; التلفزيون ينكر نصا صريحا في القرآن الكريم عبر برنامج «بين الحقيقة والخيال» | مجلة المجتمع

العنوان التلفزيون ينكر نصا صريحا في القرآن الكريم عبر برنامج «بين الحقيقة والخيال»

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 05-فبراير-1974

مشاهدات 19

نشر في العدد 186

نشر في الصفحة 12

الثلاثاء 05-فبراير-1974

برامج التلفزيون.. نظرة للإصلاح

القرآن يؤكد نهاية «قارون» والتلفزيون ینکرها

في سهرة الثلاثاء الماضي «6/1/1394 هـ» قدم «التلفزيون» الكويتي حلقة جديدة من حلقات البرنامج الذي يستورده من لبنان «بين الحقيقة والخيال» الذي تعده وتقدمه «ليلى رستم».

وكانت الحلقة مخصصة لبحث شخصية «قارون»، واستضافت المعدة للبرنامج أستاذين من أساتذة التاريخ القديم، المفترض فيهما أن يكونا على وعي تام بكل الأبعاد التاريخية الدائرة حول الشخصية التي يتحدثان عنها، وهذان الأستاذان هما: محمد مراد، ومحمود مكي، من حملة الدكتوراه، والعاملين في الجامعة الأمريكية ببيروت.

                                           * * *

إنه من البديهي، ومن ألزم الأمور، أن يكون الاعتماد على «القرآن الكريم»، وهو المصدر الإلهي الوحيد المضمون الصحة والسلامة، أبرز وأقوى المصادر التي يجب استقاء المعلومات منها والاعتماد عليها.

                                          * * *

●     ومع ضرورة التسليم بهذه البديهية، ومع أن عدم التسليم بهذه البديهية يعتبر لونا من المكابرة، ولونا من الجهل الشديد بأصول المنهج العلمي والتفكير السليم، لأنه -في المنهج الموضوعي- لا يمكن تفضيل الظن على اليقين، وتفضيل النص البشري الذي سجله فرد معرض للنقص والنسيان، على النص المنزل المحفوظ بقدرة الله والذي تحرسه أمم بأكملها، وتعتبر حراسته وحمايته عبادة وقربی.

●     ولم يتفق الأعضاء المنفذون للحلقة التلفزيونية، سواء المقدمة للبرنامج،

«النصرانية المصرية المطرودة» من التلفزيون المصري لتكريسها الطائفية وسمومها الخبيثة، والدكتوران المدرسان بالجامعة الأمريكية.. لم يتفق هذا الثالوث على شيء إلا على تجاهل ما ورد في القرآن حول قصة «قارون» وكأنهم بهذا التجاهل المغرض يعلنون اتفاقهم الصامت على أن القرآن ليس معتمدا في خيالاتهم الجاحدة كمصدر من مصادر التاريخ!!

●     ومن المخجل أنه بينما ذكر بعضهم شيئا من العهد الجديد، فإن آية واحدة من

القرآن - تقريبا - لم تذكر على امتداد الندوة الطويلة، وكان الإجماع منصبا فيما بينهم على أمر واحد هو تجاهل القرآن!!

                                            * * *

●     ولعل «التلفزيونية» النصرانية، شاءت أن تضع الدكتورين في موقف المسئولية وحدهما، وأن تبرئ نفسها «كنصرانية» من تهمة التجني على القرآن، فوجهت إلى الدكتورين، أكثر من مرة، السؤال واضحا:

ـ هل ورد في الكتب السماوية تحديد لنهاية قارون؟ هل مات محروقا؟ هل عمل بعد هزيمته أمام کورش كمستشار له؟ هل هو؟؟

ـ لكن الإجابة في كل ذلك كانت بعيدة كل البعد عن القرآن، وبعد أن تداول الثلاثة الرأي، أجمعوا على أن الكتب السماوية لم تذكر نهاية محددة لقارون، وأجمعوا كذلك على أن نهاية قارون كانت أسطورية خيالية!!

                                          * * *

●     والشيء الجدير بالذكر -لهؤلاء المتعلمين- أن أي طفل في العاشرة من عمره، يستطيع أن يظهر لهم جهلهم المطبق بالقرآن الكريم، وبأصول البحث بعامة.

ففي سورة «القصص» من «القرآن الكريم» عرض كاف للمعالم البارزة، والجديرة بالذكر في حياة قارون، وفي هذه السـورة كذلك تحديد واضح وحاسم لنهاية قارون، فلا مجال إطلاقا للخيال والأسطورة، وأيضا لا مجال للزعم الجاهل بأن القرآن لم يذكر نهاية لقارون، إنه ذكرها، وفصلها، وأكدها.

وليقرأ القارئ قول الله تعالى من سورة القصص عن نهاية قارون:

﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ (القصص: 81)، ﴿وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ۖ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا ۖ وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (القصص: 82).

-هل هناك وضوح تتطلبه النهاية أكثر من هذا؟!!

إنه لا إحراق لقارون، ولا موتا طبيعيا بعد عمل مع كورش -مستشار- إنه خسف به وبداره الأرض، وكان القرآن حريصا على توضيح أنه «نفسه» خسف به، ولیست داره وحدها، حتى لا يترك للعقول الملتاثة فرصة للالتباس! وقصة قارون واردة في السورة من الآية رقم - ٧٦ - حتى الآية رقم – ۸۳ - فليراجعها من يشاء التعلم، قبل أن يجلس مجلس الأستاذية!!

●     وزاد الطين بلة ما ذهب إليه أعضاء اللجنة -وتبعتهما المقدمة للبرنامج بوعي- إضفاء صورة الأسطورية على ما سمي بشخصية «صولون» التي تولت نصح قارون!!

ثم محاولة الجميع -بسذاجة- التركيز على أن هذه الشخصية التي جاءت تنصح قارون أسطورية!!

ـ وليست الناصحة في الحقيقة إلا مجموعة من أولي العلم والصلاح والتقوى والقصة وردت في القرآن الكريم.

إن قارون - غني كبير، افترى على الناس بماله، ورفض إعطاء الناس حقوقهم في ماله، ثم دفعه الغنى إلى الطغيان. وتصدى له العلماء الصالحون، يحاولون هدايته، لكن أبى، وخسف الله به الأرض وبداره، وكان عبرة للصالحين والفاسدين معا، الأولون ازدادوا إيمانا، والآخرون تابوا إلى الله.!!

                                          * * *

ولعل الدكاترة، أيضا، يتوبون، ولعل تلفزيون الكويت، يحسن اختیار برامجه المستوردة، حتى لا يكون کالأعمى الذي يورد نفـسه المهالك دون أن يدري!!

إن «قارون» شخصية حقيقية. وإن نهايته مسجلة في القرآن العظيم وهي: الخسف

وإذا قرر القرآن أمرا فلا كلام بعده أبدا. لقد آمنا بالقرآن كله، وصدقنا ما جاء فيه. حرفا. حرفا، هذه هي عقيدة المسلمين أما تلفزيون الكويت الذي يشكك في حقائق القرآن، أما تلفزيون الكويت الذي ينفق مال المسلمين لتدمير عقائدهم، أما تلفزيون الكويت الذي يمكن للجاحدين والمخربين من نشر زيفهم وزندقتهم في بيوت المسلمين. أما تلفزيون الكويت، هذا فيحتاج إلى تغيير شامل جذري حقيقي يتناول:

●     العقليات التي «تجهل» القرآن وحقائقه.

●     والمسئولين التنفيذيين، الذين لا يخرجون عن ثلاثة احتمالات، إما أنهم يعلمون البرامج الهدامة - وهذا اشتراك رسمي في الهدم، وإما أنهم لا يعلمون ذلك، وهذه تهمة كفيلة بإعفائهم من المسئولية في أسرع وقت، وإما أنهم غير مكترثين بما يجري، وهذا مسلك يسهل للعابثين والمستهزئين بالدين - كما هو حاصل الآن – أوسع المجالات للعبث والاستهزاء.

●     ويتناول التغيير الشامل الجذري للتلفزيون، السياسات التلفزيونية العامة في التخطيط الأساسي، وفي البرامج التفصيلية، وفي الهدف والغاية.

لقد تجاوز التلفزيون حدود الاحتمال.

وأضاف إلى هدم الأخلاق، هدم العقائد. والحل ليس شيئا مستحيلا، الحل سهل جدا تفضيل للقيم على الأشخاص، والدين الخالد على الأفراد الفانين، والوقوف مع جمهور الشعب - بعقائده وقيمه - لا مع بضعة أناس. وبعد ذلك يأتي الإجراء العادي.

والإعلانات أيضاً

من المهم جدا - لكي نكون موضوعيين - أن تكون عندنا القدرة على ذكر الحسنات، تماما كما نملك القدرة على النقد وإسداء النصح.

ويبدو أن القائمين على التلفزيون يحسون -في أعماقهم- بأن ما يوجه إليهم من نقد إنما هو من باب الحق وليس أبدا من باب التحامل والنقد الانفعالي.

ومن الجميل فعلا أن يتجه التلفزيون إلى استيراد بعض البرامج الجادة والهادفة، مثل حلقات «ابن سينا» وحلقات «فرسان الكلام» وغيرهما من البرامج الناجحة.

لكن الشيء الذي يجهد المشاهد، ويخزيه ويحرجه أحيانا، هو تلك الإعلانات الفاضحة التي ترد أحيانا بين البرامج. وإذا كان المواطن الجاد الذي يملك زمامه، إذا كان هذا المواطن، يحرص على مشاهدة البرامج الهادفة في التلفزيون، فلماذا يرغمه التلفزيون على مشاهدة ما لا يريد؟

ولماذا تأتي الإعلانات وكأنها جمل اعتراضية لا مفر من مشاهدتها؟ وإذا كان «فن الإعلان» يتطلب التحايل على المشاهد كي يصل الإعلان إليه؟ وإذا كان التلفزيون يرى من الضروري لكي تنجح إعلاناته أن يجعل أكبر قدر من المشاهدين يطالعون العنوان؟ فلماذا لا يضع التلفزيون في حسابه هذا العدد الضخم من الناس من أرباب الأسر، ومن الشباب والشابات الصالحين والصالحات الذين يشاهدون هذه الإعلانات، ويفرض عليهم أو عليهن، رؤية الأجسام العارية من أجل الإعلان عن «صابون»، أو رؤيتها في وضع مخجل من أجل الدعاية «لمشروب» ما أو ملابس معينة،؟!

إن من حقنا مشاهدة البرامج التي تهمنا، وليس من حق التلفزيون ما دام لا يضعنا في تخطيطه أن يفرض علينا، وعلى أبنائنا وبناتنا هذه الإعلانات الغثة الفاضحة المنفرة؟! إن هذه الإعلانات لا تروج البضائع فحسب، ولكنها «تروج» الفساد والانحلال ولا بارك الله في ربح، يتم على مذبح الفضيلة.

الرابط المختصر :