; الشباب وتحديات العصر: 2197 | مجلة المجتمع

العنوان الشباب وتحديات العصر: 2197

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الجمعة 01-نوفمبر-2024

مشاهدات 16

نشر في العدد 2197

نشر في الصفحة 10

الجمعة 01-نوفمبر-2024

الشباب.. وشروط النصر المأمول

أ.د. حمدي شاهين

للشباب عبر التاريخ الدور الأكبر في مواجهة أخطار أمتنا وتحقيق انتصاراتها التاريخية

الشباب في كل أمة عماد نهضتها، وسر قوتها، وعزم مسيرتها، وهم المنظور إليهم حين يشتد البأس، كما أنهم معقد الرجاء وهم في كل حال يحملون على عواتقهم أعباء استيعاب دروس الماضي، ومكافأة تحديات الحاضر، وصناعة المستقبل، وذلك شأنهم في الأمم الماجدة القائدة، وفي الأمم المتخلفة الناهضة من ركام ماض عصيب على أنهم في حال التخلف التاريخي، والتماس مسارات المستقبل أعظم حملًا.

وكان للشباب عبر التاريخ الدور الأكبر في مواجهة أخطار أمتنا، وتحقيق انتصاراتها التاريخية، يوم كانت جديرة بخوض الغمار، وتحقيق النصر، فقد كانوا كثرة الجيش المجاهد يوم «بدر»، وكانوا أصحاب المبادرة بالخروج للقاء جيش الشرك يوم «أحد»، وفي غزوات الفتح الإسلامي في المشارق والمغارب، فقاد محمد بن القاسم فتح السند، وقاد قتيبة بن مسلم فتح تركستان، وكان محمود الغزنوي في الثلاثين من عمره لما بدأ مسيرة فتح الهند.

وكان صلاح الدين الأيوبي في الثانية والثلاثين لما حكم مصر، وبدأ يعد العدة لاستكمال مشروع التحرر من الصليبيين وكان قطز، وبيبرس في سن الشباب يوم انتصرا في «عين جالوت»، وقضيا على الخطر المغولي الذي هدد العالم بالدمار ولم يكن محمد الفاتح قد بلغ العشرين من عمره لما تولى عرش الدولة العثمانية وبعدها بعامين فتح القسطنطينية التي استعصت على من سبقه قرونًا من الزمان.

ولا تزال شعوب أمتنا المنكوبة تعقد على شبابها الآمال أن يخرجوها من محنة طالت وعار استفحل وإن الناظر إلى

واقعنا يؤمل تلك الآمال أن تتحقق، فها هم شباب فلسطين يعطوننا الأمل في أن يكون النصر ممكنًا، وأن يكون قريبًا بإذن الله.

شروط النصر

وإن استقراء التاريخ والواقع يوجب شروطًا لتحقيق تلك الآمال:

أولًا: أن يتركز في عقول جيل النصر وأفئدتهم تلك الحقيقة التي طالما اجتهد أعداؤنا في تغييبها، ألا وهي أن صلب معركتنا العقيدة، وأن مدار النصر وعينا بتلك الحقيقة، وسعينا إلى استجلاب ما يكافئها من مدارك عقلية، وتربية روحية ووعي حركي، واستعداد عملي.

إننا نجد قادة الصهيونية وكيانهم يؤكدون حقيقة مرتكزاتهم التوراتية المحرفة، ومنطلقاتهم التلمودية الزائفة يعلنونها من غير خفاء، ودون مواربة، ونجد قادة الغرب يؤكدونها في خبث والتواء حينًا.

وفي صراحة وجلاء حينًا آخر، ونجد سلوك هؤلاء وأولئك يترجم في وضوح عن تلك المعتقدات.

ولا سبيل لفهم دوافع تلك الجرائم الهائلة والإبادة الجماعية التي يرتكبونها في غزة والضفة، وفي لبنان، بل على امتداد تاريخهم، إلا بفهم تلك الأساطير الدينية المؤسسة لدولة «إسرائيل»، التي حذر منها المفكر الفرنسي المسلم رجاء جارودي، وتلك النصوص الدينية المحرفة التي تحض على قتل النساء والأطفال، وتوضع موضع الفعل على يد وزارتهم الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، التي تضم وزراء يتفاخرون بأفكارهم الدموية.

مثل عميحاي بن إلياهو، وزير التراث الذي دعا إلى إفناء أهل غزة بالقنبلة النووية، ومثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، أحد أتباع حاخامهم الشهير مائير كاهانا، مؤسس حركة كاخ المتطرفة الذي يمجد منفذ مجزرة المسجد الإبراهيمي باروخ غولدشتاين، ويصفه بـ«البطل» ويعلق صورته على جدار بيته ووزير ماليتهم سموتريتش، الذي ينكر وجود شعب فلسطيني من الأساس، زاعمًا أنه بدعة تم اختراعها قبل مائة عام المحاربة المشروع الصهيوني في أرض «إسرائيل»! ويعلن في صلف وجوب توسيع كيانهم ليشمل أرض إسرائيل الكبرى كما وعدت بها التوراة بزعمه.

