; البوسنة والهرسك: د. أحمد بابيتش الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية بسراييفو لـ «المجتمع»: الدعوة الإسلامية في البوسنة دخلت طورًا جديدًا بعد الحرب | مجلة المجتمع

العنوان البوسنة والهرسك: د. أحمد بابيتش الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية بسراييفو لـ «المجتمع»: الدعوة الإسلامية في البوسنة دخلت طورًا جديدًا بعد الحرب

الكاتب عبد الباقي خليفة

تاريخ النشر السبت 18-أغسطس-2007

مشاهدات 18

نشر في العدد 1765

نشر في الصفحة 18

السبت 18-أغسطس-2007

تحظى البوسنة بكوادر دعوية شبابية تبشر بالخير في حاضر ومستقبل البلاد، أغلبهم ممن درس في الجامعات الإسلامية في مصر والمملكة العربية السعودية، وماليزيا، وباكستان، وغيرها.. ما أثرى العمل الإسلامي، ومن بين هؤلاء، د. أحمد علي بابيتش- الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية بسراييفو... 

التقته المجتمع للوقوف على مستجدات الساحة الدعوية بالبوسنة وأهم التحديات الثقافية التي تواجهها.. إلى التفاصيل:

  • نريد التعرف على تجربة العمل الإسلامي في البوسنة؟

 الوضع الدعوي في البوسنة يختلف كثيرًا عن الأوضاع في البلدان الأخرى، فالطريقة التي تدار بها شؤون الدعوة تحتاج إلى شيء من التفعيل...

 وتضطلع المشيخة الإسلامية بإدارة الشؤون الإسلامية، وهي ليست جزءًا من مؤسسات الدولة كما هو حال وزارات الأوقاف والشؤون الدينية، ولا هي جمعية أهلية. وتضم- بجانب رئيس المشيخة- أكثر من ۱٥٠٠ موظف على مدار اليوم وهم مرتبطون بالعمل الدعوي بشكل مباشر أو غير مباشر.

 وهناك قوى أخرى موجودة على الساحة تظهر وتغيب بجانب بعض الجمعيات التي تنشط منذ أربعينيات القرن الماضي مثل جمعية الشباب المسلم.. وأخرى ظهرت بعد الحرب. 

  • هل اختلفت أوضاع الدعوة الإسلامية بعد انتهاء الحرب عما كانت عليه قبل ذلك؟

 تعتبر مرحلة الشيوعية مرحلة ضعف للعمل الدعوي في البوسنة ومنطقة البلقان وأوروبا الشرقية، ورغم العدوان على البوسنة عام ١٩٩٢ م، إلا أن الدعوة الإسلامية تتقدم بصور مبتكرة، غطت مجالات عدة وتنشط المشيخة الإسلامية منذ إنشائها قبل أكثر من ١٢٠ عامًا. في ظل الظروف المختلفة التي مرت بها البوسنة ومنطقة البلقان.

 وإذا قسمنا البوسنة إلى مناطق وجدنا أن المناطق التي تمكن المسلمون من الدفاع عنها مثل: «بيهاتش»، و «زینتا» و «توزلاء» و «سراييفو» وغيرها. أفضل حالًا من مناطق شرق البوسنة التي وقعت بها جرائم الحرب المختلفة مثل: «فيشي جراد» و«بنيالوكا» و«بيالينا»، وغيرها.

 وقد تنامت الأنشطة الدعوية في المناطق التي يديرها المسلمون والتي تتمتع بقدر عال من الحرية.. ومن ثم نجد تفاوتًا كبيرًا بين المناطق التي يمثل فيها المسلمون أكثرية والأخرى التي يكون فيها المسلمون أقلية. ولدينا عدد كبير من الأئمة المؤهلين وكذا مدارس وكليات تخرج الكوادر العلمية والدينية، ولا نزال نبني المساجد وتعيد تزويدها بالأجهزة الضرورية.. كذلك هناك ٦ مدارس ثانوية إسلامية يمكن لطلبتها الالتحاق بالكليات المختلفة ولدينا ثلاث كليات جامعية مستلزمات دعوية.

  •  وما أهم الاحتياجات التي تفتقرون إليها في المجالات الدعوية والتعليمية؟

 الأئمة والدعاة ليس لديهم مكان يأوون إليه، ولا توجد لديهم سيارات للتنقل، فبعض القرى تبعد عن بعضها البعض نحو ٧٠ كلم. 

وإذا قلنا احتياجات المسلمين فيعني ذلك احتياجات الناس والدعوة معًا. فالاحتياجات المجردة هي احتياجات المهجرين في شرق البوسنة الذين في أمس الحاجة إلى المشاريع الاستثمارية مثل القرض الحسن، وتوفير ما يساعد سكان الريف على نوع من التأقلم مع واقعهم الجديد بعد العودة: مثل توفير أبقار لتوفير الحليب أو عجول التسمين ومعدات ميكنة زراعية وبذور.... 

من جانب آخر نحتاج لمواصلة إعادة بناء المساجد وتوفير الكتب للمكتبات المسجدية وغيرها، وكذلك كتب المقررات الدراسية والحواسيب والوسائل التعليمية. 

