العنوان التطرف الهندوسي مهمة رسمية
الكاتب مجيب الرحمن محمد شريف
تاريخ النشر السبت 09-مارس-2002
مشاهدات 21
نشر في العدد 1491
نشر في الصفحة 32
السبت 09-مارس-2002
قيادات التطرف الهندوسي تحتل المناصب الحساسة والمؤثرة في المجالس القومية المختصة بوضع المناهج التعليمية والبحث التاريخي والعلوم الاجتماعية.
الخرافات الهندوسية تدخل كتب التاريخ وعلم الاجتماع لتغذية التطرف الهندوسي وكره الإسلام
في السادس عشر من شهر مارس من العام الماضي تجمع المسلمون القاطنون في مدينة «كانبور» في مظاهرة سلمية؛ احتجاجًا على إحراق القرآن الكريم من قبل المتطرفين الهندوس في العاصمة نيودلهي، وذلك بعد أن تبين لهم أن الحكومة الهندية لن تحرك ساكنًا لمعاقبة المجرمين، فقام جناح من قوات الشرطة الهندية المسمى بـ Provincial armed constabulary (PAC) والتي لها تاريخ أسود في قتل المسلمين والانحياز إلى الهندوس بإطلاق النار على المحتجين تساندهم جماعة مسلحة من العصابة الهندوسية، واستشهد من المسلمين قرابة 10 أشخاص، وسقط ٣٠ جريحًا، ولكن في الأخير أصبح المعتدي مدعيًا والمظلوم مذنبًا، فاتهم المسلمون بإحداث الفتن واعتقلوا من قبل قوات الأمن.
وبعد القمة التي جمعت بين الجنرال الباكستاني «مشرف» ورئيس الوزراء الهندي فاجباي في شهر يوليو من العام الماضي، توجهت طائفة من الهندوس المتطرفين بدعم من حكومة ولاية «أتربديش» إلى مدينة «كاشيبو» التي تبعد ١٥ كيلو مترًا من محافة «مراد آباد» بولاية أتربديش، ومن غير سبب أو أحداث خلفية شرعوا بقتل المسلمين والاعتداء عليهم-وقتل من المسلمين العشرات، وجرح آخرون، ولم ينج من أيديهم الأطفال والنساء؛ حيث ذكرت الصحف والمجلات الصادرة بعد بضعة أيام من الحادثة مشاهد وتفاصيل الاعتداءات على النساء وهتك أعراضهن واغتصابهن بعد اختطافهن إلى الغابة القريبة من الموقع، وكان ذلك في ليلة ٢٢ من يوليو من العام الماضي، وقد تبين أن رجال الأمن والشرطة شاركوا الهندوس-كعادتهم - في هذا الهجوم الوحشي على المسلمين.
أما الانتهاكات التي تحدث بشكل يومي في ولاية كشمير التي تسيطر عليها الهند فحدث ولا حرج، قتل وتعذيب وهتك للأعراض وتخريب بيوت.
إن مسلسل الكيد والمؤامرة التي تدور على المسلمين في الهند قد أخذا منعطفًا جديدًا وخطيرًا بعد أن وصلت القوى الهندوسية المتطرفة إلى الحكم عن طريق لعبة سياسية قذرة، فأصبح الاضطهاد، وهدم المساجد، وقتل المسلمين، وهتك الأعراض بمباركة من الحكومة وبتأييد واضح منها.
القوى المتطرفة في المناصب الحساسة
«فوق أي معبد بني المسجد البابري؟، من يقود الحركة الهندوسية البريئة لتحرير المعبد من المسلمين؟، متى احتل المسلمون المعبد الهندوسي»؟.
هذه بعض النماذج من الأسئلة التي وزعت على الطلاب في قاعات الامتحانات «لمادة التاريخ» في بعض المدارس الهندية، من الواضح جدًّا أن هناك أيادي خبيثة وراء إعداد مثل هذه الأسئلة لدس السموم ومحو الحقائق، وهناك تحرك على قدم وساق من الحكومة لتوحيد المناهج الدراسية في جميع المدارس الهندية بعد إلزام حكومات الولايات إدراج مواد تتعلق بالديانة الهندوسية وثقافاتها وخرافاتها؛ لكي تكون هذه المناهج متفقة مع سياساتها العدوانية تجاه المسلمين.
ومن جانب آخر تسعى وزارة التربية الهندية جاهدة لتشويه صورة الإسلام في الكتب والمناهج الدراسية، والتركيز عن إدخال الخرافات الهندوسية إلى كتب التاريخ وعلم الاجتماع التي تدرس في المدارس والجامعات لتنشئة جيل تجري في عروقه الدماء المسمومة والأحقاد والأضغان ضد المسلمين.
وتجري حاليًا محاولات حثيثة؛ لتنصيب المتطرفين الهندوس في «مجلس الهند للبحث التاريخي» و«المجلس القومي للعلوم الاجتماعية والجنة المناهج الهندية»، وقد تم بالفعل تعيين المتطرف كي جي رستوجي «الذي يفتخر ويعتز في بعض كتاباته بأنه استطاع أن يقتل بنتًا مسلمة أيام تقسيم شبه القارة الهندية» أم كي كا «الرجل الذي يشن هجومًا على المسلمين لاتباعهم دينًا «مستوردًا» من خارج شبه القارة» آر كي ديشت «المعروف بالانحياز إلى الأفكار الخرافية الهندوسية المتطرفة».
وهناك مؤسسة مقرها مدينة «تاجبور» الهندية وتعرف باسم، «اتهاس سنكلن»، ولها ٤٠٠ فرع في شتى أنحاء البلاد تقوم بتنقيح، و«تصحيح التاريخ» من حيث طمس الحضارة الإسلامية العريقة وآثار الإسلام التاريخية في الهند، وقد طالت أياديها تاج محل، وقطب منار، والقلعة الحمراء، والآثار الإسلامية العالمية الشهيرة، وأعضاء هذه المؤسسة يقبعون في مقارهم لاختلاق القصص والخرافات لإثبات بأن بناة وأصحاب هذه المعالم هم الهندوس وليسوا المسلمين.
وتحت رعاية وزارة الشباب والرياضة تم إنشاء جناح عسكري معسكر تدريب يتم اختيار الأعضاء فيه من الشباب المتمسكين والملتزمين بالعقيدة الهندوسية، والذين لديهم توجه عدائي ضد غيرها من العقائد والغرض منه هو تنشئة جيل هندوسي عسكري لاستخدامهم في إبادة المسلمين واضطهادهم جسديًّا.
هدم المساجد
بعد مرور تسع سنوات على هدم المسجد البابري التاريخي الذي بني قبل ٤٦٤ عامًا في مدينة أيوديا، وما تلاه من اضطهاد وإبادة للمسلمين في مدينة مومباي الهندية بقيادة المتطرف بال تاكري ما زالت المساجد في الهند تدمر أو تحول إلى متاحف أو مقار حكومية، ومما يذكر في هذا الصدد تدمير مسجد بمدينة أزند بولاية «راجستان»، يوم ٢٧ يوليو من العام الماضي، وتنصيب صنم للإله، «هنومان»، فوق الأنقاض، وهناك قائمة لدى العصابة الهندوسية بأكثر من ألف مسجد يخططون لتدميرها في المستقبل.
لا توجد في العالم جماعة تحمل في صدرها الحقد تجاه الشعوب الأخرى، كما تحمل هذه الجماعة المتطرفة الهندوسية، فهم يسعون لمحو كل ما له صلة بالإسلام والمسلمين، فكما أنهم يحاولون طمس الشعائر والآثار الإسلامية والمساجد، فإن لديهم خطة - يتم تطبيقها في الوقت الحاضر- لتعديل أسماء المدن والمحافظات التي لها صبغة إسلامية «كأحمد آباد، وإله آباد، حیدر آباد، سلطان بتيري، شاها باد»، واستبدالها بأسماء هندوسية، وبعض أسماء هذه المدن استبدل بها أسماء آلهتهم، وبعضها الآخر في طريقها إلى التعديل.
حظر على النشاطات
وخطة أخرى يتم تطبيقها تدريجيًّا في الهند، وهي أخطر من الخطط الأخرى - لفرض حظر على الجماعات والجمعيات والحركات الإسلامية وخاصة التي تحظى باحترام لدى الأوساط الإسلامية، وقد صرح وزير الداخلية الهندي آل كي أدفاني، بأن الحكومة تدرس جديًّا حظر حركة الطلاب الإسلامية - Students Islamic Move ment of India بحجة أن لها صلات خارجية، وأنها ضد القومية الهندوسية.
وردًّا على هذه التهم الموجهة إلى الحركة الإسلامية أصدرت الأمانة العامة للحركة بيانًا جاء فيه: «نحن لا نعادي الديانات الأخرى في يالهند، بل ندعوهم إلى الإسلام، وإن هذه الدعوة وإعلام الناس بالإسلام وظيفتنا الأساسية، وتوجه هذه الدعوة أيضًا إلى كل من أدفاني «وزير الداخلية» وكي سدرسان زعيم منظمة RSS، وكل من ينتمي إلى الأحزاب الهندوسية وغيرها، وندعوهم إلى اعتناق الإسلام؛ حيث إنه هو الطريق الوحيد للنجاة:
«Gulf news أغسطس 25/2001»
كما قدمت لجنة مكونة من الوزراء وأعضاء البرلمان الهندي تقريرًا إلى رئيس الوزراء بخصوص المدارس والجامعات الإسلامية، ويزعم التقرير أن المدارس والمؤسسات الإسلامية الأخرى مقار لتدريب الإرهابيين ومعاقل للمتطرفين، وتقوم الجهات الأمنية في الهند بعمليات تفتيش واعتقالات مستمرة وواسعة في المدارس والجامعات الإسلامية طالت الجامعات المعروفة عالميًّا كجامعة ندوة العلماء بلكتوو، وجامعة علكرا، وجامعة دار العلوم، وغيرها من الجامعات.
تغيير القوانين في الدستور الهندي
المتتبع لتصريحات زعمائهم في مواسم ومناسبات عدة يستطيع أن يستنتج من أقوالهم وتصريحاتهم الصحفية أن لديهم نية لتعديل كثير من البنود القانونية التي تمنح المسلمين بعض الحقوق والمميزات في الدستور الهندي، ومن حين لآخر يثيرون قضايا تتعلق ببعض البنود في الدستور، ويتعهدون ويتوعدون بإلغاء بعض فقراتها وموادها-خاصة تلك التي تنص على حقوق التعليم وإنشاء المؤسسات التعليمية الخاصة بالمسلمين «المادة رقم٣٠»، وحرية اعتناق الأديان «المواد من ٢٥ إلى ٢٨من الدستور» والمادة رقم ٣٧٠ التي تمنح ولاية كشمير التابعة لسيطرة الهند بعض الخاصية عن غيرها من الولايات.
وعلى رغم أن المتشددين الهندوس يتمتعون بالأغلبية في البرلمان في الوقت الحاضر، إلا أنه ليس في وسعهم تغيير كافة ما يريدون من القوانين؛ إذ يحتاجون إلى موافقة الأحزاب التي تتحالف معهم، ولكن الذي يدعو إلى القلق، هو أن زعماء هذه الأحزاب الصغيرة لا هم لهم إلا الكراسي والسلطة، وهم مستعدون للتنازل عن مبادئهم الزائفة إلى أبعد الحدود؛ لذا فإن سعي الحكومة إلى تعديل القوانين سوف يجني ثماره آجلًا أو عاجلًا.
الأحزاب الهندوسية... الأفكار والأهداف:
هناك أحزاب وتنظيمات هندوسية متطرفة تختلف ألوانها، وتعرف بأسماء عدة، إلا أنها تجتمع على هدف واحد هو تصفية الجسد المسلم النابض في الهند، وهذه الأسماء العديدة
Sank , shiv sena, VHP , BJP, Rssمثل parrivar
الهدف منها توزيع الأدوار والتخصصات.