ولم تكن العقيدة الدينية بعيدة عن رؤساء أمريكا، ولم يكونوا بعيدين في معتقداتهم الدينية عن الفكر الصهيوني منذ سيطرت عليهم الصهيونية الإنجيلية التي ترى حتمية وجود «إسرائيل» ودعمها حتى ينزل السيد المسيح!

إن صناعة النصر المنشود توجب على رواده إدراك حقيقة العدو ومنطلقاته وخططه وأطماعه، وذلك لن يحدث إلا بفهم الدافع الديني عنده، وإعداد ما يدافعه، ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَىٰ بِاللَّهِ نَصِيرًا﴾ (النساء: 45).

الصراع مع العدو حضاري بين منظومتين متباينتين ما يستدعي تطوير مشروعنا الإسلامي

طريق إنهاض الأمة الإسلامية يحتاج إلى الأيدي القوية والبصائر النافذة فيخلصوا لله الجهود

تطوير المشروع الإسلامي

ثانيًا: إدراك أن الصراع مع العدو صراع حضاري بين منظومتين متباينتين، ما يستدعي تطوير مشروعنا الإسلامي بجوانبه السياسية والاقتصادية والفكرية وامتلاك الأسس العلمية والتقنية المكافئة لما يمتلكه العدو من سبق علمي وتقني لا بد من الاعتراف به وإيجاد وسائل مجاوزته، وتوظيفه لما ينفع الناس، وينقذ العالم من مستقبل بئيس، إذ تتحكم في مقدراته منظومة عدوانية تملك زمام دماره بما لديها من قدرات نووية باتت تهدد العالم بالفعل وبما تمارسه من عداء للآخر المختلف معها، واستعداد لإفنائه كي يستمر تفوقها واستعلاؤها.

ويتصل بذلك ضرورة تلاحم الأجيال في مسيرة التغيير شبابًا وشيوخًا، وأن تنتهي تلك السخيمة الثائرة بالقطيعة بين الأجيال، وتثوير الشباب ليستخف بالأولين من حملة الدعوة ورواد الطريق، ليتحقق مراد العدو في أن تنشأ أجيال منفصلة عن تاريخها بما يحمله من دروس وخبرات.

لقد حفل تاريخنا بقدوات من الشيوخ المجاهدين قادوا الأمة في مواطن الشرف والفخر، ولم ينزع الشيطان ذلك النزع في التشغيب على مكانتهم وعمق أدوارهم بدءًا من الشيخين أبي بكر، وعمر، ومرورًا بموسى بن نصير، وكان قد شارف الثمانين لما استكمل فتح أفريقية وسار إلى الأندلس ويوسف بن تاشفين وكان قد قارب الثمانين أيضاً يوم انتصر في «الزلاقة» فأنقذ الله به الأندلس عام ٤٧٩هـ، وما زال يواصل الجهاد المحمود حتى قارب المائة حين وفاته، ووصولًا إلى أحمد ياسين.. وغيرهم.

ثالثًا: إن الدور الرسالي لخير أمة أخرجت للناس أمر عظيم لا يخص طائفة ولا فريقًا، ولا تنهض به وحدها نخبة قائدة دون الجماهير والقواعد الشعبية الحاضنة، ولا تطيقه جماعات من الشباب دون شيوخ وأساتذة عركتهم الحياة، وصقلتهم الخبرات وحركتهم طموحات توريث ذلك للأجيال الشابة الواعدة، في روح جليلة تستبطن الوحي الإلهي المبارك والمنهج النبوي القويم والسنن الإلهية والكونية الماضية.

رابعًا: إن طريق إنهاض الأمة يحتاج الأيدي القوية والبصائر النافذة للذين يؤرقهم ذكر الآخرة فيخلصوا الله الجهود، ﴿وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ﴾ (ص: 45)، وهو طريق دونه مكر الليل والنهار، وقوى الاستكبار والظلم، لكنه الطريق الذي لا طريق غيره للنجاة في الدنيا من مصارع السوء على أيدي خصوم قد رأينا أحقادهم رأي العين، وللنجاة في الآخرة من حساب الله الذي استودعنا دينه وميراث نبيه: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ۙ وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (١٣)  ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ (يونس: 13).

 الشباب وإدارة الوقت.. بين علو الهمة وتحديات الواقع

روضة علي عبد الغفار

في عالم ينضح بالتفاهة ويفقد قيمة الوقت شيئًا فشيئًا، أصبح التحدي كبيرًا على الشباب العربي والمسلم أن يدير وقته ويوازن بين مهام يومه، وسط المشتتات والملهيات التي تستهدف وقته في المقام الأول، فلم يستهدفوا قيم المسلمين ومبادئهم فقط، بل استهدفوا أوقاتهم وهي أغلى ما يملكون، وأغلى ما يقدمون لأمتهم إذا قضوها فيما ينفع.

فكيف نتمكن من الموازنة واستغلال الوقت بشكل أفضل؟ وكيف كان علماء المسلمين أشد الناس حرصًا على أوقاتهم؟ وكيف يتمكن شبابنا اليوم من إدارة الوقت وتحقيق الإنجاز؟ هذا وأكثر تتناوله المجتمع، في هذا التقرير.

