القوة السياسية الأولى في الجزائر
• لقد أثبتنا أن الحركة الإسلامية تعرف كيف تصنع الحدث وتدرك جيدًا أبعاد اللعبة السياسية وضوابطها
• رغم اعتراضنا على نتائج الانتخابات إلا أننا نجحنا في دفع الشعب الجزائري للمشاركة في الخروج من المأزق
ألقت الانتخابات الرئاسية في الجزائر بظلال جديدة، رغم الرفض والمقاطعة الذي أعلنته الجبهة الإسلامية للإنقاذ وأحزاب ما يسمى بالعقد الوطني، بما فيهم حزب جبهة التحرير التي حكمت الجزائر ما يقرب من ثلاثين عامًا، ومع بقاء الاتهامات والتشكيك في النتيجة أو نسبة الحضور سواء من الذين قاطعوا الانتخابات أو الذين شاركوا فيها مثل الشيخ محفوظ النحناح رئيس حركة المجتمع الإسلامي «حماس» إلا أن الحديث تجاوز هذه المرحلة الآن، وأصبح الجميع يتحدث عن مستقبل الجزائر في ظلال الوضع الراهن، ذلك المستقبل الذي ينبغي أن يشارك الجميع في صناعته، سواء الذين أيدوا إجراء الانتخابات أو الذين عارضوا إجراءها، أو اعترضوا على نتيجتها، فأزمة العنف التي بدأت في الجزائر بعد إلغاء الانتخابات البرلمانية التي فازت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ في عام ۱۹۹۲م أدت حتى الآن إلى سقوط ما يزيد على أربعين ألف قتيل، علاوة على الدمار الاقتصادي والسياسي الذي لحق بالبلاد، وبالتالي فإن الجميع يبحث عن مخرج ويتطلع إلى المستقبل الذي يعيد الأمن والأمان إلى الجزائر.
ويبقى الحوار مع الذين ينبغي أن يشاركوا في صناعة هذا المستقبل هو أفضل طرق ووسائل استقراء هذا المستقبل من خلال الواقع المرئي والمشاهد، ولوجود آلاء متباينة وتصورات مختلفة لدى الأطراف المختلفة في الجزائر، فقد اخترنا ثلاثة أطراف تمثل ثلاثة اتجاهات وثلاثة قوى رئيسية في نفس الوقت:
أما الطرف الأول: فهو الشيخ محفوظ النحناح رئيس حركة المجتمع الإسلامي «حماس» الذي حصل على المركز الثاني في نتائج الانتخابات الرئاسية، وهو يتبنى وجهة نظر المشاركة في صناعة الأحداث وعدم الغياب عنها أو مقاطعتها.
أما الطرف الثاني: فهو الشيخ عبد الله جاب الله رئيس حركة النهضة الجزائرية، وأبرز قيادات أحزاب العقد الوطني.
أما الطرف الثالث: فهو الشيخ رابح كبير رئيس الهيئة التنفيذية للجبهة الإسلامية للإنقاذ، والناطق الرسمي باسمها، والذي يقيم في ألمانيا كلاجئ سياسي بعدما حظر نشاط الجبهة في الجزائر واعتقلت معظم قياداتها بعد إلغاء نتائج انتخابات يناير ۱۹۹۲م.
ثم اخترنا بعد ذلك طرفًا محايدًا هو الدكتور عماد شاهين الأستاذ في جامعة واشنطن، والمتخصص في شئون المغرب العربي.
ونعتقد أن هذه الآراء لهذه الأطراف الأربعة من خلال هذا الحوار يمكن أن تؤدي إلى أرضية مشتركة يلتقي عليها الجميع لمصلحة الجزائر سعيًا لإخراجها من هذا النفق المظلم والوضع المأساوي الذي وصلت إليه.
فإلى الحوار الأول مع الشيخ محفوظ النحناح...
