; الجماعة الإسلامية تقود أكبر معركة انتخابية في سبيل تطبيق الشريعة الإسلامية | مجلة المجتمع

العنوان الجماعة الإسلامية تقود أكبر معركة انتخابية في سبيل تطبيق الشريعة الإسلامية

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 20-أكتوبر-1970

مشاهدات 18

نشر في العدد 32

نشر في الصفحة 8

الثلاثاء 20-أكتوبر-1970

الجماعة الإسلامية تقود أكبر معركة انتخابية في سبيل تطبيق الشريعة الإسلامية

بعد شهرين تقريبًا تقدم الباكستان بلد المائة مليون مسلم تجربة رائدة لدولة مسلمة دستورها الإسلام، يتوقف عليه مستقبل الحركة الإسلامية هناك، وربما في أماكن أخرى من العالم الإسلامي، ومن المؤمل أنْ تكتسح الجماعة الإسلامية التي يرأسها الأستاذ المودودي الانتخابات المقبلة فتتولد حينئذ دولة الإسلام التي سعى لها شاعر الباكستان الكبير محمد إقبال وغنَّاها شعرًا، وتمنى أنْ يراها قائمة قبل أن يموت، فهل تتحقق هذه الأمنية وتفوز الجماعة الإسلامية بالحكم؟!، ومن ثمّ تتكون دولة إسلامية في شبه القارة الهندية تكون نواة لدولة الخلافة الإسلامية؟

ولعل الكثير منا يفتقد حقيقة هذه الجماعة الكبيرة، وحقيقة الأوضاع القائمة في باكستان، وقد رأيت لِزامًا عليّ أنْ أقدم للقارئ الكريم نبذة موجزة عن هذه الحركة العملاقة، ودورها في الانتخابات التي ستشهدها قريبًا ليقف بنفسه على جهودها الجبارة من خلال حديث دار بيني وبين أحد رجالاتها العاملين.

وفي إيجاز نطرح الصورة المشرقة لجهود هذه الجماعة الكبيرة التي تتصدى لجميع التكتلات المعادية للإسلام، سواء في داخل الباكستان أو خارجها، والباكستان بها عدة تكتلات منها ذو النزعة اليسارية المتطرفة ومنها التكتلات الاستقلالية والانتهازية، ولكن الجماعة الإسلامية تمثل أكبر تكتل منتظم في باكستان الشرقية وباكستان الغربية.

 التكتل الشيوعي

التكتل الشيوعي وهو يضم الأحزاب اليسارية التي تجيد التخفي تحت أسماء وطنية، ومن هذه الأحزاب حزب الشعب والذي يرأسه «ذو الفقار علي بغوتو» وكان وزيرًا للخارجية، واستطاع عن طريق منصبه أن يبعث نشاطًا شيوعيًا في البلاد، ويمكن للعناصر اليسارية المتطرفة من أجهزة الحكم، ويدعم هذا الحزب الشيوعيين في روسيا والصين، ثم حزب «عوامي» أيّ عامة الناس وله نفوذ في باكستان الغربية ويرأسه «عبد الحميد بها شاني»، وهو حزب شيوعي صريح ويميل للصين، ونشاطه الكبير في باكستان الشرقية، ثم حزب الرابطة الشعبية ويرأسه «مجیب الرحمن» وهو يدعو للعنصرية وفصل باكستان الشرقية عن الغربية، وإن كان يطُالب بإنشاء تحالف بينهما اسمه «بنغاله ديش»، وهذه الفكرة تساندها روسيا والصين وأمريكا.

الاستقلاليون.

وهؤلاء هم ورثة الحكم السابق ومهمتهم الوصول للحكم فقط، وهم يحملون لافتات إسلامية لكن لا مضمون لها، ومن أهم هذه الأحزاب «الرابطة المسلمة» وبداخلها ثلاث اتجاهات أو أحزاب.

