; الانتخابات المحلية في اليمن: الحزب الحاكم يتهم المعارضة بتزوير الانتخابات! | مجلة المجتمع

العنوان الانتخابات المحلية في اليمن: الحزب الحاكم يتهم المعارضة بتزوير الانتخابات!

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر السبت 10-مارس-2001

مشاهدات 13

نشر في العدد 1441

نشر في الصفحة 16

السبت 10-مارس-2001

ربما لم يكن هناك في اليمن من يتوقع أن تكون الانتخابات المحلية التي جرت يوم الثلاثاء ٢٠ فبراير الماضي بمثل هذا العنف الذي جرى عليه، فسقوط أكثر من عشرين قتيلاً رسمياً، وعدد آخر من الجرحى في مجرد استفتاء وانتخابات محلية أثار استهجاناً كبيراً في الأوساط الشعبية والسياسية، وأعاد إلى الأذهان مقولة شهيرة للشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، زعيم حزب الإصلاح ورئيس مجلس النواب، بأن أي مقعد يحصل عليه المعارضة إنما يُنتزع من بين أنياب الحزب الحاكم.

وعلى الرغم من أن أيام الحملة الانتخابية، وما صاحبها من توتر واستفزاز، جعلت الشيخ الأحمر يقول أيضاً إن أي انتصار للمعارضة، مهما كان محدوداً، سيكون معجزة بعد أن اتضح أن حزب المؤتمر الحاكم قد نزل المعركة الانتخابية بكل نفوذ الدولة المدني والعسكري، ولم يتردد في ممارسة ضغوط لإحداث انشقاق داخل الإصلاح في أول حالة من نوعها منذ عشر سنوات.

وعلى العكس من التطمينات الإعلامية عن جاهزية كل شيء واستعداد اللجنة العليا للانتخابات لإجراء عمليتي الاستفتاء والانتخابات المحلية، كشفت مجريات يوم الاقتراع عن خلل كبير لم يتوقعه أحد، واعترفت اللجنة العليا بأن 126 مركز انتخابياً لم تجر فيها الانتخابات بسبب أخطاء فنية، شملت سقوط أسماء مرشحين أو تغيير رموزهم أو نقص الوثائق الخاصة بالاقتراع، وأدى ذلك إلى تحول يوم الاقتراع إلى يوم بؤس ديمقراطي واشتعال المواجهات الكلامية والدموية بين المرشحين وأنصارهم، ثم إلى إعلان انسحاب أحزاب المعارضة في عدد من المناطق المهمة.

وبالنسبة لأحزاب المعارضة، فقد تفاوتت مواقفها المعلنة، وإن كانت قد اتفقت على مستوى التزوير واستخدام نفوذ الدولة لترجيح كفة الحزب الحاكم، ففيما أصدر الإسلاميون بيانًا نددوا فيه بجملة من المخالفات الخطيرة التي ارتكبها الحزب الحاكم ووصفوها بأنها انتهاك خطير للقواعد الديمقراطية والدستورية، أصدرت أحزاب مجلس التنسيق التي يقودها الحزب الاشتراكي بيانًا نددت فيه – أيضاً – بالمخالفات الشنيعة التي جرت يوم الاقتراع وطالبت بإلغاء كل ما جرى وإعادة إجراء الاستفتاء والانتخابات المحلية بإشراف هيئات محايدة.

أما الحزب الحاكم فلم يتردد هو الآخر في أتهام «المعارضة» باختراق الدستور والقانون وحمل التيار الإسلامي مسؤولية المخالفات الخطيرة التي هددت نزاهة الانتخابات وبسببه زعم المؤتمر أنه تعرض لمضايقات شديدة كضرب أنصاره وحرمانهم من الاقتراع وتقطيع ملصقاته الانتخابية.

ووصف المؤتمر مزاعم المعارضة بأنها نوع من الحفاظ على ماء الوجه من هزيمة متوقعة عبر صناديق الانتخاب، واعتبر أن شكاوى المعارضة هي نوع من التشكيك في الانتخابات والديمقراطية! وطالب بالتحقيق القضائي في تزويرها.