• ما هو رأيكم في النتائج التي أفضت إليها الانتخابات الرئاسية؟ وما هي النتيجة التي كنتم تتوقعونها للمرشحين الأربعة على الترتيب؟
- إن المشاركة الشعبية الواسعة في الانتخابات الرئاسية التعددية الأولى من نوعها في الوطن العربي الإسلامي تعتبر صرخة عميقة من الشعب الجزائري التواق إلى السلم والأمن والأمان وإلى رفضه العنف القائم في البلاد، ورغم أننا سجلنا بعض التجاوزات وتحويل بعض الصناديق إلى المرشح الحر كما يقولون، ورغم نداءات المقاطعة إلا أننا استطعنا أن نثبت للجميع أن حركتنا هي الرقم السياسي الفاعل والأساسي في الساحة السياسية الجزائرية، والرأي العام المحلي يدرك جيدًا أن هناك نتائج حقيقية وأخرى معلنة، وهذه النتائج كانت تؤدي إلى الدور الثاني بيننا وبين المرشح الأول زروال على الأقل، ورغم كل ما حدث إلا أننا أثبتنا أننا أوفياء لحركتنا ومشروعنا الإسلامي الوطني السلمي، خصوصًا وأنه بفضل الله أولًا ثم بفضل حركتنا وسمعتنا استطعنا أن ندفع الشعب نحو المشاركة الواسعة التي يبغي من خلالها الخلاص والخروج من الأزمة الخانقة.
• هل كنتم تتوقعون الحصول على نتيجة أفضل من التي حصلتم عليها وهي «25%» من الأصوات؟ وما هي النسبة التي كنتم تتوقعونها بالضبط؟
- إن الشعب الجزائري خرج بهذه الأعداد الكبيرة، وكان لنا الدور الكبير في إقناعه للتصويت لصالحنا، حيث قمنا بزيارة أكثر من «30» محافظة، وأقمنا أكثر من «40» تجمعًا شعبيًّا حضره عشرات الآلاف من المواطنين، وأعطونا ثقتهم ويرهنوا على أنهم أوفياء لشهداء الثورة التحريرية، ورغم التحويل في الأصوات والتزوير إلا أن القناعة الشعبية الراسخة أننا نمثل ثقلًا شعبيًّا أكثر بكثير من النسبة التي أعلن عنها، ونحن آثرنا- حبًّا لديننا ووطننا- أن نكون سببًا في استقرار البلاد، ويكفينا فخرًا حسن توقعنا في الساحة السياسية الجزائرية، رغم أننا توقعنا أن النسبة تصل في حقيقتها إلى «55%».
• رغم أن معظم المراقبين أكدوا قبل بداية الانتخابات على أن المعركة الانتخابية محسومة للرئيس زروال، إلا أنكم أصررتم على المشاركة في الانتخابات، فما هي أسباب ودوافع دخولكم معركة انتخابية خاسرة؟
- إن القراءة للنتائج الحقيقية وحجم المشاركة الشعبية هو دليل على قراءتنا السياسية الصحيحة لموقفنا؛ إذ إن البعض راهن على المقاطعة، ولم يقاطع الشعب؛ لأننا نعتقد أننا نعيش مع الشعب ونعرف تطلعاته ورغباته، ونعيش همومه من الداخل، فلم نكن لنغامر بمقاطعة شعبنا؛ لأن السلطة أرادت أن تنفرد به لوحدها، لقد أصبح مؤكدًا بأن التيار الإسلامي لا يرفض العنف فقط، وإنما يعمل بقواعد اللعبة السياسية، ولا يلتجأ إلى العنف كلما هضم حقه بلبان الصبر، والعمل المستمر هي خصائص حركتنا الواعية والواعدة، لقد اتهمت الحركة الإسلامية بأنها لا تقر بقواعد اللعبة، ولا تهضم نتائجها، ولا تؤمن بفكرة التداول على السلطة، وأنها تقمع الحريات، لكنها في الجزائر أثبتت عكس هذه الدعايات المغرضة والمشبوهة، والتي تعمل على تكريس فكرة أن الإسلاميين لا يستطيعون الحصول على حقوقهم إلا من خلال القلاقل والفتن، فكان جوابنا العكس تمامًا، ثم إن الحركة في الجزائر اتهمت بأنها غير متجذرة شعبيًّا فكان رد الشعب باستقبالاته وهتافاته وانضباطه وإقباله على المشاركة لصالحنا أكبر من كل هذه الترهات، كما أننا نرفض أن نعيش على هامش التحولات السياسية الكبرى تحت طائلة دعاوى متعددة وأثبتنا للرأي العام المحلي والدولي أن الحركة الإسلامية يمكنها أن تصنع الحدث وأن تساهم في إرساء السلم المدني، ودعم التوجهات الديمقراطية التي تفسح بالحريات السياسية والحزبية وفق قواعد اللعبة، هذا وإن مشاركتنا أفحمت دعاة المقاطعة للانتخابات الذين وجدوا أنفسهم وجهًا لوجه أمام عزلة جماهيرية مخيفة، والقول بأنها معركة انتخابية خاسرة كلام غير مسلم به؛ إذ إن مقاييس الربح والخسارة تختلف، خصوصًا وأن نسبة المقبلين على حركتنا قد ازدادت بشكل لم نكن نتوقعه، وبتكاليف أقل مما كنا نتصور، كما أن الحركة الإسلامية في الجزائر أسهمت بمشاركتها الإيجابية في تحجيم دور العلمانيين والشيوعيين وأعادت الأمل إلى النفوس المختنقة.
