; التبتل والرهبنة أو إطلاق العنان للغريزة الجنسية | مجلة المجتمع

العنوان التبتل والرهبنة أو إطلاق العنان للغريزة الجنسية

الكاتب د. محمد علي البار

تاريخ النشر الثلاثاء 02-يوليو-1985

مشاهدات 15

نشر في العدد 723

نشر في الصفحة 36

الثلاثاء 02-يوليو-1985

  • دين الإسلام الحنيف يرفض مبدأ الرهبنة لأنه مبدأ مصادم للفطرة مناقض لها.
  • الكنيسة اعترفت رسميًّا بأن المخاللة والمخادنة أمر لا غبار عليه.
  • الصحف البريطانية: 80 % من الرهبان والراهبات زناة و40 % منهم أيضًا يمارسون الشذوذ الجنسي.

أن كلا طرفي قصد الأمور ذميم، فكما أن إطلاق العنان للغريزة الجنسية خارج نطاق الزواج مذموم، فكذلك كبتها ووأدها لمن لا يؤتي عن عجز أو عنَّة وهم غالب الخلق.

وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التبتُّل وقال سعد بن أبي مفعوله وقال سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه لولا أنَّ رسول الله رد على عثمان بن مظعون التبتل لا ختصينا- أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي. وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الرهبانية لم تكتب علينا وإن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة» (أخرجه أحمد، والترمذي، والطبراني). 

وقد قال تعالى ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ (الحديد:27). وصدق الله العظيم فإن كثيرًا من هؤلاء الرهبان فاسقون.. ورغم ما يدعونه من التبتل والزهد فإن الزنا بل واللواط منتشر بينهم.. وقد ذكرت دائرة المعارف البريطانية طبعة «15» لعام 1982م المجلد 16/604: «ولكن نظام الرهبنة بمنعه الزواج أدَّى إلى انتشار اللواط بين الكنيسة وإلى المساحقة بين راهباتها».

وقد اعترفت الكنيسة رسميًّا بأن المخاللة والمخادنة أمر لا تعترض عليه الكنيسة وإنما تعترض الكنيسة على تجارة الإبضاع في العهر والبغاء، وقد نشرت مجلة التايم الأمريكية في 28 أكتوبر 1966م «ص 38» تقرير لجنة مجلس الكنائس البريطاني عن الجنس والفضيلة جاء فيه أن اللجنة ضد الاستغلال الجنسي وتبارك الصلة الجنسية في الزواج ولكنها ترفض الرأي الداعي إلى العفة قبل الزواج أو الالتزام به بعده، وترفض اللجنة رأي الإنجيل ضد الزنا الذي تراه مسموحًا به في بعض الأحوال متى شكل الزنا امتزاجًا شاملًا بين بالغين بدون إكراه وتدعو اللجنة إلى تهيئة وسائل منع الحمل للفتيات غير المتزوجات وإلى مزيد من التراخي في تشريعات الإجهاض وإلى مساواة المرأة مع الرجل في حرية الجنس».

وبالفعل قامت بريطانيا بإباحة الإجهاض حسب الطلب عام 1967م وليس موقف الكنيسة هذا غريبًا فالله يقول «وكثير منهم فاسقون». 

وقد مات الكاردينال روتشيلو أشهر كردينالات فرنسا بمرض الزهري ونشرت مجلة النيوزويك في عددها الصادر 1/7/1974م أن أحد كبار كرادلة فرنسا مات وهو في أحضان إحدى العاهرات في باريس، وعندما نشرت مذكرات إحدى العاهرات جاء فيها من عشاقها أسماء ثلاثة بابوات واحد عشر كاردينالا.. 

وقد ذكرت جريدة الديلي ميل والديلي ميرور عام 1970م» أن 80 % من الرهبان والراهبات زناة وأن 40 % منهم أيضًا يمارسون الشذوذ الجنسي، وقد نشرت جريدة المدينة في 21/12/1403هـ مقالًا للأستاذ سيد أحمد خليفة جاء فيه أن ثورة المهدي في السودان بدأت عندما قامت الكنيسة بتزويج رجل وثنِي من رجل آخر في غرب السودان وقامت بإهدائهما هدايا لتؤكد لهما مباركتها لهذا الزواج غير الميمون!!!