مستوى العنف والاحتكاكات بين الأحزاب لا يفوقه غرابة إلا شكاوى الحزب الحاكم من المعارضة بتعرضه للمضايقة والاضطهاد في مختلف المناطق، لكن بصفة عامة فقد اعترفت اللجنة العليا للانتخابات – رسمياً – بوقوع 13 حادثًا أمنيًا خلال يوم الاقتراع فقط رغم وجود ستين ألف عسكري لحراسة الانتخابات.

فشلت اللجنة العليا للانتخابات في وضع نهاية للانتخابات بعد خمسة أيام من إجرائها. على الرغم من أن القانون يفرض إعلان النتائج بعد ساعة على أكثر تقدير.

وزاد موقف اللجنة العليا للانتخابات سوءاً أن نائب رئيس اللجنة العليا أعلن انسحابه من المؤتمر الصحفي الذي أعلنت فيه النتائج احتجاجاً على قيام رئيس اللجنة بإعلان نتائج غير معروفة، ولا يعلم مصدرها ولم يتم الاتفاق حول إعلانها داخل اللجنة العليا للانتخابات.

وصار واضحاً أن الأمور خرجت عن السيطرة النظرية التي تزعم اللجنة العليا للانتخابات أنها تمتلكها في إدارة الأمور، فيما تعددت المصادمات الدامية بين مرشحي الحزب الحاكم وأنصاره، وقوات الأمن من جهة ومرشحي المعارضة وأنصارها وخاصة التجمع اليمني للإصلاح من جهة أخرى.

ويتهم كل طرف الآخر بأنه يسعى لوأد الديمقراطية، وتزوير عملية الفرز وإرهاب لجان الانتخابات.

أجواء أمنية ملائمة

المنافسة الحقيقية الأهم تمت بين الحزب الحاكم من جهة وبين التجمع اليمني للإصلاح من جهة ثانية.. وبدا الإسلاميون أكثر تصميماً على الفوز وإثبات مكانتهم الشعبية والسياسية بعد سنوات كانوا فيها الهدف الأول أمام السلطة التي سعت جاهدة لإضعافهم، لكن أحداث الانتخابات الأخيرة أثبتت أن الإسلاميين ظلوا طوال السنوات الثلاث الماضية يعدون أنفسهم لهذا اليوم أو لغيره وفاجأوا الجميع بمستوى انتشارهم الشعبي وقدرتهم على الصمود في وجه عاصفة الحزب الحاكم بل والتغلب عليها في مناطق كثيرة شكل فوزهم المبكر فيها مفاجأة ودليلاً على شعبية الإسلاميين الذين ظن خصومهم أن خروجهم إلى المعارضة عام «1997م» سوف يضعفهم كثيراً بعد تفرد المؤتمر العام بالسلطة والهيمنة دون منافس، كما روج إعلام الحزب الحاكم طوال الفترة الماضية لزوال نفوذ الإسلاميين قبل أن تأتي الانتخابات الأخيرة وتكشف خطأ هذه الأوهام، فقد ملأ الإسلاميون الساحة دون استثناء بحركتهم اليومية وتمكنوا من منافسة الحزب الحاكم بقوة كما واقتدار ربما فاجأ حتى المؤتمريين أنفسهم.

الحماس المتأجج للانتخابات المحلية غطى تماماً على «الاستفتاء» على التعديلات الدستورية، وبدا أن الجميع يكادون ينسون هذا الأمر الذي لم يبق منه إلا شعارات المؤيدين والمعارضين على الرغم من أن المعارضين للتعديلات الدستورية أعلنوا أنهم خاضوا حملتهم ضد التعديلات حماية للديمقراطية والدستور، فيما أعلن الحزب الحاكم أن تأييده للتعديلات، تهدف إلى تقوية المسار الديمقراطي ووضع اليمن على عتبة القرن الحادي والعشرين.

الرابط المختصر :