وللاطلاع على الأرضية التي تقوم عليها تلك الحركات نقف قليلًا للتعرف إلى منظمة RSS وبعض المقولات التي أطلقها مؤسسوها وزعماؤها، فمؤسس هذه الحركة هو كيشو بي رام، وينتمي إلى الطبقة العليا «برهمان» من الطبقات الهندوسية الأربعة، وقد أسس الحركة عام ١٩٢٥م أي قبل استقلال الهند بـ ۲۲ سنة؟»، وكان ذلك الرجل يستقطب الأولاد وصغار السن إلى الحركة وبعد عملية غسل مخ، يجعلهم يطيعون أوامره.
وفي عام ١٩٤٠م وبعد وفاة «كيشو»، ترأس الحركة المتطرف المعروف «غول والكر»، الذي يعتبر واضع الخطط الإستراتيجية والفلسفية للحركات الهندوسية الحديثة، وكان يركز كثيرًا على تصوير الإسلام على أنه دين اعتدى على الهند والحضارة الهندوسية، ويجب تطهير الهند من الإسلام والمسلمين.
ويقول في كتابه المشهور «وجار دارا» عن الهدف الأساسي من الحركة التي يترؤسها: «أنشأت هذه الحركة ليس فقط للحفاظ على الهندوسية وللدفاع عنها من أفكار «الإسلام» الهدامة، ولكن لإنهاء هذا المرض الإسلام إلى الأبد».
وفي الوقت الذي كان الهنود يحاربون الاحتلال البريطاني كتب هذا الرجل عن موقفه من اشتراك الهندوس في القتال ضد الإنجليز: «نحن لا نريد أن تضعف قوتنا ونضيع عدتنا بالمشاركة في عمليات الهجوم على البريطانيين، بل لا بد أن نحافظ على قوتنا من الضياع حتى نستطيع محاربة الإسلام ونبيد المسلمين» (كتاب وجار دارا).
وفي الصفحة ١٢٩ -۱۷۰ من الكتاب يقول: «على كل من يسكن أرض هندستان «الهند» إما أن يعتنق الديانة الهندوسية أو أن يعيش عبدًا للهندوس من غير أن يحصل على أي حقوق».
ويقلق من ازدياد عدد المسلمين في الهند، ويقول: «يزداد عدد المسلمين والمسيحيين في الهند يومًا بعد يوم، وهم كثر كالأسماك في البحر» «الكتاب نفسه ص١٥١».
وهناك مقولات متطرفة لا حصر لها لهذا الرجل لسنا في موضع ذكرها هنا، وجميع كتاباته تدور حول الهجوم الشرس على الإسلام والمسلمين.
أما حزب بهاراتيا جناتا فهو الوجه السياسي للحركات الهندوسية، وهو الذي يحكم الهند حاليًا برئاسة فاجبايي «كان عضوًا بارزًا في حزب Rss إلا أنه يحاول إخفاء شخصيته بقناع ديمقراطي بعد أن صار رئيسًا للوزراء، ويجتمع من حين لآخر مع كبار المسؤولين في الحركات المتطرفة سريًّا-وتتسرب الأخبار عن تلك الاجتماعات السرية عبر الصحف».
وخلاصة القول: إن الهند بدأت تخلع لباسها العلماني والديمقراطي؛ لترتدي لباس التعصب الديني الهندوسي، مهما نرى على وجوه قادتها من أقنعة «ديمقراطية»، هدفها تضليل العالم، وهم يستخدمون كل الأجهزة المركزية للدولة؛ لتحقيق ما يصبون إليه، كما أن أتباعهم-ميدانيًّا-لا يفوتون فرصة لتصفية المسلمين، وتدمير منشآتهم الحيوية، وترويج المقولات والأفكار العدائية ضدهم وإحداث الفتن الطائفية.