والإسلام يرفض نظام الرهبنة لأنه مناقض للفطرة مصادم لها، فالله سبحانه وتعالى لم يخلق غريزة الجنس عبثًا.. وإنما خلقها ليتناسل بها الإنسان ويتكاثر على ظهر هذه البسيطة حتى يرث الله الأرض ومن عليها... قال تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ (النساء:1)... وقال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ (الروم:21).

وقال تعالى: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ﴾ (البقرة:187).

- وحث سبحانه وتعالى على الزواج ورغب فيه، قال عز من قائل: ﴿وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ (النور: 32). والأيامي هم غير المتزوجين من الرجال والنساء سواء سبق لهم الزواج أم لم يسبق.

وقال تعالى: ﴿فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ (النساء:3).

وقال صلى الله عليه وسلم مرغبا في النكاح: «النكاح سنتي ومن رغب عن سنتي فليس مني» (أخرجه البخاري، ومسلم).

وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه ألا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (أخرجه أبو داود، والترمذي).

ولما دخل عكاف بن بشر التميمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله المصطفى هل له من زوجة أو جارية فلما نفى عكاف ذلك وهو موسر بخير قال له المصطفى صلوات الله عليه وعلى آله «أنت إذا من إخوان الشياطين لو كنت من النصارى كنت من رهبانهم، إن سنتنا النكاح، شراركم عزابكم... أبِالشيطان تمرسون؟ ما للشيطان سلاح أبلغ في الصالحين من النساء إلا المتزوجون.. أولئك المبرؤون من الخنا» (أخرجه أحمد).

وكما أن للزنا والشذوذ الجنسي آثاره الضارة على الفرد والمجتمع.. وعلى الجسم والنفس فإن كبت الغريزة الجنسية وعدم الزواج مع القدرة عليه يؤدي أيضًا إلى كثير من الأمراض النفسية والجسدية.

وهو لا شك يؤدي إلى التوتر والقلق والسوداوية، بل وإلى الانتحار والجنون وقد وجد الباحثون أن معظم مدمني الخمر والمخدرات هم بدون زوجات، وكذلك المدمنات كنَّ بدون أزواج.. وكذلك بأن الأراقي الجسمانية التي تصيب المدمنين هي أقل لدى المتزوجين بالمقارنة مع غير المتزوجين، وقد وُجد أن سرطان الثدي هو أعلى ما يكون حدوثًا لدى النساء اللائي لم يتزوجن.. يأتي بعدهن أولئك النسوة اللائي تزوجن ولم ينجبن، يأتي بعدهن أولئك النسوة اللاتي تزوجن وأنجبن ولكنهن لم يرضعن أولادهن، وأقل النساء إصابة- بسرطان الثدي وهو «أوسع السرطانات انتشارًا بين النساء» هن النساء اللائي تزوجن وأنجبن وأرضعن. 

أما سرطان عنق الرحم فهو على النقيض من ذلك فهو منتشر أشد ما يكون لدى البغايا.. وهو مرتبط بالزنا أوثق ارتباط، وبعدد الرجال الذين يزنون بتلك المرأة فكلما زاد عدد من يتصل بالمرأة من الرجال كلما زاد احتمال الإصابة بسرطان عنق الرحم.

وسرطان عنق الرحم مرتبط أيضًا بمجموعة من الأمراض الجنسية وأهمها وأشهرها الهربس التناسلي «يسمى بالعربية المقبولة أو النملة».. وهو مرض خطير انتشر انتشار النار في الهشيم في الآونة الأخيرة ففي عام 1982م بلغ عدد الماصبين بالهربس التناسلي عشرين مليون في الولايات المتحدة الأمريكية وفي بريطانيا كان عدد المصابين في ذلك العام مائة ألف، وتبلغ الإصابة السنوية في الولايات المتحدة نصف مليون حالة جديدة... «مجلة جراد ويت دكتور عدد مايو 1983م وتقرير إدارة الصحة الأمريكية».

والهربس منتشر أيضًا في إفريقيا.. ولذا فإن الإفريقيات يعانين من إصابة عالية بسرطان عنق الرحم «الدكتور أريا في كتاب الأمراض التناسلية في المناطق الاستوائية».