إدارة الوقت من أهم المهارات التي يجب على الإنسان اكتسابها لتحقيق النجاح في جميع جوانب حياته، فمن خلال تنظيم الوقت بشكل فعال يمكن تحقيق العديد من الفوائد منها: زيادة الإنتاجية والإنجاز، وتقليل التوتر والقلق، وتحسين التركيز، وتحقيق التوازن في الحياة، كما أن التخطيط الفعلي للوقت يمكن أن ينتقل بك من العشوائية إلى الحياة العملية والمنظمة.

وأهم ما يُشعر الشباب بقيمة أوقاتهم وأعمارهم أن يكون لهم هدف في الحياة، ثم بعد ذلك يحددون أولوياتهم وينظمون أنشطتهم اليومية، فجزء كبير من النجاح يكمن في التخطيط اليومي.

ثم يأتي دور الرقابة ومقارنة ما سبق تخطيطه بما تم تنفيذه بهدف تحديد الانحرافات والاستفادة من الإيجابيات وتجنب السلبيات، فالعادات القديمة السيئة تعود سريعًا، عندما يواجه بعض الشباب صعوبات في تنفيذ الخطة اليومية يعودون إلى ممارسة عاداتهم السيئة القديمة، لذلك وجب المراجعة والصبر على التغيير.

المسلمون والوقت

ما أدركت أمة من الأمم قيمة الوقت إلا قويت ونهضت، وما أهدرت أمة قيمة الوقت إلا وذلت وضعفت ودهستها أقدام الأقوياء وهكذا كانت أمة الإسلام ورجالها، فقد عظم الإسلام من قيمة الوقت، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اغتنم خمسًا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك».

إدارة الوقت من أهم المهارات التي يجب على الإنسان اكتسابها لتحقيق النجاح

وهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كان شديد الحرص على استغلال وقته في خدمة الإسلام والمسلمين، وكان قليل النوم يقسم الليل إلى ثلاثة أقسام قسم للنوم وقسم للصلاة والقيام، وقسم لإدارة شؤون المسلمين، وكان يقول: «لو نمت بالنهار ضاعت رعيتي، ولو نمت بالليل ضاعت نفسي، فكيف بالنوم مع هذين؟!».

وكان الصحابي الجليل عبد الله بن معروفًا بحرصه على الوقت مسعود واستغلاله في طاعة الله تعالى، وكان يقول: «ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي».

ويروى عن الإمام الشافعي أنه كان شديد الحرص على وقته، وكان يحمل معه دومًا أدوات الكتابة، فإذا سمع شيئًا جديدًا ولم يجد ما يدون عليه، كان يكتب على كم ثوبه أو على باطن يده، خشية أن يضيع عليه الوقت أو ينسى العلم، ومن أقواله: «صحبت الصوفية فما انتفعت منهم إلا بكلمتين، قولهم: الوقت سيف فإن قطعته وإلا قطعك، ونفسك إن شغلتها بالحق وإلا شغلتك بالباطل».

وكان ابن الجوزي يشتكي من كثرة زواره لأنهم يضيعون وقته، فيقول: ثم أعددت أعمالًا لا تمنع من المحادثة ولكن لا بد منها، كي لا يمضي الزمن فارغاً، فأرجأت قطع الكاغد وبري الأقلام وحزم الدفاتر الأوقات زيارتهم لئلا يضيع شيء من وقتي، فهذه الأعمال لا تحتاج إلى فكر وحضور قلب.

وشيخ الإسلام ابن تيمية كان من شدة حرصه على وقته إذا أراد أن يدخل الخلاء قال لحفيده أو أحد أولاده: اقرأ هذا الكتاب وارفع صوتك بالقراءة لكي أسمع، وورد أنه ألف كتابه الشهير «زاد المعاد» وهو ذاهب للحج على راحلة.

نماذج شبابية

ومن شباب أمتنا الكثير ممن ينفقون أوقاتهم فيما ينفع، ويحاولون إدارة أوقاتهم لتحقيق الإنجازات رغم تحديات ومشتتات العصر، وقد تحدثت «المجتمع» مع بعض الشباب المتميز الذي يتمكن من الإنجاز وإدارة الوقت رغم التحديات، لنعرف سر نجاحهم في إدارة أوقاتهم.

وبالحديث عن نموذج ليوم ناجح، يخبرنا المستشار في تأسيس وإدارة المشاريع، مدير منصة «عمران»، إبراهيم هواري قائلًا: اليوم الناجح بالنسبة لي هو اليوم الذي يبدأ بصلاة الفجر في جماعة، ثم أبدأ أنشطة يومي مباشرة بعد الصلاة، لأن أفضل وقت للعمل والإنجاز هو من الفجر إلى وقت الضحى، لكي أرتب جميع الأعمال قبل اجتماع العمل الصباحي، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بورك لأمتي في بكورها».

 أهم ما يشعر الشباب بقيمة أوقاتهم أن يكون لهم هدف بالحياة ثم تحديد الأولويات

ما أدركت أمة من الأمم قيمة الوقت إلا نهضت.. وما أهدرت قيمة الوقت إلا ضعفت وذلت

وأشار إلى أن أكثر ما يساعده على إدارة يومه هو ربط الأعمال بمواعيد الصلوات، وتقسيم اليوم الأربع مراحل أولها العمل الفردي من الفجر إلى الضحى، ثم اجتماعات مع فريق العمل الخاص به من الضحى إلى صلاة الظهر، ومن وقت الظهر إلى العصر للاتصالات وإقامة العلاقات مع العملاء، ومن وقت العصر إلى المغرب يخصصه للعلاقات الاجتماعية خارج العمل المهني، وقال: إن الأفضل بعد ذلك هو النوم بعد صلاه العشاء مباشرة، لأن كل ساعة سهر ستؤثر على اليوم التالي.

