العنوان علام اتفقتم وفيم كان الخلاف؟
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 02-نوفمبر-1976
مشاهدات 15
نشر في العدد 323
نشر في الصفحة 4
الثلاثاء 02-نوفمبر-1976
- هل اتحد العرب وانتظم صفهم على أساس غير الإسلام؟
التاريخ القديم يقرر أنهم ما اتحدوا يومًا ولا التأم شملهم إلا بالإسلام.
وهذه حقيقة تضمنها قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾) آل عمران:103)
والتاريخ الحديث والواقع المعاش يؤكد أن تلك الحقيقة ويؤيدانها.
صحيح أنهم حاولوا أن يتحدوا تحت رايات شتى قومية واشتراكية.. يسارية ويمينية. ولكن المحاولات فشلت لأنها قائمة على أساس هش أو قائمة على شفا حفرة من النار. ومن ثم كان الاتفاق وقتيًا لا يستطيع أن يقضي على الخلاف والشقاق.
في مؤتمر القمة العربي الأخير بذلت محاولات لإنهاء الخلافات وتصفية النزاعات..
وكل عاقل في هذه الأمة يسره أن يسود الرشد كافة العلاقات العربية.
فالخلاف– في ذاته– أمر بغيض. وهو في نتائجه يبدد طاقات الأمة ويمزق صفوفها ويقذف بالشعوب في معركة أهلية عمياء.
من جانب آخر، يمكن العدو من الاستقرار والبناء ويغريه بضرب الأمة الممزقة.
يضاف إلى ذلك: السمعة السيئة التي تشوه وجه العرب أمام المجتمع الدولي.
وهي تشويه يتعدى الجانب الأدبي والجمالي حتى يصيب المصالح الحيوية في الصميم.
إن خصومنا يتخذون نزاعاتنا الصغيرة وحروبنا الأهلية ذريعة لفرض الوصاية الاقتصادية والمالية علينا ويقولون، إن هؤلاء العرب لا يستطيعون إدارة شؤونهم المشتركة بالعقل والحكمة وأنهم أناس يسيرهم النزق ويقودهم الانفعال. وقوم هذا شأنهم لا ينبغي أن تتاح لهم فرصة الاستقلال بأموالهم وأمورهم الاقتصادية والسياسية.
نعم.. يسر كل عاقل أن تضع الحروب أوزارها. وأن تحصن الشعوب فلا يجرها نزاع شخصي حولته أجهزة الإعلام إلى نزاع بين دولة وأخرى؟
إن الإخلاص لله ورسوله. وللمسلمين يقضي بالمصارحة والوضوح. فما عادت الأمة تحتمل ولا عاد أملها يتحمل الانتكاس نظرًا لتكرار خيبة الأمل والانفراط بعد مظاهر الالتئام.
وحين نسأل: علام اتفقتم فإننا نعني:
- أولا: أسس الاتفاق ومقوماته.
فأكبر كارثة تنسف الاتفاقات نسفًا أن تقوم أو تبرم على أساس غير سليم وغير أصيل.
والأسس والمقومات السليمة لأي اتفاق من هذا النوع هي:
- الولاء الواحد.. لا الولاءات المتعددة، وأن يكون الولاء لله وحده لا شريك له، وإفراد الله بالولاء يسقط الولاءات الأخرى.. شرقية أو غربية يمينية أو يسارية.
ويوحد الجميع في ذات الله تعالى: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾. (الزمر: ٢٩)
- المعيار الأعلى المشترك
أن يكون المعيار الأعلى المشترك بين حكام العرب وشعوبهم هو الإيمان بالله والعمل الصالح.
وهذا المعيار إذا انتصلت فإنه يرقي مستوى العرب ويخرجهم من ضيق الإقليمية إلى سعة الإخاء الإسلامي.
لقد (أصيب العرب– كما يقول المؤرخ البريطاني توينبي بحمى التعصب الإقليمي).
وأن يحب المرء قومه فهذا شيء طبيعي– بشرط ألا يعينهم على الظلم– لكن أن يجعل الاعتبار الإقليمي معيارًا للتفاضل والتفاخر فهذه هي القبلية الجاهلية التي تتناقض مع معيار الإسلام وتضيق أفق العرب وتحشرهم في مثل جحر الضب.
- الالتزام بشريعة الله على مستوى الدولة فالالتزام الواحد يؤدي إلى اتفاق في السلوك وفي مجالات العمل والغاية.
إن العالم العربي تحكمه مذاهب متناقضة علمانية وشيوعية ويمينية وقومية عنصرية: فكيف يتم اتفاق حقيقي في هذا العالم المتناقض؟
- ونعني– ثانيًا– موضوع الاتفاق
في هذا الشأن أمامنا اليوم قضيتان ساخنتان.
- قضية لبنان.
- قضية فلسطين.
في الأولى لا يصح أي اتفاق إلا إذا ضمن المطالب الإسلامية لمسلمي لبنان وهي حقهم في تمثيل نيابي أكيد وفرصتهم في رئاسة الجمهورية، ومناصب الجيش، والإدارة، والأمن.
وفي قضية فلسطين هناك حقائق ثابتة لا يجوز تجاهلها ولا تخطيها.
- إن فلسطين لأبنائها وليست للمحتلين اليهود يترتب على ذلك رفض الكيان الصهيوني من أساسه ومن هنا فإن الاعتراف بالكيان الصهيوني إقرار بشرعيته في الغزو والاحتلال وإلغاء لحقوق الفلسطينيين وإعلان عربي بأن احتلال أرض الغير بالقوة عمل قانوني.
- إذا عجز العرب عن تحرير فلسطين فليس من حقهم أن يسلموها لليهود.
- الفلسطينيون اليوم في حالة ضعف بسبب الإنهاك المستمر والاستنزاف المتتابع لقواهم في لبنان وغير لبنان فلا يجوز استغلال ضعفهم لإملاء شروط ظالمة عليهم.
- إن القدس يجب أن يظل إسلاميًا ويجب رفض تهويده وتدويله.
- إن الصراع بين الأمة واليهود إنما هو صراع عقائدي ديني.
وتجريد المعركة من هذا المحتوى خداع يفيد اليهود ويؤذي المسلمين.
إنهم بسطوا إلينا أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا كفرنا فلماذا إغماض العينين دون هذه الحقيقة؟
﴿إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴾ (الممتحنة: ٢)
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
بسرعة الصاروخ.. كيف سرَّعت دول عربية التغيير فـي المناهـج الدراسيــة لمصلحــة اليهــود؟
نشر في العدد 2180
29
الخميس 01-يونيو-2023