; التغيير.. والقيمة الحقيقية للتحرير | مجلة المجتمع

العنوان التغيير.. والقيمة الحقيقية للتحرير

الكاتب علي تني العجمي

تاريخ النشر الثلاثاء 04-مارس-1997

مشاهدات 17

نشر في العدد 1240

نشر في الصفحة 10

الثلاثاء 04-مارس-1997

منذ أيام مرت علينا الذكرى السادسة لحرب تحرير الكويت بعد احتلال مرير دام سبعة أشهر كاملة عانى فيها الكويتيون كثيرًا وعرفوا فيها قيمة الحرية، تأتي هذه الذكرى سنويًا لتذكرنا بحالنا كيف كنا وماذا أصبحنا؟ بعد أن منَّ الله علينا بنعمة التحرير وسخر لنا دول العالم أجمع لتصد الظالم وتعيد الحق إلى نصابه ضد نظام لا يعرف لغة غير القوة.

وأريد أن أنتقل بالقارئ إلى قراءة جديدة للأزمة بعيدًا عن التفسيرات المتعددة لها، وبغض النظر عن دموية وبشاعة قوات الاحتلال، لأن الحديث قد كثر عن ذلك، وأظن أن هذا الجانب قد أشبع ما فيه الكفاية، غير أن هناك جانبًا آخر أظنه مهمًا للغاية، وهو قراءة ما بين السطور لهذه الذكرى العزيزة والمريرة في نفس الوقت، فتاريخنا بشكل عام يحتاج إلى قراءة فاحصة ورؤية مستنيرة تتناول في ذاتها إسقاطات حية على أرض الواقع تكشف في طياتها عما يعتمل في النفوس، ومدى اتعاظها مما يمر عليها من أحداث، فما قيمة التحرير إذا لم نذكر فقط سوى الدماء والمآسي التي حصلت، ولكن ماذا عن النفوس هل تغيرت للأفضل؟ وهل أحسسنا بنعمة الله علينا التي لا تقدر بثمن؟ لقد تحررت أرضنا بالفعل والحمد لله وهذه نعمة لا تنكر من الله، ولكن ماذا عن النفوس هل تحررت من أغلالها؟ وماذا عن العلاقة مع الله تعالى؟ هل اصطلحنا مع الله حقًا أم ما زلنا بعيدين عنه؟ إن معرفة الخطأ والإقرار به هو جزء من الإصلاح، وإن الإصلاح يبدأ من داخل النفس قبل أن ينتقل إلى غيرها.

إن ما نعانيه الآن من مشاكل كثيرة مرده إلى أمراض ما زالت عالقة في نفوسنا علينا أن نعالجها بالإصلاح الذي ينطلق من نیات خالصة صالحة، فإذا ما كانت هذه نظرتنا نكون فعلًا قد استفدنا من الأزمة، فالله تبارك وتعالى يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ (سورة الرعد: آية 11) ، ولا شك أن الإنسان فينا معرض في تاريخه إلى الكثير من المحن وكذلك الأمم والشعوب والتاريخ شاهد على ذلك، وبالذات تاريخنا، فما بالنا نغفل عن هذه الحقيقة، بل إن الأزمات نفسها كانت منطلقًا حقيقيًا لصحوة شعوب بأكملها وما الشعب الياباني عنا ببعيد، فقد تعرض لضربة ذرية طالت مدينتي هيروشيما ونجازاكي خسر خلالها الكثير، غير أنه ربح نفسه، وبدأ ينطلق حتى أصبح اليابانيون مثالًا يحتذى به في العمل والاجتهاد، وأصبحت اليابان دولة نموذجية علمًا بأنها تعرضت لنكستها عام 1945 م، ثم نهضت في سنوات قليلة، والأمر ليس مقارنة بيننا وبينهم، بل هو ضرب المثال حتى يتضح المقال. 

وختامًا: أقول إن الإصلاح يبدأ بالنية، والنية تحتاج إلى عزيمة، والعزيمة لا توجد إلا عند الرجال، وقديمًا قيل: طريق الألف ميل يبدأ بخطوة.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل