; الزواج والطلاق بين العقائد الوثنية والشرائع السماوية (الحلقة الأولى) | مجلة المجتمع

العنوان الزواج والطلاق بين العقائد الوثنية والشرائع السماوية (الحلقة الأولى)

الكاتب الأستاذ عز العرب فؤاد

تاريخ النشر الثلاثاء 10-ديسمبر-1974

مشاهدات 17

نشر في العدد 229

نشر في الصفحة 17

الثلاثاء 10-ديسمبر-1974

الزواج والطلاق بين العقائد الوثنية والشرائع السماوية الحلقة الأولى بقلم الأستاذ: عز العرب فؤاد هذه دراسة علمية عن «الزواج والطلاق بين العقائد الوثنية والشرائع السماوية».. كتبها الأستاذ عز العرب فؤاد. ولقد عقد في هذه الدراسة مقارنة بين هذين النمطين من التشريعات. والدراسة المقارنة في هذا العصر. اتجاه مفيد خاصة بالنسبة للإسلام. ذلك أنه حين تعرض الاتجاهات الأخرى تتضح الفوارق الكبيرة بين سمو الإسلام وتخلف غيره. وفي هذا العدد تنشر «المجتمع» الحلقة الأولى من دراسة الأستاذ عز الدين فؤاد. «المجتمعات الفطرية» تضاربت آراء الباحثين الاجتماعيين فيما يتعلق بالوحدة الاجتماعية الواحدة في المجتمع الإنساني الأول. ويرجع هذا إلى قلة المعلومات عن تلك العصور الضاربة بسهم بعيد في القدم. وذهب البعض إلى أن الأسرة الأبوية كانت الوحدة الاجتماعية في المجتمع الإنساني الأول ويقتضي نظام الأسرة الأبوية خضوع جميع الأفراد الذين تجمعهم رابطة الدم وعاطفة القرابة إلى أب واحد. والأسرة بهذا المعنى دويلة صغيرة يحكمها رب الأسرة مدى الحياة ثم يليه في رئاستها بعد وفاته الابن الأكبر وأفراد الأسرة وهم الهيئة المحكومة وإن العلاقة الجنسية ينظمها الزواج ويستند أيضًا هذا الرأي إلى عدة أمور: منها ما ورد في التوراة خاصًا ببيان العشائر التي انحدرت من أصل واحد عشيرتا يعقوب وعيسى ولدي إسحق. وما جاء في قصة الخلق كما وردت في التوراة أيضـًا والإنجيل والقرآن من أن الله- سبحانه وتعالى- قد سن الزواج منذ الوقت الذي خلق فيه أول زوجين آدم وحواء ثم قصة ولدي آدم قابيل وهابيل التي ورد فيهما أن آدم كان يزوج ذكر كل بطن بأنثى الآخر وما حدث عند امتناع قابيل ورغبته الشديدة في أن يستأثر بأخته فأمرهما آدم- عليه السلام- أن يقربا قربانًا من الله. تقبل الله قربان هابيل معلنًا بذلك عدم إرادته في زواج قابيل من أخته التي ولدت معه وما حدث من قتل قابيل لهابيل. ويؤكد علماء الاجتماع المؤمنين بهذه النظرية أن الإنسان الأول لم يعرف الفوضى الجنسية فليس من المعقول أن تكون حالة الإنسان الأول الاجتماعية في مستوى أقل من مستوى بعض هذه الحيوانات الراقية التي تعيش في وحدات تقتصر على كل منها الذكر وأنثاه وما يتوالد منهما. فهذه الأنواع من الحيوانات لم تعرف حالة الشيوعية الجنسية. فليس من المعقول أن الإنسان الفطري قد عاش في فوضى وإباحية جنسية. وقد ذهب بعض علماء الاجتماع إلى عكس هذه النظرية وقالوا بأن العائلة الزوجية لم يكن لها وجود في العصور القديمة وإن هذا النظام العائلي لم يظهر إلا بعد تطور طويل. بل كانت- في رأيهم- الشيوعية الجنسية هي السائدة بين البشر ثم جاء بعد ذلك من نظم العلاقات الجنسية على أساس الزواج. ومؤدى ذلك أن الإنسان البدائي كان يهيم على وجهه في الغابات والأحراش وكانت النساء ملكًا للجميع. ولذلك كان الولد لا يعرف أبًا له بل كان ينتسب إلى أمه دون غيرها ويسمى هذا النظام بنظام الأسرة الأمي. وكان ينظر إلى الأبناء في ذلك النظام على أنهم أبناء الجماعة بأسرها إذ من الصعب أن تحدد الأبوة ومن ثم كان النسب ينحدر عن طريق الأم وقد استند أصحاب هذا الرأي إلى عدة أمور منها: 1- أن الشعوب الهمجية التي لا تزال في أدنى درجات الحضارة في عصرنا الحديث كأقزام أفريقيا يتخبطون في فوضى وشيوعية الجنس دون ما ضابط بل ويعتقدون أن احتكار رجل لامرأة وحده أمر ينافي الطبيعة. 2- أن من عادة الإسكيمو وأهل أستراليا الأصليين أن يقدم الرجل زوجته لضيفه طوال مدة الضيافة ويعد الامتناع عن ذلك عيبًا كبيرًا عندهم. 3- أن الإنسان الفطري وجد في ظروف قاسية وكان يعتمد في حياته على الصيد أو ما يجمعه من ثمار وأنه دفاعًا عن نفسه ضد الوحوش الكاسرة فكان لا بد من أن يلجأ إلى تربية فتيان أشداء. وكان توفيرًا للقوت يتخلص من الفتيات لعدم قدرتهن على الاعتماد على أنفسهن ولقلة الموارد أو لصعوبة الحصول على ما يكفي هذا الإنسان هو وأولاده من البنات والبنين الأمر الذي أدى إلى قلة عدد النساء لدرجة انعدم فيها التعادل بين عددهن وعدد الرجال فنشأ عن ذلك نظام الإباحية الجنسية. ويرى أصحاب هذه النظرية أنه لم تنظم هذه العلاقات الجنسية بطريقة الزواج إلا بعد أن ارتقت الجماعة النسانية الأولى وتهذبت أخلاقها بعض الشيء. فأصبح لكل مجموعة من الأخوة امرأة يختصون بها جميعًا وهذا ما يسمى بنظام المشاركة الأخوي وبذلك أمكن نسبة الأطفال إلى تلك المجموعة الصغيرة من الأخوة. ثم اعترفت الجماعة للأخ الأكبر ببعض الامتيازات منها حق الأولوية بالنسبة لنسب الأطفال لأنه أكبر أخوته سنًا وبالتالي كان أسبقهم في معاشرة المرأة مما يحتمل أن يكون الأطفال الذين ولدوا أولًا هم أبناؤه. وبذلك استقل الأخ الأكبر بتلك المجموعة المكونة من زوجة وإخوة وأطفال وأصبح هو رئيسًا لتلك الجماعة. هذا التطور في رأي أصحاب هذه النظرية هو الذي أدى إلى القضاء على نظام الأسرة الأمي وظهور نظام الأسرة الأبوي ثم تطور الأمر حتى قضى على نظام تعدد الزوجات وعرف بنظام الزواج الفردي. ولكن الحروب التي كانت كثيرًا ما تنشب لأوهن الأسباب بين الجماعات الإنسانية في تلك العصور أدت إلى نقص عدد الرجال الأمر الذي أدى إلى نظام تعدد الزوجات ونظام التسري. سبيلنا في هذا الخصوص ونحن نرى أن كلتا النظريتين لا تخلو من التطرف فلا يمكن أبدًا أن يكون نظامًا بعينه من تلك النظم قد ساد العالم كله في فترة واحدة بل الواقع والمعقول أن كل جماعة كانت تعيش في بقعة من الأرض كانت لها قوانينها التي تمليها الظروف المحيطة بها سواء أكانت هذه الظروف اقتصادية أم اجتماعية فضلًا عن ما تدين به من عقائد تؤثر تأثيرًا فعالًا في أفكار الجماعة ونظامها. فقد تكون جماعة من تلك الجماعات في بقعة من الأرض في زمن معين تعاني نقصًا في النساء في حين تعاني جماعة أخرى في بقعة أخرى من الأرض نقصًا في الرجال وقد تسيطر على جماعة من تلك الجماعات عقائد معينة تحرم فوضى الجنس وتحتم تنظيمها بطريقة ما. لذلك نرى بعض الجماعات الفطرية كانت تعيش في فوضى الجنس وأن النساء كن على الشيوع بين الرجال. كما أن بعض تلك الجماعات كانت لا تعرف شيوع الجنس على الإطلاق بل كانت تعيش في ظل نظام الزواج المشترك بين الأخوة وبعضها لا يعرف غير الزواج الفردي. والبعض يعيش في نظام تعدد الزوجات مع وحدة الزوج... إلخ. ومما يؤكد رأينا ويدعمه في عصرنا الحديث وعلى الرغم من الديانات السماوية المنزلة وهذه المذاهب الاجتماعية وما نحن فيه من حضارة وتقدم وازدهار لا مثيل له في الأزمان السابقة على الرغم من ذلك كله فإننا لا نرى نظامًا بعينه يسود العالم أجمع فيما يتعلق بموضوعنا وهو نظام الزواج والطلاق. الديانة الطوطمية سنتحدث عن أشهر الديانات البدائية التي سادت جزءًا كبيرًا من العالم مدة كبيرة من الزمان وما زالت موجودة في بعض المجتمعات حتى وقتنا الحاضر ونعرض إلى ما كان لها من أثر في نظام الزواج والطلاق على تلك المجتمعات أعني بذلك الديانة الطوطمية. معناها: تطلق كلمة طوطم على كل أصل حيواني أو نباتي أو طبيعي تتخذه العشيرة رمزًا لها ولقبًا لجميع أفرادها وتعتقد أنها تؤلف معه وحدة اجتماعية وتنزله منزلة القداسة كما تنزل كل ما يرمز إليه نفس المنزلة من التقديس. وغالبًا ما يكون الطوطم حيوانًا أو نباتًا ونادرًا ما يكون جمادًا أو خلافه من مظاهر الطبيعة مثل الشمس والقمر والنجوم والسحاب. وقد تبين بعد البحث والدراسة أن هذه الديانة كانت منتشرة عند سكان أمريكا الأصليين وسكان أستراليا الأصليين وكثير من الشعوب البدائية في مختلف أنحاء العالم. وتوضيحًا لمعنى تلك الديانة نقول: إن العشيرة التي تتخذ النمر طوطمًا لها تعتقد اعتقادًا جازمًا بأنها تؤلف مع النمر. وحدة اجتماعية وتطلق لقب النمر على كل فرد من أفرادها الذين يعتقدون أنهم آدميون ونمرة في نفس الوقت وليس في ذلك تناقض عندهم. ثم ينزلون النمر منزلة التقديس ويحرمون قتله أو الاعتداء عليه إلا في حالات نادرة كأن يقتل أحدهم النمر دفاعًا عن نفسه إذا لم تكن هناك وسيلة أخرى يمكن بها تفادي ذلك. ومع ذلك فإن حالة الدفاع هذه تتم طبقًا لطقوس وشعائر معينة فيتخذون من جلده أو صوته رمزًا للعشيرة يكون له نفس التقديس وتقام له الطقوس والشعائر في أوقات معينة وتعتبر الأماكن التي يوجد فيها هذا الرمز أو الحيوان نفسه أماكن مقدسة لها حرمتها. والعشائر التي تتخذ طيرًا أو حيوانًا يؤكل طوطمًا لها تحرم على نفسها أكل هذا الطير أو ذلك الحيوان إلا في حالات استثنائية كأن يتعرض الإنسان للموت جوعًا ولا يجد خلاف هذا الطوطم أمامه. فيجوز في هذه الحالة أكله ولكن بكميات قليلة تحفظ عليه حياته مع إقامة الطقوس والشعائر لأنه طعام رباني مقدس وهم يعتقدون أن طوطمهم يعينهم على أمور دنياهم ويستمدون منه العون والقوة. وكما أن لكل عشيرة طوطمها الخاص بها فكذلك لكل مجموعة من العشائر اتحاد ولهذا الاتحاد طوطم عام لكل عشائر الاتحاد وبذلك يكون لكل عشيرة طوطمين خاص وطوطم عام ولكلا الطوطمين منزلتهما من التقديس. ويعتقد أفراد العشيرة أن ما يرمز إلى طوطمها يمنح حامله القوة والمنعة والأمان ضد الشر كما تجلب له الخير وتختلف تلك العبادة عن عبادة الحيوان إذ إن عابد الحيوان يعتقد أنه إنسان فقط ويقف من الحيوان المعبود موقف العابد أما صاحب العبادة الطوطمية فيعتقد أنه وطوطمه من طبيعة واحدة لذلك فهو مقدس أيضًا. وليس جميع أفراد العشيرة الطوطمية في درجة واحدة من القداسة. فالسحرة والكهان في درجة أعلى من سائر الأفراد والشخص المعمد أعلى قداسة من غير المعمد والرجل أكثر قداسة من المرأة بل لا يجوز للمرأة لمس الطوطم ولا ارتياد الأماكن المقدسة المخصصة للطوطم أو حتى لرمزه. وليست كل أعضاء الإنسان مقدسة بل تقتصر القداسة على أجزاء معينة من الجسم دون غيرها كالشعر والدم. عقد الزواج شروطه الأساسية هي: 1- الرضا: رضا الزوج أو الزوجة بالتزوج يندر التقيد به في الشعوب البدائية ففي هذه القبائل التي تسير على نظام السلطة الأبوي يكون رضا الأب أو الجد أو من يقوم مقامهما في غاية الضرورة لإتمام الزواج. وفي القبائل التي تدين بنظام السلطة الأمي يكون رضا الوالدة أو الخال أو من يقوم مقامهما ضروري لإتمام الزواج. ٢- السن: تفضل الشعوب البدائية الزواج المبكر عادة لحاجتها إلى النسل والتكاثر للمعاونة في الصيد أو الزرع أو الدفاع عن القبيلة أو عبادة الأسلاف. فكثيرًا ما كانت تحدث زيجات الصبيان قبل بلوغهم الحلم. 3- درجات القرابة: هناك قرابتان تبعًا لوجود طوطمين: الأولى- وهي التي تجمع بين أفراد العشيرة الواحدة المشتركة في طوطم واحد وهي أقرب أنواع القرابة. الثانية- وهي التي تضم عشائر الاتحاد نظرًا لوجود طوطم واحد مشترك عام لكل عشائر الاتحاد. وكل اتحاد من هذين الاتحادين كان ينقسم إلى طبقتين زواجيتين يتوزع بينهما جميع أفراده والقاعدة في هذا التوزيع أن يتبع الولد طبقة زواجية غير الطبقة التي يتبعها أصل متحد معه في الطوطم.. وأفراد كل طبقة زوجية في أحد الاتحادين كانوا يعتبرون أقرباء فيما بينهم وكانوا يعتبرون كذلك أقرباء لأفراد الطبقة الزواجية الأخرى في اتحادهم العام. والقاعدة في الزواج عندهم أنه يحرم على كل فرد أن يتزوج من فرد يمت له بصلة القرابة على الأسس السابقة أيًا كانت درجة هذه القرابة وأيًا كان سببها. فدائرة التحريم كانت واسعة جدًا إذ لم يكن يحرم على الفرد أن يتزوج من عشيرته فحسب بل كان يحرم عليه كذلك أن يتزوج من أي فرد ينتمي إلى عشيرة أخرى من عشائر قبيلته ويرجع السبب في ذلك إلى ما يوجبه الطوطمي من تقديس لبعض الكائنات والأشياء التي يتمثل فيها الطوطم أو يحل فيها شيء من عناصره للاعتقاد السائد بأن الطوطم متجسم في كل فرد من أفرادها وأنه يجري في دمه على الأخص. لذلك كان دم كل فرد من أفرادها معتبرًا من أهم الأشياء المقدسة وأعظمها حرمة وأحقها بالإحلال وكان لمسه وقربانه محظورين حظرًا تامًا على جميع أفراد العشيرة. ملاحظة: ليست صلة الدم هي أساس القرابة عند العشائر الطوطمية بل أن القرابة هي الاشتراك في طوطم واحد ويتبع الفرد طوطم أمه إذا كان النظام الأمي هو سائد في العشيرة ويتبع طوطم أبيه إذا كان النظام الأبوي هو السائد في العشيرة. وفي الحالة الأولى لا يعتبر الأبناء ولا الآباء أن هناك رحم بينهم ولا تعاطف فقد يقتل الولد أباه إذا ما اعتدى على عشيرة أمه. وفي الحالة الثانية قد يقتل الولد أمه إذا ما اعتدى على عشيرة أبيه. «1» مراجعتنا في هذا: أ- الطوطمية للدكتور علي عبد الواحد وافي. ب- الزواج تأليف أ. وسترماك أستاذ علم الاجتماع بجامعة لندن.
الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

حَديث صَريح للشيخ محمد أبو زهرة

نشر في العدد 2

1011

الثلاثاء 24-مارس-1970

مع القراء

نشر في العدد 1

904

الثلاثاء 17-مارس-1970

مع القراء 1

نشر في العدد 2

909

الثلاثاء 24-مارس-1970