وقال واري إن مما يساعده على تنظيم وقته محاولة إنجاز مهام محددة قبل دخول وقت الصلاة وإن هناك متسعًا من الوقت من صلاة الفجر حتى صلاة الظهر دون صلوات مفروضة، وهذا من حكمة تقسيم أوقات الصلوات في الإسلام.

ويرى رئيس اتحاد الطلاب المصريين بجامعة «UTM» بماليزيا عام ٢٠٢٢م محمد علي، أنه لا يوجد نموذج ثابت لليوم بينما هناك أعمدة ثابتة في اليوم لا يجب تجاوزها مثل الصلوات الخمس والأذكار والرياضة وصلة الرحم، ثم يتم وضع الأعمال الخاصة والمتغيرة في كل يوم، مثل الذهاب للجامعة أو مذاكرة مادة معينة أو إنجاز بعض الأعمال وهكذا.

وأردف أن أكثر ما ساعده على إدارة وقته هو إدراكه لعظم أهدافه، قائلًا: المرء كلما كانت له غاية عظيمة يشعر بالخزي إذا أضاع وقته، أما إذا كانت الأهداف صغيرة وتحتاج إلى وقت قليل فلن يهتم الإنسان إذا أضاع باقي وقته.

وأضاف علي قائلًا: ما ساعدني أيضًا على استغلال وقتي هو أنني أقحم نفسي في الأعمال التي تخدم أهدافي وأورط نفسي فيها، وهذا يحفز الإنسان على الإنجاز رغمًا عنه، فمثلًا من يريد ممارسة الرياضة يذهب ويشترك في الصالة الرياضية ليجبر نفسه على الالتزام، وهكذا عندما يقحم الطالب نفسه في الأنشطة الطلابية يصبح مسؤولًا ومضطرًا لإنجاز مهامه.

وأشار إلى أن أكثر ما يحدث له خللًا في إدارة اليوم عدم تحديد الأعمال التي يجب إنجازها خلال اليوم، أو إذا حلت الأعمال الأقل أهمية بدل الأعمال المهمة؛ لذا وجب حضور فقه الأولويات لتنظيم الأعمال.

ويقدم علي نصيحة للشباب أن يقدروا قيمة أوقاتهم، ولا يضيعونها بطريقة بخسة لأنها أثمن ما يملكون ويستشعروا أنهم محاسبون على هذا الوقت أمام الله تعالى.

 الشباب سواعد الوطن

د. صفية الزايد

مدرس بجامعة عبد الله السالم دكتوراه فلسفة تربية الموهوبين

تعد مشكلات الشباب اليوم من القضايا البارزة التي تتطلب اهتمامًا واسعًا؛ نظرًا لأثرها الكبير على استقرار المجتمع وتقدمه، فالشباب يمثلون العمود الفقري لأي أمة، وبقدر ما يواجهون من تحديات بقدر ما يتأثر المستقبل الذي يتشكل بهم، يتنوع ما يواجهه الشباب اليوم من مشكلات نتيجة التغيرات السريعة التي يشهدها العالم في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية، ولعلنا نستعرض معكم أهم مشكلات الشباب المعاصرة وأسبابها وسبل التعامل معها:

1 – البطالة وانعدام الفرص الوظيفية:

البطالة واحدة من أبرز المشكلات التي تؤرق الشباب في مختلف دول العالم، رغم أن التعليم يعد وسيلة لتحقيق حياة مهنية ناجحة، فإن هناك فجوة كبيرة بين ما يدرسه الشباب في الجامعات وما تحتاجه سوق العمل، هذا الخلل يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة بين الخريجين؛ ما يعزز الشعور بالإحباط وفقدان الأمل يعود ذلك جزئيًا إلى ضعف التأهيل العملي خلال المراحل التعليمية، فضلًا عن سوء التخطيط الاقتصادي البعض الحكومات التي تفشل في توفير فرص كافية تلبي طموحات الشباب.

علاوة على ذلك، تؤدي البطالة إلى العديد من المشكلات الاجتماعية، مثل ارتفاع معدلات الجريمة وزيادة حالات الهجرة غير الشرعية، إذ يلجأ الشباب إلى البحث عن حياة أفضل خارج بلدانهم من هنا يصبح من الضروري على الحكومات والشركات توفير برامج تأهيلية تدريبية تساعد الشباب على اكتساب المهارات المطلوبة لسوق العمل.

٢ – التكنولوجيا والإدمان الرقمي:

أصبح العالم الرقمي اليوم جزءًا لا يتجزأ من حياة الشباب وسائل التواصل الاجتماعي الألعاب الإلكترونية، والهواتف الذكية، كلها أدوات حديثة تقدم فوائد كبيرة، لكنها تشكل أيضًا تحديًا في حياتهم، الاستخدام المفرط لهذه الوسائل أدى إلى ظهور مشكلة الإدمان الرقمي، حيث يقضي العديد من الشباب ساعات طويلة يوميًا أمام الشاشات: ما يؤثر سلبًا على حياتهم الاجتماعية والنفسية، والدراسية.

