العنوان السودان الشقيق.. إلى أين؟
الكاتب المحرر المحلي
تاريخ النشر الثلاثاء 27-أبريل-1976
مشاهدات 15
نشر في العدد 297
نشر في الصفحة 42
الثلاثاء 27-أبريل-1976
بدون الدخول في مقدمات تاريخية يمكننا أن نرسم الصورة التالية للموقف الإسلامي العام في السودان:
* إن الثقافة الإسلامية في السودان ليست عميقة الجذور ويقوم إسلام السودانيين على العاطفة والفطرة والعرف المتوارث- وذلك لأنه لم تقم في السودان مراكز علمية مثل الأزهر والزيتونة ودمشق وبغداد وفاس.. إلخ.
* هناك قطاعات وثنية كبيرة في الجنوب والشرق والغرب الأوسط أثرت في ثقافة المجتمع الإسلامي بمثل ما تأثرت به.
* يتعرض السودان لغزو تبشيري نصراني جاء لينافس الإسلام في كسب الوثنيين وليؤثر في أجيال المسلمين الجديدة، والجانب المسيحي في هذه المعركة أقوى علميًا وماديًا ويعتمد على رصيد معنوي كبير للحضارة المسيحية المعاصرة.. وهو بالتالي متقدم حتى الآن على الإسلام في قطاع الوثنيين، كما أن السلطات التي ترحب به تمنع التبشير الإسلامي منعًا باتًا وفاء بالتزامات سرية رافقت اتفاقية أديس أبابا «حول الجنوب» مع مجلس الكنائس العالمي.
* في القطاع الإسلامي تكافح الحركة الإسلامية وحيدة في الميدان- فليس هناك حركة علماء «رجال دين» ووزارة الأوقاف تتخذ موقفًا حياديًا! ترعى الكنائس كما ترعى المساجد ولا تلعب أي دور خوفًا من الجنوبيين- ولا يوجد أي نشاط ديني فيما عدا الحركة الإسلامية.
* هذه الحركة تعمل في ظروف بالغة الصعوبة، فقادتها وكوادرها في السجون وأفرادها مطاردون وجميع مؤسساتها مصادرة- ولكنها استطاعت خلال تاريخها القصير أن تزيل- إلى حد كبير- آثار الاستعمار الثقافي في القطاع الحديث من خلال سيطرتها على النشاط الطلابي بكامله من الابتدائيات وحتى التعليم العالي....
لذلك فالجيل المتعلم الجديد أكثر قربًا إلى الإسلام من سابقه- كما بسطت هذه الحركة نفوذها على القطاعات الشعبية الأخرى؛ كالعمال والحركات التعاونية المختلفة وفي الميدان السياسي لعبت الدور الرئيسي في إسقاط النظام العسكري السابق «٥٨-٦٤» ثم استطاعت أن تشل نشاط الحزب الشيوعي حتى تمكنت من حله تمامًا عام ١٩٦٦ إثر ثورة إسلامية شاملة عمت جميع أنحاء القطر وأدت إلى طرد نوابه من البرلمان. ثم استطاعت أن تمارس ضغطًا شعبيًا بتعبئة المسلمين حتى أقرت الأحزاب «بما فيها الأحزاب الجنوبية» مشروع الدستور الإسلامي الذي قدم للبرلمان وأجاز ثلثي أبوابه حيث جاء انقلاب عام ١٩٦٩ لينسف هذه المكاسب.
* الموقف الراهن يتلخص في صراع عنيف بين نظام النميري الذي يتكون من التحالف الآتي:
1- عسكر النميري وأمنه القومي.
٢- المسيحيين الجنوبيين ومن هم وراءهم من هيئات دولية «ويتلقى هذا التحالف دعمًا كاملًا من النظام المصري والدوائر الغربية...».
وبين الحركة الإسلامية التي تتحالف معها جميع الفئات الوطنية التي تدعم مسودة دستور عام ١٩٦٧ أفرادًا وجماعات، ومطلب هذا التحالف العاجل هو:
1- استعادة الحريات الدستورية.
2- اعتماد مسودة الدستور الإسلامي.
* «ذكرت الأنباء في الأسبوع الماضي أن ثلاثة من وزراء الجنوبيين قد ألقي القبض عليهم واتهموا بتدبير مؤامرة مسلحة في الجنوب من بينهم جوزيف أدوهو أبرز زعيم جنوبي حاليًا، وقد تمردت وحدات من الجنود الجنوبيين «المتمردين سابقًا» ودخلت غابات الجنوب بعد صدام دام مع الجيش السوداني. وهناك ٣١ ألف لاجئ جنوبي الآن في أثيوبيا.. وقد شكلت الجبهة الوطنية لتحرير جنوب السودان واستأنفت حرب الانفصال مرة أخرى.
* أما في الشمال فقد كان طلاب جامعة الخرطوم في إضراب لمدة يومين «الأسبوع الماضي أيضًا» مطالبين بإطلاق سراح ۳۰۰ طالب من زملائهم المعتقلين «وهم من أصلب العناصر الإسلامية التي تم فصلها من الجامعة واعتقالها في محاولة لاستئصال القيادات الطلابية وقمع حركة الطلبة». وقد أغلق الأمن القومي دار اتحاد الطلبة ومقهى الطلاب واستعمل العنف لتفريق تجمعاتهم. والمعروف أن قوات الأمن المسلحة تعسكر داخل الجامعة وتقوم بعمليات اختطاف وتفتيش مستمرة بين الأساتذة والطلاب».
* الآن تم افتتاح سجن صحراوي جدید شمال الخرطوم بعد أن ضاق سجن كوبر بالمعتقلين من المسلمين- ويبلغ عدد المعتقلين حاليًا فوق الألفي شخص عدا الطلاب.. ومعظم هؤلاء قد سرحوا من الوظائف، كما يوجد عدد آخر من المساجين المحكومين والهاربين والمختفين والمشردين.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل