; السفارة البريطانية ترد على مجلة «المجتمع» و«المجتمع» تعلق على الرد | مجلة المجتمع

العنوان السفارة البريطانية ترد على مجلة «المجتمع» و«المجتمع» تعلق على الرد

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 20-يوليو-1993

مشاهدات 685

نشر في العدد 1058

نشر في الصفحة 18

الثلاثاء 20-يوليو-1993

جون ميجور أرسل رسالة إلى النائب البريطاني ماكس مادن لا يختلف بعض ما ورد فيها عما ورد في وثيقة هوج

بريطانيا تزعمت الموقف الغربي ضد اتخاذ أي إجراءات حازمة تجاه الصرب ورفضت ولا تزال ترفض تسليح المسلمين للدفاع عن أنفسهم

القوات البريطانية في البوسنة تشاهد المذابح التي يتعرض لها المسلمون ولا تقوم بأي إجراء لإيقافها

بعد مثول العدد الماضي للطبع وصلنا من السفير البريطاني في الكويت وليام فوليرتون ردًا على الوثيقة المنسوبة لرئيس الوزراء البريطاني جون ميجور والتي نشرتها المجتمع، في عددها رقم ١٠٥٥ الصادر في ٢٩ يونيو الماضي جاء فيه:

السيد رئيس تحرير مجلة المجتمع المحترم الروضة - شارع المغرب - الكويت

تحية طيبة.. وبعد:

أكتب إليكم بخصوص موضوع نشر في عدد مجلة المجتمع الصادر في ٢٩ يونيو ۱۹۹۳، والذي يتضمن نسخة وترجمة عما يزعم أن تكون رسالة موجهة من رئيس الوزراء السيد جون ميجور إلى السيد دوجلاس هوج وزير الدولة في وزارة الخارجية، حول سياسة بريطانيا. الرسالة هي تزوير واضح وغير متقن وتحتوي على أخطاء إملائية وغيرها وهذا يدل على أن كاتب الرسالة ليس إنجليزي الأصل، ويختلف كل من نمط الطباعة والمسافات وتصميم الرسالة عن نموذج الرسائل الأصلية لرئيس الوزراء، ومحتويات الرسالة ملفقة بالكامل. وهي توحي بأن موقف السياسة الخارجية البريطانية معادي للإسلام، والواقع هو قطعًا غير ذلك، لا في البوسنة ولا في أي مكان آخر. في الحقيقة لعبت بريطانيا دورًا رئيسيًا في المحاولة لإيجاد تسوية دائمة وعادلة في البوسنة. كما أننا ساهمنا بشكل أساسي بألفين وخمسمائة جندي لحماية جهود المعونات الإنسانية في وسط البوسنة، وأنفقنا أكثر من ۱۱۳ مليون جنيه إسترليني للمساعدات هناك وذلك بشكل ثنائي وجماعي، وتبقي أهدافنا كما وردت مؤخرًا في إعلان المجلس الأوروبي حول البوسنة، ونحن نعتقد بأن المفاوضات في جنيف ستقدم أفضل الإمكانات لتحقيق تسوية وعادلة، ونحن نستحث جميع الأطراف المعنية على تبني موقف مرن وإيجابي سأكون شاكرًا لكم نشر هذه الرسالة في العدد القادم من مجلتكم.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام

 وليام فوليرتون

 السفير البريطاني

تعليق المجتمع:

لن نقف طويلًا أمام الشق الخاص بصحة الوثيقة من عدمها، لأننا أشرنا في عبارات دقيقة إلى المصادر التي نقلنا عنها وإذا كان من حق السفارة البريطانية أن ترد وتفند ما نشر حول الوثيقة وتثبت بكافة الطرق والوسائل أنها مزعومة وأنها محض افتراء على رئيس الوزراء البريطاني، فإن من حقنا أيضًا أن نشير إلى أن الموقف البريطاني من البوسنة لم يختلف عما ورد في الوثيقة بل ربما زاد في بعض الجوانب عنه، وسنحاول عرض ذلك بإيجاز وموضوعية من خلال مواقف وتصريحات مسئولين بريطانيين وغربيين.

 فبداية إذا كانت الوثيقة المنسوبة لرئيس الوزراء البريطاني جون ميجور مزعومة ولا تعبر –حسب رأي السفارة البريطانية– عن الموقف البريطاني من مسلمي البوسنة فما هو الرأي في الرسالة التي أرسلها جون ميجور في ١٧ مارس الماضي إلى عضو البرلمان البريطاني ماكس مادن ردًا على الرسالة التي أرسلها الأخير إليه وعبر فيها عن استيائه وسخط المواطنين في دائرته الانتخابية من موقف بريطانيا إزاء العدوان الصربي على مسلمي البوسنة، حيث كانت لهجة ميجور في الرد على مادن لا تختلف كثيرًا عن رسالته التي وجهها إلى دوجلاس هوج والتي نشرتها المجتمع.

وقد استطاعت صحيفة الشرق الأوسط التي تصدر في لندن من الحصول على رسالة ميجور إلى مادن ونشرت جانبًا منها بتاريخ ٣٠ مارس الماضي حيث أشارت إلى أن الرسالة كتبت بلهجة تظهر تفهمًا لموقف الصرب حتى وإن رفضوا التوقيع على اتفاقية السلام التي وضعها المبعوث البريطاني ديفيد أوين بل أن رئيس الوزراء البريطاني أوصى في الرسالة بأن مقترحات السلام تتضمن شيئًا من الغبن للصرب حيث يقول ميجور قبل بداية القتال كان الصرب يمتلكون ٦٠٪ من مساحة البوسنة والهرسك وهم الآن يمتلكون ٦٧٪ وبهذا فإن أعطاهم حوالي ٤٣ ٪ من مساحة البوسنة كما هو – مطروح في آخر مقترحات السلام المتمثلة في خطة فانس وأوين يمثل تراجعًا كبيرًا لهم لا عما يمتلكونه الآن وانما عما كان بحوزتهم.

في البداية.. هذا هو نص كلام رئيس الوزراء البريطاني وهو دعم صريح للصرب وآسف على وضعهم والغبن والظلم الذي ينالهم، ولن نعلق أكثر من ذلك. 

وهذا هو الشق الأول في تعليقنا عما ورد في رد السفير البريطاني. أما الشق الثاني فإنه يتعلق بما ذكره السفير من أن بريطانيا لعبت دورًا رئيسيًا في المحاولة لإيجاد تسوية دائمة وعادلة في البوسنة ولا ندري في الحقيقة أي تسوية عادلة هذه التي لعبتها بريطانيا؟ فبريطانيا من البداية هي التي تقود الموقف الغربي ضد أي تحرك جاد لإنقاذ مسلمي البوسنة ومعاقبة الصرب وظلت ولا تزال ضد أي تحرك رادع للصرب مما دفع رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر في ١٥ أبريل الماضي أن تدين الموقف البريطاني بصفة خاصة والغربي بصفة عامة وتصف الغرب وعلى رأسه بريطانيا بأنه شريك في المذبحة القائمة في البوسنة.

 أما خطة فانس وأوين التي وضعها الوسيط البريطاني لورد أوين ورعتها بريطانيا فقد أجمع المراقبون على أنها غير عادلة، وأنها لم تكن ترمى في النهاية -لو طبقت- إلا إلى انضمام الكنتونات الصربية إلى صربيا والكنتونات الكرواتية إلى كرواتيا وعزل المسلمين في وسط البوسنة دون منفذ وحتى هذه الخطة الهزيلة أسقطتها الجماعة الأوروبية في اجتماعها الذي عقد في ٢٢ مايو الماضي، وبدأت وعلى رأسها بريطانيا تقر مبدأ تقسيم البوسنة، لتبدأ بريطانيا جولةجديدة من الجهود العادلة المزعومة.

وموقف آخر للدور البريطاني لإيجاد تسوية عادلة حسب وصف السفير البريطاني تكشف عنه تصريحات رئيس الوزراء جون ميجور بعد اجتماعه مع نظيره الفرنسي آلان بالادور في ٢٨ مايو الماضي حيث قال لقد أوضحنا من البداية إننا لا نقبل المكاسب التي حققها الصرب بالقوة، ولن تقبل الأمر الواقع، وسنواصل العقوبات والضغوط الديبلوماسية ولن نقبل بتحقيق مكاسب باحتلال أراض بالقوة بعد هذا التصريح الاستعراضي، أعلن الصرب رفضهم خطة فانس وأوين وساعدهم التواطؤ الغربي والشرقي على فرض الأمر الواقع على المسلمين ووقف دوجلاس هيرد وزیر الخارجية البريطاني في ٢١ يونيو الماضي ليقول كلامًا مناقضًا لكلام رئيس الوزراء جاء فيه إنه أصبح من المستحيل الإبقاء على دولة بوسنية واحدة تتواجد فيها ثلاث قوميات دون انسحاب الصرب من المناطق الواسعة التي احتلوها.. وهذا إقرار بمبدأ التقسيم وانتهاء البوسنة الموحدة.

فأين تصريح هيرد من تصريح ميجور السابق من رسالة ميجور إلى مادن التييتأسف فيها على ما تفرضه خطة فانس وأوين على الصرب من ضرورة انسحابهم من المناطق التي احتلوها؟ وموقف آخر يظهر سياسة بلادكم العادلة (......) يتمثل في رفضكم الدائم على لسان ميجور وهيرد وهوج بتسليح مسلمي البوسنة وتهديد حكومتكم باستخدام الفيتو في مجلس الأمن ضد أي قرار يسمح بتسليح مسلمي البوسنة ثم رفض حكومتكم القرار بعد ذلك باتفاق مع روسيا وفرنسا حينما طرح للتصويت في مجلس الأمن في أواخر الشهر الماضي، وتذرعت حكومتكم بأن هذا يطيل أمد الحرب في الوقت الذي لم تقم فيه حكومتكم بأي خطوات عملية لردع المعتدي الصربي طوال أكثر من خمسة عشر شهرًا. بل إنكم منذ بداية الحرب تمنحون الصرب الفرصة تلو الأخرى لمواصلة مزيد من القتل وحرب الإبادة للمسلمين، وهذا التبرير الذي تبرر به حکومتكم موقفها أجمع المراقبون السياسيون والعسكريون أنه تبرير خاطئ لأن ما يدور في البوسنة ليس قتالًا وحرب مواجهة على غرار ما يدور في الحروب ولكنها حرب إبادة يشنها الصرب والكروات المدججون بالسلاح ضد المسلمين العزل، وإن حصول المسلمين على السلاح الذي يدافعون به عن أنفسهم سوف يؤدي إلى التكافؤ في القوة مما يعني إيقاف الحرب وليس استمراريتها، فالصرب والكروات حدودهم مفتوحة، ولديهم مصانع السلاح التي تمدهم بما يشاؤون، وروسيا تقوم علنًا بإمداد صربيا بالخبراء العسكريين والسلاح وهذا ما نشرته صحفكم البريطانية ووكالة رويترز على عدم إمداد المسلمين بالسلاح للدفاع عن أنفسهم لا يدخل في إطار التسوية العادلة وإنما يدخل في باب المشاركة في الجريمة كما أعربت عنه رئيسة وزرائكم السابقة مارجريت تاتشر وموقف آخر يتمثل في مساعي حكومتكم بشأن مقترح المناطق الآمنة التي كانت بريطانيا هي صاحبة فكرتها والتي لم تر الأمن لحظة واحدة وقد أجمع المراقبون أن هذا المقترح لم يكن سوى مصيدة لتجميع المسلمين وإذلالهم وإبادتهم ببطء وسهولة على أيدي الصرب والكروات.

 وموقف آخر يظهر الموقف البريطاني مما يدور في البوسنة حيث يقول وزير الخارجية البريطاني دوجلاس هيرد في مقاله الذي نشرته الديلي تلجراف في ٣٠ ديسمبر الماضي يجب أن يلاحظ الصرب حدوث تغيير لقد جعلوا الذين يؤيدون هذا الرأي يصلون إلى مرحلة يمكن التفكير عندها في عمل عسكري ضدهم لمنع نشوب حرب شاملة، إلا أن إيقاع المذابح المستمر يصيبه بالبرود بعد ذلك ويقول بعد لقائه مع وزير الخارجية الأمريكي وارن كريستوفر في ٢٢ مايو الماضي أي بعد ستة أشهر من تصريحه الأول وإن تسوية الأزمة في البوسنة يجب أن تتم على مراحل ونعتقد أن هذه الأمور كافية لتوضيح موقف حكومة بريطانيا وسعيها الدؤوب (......) لإيجاد تسوية عادلة ودائمة مزعومة في البوسنة.

القوات البريطانية:

أما فيما يتعلق بمساهمة بريطانيا بألفين وخمسمائة جندي لحماية جهود المعونات الإنسانية في وسط البوسنة فلن تعلق على الدور الذي تقوم به هذه القوات وإنما سنترك لمراسل الجارديان البريطانية إيان تراينور يصف الدور الذي تقوم به القوات البريطانية في تقرير نشر في أواخر مايو الماضي يقول فيه لقد نظر بوب ستيوارت قائد القوات البريطانية –السابق– في البوسنة إلى هول المذابح التي ارتكبها الكروات ضد المسلمين في مدينة فيتز وما حولها – وخرج يصرخ غاضبًا من أحد المنازل بعدما رأى بعض الأطفال المحترقين ويقول: هؤلاء الأوغاد –الكروات– كيف يفعلون ذلك بالأطفال إلا أنه فوجئ بمقاتل كرواتي مخمور يقول: أيها الضابط. دعك مما جرى وأخبرني من الذي سمح لك ولقواتك بدخول هذه المنطقة؟ هل لديكم تصريح مسبق صمت ستيوارت ثم جمع قواته ورجع دون أن يستطيع حتى الرد على الجندي الكرواتي المخمور ثم قامت الحكومة البريطانية بعد ذلك باستبدال بوب ستيوارت بالكولونيل دونكان بعدما قام ستيوارت بتصوير المذابح التي يتعرض لها المسلمون على أيدي الصرب والكروات على شرائط ونشرها علنًا فاعتبر ذلك تجاوزًا لمهمته التي لا تتعدى حدود الفرجة والصمت. ونشرت الديلي تلجراف في ١٢ يونيو الماضي تقريرًا مشابهًا عن دور القوات البريطانية في البوسنة وكان مما جاء فيه تعبير أحد الجنود البريطانيين عن مشاعره حينما رأى الكروات يقتلون بعض المسلمين ويحرقون قراهم وهو يقف مع زملائه البريطانيين دون حراك فيقول: لقد كنت أضع إصبعي على زناد بندقيتي وكنت أود أن أطلق النار عليهم لأوقف هذا المشهد الدموي الذي نراه ولكن لم يكن لدينا أي تعليمات لنفعل ذلك. فما هي دواعي الفخر لتواجد قواتكم في البوسنة لتشاهد المذبحة دون أن تتحرك حتى لإيقافها، وما فائدة الطعام والشراب الذي تفخرون بأنكم قدمتموه للبوسنة وأن قواتكم تساعد في توزيعه لأناس يأتيهم الموت من كل مكان أمام أعين جنودكم. 

إن ملف الموقف البريطاني من مسلمي البوسنة به الكثير والكثير مما يجعل هذه الوثيقة تؤكد حقيقة الدور البريطاني في البوسنة وأخيرًا.. فمن حقكم أن تنفوا أو تكذبوا الوثيقة وما نسب فيها إلى رئيس الوزراء البريطاني ولكن لا أحد يملك أن ينفي أو يغير واقعًا يراه الجميع وتتحرك في إطاره الحكومة البريطانية يشهد على ذلك البريطانيون أنفسهم بداية من الصحفيين البريطانيين الذين يملأون مدن البوسنة والذين نقلوا وينقلون إلى العالم جانبًا هامًا من حقائق الأحداث وجرائم الصرب والكروات ضد مسلمي البوسنة ومن المؤكد أنهم زودوا الحكومة البريطانية بكم هائل من المعلومات التي لم تنشر والتي تحوي كثيرًا من الحقائق الهامة، ومرورًا بالجنود البريطانيين الذين لا يقومون سوى بالفرجة على المجازر التي تتمللمسلمين.

إننا نأمل من حكومة بريطانيا أن تحترم عقول الشعوب الإسلامية، فلم يعد يفيد في مخاطبة الشعوب تصريح ناري أو حركات مفتعلة كالتي قام بها دوجلاس مبرد مؤخرًا بالتقاط صور له وهو يشرف على الحصار الصربي في نهر الدانوب، فالتاريخ يسجل والشعوب تعي ما يدور والأيام دول، وسوف يسترد المسلمون عافيتهم وتعود قيادة الدنيا لهم بعد حين، بإذن الله.

 ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾) الشعراء: ٢٠) 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

حَديث صَريح للشيخ محمد أبو زهرة

نشر في العدد 2

1011

الثلاثاء 24-مارس-1970

مع القراء

نشر في العدد 1

904

الثلاثاء 17-مارس-1970

مع القراء 1

نشر في العدد 2

909

الثلاثاء 24-مارس-1970