• ما قولكم فيما يوجه إليكم من اتهام من المعارضة في أنكم شاركتم بإضفاء الشرعية على النظام القائم بمشاركتكم في الانتخابات؟
- إن الشرعية في الجزائر لا تستمد إلا من الشعب، والمشاركة الشعبية هي المؤشر الحقيقي في مدى قبول الشعب لأي خيار سياسي بغض النظر عن الداعي لهذا الخيار، وبخصوص الانتخابات الرئاسية فنحن أول من دعا لها وليست السلطة. واتخذنا قرار المشاركة بعد تشاور موسع وتغليب المصالح العليا للوطن والدين ودرء المفاسد عن الوطن والدعوة والحركة، ورغم ذلك فإننا نتساءل: من يضفي الشرعية؟ هل الذي يفتح الباب للسلطة، أم من ينافسها في أعلى منصب للسلطة؟ لقد شاركنا من أجل تثبيت حقيقة هي أن التيار الإسلامي هو القوة السياسية الأولى في الجزائر برغم ما حصل وما يحصل، وأصبحت الحركة الإسلامية رقمًا مهمًّا في أي تحول سياسي، وأن كل محاولة لإقصائه من الشارع السياسي هي محاولة يائسة رغم معاول الاستئصاليين، وبعد الكسب الشعبي الذي حصلنا عليه في الانتخابات الرئاسية أصبحنا نمثل الرقم الأول والحمد الله، وهو الذي يحسب له حسابه خصوصًا إذا أضيف إليه الرقم الحقيقي وغير المعلن عنه، ومن هنا فإننا أصبحنا موضع تخول لنا حرية الحركة أكثر، وفي رأيي أن السيد زروال قد يقوم بدعوة المشاركين في الانتخابات الرئاسية لتجسيد القطيعة مع الأساليب الأحادية والتي حكمت البلاد وأدت إلى هذا الدمار.
• ما هي حقيقة ما يقال عن وجود صفقة بينكم وبين الرئيس زروال يتم بموجبها تكليفكم بمنصب رسمي رفيع خلال الفترة القادمة؟
- إن الدوائر المغرضة والتي ساهمت في تشويه سمعة حركتنا قليلة والحمدلله، وقد اتضح صدق توجهاتنا، ولهذا نقول: نحن نعمل من خلال قواعد اللعبة السياسية وتحقيق المصلحة لبلدنا وحركتنا، والمساهمة في حقن دماء الجزائريين، وتوفير الحريات، وإعادة الأمن والاستقرار واتخاذ إجراءات التهدئة لضمان السير الديمقراطي في الحياة السياسية، وأنه من غير المعقول أن تضفي حركتنا الشرعية على أي كان إلا إذا كان له بعده الجماهيري، والمنافسة للحصول على أكبر الأصوات الشعبية هو عين المعارضة السياسية، ولو كانت نيتنا إضفاء الشرعية على النظام الحاكم لقمنا بتأييد الحاكم والتصفيق له، أو قمنا بالمقاطعة كضمان لاستمراره في الحكم، وهذا ما لم يحصل منا والحمد لله. إن المشاركة هي التقليل من فرص نجاح الآخرين في عالم السياسة، أما عرض المناصب فهو أمر غير وارد الآن.
• هل لديكم استعداد لتولي مسئولية رئاسة الوزراء مثلًا أو أي منصب رفيع آخر يعرض عليكم في الفترة القادمة؟
- مثل هذه المسئوليات تحتاج إلى تشاور موسع، ومحفوظ نحناح يلتزم بقرار مؤسسات الحركة، وإن كان هدفنا في المرحلة القادمة ما نمثله من قوة سياسية هو العمل على الانفراج السياسي والأمني والاقتصادي واستكمال بناء مؤسسات الدولة بإجراء انتخابات تشريعية، وانتخابات محلية بمشاركة كل الأحزاب السياسية. إن العبرة ليست بمنصب سام، وإنما بمن له القدرة على احترام قواعد اللعبة السياسية، وله القدرة على الحفاظ على ثقة الشعب والسير به نحو استتباب الأمن والاستقرار، وتوسيع دائرة الحكم والشورى، وضمان الحريات لكل أبناء الوطن الواحد من غير إقصاء ولا استثناء.
• الرئيس زروال كان قد ألمح في برنامجه إلى إمكانية حظر الأحزاب الإسلامية، فهل تتوقعون خطوات قادمة له في هذا الجانب؟ وهل هناك بديل لحركة المجتمع الإسلامي يمكن أن تمارسوا من خلاله دورًا سياسيًّا في البلاد؟
- إن القراءة الصحيحة لهذه الانتخابات أن التيار الإسلامي لا يمكن إقصاؤه أو إلغاؤه، ورغم أننا من الداعين إلى عدم تحزيب الدين؛ بمعنى أن لا يحتكر الإسلام من أية جهة، وذلك لأننا نتعامل مع المسلمين ونحن لسنا حزبًا دينيًّا، بل نحن حزب إسلامي وسياسي يستمد تصوراته ومنطلقاته من الإسلام، ونظرية الأحزاب الدينية هي مفهوم غربي كنسي تريد القوى العلمانية العربية أن تنقله إلى الساحة السياسية العربية الإسلامية، ونضالنا مستمر من أجل أن يكون لكل القوى السياسية تمثيل تنظيمي سياسي واجتماعي؛ لأن المنع وتحديد الحريات هو الذي يساهم في العمل السري ويسمح بالانقلابات والتطرف، ولهذا سنعمل على أن تبقى الحركة تتمتع بحقوقها السياسية وتنمي رصيدها الشعبي بما يؤهلها لأن تكون هي الحاضر القريب والمستقبل، كما أنني أتعجب ممن يملئون الدنيا ضجيجًا بوجود حزب إسلامي في البلاد العربية والإسلامية، ويسكنون نهائيًّا عن الأحزاب الدينية في بلاد الغرب وعند اليهود، فنظرية الكيل بمكيالين لم تعد صالحة بعد انبلاج الصبح!
• إذا كان الرئيس زروال ومعه الجيش والشرطة وأجهزة الدولة لم يستطيعوا القضاء على العنف في الجزائر، فما هو في تصوركم ما يمكن أن يطرأ على البلاد من تغيير بعدما أصبح زروال رئيسًا؟
- المطلوب من الرئيس الجديد أن يعمق الحوار، ويوسع قاعدة الحكم، واتخاذ إجراءات التهدئة وتفعيل الحياة السياسية برفع حظر التجول، وتمكين كل القوى السياسية من ممارسة حقوقها، كما أن عليه ألا يصادم مقررات الإسلام ومقاصده، وهذان الأمران مهمان في معالجة ظاهرة العنف المستشرية في بعض الأقطار، فضلًا عن ضرورة إفساح المجال للحريات بما يحفظ كرامة المواطن وعقله وقلمه، وبما أن للرئيس بعض الصلاحيات المخولة دستوريًّا فإنها تسمح له بتطبيق العدل والإحسان بعيدًا عن تفجير الضغائن.
• هل تتوقعون أن تغير أحزاب المعارضة التي قاطعت الانتخابات موقفها وتدخل في حوار مع السلطة؟
- لقد أبدت معظم هذه القوى السياسية رغبتها في تعميق الحوار واستعدادها للتعامل مع الرئيس الجديد، وفوجئت هذه الأحزاب بالمشاركة الشعبية الواسعة، وأخطأت التقدير في موقفها وذهبت كلها في تحاليل خاطئة، ونحن بما تمثله حركتنا من امتداد واسع داخل الجزائر تؤهلنا لأن نخوض أية معركة انتخابية رغم عدم تكافؤ الإمكانيات المادية وقلتها بالنسبة لحركتنا، إلا أن إيماننا بالله وتوكلنا عليه هو مصدر قوتنا وعزتنا، «ومن يتوكل على الله فهو حسبه»، كما أن لنا كامل الثقة في المواطنين داخل الوطن وخارجه، والذين منحونا ثقتهم وأدركوا أننا مهيكلون تنظيميًّا، وملتزمون أخلاقيًّا، وصامدون حركيًّا، وواعون دعويًّا، ومتفاعلون سياسيًّا، ومضحون نضاليًّا، ولاعبون ديمقراطيًّا، وما تزال الساحة الجزائرية تحتاج إلى زيادة تأطير، والقيادات السياسية موجودة، والساحة ميدان للفرسان، ومن فاته موكب المنافسة من أجل الرئاسة فلا تفوته قافلة المنافسة الشريفة للانتخابات البرلمانية القادمة، والتي نصر على إجرائها في السداسي الأول من سنة ١٩٩٦م إن شاء الله.
• ما هو في تصوركم السيناريو الذي يمكن أن يؤدي إلى إيقاف أعمال العنف في الجزائر وإلى عودة الأمن والأمان إلى ربوعها؟
- إن العنف الذي مرت وتمر به الجزائر هو نتيجة طبيعية لممارسات سياسية إقصائية للشعب الجزائري وفي جميع المجالات، ولذلك قام يستنكر تلك الممارسات إلا أن بعض أبناء الجزائر اختاروا طريقًا غير الطريق الصحيح للتعبير عن رفضهم لتلك السياسة، وقلنا ولا نزال نقول: إن السيناريو الوحيد لحل الأزمة الأمنية هو معالجة العنف، وعلاج المرض، وليس محاربته، ويجب القيام بعملية حوار علمية تحدد من خلالها نقاط الالتقاء بين الأطراف السياسية المختلفة، ثم فتح حوار اجتماعي واسع في وسائل الإعلام المختلفة، كما أنه من الضروري الالتفات نحو الأجيال الشعبية المحرومة وإعطائها حقوقها المهضومة.
إننا نرفض أن يشعر الجزائريون أو جزء منهم بأنه مواطن من الدرجة الثانية أو الثالثة أو لا حق له في الحياة.
هذا وأن الخريطة السياسية سوف يعاد تشكيلها بعد الانتخابات الرئاسية وأحجام الماضي ليست بالضرورة أن تبقى على ما كانت عليه؛ إذ الواقع السياسي يحكمه المتغيرات، وحركتنا وفية لثوابتها، ولها قدرة على التكيف بما يصونها من التلف.
• ما هي رؤيتكم لمستقبل الجزائر في ظل الوضع الراهن؟
- في بداية سنة ۱۹۹۲م حين بدأت الأزمة في مظهرها المعروف قلنا: إنه من الضروري اللجوء إلى حوار بناء، وإن تعذر الأمر فمن الواجب الرجوع إلى الشعب، ونادينا بعد ذلك بإجراء انتخابات رئاسية، وحينها أكدنا أن الانتخابات الرئاسية ما هي إلا بداية الحل، وليس كل الحل، وبعد النتائج الأخيرة للانتخابات الرئاسية سواء في المشاركة الشعبية الواسعة في الداخل والخارج أو في النتائج المحققة من قبل المرشحين أكدت بأن الشعب الجزائري رفض العنف بجميع أشكاله، ومن ثم فإن الجزائر المستقبلية لا تتحمل انفراد أي أحد ولا أية جهة أو أي تيار بالقرار للجزائر أو تسييرها أو تنيمتها، وهذا ما يحتم على الجميع ضرورة التعايش من أجل الجزائر، وهذا ما نادينا به من قبل حين قلنا: إن الجزائر حررها الجميع ويبنيها الجميع.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
وَفد الجَماعَة الإسلاميّة يزور المناطق المتأثرة بالاضطرابات في كشمير
نشر في العدد 450
12
الثلاثاء 19-يونيو-1979