العنوان في الصميم.. الرشوة
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 02-نوفمبر-1976
مشاهدات 11
نشر في العدد 323
نشر في الصفحة 50
الثلاثاء 02-نوفمبر-1976
من الأمراض السارية التي يزداد وباؤها يومًا بعد آخر، وترتفع الشكوى منها في كل صقع من هذا العالم مرض (الرشوة)، فبين كل فترة وأخرى تكتشف دولة ما شبكة من شبكات المرتشين أعضاؤها كبار المسؤولين في هذه الدولة.. والعالم اليوم يتحدث عن شبكة (لوكهيد) التي ثبت اشتراك معظم المسؤولين من مختلف دول العالم التي تتعامل مع هذه الشركة.
وقبل (لوكهيد) فضائح مماثلة في مختلف دول أوروبا شرقية كانت أو غربية.
(والرشوة) في عمليات بيع الأسلحة صارت عرفًا عاديًا تستفيد منها شخصيات معينة من أثرياء الحرب، ولا تتعامل بعض الدول المنتجة للأسلحة إلا عن طريقهم.
هذا الوباء العضال يذكرنا بقصة (الإسكندر) مع عصابة من قراصنة البحار.
قال الإسكندر لهم: أنتم لصوص فقالوا له: إننا نسرق سفينة أو قاربًا أما أنت فتسرق هذه الإمبراطورية بسفنها وأنعامها وثمراتها وسائر خيراتها، وأعضاء عصابتنا لا يتجاوزون أصابع اليد أما عصابتك فقوامها جيشك الجرار وحرسك وخدمك وكل من يلوذ بك.
والبلدان الإسلامية لا تختلف عن بقية بلدان العالم في تعرضها لمرض (الرشوة).
وصار من الأمور العادية أن يبني موظفًا بيتًا ضخمًا، مع أن مرتبه لا يساعده على بناء كوخ وليس له دخل إلا وظيفته ومن ذا الذي يحاسبه على فعلته والقوم جميعًا غرقى في مستنقع واحد.
وفي كثير من الدول تسعيرات للرشاوى كتسعيرة المواد الغذائية في الأسواق، ويطلب الموظفون الرشوة من المواطنين بألغاز متعارف عليها كأن يقول للمراجع: عد بعد أسبوع أو شهر أو يوم.
أما مقدار الرشوة فتتناسب طردًا مع مستوى الموظف كاتبًا كان أو مديرًا أو رئيسًا أو وكيلاً أو..
وحقًا لقد دهشت من مقابلة صحيفة مع أحد المسئولين في دولة عربية سُئل عن ظاهرة انتشار الرشوة في بلده، فلم يستطع إنكار الحقيقة، بل قال:
الرشوة موجودة في كل بلدان العالم، ولكن الأمور نسبية ثم وعد بوضع حد لها، ولا أظنه يفلح إن كان جادًا في قوله بارًا بوعده.
ومرض الرشوة هو الذي جعل بعض رجال الأعمال الصالحين يتركون مصالحهم و(مقاولاتهم)، التي تكون الجهات الرسمية طرفًا فيها لأنهم أمام خيارين أحلاهما مر إما الرشوة أو الخسارة، وتجاربهم السابقة حافلة بالأمثلة الكافية على عنجهية الموظفين الذين عليهم أن يتسلموا أعمالهم بعد إنجازها فقد يلزمهم بإعادة العمل نفسه مرات، لأنه لم يأت حسب المواصفات المتفق عليها، ثم يرسلوا إليهم من ينبههم إلى ضرورة تقديم الرشوة، ولو فعلو لتسلموا المشروع منهم ولو كان كله عيوبًا.
هذا عن الرشوة وانتشارها أما العلاج الشافي للقضاء على هذا المرض فسيكون موضوع حديثنا الحلقة القادمة إن شاء الله.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل