; البيانات وحدها لا تكفي | مجلة المجتمع

العنوان البيانات وحدها لا تكفي

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 08-ديسمبر-1992

مشاهدات 18

نشر في العدد 1028

نشر في الصفحة 8

الثلاثاء 08-ديسمبر-1992

رغم أن مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية الذي عقد في جدة في الأسبوع الماضي والذي خصص لبحث أوضاع المسلمين في البوسنة والهرسك جاء كعادة المؤتمرات الإسلامية متأخرًا كثيرًا عن موعده، إلا أن الكلمات التي ألقيت فيه كانت لها دلائل قوية على ضرورة الترابط والتكاتف الإسلامي لدفع الظلم والعدوان عن شعب مسلم يباد أمام العالم دون حراك لا سيما كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز التي قال فيها إننا نرى تحقيق العدالة يحتم تمكين حكومة جمهورية البوسنة والهرسك من الحصول على الأسلحة التي تحتاجها لأغراض الدفاع المشروع عن وجودها!! وكلمة رئيس البوسنة والهرسك علي عزت بيجوفيتش التي جاء فيها «أن المعاناة زادت من عمق الإحساس بالتضامن في العالم الإسلامي وهذا يوم طال انتظارنا له، وأن القرارات والالتزامات التي ظلت كلمات جوفاء قد حان الوقت لاتخاذ إجراء حاسم بشأنها» وأكد رئيس البوسنة على «أن جريمة الصرب متعمدة ومديرة» كما أكد على أن عمليات الإبادة ومعسكرات الاعتقال التي أنشأها الصرب تبين إلى أي مدى وصل الانحدار اللاأخلاقي للحضارة الغربية.

فرغم قوة الكلمات التي ألقيت وتشدد وزراء خارجية الدول الإسلامية وانتقادهم لموقف الوسيطين الدوليين في الأزمة اليوغوسلافية ديفيد أوين وسایروس فانس اللذين حضرا إلى المؤتمر ووجها الدعوة إلى الدول الإسلامية باستبعاد الحل العسكري للأزمة وضرورة الاستمرار في مساعي السلام إلا أننا فوجئنا بأن القرارات النهائية والتوصيات الختامية كانت أقل من المتوقع حيث كان يتوقع لها أن تكون أقوى من ذلك وأن يكون هناك تحرك عملي لا دعم نظري للمسلمين في البوسنة والهرسك وأن الاستناد على الشرعية الدولية المتمثلة في الأمم المتحدة والتي أكد عليها المؤتمر لن تحرك الأمور عما هي عليه فقد أصدرت الأمم المتحدة واحدًا وخمسين قرارًا حول هذا الموضوع ضرب الصرب بها جميعًا عرض الحائط وواصلوا مذابحهم وجرائمهم ضد المسلمين وأراضيهم واكتفى المجتمع الدولي وما زال بالمشاهدة والإدانة.

 إن مجرد الدعوة إلى تنفيذ القرارات الدولية بشأن البوسنة والهرسك واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لوقف العدوان الصربي وتمكين شعب البوسنة والهرسك من الدفاع عن وجوده أمور لن تحل الأزمة من ناحية ولم تقدم جديدًا إلى مسلمي البوسنة والهرسك من ناحية أخرى، وإذا كان المسلمون قد انتظروا الأمم المتحدة طوال الفترة الماضية حتى تتحرك فلم تتحرك سوى بالقرارات التي بلغت واحدًا وخمسين قرارًا فإن الأمر الآن بحاجة إلى تحرك وليس إلى قرار أو بيان.

 لقد تحركت تركيا عام ١٩٧٤ بجيشها تجاه قبرص عندما أصدر نجم الدین أربکان أوامره للجيش التركي فأنقذ حياة المسلمين هناك وحفظهم من الإبادة اليونانية وما زال المسلمون في قبرص يتمتعون بحماية إخوانهم الأتراك لهم وسط قرارات صدرت من الأمم المتحدة ومن غيرها لم تقدم جديدًا أو تحركًا ساكنًا في المسألة، ولو كان أربكان قد انتظر حتى تتحرك الأمم المتحدة أو يجتمع المسلمون حتى يعملوا على إنقاذ إخوانهم في قبرص لربما كان مسلمو قبرص في ذمة التاريخ الآن.

 إننا مع تقديرنا لهذه الخطوة الهامة التي قامت بها الدول الإسلامية، وللبيان الختامي للمؤتمر الذي صيغت عباراته بقوة إلا أننا نؤكد على أن البيانات وحدها مهما كانت قوية لا تكفي.. فلماذا لا يتحرك المسلمون لنجدة إخوانهم بقرار صادر من عندهم بعدما فشلت الأمم المتحدة في حفظ دماء المسلمين بل إنها لم تتحرك لذلك وما زال الصرب يأتيهم الدعم من روسيا واليونان وجهات أخرى دون أي اعتبارات لقرارات الأمم المتحدة أو توصيات مجلس الأمن.

 إن من يملك زمام القوة لا ينتظر أن يأخذ الإذن من الآخرين طالما أن الظلم واقع عليه، وأن الظلم واقع بإخواننا منذ شهور طويلة، فلماذا لا نتحرك لنصرتهم والدفاع عنهم دون انتظار موافقة الآخرين.

 إننا نعيش زمن القوة، وعلينا أن نأخذ بمنطق الأقوياء إن أردنا العزة لأمتنا والنصرة لإخواننا.

 كما أننا نريد أن توضع كلمة خادم الحرمين الشريفين وكلمة الرئيس البوسني موضع التنفيذ فتتمكن حكومة البوسنة من الدفاع عن نفسها وتتحول القرارات والالتزامات إلى واقع حاسم يدفع به الظلم عن مسلمي البوسنة والهرسك.

 ما صدر عن مؤتمر جدة جدير بالاحترام... لا سيما التوصية الخاصة بحث الدول الأعضاء في ممارسة حقها بدعم جمهورية البوسنة والهرسك للدفاع عن نفسها فرادى وجماعات وذلك وفقًا للمادة ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة.. لكن القرارات والبيانات وحدها لا تكفي.

 وفي الختام نهمس في أذن المخلصين من المسئولين في عالمنا العربي والإسلامي في أنه لن تعدم الوسيلة التي تستطيعون من خلالها نصرة إخوانكم المسلمين في البوسنة والهرسك بإمدادهم بالسلاح والرجال للدفاع عن أنفسهم وأعراضهم.

 فهنالك مجالات واسعة لإيصال العون المادي والعسكري إليهم وإننا نرجو ونأمل أن تتخذ الخطوات العاجلة لتنفيذ ذلك قبل فوات الأوان، ولا تنتظرون من الأمم المتحدة أو ديفيد أوين أو سایروس فانس أن يتحركوا لنصرة إخوانكم المسلمين أو الوقوف إلى جوار قضايانا الإسلامية وإنما ضعوا كلام الله أمامكم وأوامره نصب أعينكم ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (محمد: 7) ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (الحج: 40).

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

حول العالم

نشر في العدد 2

36

الثلاثاء 24-مارس-1970

حول العالم - العدد 8

نشر في العدد 8

102

الثلاثاء 05-مايو-1970