وقد وُجد أن سرطان عنق الرحم أيضًا مرتبط بختان الرجل.. فالرجل المختون يقلل من نسبة الإصابة بالمرأة التي يتصل بها أما الأقْلَف غير المختون فإنه يسبب زيادة احتمال في الإصابة بسرطان عنق الرحم للمرأة التي يتصل بها. 

وكذلك إتيان المرأة في المحيض يؤدي إلى زيادة احتمال الإصابة بسرطان عنق الرحم.. «بحث للدكتور عبد الله بإسلامه إلقاء في المؤتمر الطبي السعودي السادس».

والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ (سورة البقرة: 222).

وهكذا تجد أن الانحراف عن هدي الإسلام القويم وتعاليمه الحنيفة المستقيمة تؤدي إلى الزلل والزيغ وإلى كثير من الأمراض في النفس والبدن للفرد والجماعة على السواء.

وأقل النساء إصابة بسرطان عنق الرحم هن المسلمات.. وذلك لأن المسلمات هن أقل النساء إصابة بالأمراض الجنسية كما يذكر ذلك كتاب «الأمراض الزهرية في المناطق الاستوائية» تأليف الدكاترة أرايا وبيسنت داو بابا طبعة 1980م ويذكر الكتاب المذكور أن ختان الذكور لا يقلل فقط من الإصابة بسرطان عنق الرحم لدى الزوجة، ولكنه أيضًا يقلل من الإصابة ببعض الأمراض الجنسية مثل: هربس التناسل، والقرحة الرخوة، وثاليل التناسل، والورم الحبيبي اللمفي.. والالتهاب الزهري الحبيبي، وحقْن البول. 

ويقول البرفسور وليم بيكرز الذي عمل في البلاد العربية لأكثر من عشرين عامًا أن أطهر الفروج التي فحصها كانت في الجزيرة العربية وبعد أن فحص أكثر من ثلاثين ألف امرأة هناك فحوصات متكاملة مع أخذ عينات من المهبل وعنق الرحم.. وجميعها كانت سلبية بالنسبة للسيلان والكلاميديا والهربس وسرطان عنق الرحم... ويقول البروفيسور بيكرز أن ذلك يرجع إلى سببين هامين هما ندرة الزنا وختان الرجال «مجلة میدیسن دایجست عدد أبريل 1977م». 

وهي نتيجة ينبغي أن نحافظ عليها بالمحافظة على الطهارة والعفة والبعد عن الزنا والخنا... والحث على الزواج وتيسير سبيله.. فإن من لا يتزوج وهو غير مصاب بالعنة يلاقي عنتًا شديدًا في العفاف.. والرسول صلوات الله عليه يحث الشباب على الزواج فيقول: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أعف للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فأنه له وِجاء» (متفق عليه) والوجاء هو رضُّ الفحل حتى تذهب فحولته.

وخلاصة القول إن الطريق المستقيم هو طريق الإسلام الذي شجع على الزواج وأفسح المجال للغريزة الجنسية كي تنطلق لتعمر هذا الكون لا طريق الرهبنة مع ما فيه من كذب وخداع أو كبت للغريزة الجنسية وما يؤدي إليه من كآبة وسود أو به وقلق وأمراض جسدية ونفسية.. ولا طريق العهر والزنا والخنا مع ما فيه من احتقار لكيان المرأة والرجل على السواء، وما بينهما من أمراض وَبِيلَة تحيق بالفرد والمجتمع، وبصحة الجسم والنفس مع ذهاب الإيمان حيث ورد قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» (رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي) وزاد النسائي «فإذا فعل ذلك خلع ربقة الإيمان من عنقه فإن تاب، تاب الله عليه» وفي رواية للبخاري: «يُنزع منه نور الإيمان في الزنا» وفي لفظ له أيضًا: «من زنى نزع الله نور الإيمان من قلبه فإن شاء أن يرده إليه رده».

مع التهديد بعذاب الله قال تعالى في صفات عباد الرحمن ﴿وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا﴾ (الفرقان:68-69).

وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تزال أمتي بخير ما لم يفش فيهم ولد الزنا فإذا فشا فيهم ولد الزنا فأوشك الله أن يعمهم بعذاب» (رواه أحمد بإسناد حسن). وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله». رواه الحاكم.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل