; الخواجا .. ربيب الأمريكان وظاهرة التوقيت المشبوه | مجلة المجتمع

العنوان الخواجا .. ربيب الأمريكان وظاهرة التوقيت المشبوه

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 14-يوليو-1970

مشاهدات 22

نشر في العدد 18

نشر في الصفحة 26

الثلاثاء 14-يوليو-1970

الرأي العالمي

الخواجا .. ربيب الأمريكان

وظاهرة التوقيت المشبوه

كتبت صحيفة الشهاب البيروتية في عددها الأخير مقالًا مستفيضًا بتوقيع تحسين، ونحن ننشر هذا المقال كما ورد في الشهاب ولا نضيف إليه إلا تصريحًا لنايف حواتمة زعيم الجبهة الشعبية الديمقراطية ذكرته المجتمع في عددها السابق، قال نايف (الآن أعرف أنني عملت جاويشًا في خدمة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية طوال ‎12‏ سنة).

تحدثت في الشهر الماضي عن (الخيانة التي تتستر بالثورة) وجاءت أحداث هذا الشهر المفجعة ..مصداقًا لكلامي.. ‏ والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.

نشأ (الخواجا)‎، ‏قوميًّا عربيًّا، ورث أمجاده عن (جورج أنطونيوس) والجاسوس السيئ الذكر (لورنس).. فلقد كان الأخيران قطبي الرحى في طاحونة الدسائس التبشيرية الاستعمارية التي أنجبت الحركة القومية الحديثة، ولعل الذين قرأوا آخر الوثائق السرية التي كشفت عنها الحكومة البريطانية مؤخرًا، يعرفون دور ‎(لورانس) القذر في تقطيع أوصال دار الإسلام في الشرق الأوسط ‏وإثارة النعرات القومية العرقية التي لم تجلب للعرب إلا البلايا أو (النكسات)‎،‏ على حد تعبير التقدميين!.

نعود للخواجة لنذكر القراء الكرام أن الجامعة الأمريكية في بيروت أو الكلية الإنجيلية السورية‎،‏ سابقًا كانت مرتع صباه، وكان الشيوعيون آنذاك يقولون في (وطنية) الخواجا و(قوميته) و(تبعيته لأمريكا) ما لم يقله (ماوتسي تونغ) في عدوه (تشان كاي تشيك)، وما أن تخرج الخواجا حتى حصل على مركز للتدريس في الكلية التي تخرج منها‏ رغم عنفه القومي (يا لطيف)!.

كان ذلك في أوائل الخمسينيات من هذا القرن، ولقد حضرت، صدفة، ‏ حلقة ذكر من حلقات (العروة الوثقى) في قاعة ‎(‏الويست هول) في الجامعة فسمعت أحد أتباع الخواجا يدعو علنًا لمحاربة الإسلام،‏ قائلًا بالغباوة المعهودة عند القوميين: (لا مجال في الوطن العربي للاثنين معًا، إما القومية،‏ وإما الإسلام ونحن نقول بالأولى؟؟ طيب الله الأنفاس.

هكذا درجت الخطوات الثورية الأولى ‎(علمًا بأن الثورية لم تكن واردة في ذلك الوقت في قاموسه ولا في قاموس الـ CIA والمبشرين الاستعماريين في (الكلية الإنجيلية السورية).

وفجأة انضم (الخواجا) إلى عصابة سمّت نفسها (كتائب الفداء) وكان من أبرز أبطالها (‏حسين توفيق)، وكان تنافس المخابرات الفرنسية الأمريكية الإنجليزية على أشده في بلاد الشام، وجاءت (الأوامر) (بتصريف) أديب الشيشكلي -رحمه الله وغفر له - في زحمة هذه الصراعات ‏ المخابراتية!.

وحبا الخواجا خطوته الأولى في طريق (الفداء) في محاولة اغتيال الشيشكلي الفاشلة، وبعد عام 1956، وبعد ما كتب (جون بادو) رئيس الجامعة الأمريكية في القاهرة وسفير أمريكا فيها والمستشرق المبشر الاستعماري الحاقد، أقول بعد أن كتب (جون بادو) مقالته المشهورة (العرب يفتشون عن زعيم يلعب دور البطل)، وبعدما ظهر (البطل) بعد ذلك، انضم الخواجا‏ الكتائبي الفدائي (نسبة لكتائب الفداء طبعًا) إلى ركب المطبلين المزمرين هو وأتباعه، وكان له ولفئته صولة وجولة ما بين عام 1958 وعام 1961‏ بين النيل وبردى!!

ولما انحسر (المد ‏ القومي) عن بلاد الشام، افرنقع الخواجا وصحبه عن ولي النعمة القديم وساح في العواصم يفتش عن سيد جديد.

وبرزت ألوية الماركسية الدخيلة في الساحة فتلبس تلاميذ التبشير والاستعمار الرداء الجديد وزال الرداء (القومي) ليحل محله اللون القاني، الفاقع الاحمرار، وظهرت المزايدات ‎في‏ سوق (القوميين)؛ فمنهم من وصل آخر الشوط وشرَّق نحو (بكين) ومنهم -والخواجا على رأسهم - من اكتفى  بكعبة لينين وستالين طبقًا للخطة المرسومة في بلاد العم سام.

وعلت موجة الفداء الأصيل بعد (نكسة) الثوريين التقدميين في عام 1967 فحمل (الخواجا) علم الفداء وانفرد عن الركب بجمع من صحبه في (جبهة)، وركز على (أيديولوجية)!! الفداء التي تقول، كما ذكرت سابقًا: الحرب على (التقليديين)!! (الرجعيين)!! أولى من حرب اليهود الصهيونيين الماركسيين.. وذكرت المصادر الموثوقة أن مركز تمويل (الخواجا) الجديد أصبح في بلاد ما بين النهرين.

ومنذ حزيران -يونيو - عام الهزيمة المفجعة حتى الآن لم تمر فترة تحسن فيها الوضع بالنسبة للمجاهدين الفلسطينيين المؤمنين أو ارتفعت أسهمهم في الرأي العام الدولي إلا وأعقب ذلك مهزلة مسرحية دامية من (الخواجا) وصحبه، تارة في مطار (زيوريخ)، وأخرى في ادعاء نسف الطائرة المدنية في الجو وثالثة في نسف باص التلاميذ.

كأنما يوقت الأمر لطمس معالم جرائم "إسرائيل" على المستويين المحلي والعالمي، وتسويد صفحة الفداء الفلسطيني الناصعة.

وتأتي الأحداث الأليمة الأخيرة في عمان لتذكرنا، بالتوقيت المشبوه، إياه في هذه الفترة التي ولولت فيها "إسرائيل" من ضغط الفدائيين وتأثيرهم الفعال.

أما من افتعل هذه الأحداث؟ فالجواب بلا شك هو: من لا يريد بالفدائيين وبفلسطين خيرًا، وإذا كان لــ C. I. A. يد في أحد طرفي الأحداث الأخيرة أو ليس من المحتمل أيضًا أن يكون لــ C. I. A. نفسها يد في الطرف الآخر؟ بخاصة أن سوابق الخواجا في التوقيت المشبوه لفتت نظر زعماء الفدائيين المخلصين حتى أن المتحدث باسمهم ذكر ذلك في تصريح مشهود له منذ أشهر عدة.

كنا نريد من (الخواجا) أن تكون ساحة حربه في تل أبيب لا في عمان، أولًا، ولكن، يقول المثل: (فاقد الشيء لا يعطيه) ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ونرجو للواعين المخلصين من إخوتنا المجاهدين أبناء فلسطين الجريحة أن يتحلوا دائمًا بالحذر والحكمة، وكم من عدو يرتدي مسوح الصديق.

وشتان بين (البلطجة) الأميركو- ماركسية، وبين الجهاد الحق.           

                                                                             تحسين

داعية شاب من أمريكا

لقيته هذا الأسبوع بعد فراق دام أربع سنوات، كان لقاؤنا الأخير في عام 1966 حين زارنا الأخ الدكتور أحمد توتونجي الذي تخرج مــــن الولايات المتحدة الأمريكية فحصل منها على شهادة الدكتوراة، والأخ أحمد يجمع بين التفوق في دراسته والحماس الكبير للدعوة الإسلامية في أمريكا، فهو أحد مؤسسي جمعية الطلبة المسلمين في الولايات المتحدة وكندا، تلك الجمعية التي أصبح لها فرع في كل جامعة بأمريكا، ولها نشاطات جمة، كما تسعى إلى إعداد القادة المسلمين للمستقبل.

حين لقيته هذا الأسبوع قال لي الأخ أحمد: لقد أصبح لدينا مطبعة خاصة بجمعية الطلبة نطبع فيها ما نشاء، ونستعين بأرباحها على تغطية نفقات الجمعية، لقد تذكرت حين لقيت الأخ أحمد تلك القصة الممتعة التي حدثني بها أخ آخر، وخلاصة تلك الحادثة:

أن أحد الأخوة كان يدرس في كلية تمهيدية للدخول في الجامعة، وكان من بين موضوعات الدراسة موضوع قضايا الإنسان في القرن العشرين.

وهنا تقدم الأخ وكان عضوًا في جمعية الطلبة المسلمين، واقترح على المسؤولين في الكلية دعوة محاضر يتحدث عن قضية فلسطين باعتبارها إحدى قضايا الإنسان البارزة في القرن الحالي.

كان بعض المسؤولين في الكلية من الصهاينة، كما كانت تضم عددًا لا بأس به من الطلاب اليهود، إلا أن هذا لم يصرف الشاب عن الإلحاح في طلبه، حتى تم له ما أراد.

وسرعان ما ووفق على الدكتور التوتونجي، وقام بالاتصال بالأخ التوتونجي هاتفيًّا وكانت بينهما مئات الأميال؛ فهب الأخ أحمد توتونجي وترك كل أعماله تلبية لنداء أخيه.

جلس الأخ التوتونجي أمام طلاب الكلية والمسؤولين فيها وبدلًا من إلقاء محاضرة تقليدية قال: إنني أدعوكم لتوجيه أسئلة لي حول قضية فلسطين فأخذ يجيب عن أسئلة الحاضرين ويشرح المأساة العربية في فلسطين مما أثار أحد المسؤولين الصهاينة فأخذ يعلق تعليقات أفقدته صوابه وأصبح مهزلة أمام الطلبة مما اضطره إلى الانسحاب.

والتفت الطلاب إلى زملائهم الصهاينة وأحرجوهم بالأسئلة والتعليقات.

إنني أذكر هذه الحادثة التي تبرز نوعية جديدة من الدعاة إلى الإسلام؛ فالأخ الدكتور أحمد توتونجي مهندس حصل على إجازة الدكتوراة، وليس داعية موظفًا، فحياه الله وأهلًا به بين إخوانه وأحبابه في الكويت، وإلى مزيد من هؤلاء الدعاة الذين يتحرقون غيرة على الإسلام.

        أبو أنس

 

الرابط المختصر :