  • وماذا عن أوضاع التعليم في البوسنة؟

لدينا جمعية أتشرف بإدارتها، ولدينا برنامج من الصف الأول وحتى الصف الخامس تجمع الأطفال في قاعة واحدة وتخصص لهم معلمًا واحدًا وذلك لقلة الموارد والكوادر حيث الطرق غير معبدة والنقل الجماعي غير متوافر والرعاية الصحية معدومة، كما أن مشاكل الفقر والخصخصة تعرقل عمل الدعوة.

 كما أن المسلمين في شرق البوسنة لا يسمح لهم بالدخول في إدارات المدارس وبصعوبة سمح لشخص بدخول مجلس إدارة مدرسة رغم أن أغلب الطلبة مسلمون لذلك نحن في حاجة لدعم سياسي في شرق البوسنة.

 كذلك فالمسلمون في شرق البوسنة محرومون من الدعوة عبر وسائل الإعلام حيث لا يمكن استقبال وسائل الإعلام البوسنية في هذه المناطق مثل: «كوتر فاراش»... وغيرها.

 وكما ترون فإن ما ذكرته يعد من أهم الاحتياجات فالدعوة في العصر الحديث ليست كلمة تقولها ثم تمضي فقط، بل فسيلة يجب أن تفرسها وترعاها مدى الحياة، ولا يمكن الاكتفاء بغرسها لأن الطبيعة المحيطة مختلفة تمامًا عن غيرها من الأماكن.

 المناهج الدراسية

  •  ماذا عن المناهج الدراسية في المدارس الثانوية والكليات؟

 المناهج لم تراجع بالكامل. وهذه نقطة مهمة جدًا، فهدف التعليم الإسلامي هو تخريج دعاة وأناس صالحين في المجتمع، وفي كل التخصصات وليس الدراسات الإسلامية فحسب. وقبل ٣ سنوات بدأنا بإعادة إصلاح برامجنا ومناهجنا.

 ونستهدف تطوير العملية التعليمية بكافة مكوناتها من خلال جودة التدريس، إذ نطبق المعايير الحديثة على التعليم الإسلامي ولدينا قسم التربية الاجتماعية وأصول الدين في كلية الدراسات الإسلامية لإعداد مثقفين مؤهلين.

 ولدينا قسم الوعاظ والأئمة لتأهيل الدعاة في القرى والأحياء وإمامة الناس.. ولكن نحن في حاجة لابتعاث طلبتنا للبلاد العربية لصقل لغتهم، لأن الاكتفاء بالتدريس وحده لا يكفي..

 تعاون إسلامي 

  •  هل بادرتم بالاتصال مع الجامعات في البلاد الإسلامية لهذا الغرض؟

 لنا علاقة مع عدد من الجامعات في البلاد الإسلامية وجميع المسلمين في الشرق والغرب يدركون أهمية سراييفو، فهي مكان جيد لأن تكون مركزًا للتعليم الإسلامي في أوروبا.

 وقد زارنا في الفترة الأخيرة وقد من بريطانيا ونقلوا إلينا تجربة «الأكاديمية الإسلامية البريطانية» وبحثا إمكانية إنشاء الجامعة الإسلامية، في ضوء وجودنا التاريخي البيولوجي منذ ما يزيد على 5 قرون في أوروبا.. ونستهدف جعل سراييفو مركزًا إسلاميًا أكاديميًا، يخدم جميع مسلمي أوروبا. 

وفي هذا الإطار، بدأنا برنامجًا ثقافيًا للدبلوماسيين الأجانب في حلقات، ضمت ٤٠ دبلوماسيًا، تحدثنا في سلسلة محاضرات عن المرأة والأسرة في منظور الإسلام ويوم في حياة المسلم وغير المسلمين في الإسلام والإرهاب... ما أحدث تأثيرًا إيجابيًا لدى الدبلوماسيين حول صورة الإسلام التي شوهها الإعلام الغربي خاصة بعد أحداث سبتمبر ٢٠٠١ م، وكنا نأخذهم للمساجد ولبعض بيوت المسلمين ليشاهدوا عن كتب الإسلام في سلوك وأفعال معتنقيه وفق تعاليمه وليس حسب الأهواء والنزعات المختلفة، فليس لدينا ما تخفيه، لقد طبقنا «اسمع مني ولا تسمع عني».

 مساجد مفتوحة

  • وماذا عن أحوال المسلمين في أوروبا؟

 لابد من التصدي بسرعة لحالة التمزق التي يعانيها مسلمو أوروبا، والتي تبدأ من جعل المساجد مفتوحة للجميع وإنهاء انعزال كل أهل قطر إسلامي بمساجدهم الخاصة بهم، وجماعاتهم المختلفة لابد أن تتجاوز جذورنا الإثنية واختلافاتنا المذهبية بانتمائنا جميعا للإسلام ويبقى التعليم هو الرهان.

 إلى جانب ذلك، لا بد من التحذير من بعض المفكرين الذين يأتون إلينا، ويدعون أنهم إسلاميون بينما الواحد منهم لا يصلي ولا يصوم ويشرب الخمر مثل محمد اركون الذي حاول البعض تسويقه وأمثاله في البوسنة لتكون كتاباتهم المأخوذة من المستشرقين ضمن مناهجنا، ولكننا رفضنا ذلك بشدة.

الرابط المختصر :