ولعل اسم هذه الرابطة ارتبط بأذهان الباكستانيين منذ ۲۳ سنة أيّ من يوم استقلال الباكستان، بأنهم لا يعملون إلا لصالح الكراسي التي يجلسون عليها، ولذلك فقد أنفض منهم الشعب الباكستاني ولم يعد يُعيرهم اهتمامه.

أمّا التكتل الكبير والذي يدعونا جميعًا لتأمل نشاطه وحيويته، والذي يقف في تحدٍ في مواجهة جميع التدخلات الأجنبية كما يقف في صلابة في مواجهة الفساد والانحلال، إنّه يتمثل في الجماعة الإسلامية والأحزاب الأخرى الموالية لها، والسائرة على دربها.

 ٦ صحف يومية

لعل أبرز نشاط إعلامي في باكستان كان يصدر ست صحف يومية إسلامية، تتعالى فيها كلمة الله ونداءات الحق، ومطالب جماهير الشعب الباكستاني، ولقد كانت الصحافة ملكًا للحركة الشيوعية، ولكن الجماعة استطاعت أن تنتزعها منها فأنشأت صحيفتين في كراتشي، وصحيفتين في ملتان، وصحيفة في لاهور وأخرى في روالبندي، والسادسة في دكا.

 الحركة العمالية

تمكنت الجماعة الإسلامية من انتزاع الطبقة العاملة من يد الشيوعيين، وذلك بإنشاء منظمة عمالية وتضم المنظمة ٥٠٠ اتحاد، أهمها اتحاد «الخطوط الجوية الباكستانية»، والذي كان يركز عليه الشيوعيون للاستعانة به لفصل باكستان الشرقية عن باكستان الغربية؛ لأنّ الطيران هو وسيلة المواصلات الوحيدة بين الشرق والغرب.

ولكن الحركة الإسلامية تنبهت لهذه المؤامرة وتغلغلت في هذا الاتحاد، وأخيرًا طردت القيادة الشيوعية من هذا الاتحاد.

وبينما كان أكبر شيوعي في الباكستان يرأس هذا الاتحاد ويُدعى «طفيل عباس»، وأصبح الآن رئيس هذا الاتحاد رجل مسلم واسمه «محمد إقبال»، الذي يحفظ القرآن الكريم حفظًا جيدًا عن ظهر قلب.

 انطلاق حركة الفلاحين

 ونظرًا لكون الباكستان بلدًا زراعيًا فإن الفلاح الباكستاني يلعب دورًا هامًا في خدمة الوطن؛ لأنّ الحركة الإسلامية ركزت عنايتها بنشر الدعوة الإسلامية في أوساط الفلاحين، حيث أسست مؤسسة خاصة الفلاحين، وهذه المؤسسة لها فروع ومراكز في القرى والأرياف تنظم الفلاحين، وتساعدهم فيما يتعلق بشؤون الزراعة، وترعى مصالحهم، وتهتم بنشر الدعوة الإسلامية بينهم.

في الشباب والشابات

وللحركة الإسلامية أربع منظمات خاصة بالشباب:

١ - جمعية الطلبة المسلمين.

٢ - جمعية الطالبات المسلمات.

٣ - قوة الشباب الديمقراطية.

٤ - جمعية الفدائيين.

٥ - جمعية المجاهدين «في باكستان الشرقية».

وكل منظمة من هذه المنظمات تضم عشرات الألوف من الشباب الواعي المثقف، وقد اكتسبت الحركة الإسلامية في الباكستان حيوية كبيرة بفضل نشاط هؤلاء الشباب الذين انتشروا على شكل جماعات متفرقة في أنحاء الباكستان لنشر الوعي الإسلامي بين المواطنين، وحثهم على التمسك بالإسلام الحنيف، ودعوتهم إلى تأييد ودعم الحركة الإسلامية في المعركة الانتخابية.

 في المجال التعليمي والتربوي

 إنّ هناك منظمة خاصة بالمعلمين والأساتذة في الجامعات والمعاهد العلمية والمدارس تعمل على تنظيم العناصر الإسلامية واستقطابها للحركة الإسلامية، وهذه المنظمة تسمى «تنظيم أساتذة باكستان».

القضاء على الخلافات المذهبية

قبل سنوات تأسست «جمعية اتحاد العلماء» التي بذلت جهودًا جبارة في توحيد الصفوف الدينية، والقضاء على الخلافات المذهبية في أوساط المشايخ وصهرها في بوتقةٍ واحدة في وجه العدو المشترك، وقد نجحت هذه الجمعية في استقطاب عدد كبير من كبار المشايخ والعلماء من كافة الطوائف، وتضم هذه الجمعية الآن أكثر من خمسة آلاف شيخٍ وعالم، كما أنها تُشرف على المعاهد الدينية المنتشرة في أنحاء باكستان.

إنَّ للحركة الإسلامية جذورًا عميقة في هذا المجال، فهناك مجموعات كبيرة من الشعراء والكُتاب والأدباء تلتقي على نشر الثقافة والأدب الإسلاميين؛ لتقف في وجه الأدب المنحل والثقافة الخليعة، واسم هذه الجمعية «حلقة الأدب الإسلامي»، وتضم في عضويتها شخصيات بارزة من مشاهير الكُتاب والشعراء كالأستاذ نعيم الصديقي، والأستاذ أسعد الكيلاني، والأستاذ ماهر القادري، والأستاذ محمد عثمان وآخرين غيرهم ممن يتمتعون بمكانة بارزة في ميادين الشعر والقصة والرواية والمسرحية، وغير ذلك من المجالات الأدبية.

زوجة المودودي تقود النشاط النسائي

والجماعة الإسلامية لها قسم خاص بالنساء، يُشرٌف على نشر الدعوة الإسلامية في المحيط النسوي تحت توجيه زوجة الأستاذ المودودي، ويضم هذا القسم عددًا كبيرًا من الفتيات والسيدات المسلمات من كافة المستويات، كما يصدر هذا القسم مجلة شهرية خاصة بالنساء واسمها «بتول»، ومجلة شهرية خاصة بالطالبات واسمها «الحسنات»، ومجلة نصف شهرية خاصة بالأطفال واسمها «نور»، كما أن لهذا القسم عددًا لا يُستهان به من المتفرغات للعمل الإسلامي، وله نشاط ملموس وملحوظ في إلقاء المحاضرات وتنظيم اللقاءات، وإقامة المعسكرات التربوية، وإنشاء المعاهد الخاصة بالشؤون المنزلية، ونشر الوعي الإسلامي والتربوي؛ لإعداد الجيل المسلم.

والوضع الظاهر يدل على أنّ الحركة الإسلامية هي التي ترجح كفتها في كسب الشعبية والفوز في الانتخابات، كما أنّ الأمر الذي لا يجب أن نغفل عنه أنّ الحركة الإسلامية تُواجه فئتين قويتين تساندهما الصليبية الحاقدة والصهيونية الغاشمة، والشيوعية الدولية، والرأسمالية الاستعمارية؛ لوقف مد الحركة الإسلامية وإجهاض العمل الإسلامي في الباكستان.

 وهناك ظاهرة أخرى تُشير إلى عجز مادي تعانيه الحركة الإسلامية، بينما تتمتع بقية الفئات بالإمكانيات المادية الهائلة، والتي تُروج عن طريقها لباطلها ضد الحركة الإسلامية، والكلمة الأخيرة نوجّهها إلى كل مسلم في آسيا وأفريقيا وفي كل مكان أنْ يُجند نفسه وماله وعلمه في سبيل إنجاح أكبر جماعة إسلامية معاصرة؛ حتى يتحقق بها ميلاد أول دولة إسلامية عصرية في القرن العشرين.

الرابط المختصر :