إضافة إلى ذلك، تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي سلاحًا ذا حدين: فبينما تساعد على تعزيز التواصل والتعارف بين الأفراد، فإنها أيضًا تعزز مشاعر العزلة، وتؤدي إلى ما يعرف بـ«القلق الاجتماعي الرقمي»، حيث يعاني الشباب من ضغوط كبيرة للبقاء متصلين باستمرار وتقديم صورة مثالية لأنفسهم على الإنترنت، ما يزيد من معدلات القلق والاكتئاب الحل هنا يكمن في تعزيز الوعي لدى الشباب حول أهمية الاستخدام المتوازن للتكنولوجيا والعودة إلى التفاعل الحقيقي مع المجتمع.

على الحكومات والشركات توفير برامج تدريبية تساعد الشباب على اكتساب المهارات لسوق العمل

تعزيز الوعي لدى الشباب حول أهمية الاستخدام المتوازن للتكنولوجيا والعودة إلى التفاعل مع المجتمع

٣- ضغوطات الحياة والمستقبل الغامض:

يواجه الشباب اليوم ضغوطات حياتية متعددة ناتجة عن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي يشهدها العالم من ارتفاع تكاليف المعيشة، والحاجة إلى تحقيق النجاح السريع، والتوقعات العالية من العائلة والمجتمع كلها عوامل تجعل الشباب يشعرون بالضغط المستمر.

يصبح من المهم هنا توفير بيئة داعمة للشباب، سواء من قبل العائلة أو المؤسسات التعليمية والمهنية من أجل مساعدتهم على مواجهة هذه التحديات وتقديم النصح والإرشاد المهني لهم ومساعدتهم على وضع خطط واضحة للمستقبل يمكن أن يخفف من حدة هذه الضغوط.

٤ـ الصحة النفسية والاضطرابات النفسية:

تزايدت في السنوات الأخيرة مشكلات الصحة النفسية بين الشباب بشكل لافت من القلق والاكتئاب والاضطرابات النفسية الأخرى ويعود ذلك إلى العديد من العوامل، بما في ذلك الضغوط الاجتماعية والتحديات الاقتصادية والعزلة الاجتماعية التي تعززها التكنولوجيا، كما أن كثيرًا من الشباب يفتقرون إلى الدعم العاطفي اللازم، حيث لا تزال الأمراض النفسية تعتبر من المواضيع المحظورة في العديد من المجتمعات.

إن معالجة هذه المشكلة تتطلب تغييرات جوهرية في الطريقة التي ينظر بها إلى الصحة النفسية، فيجب تعزيز الوعي بأهمية الرعاية النفسية وتوفير خدمات الدعم النفسي للشباب من خلال المدارس والجامعات والمؤسسات الصحية، كما ينبغي التركيز على تشجيع الشباب على التعبير عن مشاعرهم والتحدث بصراحة عما يواجهونه من تحديات نفسية دون خوف من الوصمة الاجتماعية.

٥- المخدرات والمواد المؤثرة عقليًا:

تعد مشكلة تعاطي المخدرات من أبرز القضايا التي تهدد صحة وسلامة الشباب اليوم يلجأ البعض إلى المخدرات كوسيلة للهروب من ضغوط الحياة أو الشعور بالانتماء إلى مجموعة معينة، ولكن ما يبدأ كتجربة بسيطة قد يتحول إلى إدمان يدمر حياة الفرد ويؤثر على مستقبله بشكل كامل.

للوقاية من هذه المشكلة، يجب على المجتمع أن يؤدي دورًا أكبر في توعية الشباب حول أخطار تعاطي المخدرات وتوفير البدائل الصحية لهم لقضاء أوقاتهم واستثمار طاقاتهم، كما يجب دعم الحملات التوعوية والبرامج العلاجية التي تستهدف المدمنين وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأفراد الذين يعانون من هذه المشكلة.

٦- الهوية والقيم المتضاربة:

يعيش الشباب اليوم في عالم متعدد الثقافات والقيم، حيث يتعرضون لتأثيرات متنوعة من وسائل الإعلام والإنترنت هذا التعرض المستمر لقيم متناقضة يؤدي أحيانًا إلى صراع داخلي حول الهوية والانتماء، يشعر بعض الشباب بالحيرة بين تبني القيم التي يرونها على وسائل الإعلام والقيم التي نشؤوا عليها في أسرهم ومجتمعاتهم.

هذا الصراع قد يؤدي إلى شعور بفقدان الهوية أو الانسلاخ عن الثقافة المحلية، هنا يأتي دور الأسرة والمدارس في تعزيز القيم الأصيلة التي تساعد الشباب على بناء هوية واضحة ومستقرة مع التأكيد على ضرورة الانفتاح على الآخر وتقبل التنوع الثقافي دون فقدان الذات.

٧- العلاقات الشخصية والزواج:

يتعرض الشباب اليوم للعديد من التحديات المتعلقة بالعلاقات الشخصية والزواج، مع ارتفاع تكاليف المعيشة وازدياد المسؤوليات الاقتصادية وأصبح الزواج بالنسبة للكثيرين رفاهية يصعب تحقيقها، كما أن التحولات الاجتماعية المتعلقة بمفاهيم الزواج والأسرة تؤدي إلى تغير في الأدوار المتوقعة من كلا الجنسين: ما قد يسبب ارتباكًا وضغطًا نفسيًا.

الحل يكمن في تعزيز الحوار المفتوح بين الأجيال المختلفة حول توقعات الزواج والعلاقات والعمل على تخفيف الأعباء الاقتصادية التي تقف عائقًا أمام الشباب، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمجتمع تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للشباب المقبلين على الزواج.

٨- الثقافة والانتماء:

في عصر العولمة والانفتاح الثقافي، يجد العديد من الشباب أنفسهم في حالة من الضياع الثقافي، حيث تفرض عليهم تأثيرات ثقافات أجنبية قد تتعارض مع القيم والتقاليد التي تربوا عليها، هذا الصراع قد يؤدي إلى فقدان الهوية أو التردد بين تبني قيم جديدة أو الحفاظ على التقاليد القديمة.

الحل هو تعزيز مفهوم الانفتاح على الثقافات المختلفة مع الحفاظ على الهوية الشخصية والوطنية يمكن للمؤسسات التعليمية والثقافية أن تؤدي دورًا كبيرًا في توجيه الشباب نحو فهم أعمق لهوياتهم مع الانفتاح على الآخر.

9-                 الاستقلال المالي:

يطمح الكثير من الشباب إلى تحقيق الاستقلال المالي، لكن ذلك ليس بالأمر السهل في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، فارتفاع تكاليف الحياة وصعوبة الحصول على وظائف مستقرة تشكل عوائق كبيرة أمام هذا الطموح ما يجعل الكثير منهم يعتمدون على دعم الأهل لفترات طويلة.

لتحقيق الاستقلال المالي، يمكن للشباب البحث عن فرص عمل غير تقليدية مثل العمل الحر أو المشروعات الصغيرة، كما يمكن للحكومات والمؤسسات دعم هذه المبادرات من خلال تقديم برامج الإرشاد التي تساعد الشباب على بناء مستقبلهم المهني والمالي.

بعد استعراض هذه المشكلات، يتضح أن التحديات والمشكلات التي يواجهها الشباب اليوم متشابكة ومعقدة، وتتطلب تدخلًا جماعيًا من قبل الحكومات والمجتمعات والمؤسسات التعليمية وأن تتخذ الحلول طابعًا شاملًا يراعي الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والنفسية للشباب.

للأسرة والمدارس دور في تعزيز القيم الأصيلة التي تساعد الشباب على بناء هوية واضحة ومستقرة

يمكن للشباب البحث عن فرص عمل غير تقليدية مثل العمل الحر أو المشروعات الصغيرة

الشباب.. والخطاب الديني المعاصر

د. محمد أحمد عزب

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تجتاح العالم كله، وأصبح الشباب على صلة دائمة بتلك الوسائل، وعنصرًا مستهدفًا لها، وركنًا من أهم الأركان التي يقوم عليها خطابها، وأصبحت هذه الوسائل تمارس دورًا مهمًا في تشكيل الهويات وتغيير القناعات، وهذه الوسائل ليست وليدة البيئة المسلمة، ولا هي من أوجدتها، فلذا أصبحت أداة مهمة بيد من يتحكم فيها، وقد أصبحت تقرأ أفكار الأشخاص من خلال تحليل اهتماماتهم، وتقدم لهم ما تتصور أن هذا يوافق شخصيتهم.

في حين يجد الشباب أحياناً في الخطاب الديني تطلعًا مهمًا لتلبية الفراغ الروحي وبنائه، فقد يوفر لهم إجابات عن تساؤلاتهم الوجودية، لكن في الوقت ذاته يتعرض الشباب لتعدد المصادر الدينية، مما يجعلهم مرتبكين وغير قادرين على تمييز الصحيح من الخطأ، وآخرون قد يشعرون بأن الخطاب الديني معوقًا، يقيد حريتهم أو يتعارض مع تطلعاتهم.

ومن هنا، ينقسم الشباب حيال الخطاب الديني إما إلى رفضه بالكلية لما يرونه معوقًا لتطلعاتهم، وإما إلى قبوله باجتهادهم الشخصي، أو بالتلقي عن غير متخصص، فتحدث أزمة كبيرة بين ما يسمعه وما يشاهده، ويعايشه واقعًا.

فمفاهيم كالنصر التي يصدرها غير المختصين من الدعاة تصطدم مع الواقع حيث يقدمون فكرة ناقصة أو زائفة عن النصر، فتخالف الفكرة الواقع، فتكون النتيجة إما رفضًا للخطاب بالكلية، أو قبوله بهذا الشكل الناقص الذي يصطدم بسؤال من أحد العوام لا يستطيع مقدم الصورة الناقصة للنصر الجواب عنه، كأن يقول له: أين النصر هناك فيما صورته هنا عن مفهومه؟

ومسألة كمكانة الصحابة كإحدى المسائل والمفاهيم التي يغلفها الدعاة بسياج يصطدم مع أسئلة تثور في أذهان الشباب؛ حيث يقدم لهم الصحابة بصورة ملائكية تجعلهم في حيرة من أسئلة ذهنية لازمة فإذا كانوا بهذه الملائكية، فلم تقاتلوا وتخاصموا فيما بينهم؟!

الخطاب الديني يجب أن يكون باللغة الأقرب لفهم الشباب يركز على المثل العليا في صورتها الواقعية

ومعاصرًا ومناسبًا لواقع الشباب فيقدم لهم الدعم النفسي والروحي ويساعدهم على التعامل مع التحديات

ينبغي للمؤسسات التعليمية تهذيب التدين وترشيده في ذهن الشباب من خلال معلميها إذا عجزت المناهج

بل إن مفاهيم مهمة تختص بالأحوال والمقامات قدمت للشباب بصورة تقتل فيهم الإبداع، وتدعوهم للانهزامية، وتؤسس فيهم الإرجاء والتخاذل يقول ماجد الكيلاني: «انقلب معنى التوكل فصار تبريرًا للارتجالية، والفوضى وعدم الإعداد وإضاعة الوقت والمقدرات بعد أن كان ثباتًا وإصرارًا، بعد استكمال الاستعداد والتخطيط.

وانقلب معنى التسليم للمشيئة الإلهية فصار تبريرًا للتراخي وعدم الإنجاز، بعد أن كان تصميمًا على مواجهة المصاعب واستهانة بكافة العقبات ما عدا مشيئة الله» (1)[1].

وفي الوقت ذاته، ضيق بعض الدعاة مفهوم العمل الصالح، وحصره في المجالات الدينية، رغم تأكيد الشريعة على اتساعه بل ووجود الأمثلة العملية على هذا التأكيد كما في قصة التي سقت الكلب، أو في مشورة من اقترح حفر الخندق، وأشار بتغيير منزل الحرب في «بدر»، أو في فعل من خذل الأعداء في يوم «الأحزاب»، فالعمل الصالح يتسع ليشمل العمل القضائي، والعسكري، والاجتماعي والتعليمي.

يقول الكيلاني: «العمل الصالح هو الترجمة العملية والتطبيق الكامل للعلاقات التي حددتها فلسفة التربية الإسلامية، بين إنسان التربية الإسلامية من ناحية، وكل من الخالق والكون والإنسان والحياة، والآخرة من ناحية أخرى» (٢)، فهو مفهوم متسع لا يجوز معه أن يرسخ الدعاة أو يسوغوا للمرء ترك تعلم الطب، ويتعلم الفقه، بحجة أن الفقه أقرب إلى الله وأجزل في المثوبة.

واجبات مهمة

يجب أن يكون الخطاب الديني باللغة الأقرب لفهم الشباب يركز على تقديم المثل العليا في صورتها الواقعية، فإذا تكلم عن الصحابة تكلم عنهم بصورة لا تنزع بشريتهم، أو تجعلهم في رتبة الملائكة أو الأنبياء.

كما ينبغي ألا يؤسس الخطاب لفكرة العبد الأجير الذي ينتظر الجزاء فور انتهاء العمل، كأن يربط الصلاة بسعة الرزق، ثم لا يوضح اتساع مفهوم الرزق، والصلاة المطلوبة التي تستلزمه، أو أن يقول: من فعل كذا حدث له كذا، ومن قام بكذا وجد كذا.

فالعبادة قائمة في الأساس على التسليم المطلق لله، وابتغاء الأجر في الآخرة، والعبادة فاعليتها في جزائها الأخروي، لا في جزائها الحالي في الدار العاجلة.

ينبغي أن يرسخ الخطاب الديني مسألة أسئلة المصير الثلاثة من أين؟ ولماذا؟ وإلى أين؟ وهي الأسئلة التي حارت فيها الفلسفات الغربية التي تسيطر على وجدان المجتمع الغربي الذي يسعي لعملية تحويل للفطر البشرية باسم الحريات والحقوق الثابتة.

كما ينبغي أن يوسع مفهوم السنة التي هي الرحمة واللين والمروءة والكرم والجسارة، والحياء، والرفق، واللين، والصلة والإكرام، والعطف، ولا تقدم السنة فقط على أنها مجموعة من الأفعال في الهدي الظاهر، ويقف عندها فقط، ويحاجج حول أهميتها، وحكم الصلاة خلف تاركها، فهذا من الجهد الضائع الذي يقع فيه كثير من الدعاة في الخطاب الديني الذي يستهلك الجهد ولا تترتب عليه فائدة.

يجب أن يكون الخطاب الديني معاصرًا ومناسبًا لواقع الشباب، فيقدم لهم الدعم النفسي والروحي، ويساعدهم على التعامل مع التحديات التي تواجههم في مدارج الحياة.

ينبغي أن يكون الخطاب الديني مبنيًا على الحوار والتفاعل مع الشباب، والشعور بهم، والترحيب بالنافع المفيد من أفكارهم. من هنا يمكن أن نقول: إن عملية التزييف والتسطيح لعقول الشباب وفناء أعمارهم في التيه، هو تقهقر للغة الخطاب الديني أو ضعفه، أو عدم وعي القائمين به، أو إغراقهم في وعود عاجلة لتدين ربما تتخلف عن قريب نتائجه، فتكون جناية الخطاب على الشباب أشد من جناية الوسائل التي تحاول تحييده دينيًا أو تحويله بالكلية عن الدين.

أدوار لازمة

الشباب هو حلقة من حلقات المجتمع الواسعة، ولا يمكن أن تترك عملية تشكيل وعيه الديني لفئة الدعاة القاصرين، بل لا بد من دور للأسرة في الإرشاد إلى النافع المطلوب، وألا تمارس الأسرة هذا الدور بفوقية وقسوة تجعله مرفوضًا لدى الشباب.

ينبغي أن نشير إلى دور المؤسسات الدينية، التي يجب أن تطرق الأبواب على الشباب، ولا تأخذ بقول من يثبطها بحجة أن المريض يذهب للطبيب، ولا يذهب الطبيب للمريض، فدور المؤسسات هو طرق الأبواب على الشباب والدخول عليهم من كل نافذة، إذ تملك المؤسسات الدينة الراسخة في الأمة الصورة الأقرب للحق والأولى بالانتهاج.

كما ينبغي أن تقوم المؤسسات التعليمية بعملية تهذيب التدين، وترشيده في ذهن الشباب ولو من خلال معلميها إذا عجزت المناهج.

من المهم، في النهاية، أن تكون هذه الأدوار تمارس المطلوب منها بأناة وعقلانية في الخطاب والتوجيه والتحذير والتحفيز والنقد والرفض والقبول، فطبيعة الشباب رفض الخطاب القائم على غير العقل المتخذ من الإلزام منهجًا، أو من التحجير على القول طريقًا.


[1] (1)      أهداف التربية الإسلامية، ص ١٦٩.

(۲) المرجع السابق، ص ٤٤.

الشباب والقدوات الحسنة.. غياب أم تغييب؟

محمد فتحي النادي

إن تقليد ومحاكاة الآخرين من الأمور المغروزة في الإنسان، فتجد الطفل الصغير يحاكي حركات أبيه وأمه وأفعالهم كأنه مرآة صافية تنعكس عليها أفعال الآخرين.

وكلما كبر الإنسان توسعت دائرة من يقلدهم فيخرج عن الدائرة الضيقة التي كان يحاكيها من الآباء والأقرباء والجيران، ويقتدي الإنسان بمن سبقه ثقة منه فيهم لنجاح تجاربهم، أو رضا بصنيعهم، أو لتأكده ويقينه بأنهم أقرب إلى الكمال البشري، أو تحققت فيهم بالفعل المثالية، أو أنه طلب منه ذلك من عالم الغيب والشهادة: ﴿أُولَٰئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ۚ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (٨٩) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ﴾ (الأنعام: ٨٩-٩٠)، ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ (الأحزاب: 21)، ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ (الممتحنة: 4).

أو رغبة في عدم الخروج من دائرة أفعالهم: ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ (٢٢) وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ﴾ (الزخرف: 22).

والقدوات هم الذين نرى فيهم تحقق آمالنا وأحلامنا، وأن ما نتمناه ونتغياه ليست أوهامًا، بل هناك من حققها على أرض الواقع، والبشر متفاوتون في مواهبهم وقدراتهم ففيهم صاحب الهمة العالية والعزم القوي.. إلخ، وهم القليل، وفيهم ضعيف العزم خسيس الهمة.. إلخ.

وقد أظهر الله تعالى ميزات هؤلاء الروحية والنفسية والعقلية والبدنية ليعلم باقي البشر أن الوصول إلى درجة هؤلاء أو الاقتراب من درجتهم مقدور لمن بذل المجهود، وليس كل البشر يحبون أن يكونوا رؤوسًا أسيادًا أعلامًا، بل غالبهم يحبون أن يكونوا أتباعًا يسيرون على نهج قائدهم، وينفذون رؤيته.

والطفل حينما كان يحاكي أبويه كان يفعلها بطريقة عفوية تخلو تقريباً من الوعي، لكن الشاب حينما يختار قدوته فإنه يكون على وعي بما يفعل؛ إذ يكون قد حدد هدفه ويبحث بعدها عمن وجد أن هدفه قد تحقق فيه.

فهو إن كان يبحث عن الدين والأخلاق والعلم فإنه يبحث عن الرموز المبرزين في تلك الجوانب، وإن كان يبحث عن الغنى فإنه يبحث عن الأغنياء الذين انفتحت عليهم الدنيا وملكوها، وإن كان يبحث عن الشهرة فإنه ينظر ويفتش عمن طار ذكرهم في العالمين .. إلخ.

وكل هدف يسعى صاحبه لتحقيقه له طريقان طريق مشروع، وآخر غير مشروع فمثلًا الباحث عن الغني قد لا يهمه إن اكتسب ماله من حرام فالعبرة عنده أن يكون غنيًا، ويستعين على ذلك بقدوات سبقوه في ذلك المسلك، وهناك من يطلب الغنى ويجد في ذلك، لكنه يتحرى الحلال، ويتشرف للقدوات الذين بلغوا ما أرادوا عن طريق الكد والكفاح وطلب الحلال.

وهذا يعني أن القدوات الحسنة لها نماذج موجودة، وكذلك القدوات السيئة، وما على المرء إلا أن يختار قدوته، قال تعالى مبينًا النموذجين، فقال عن إبراهيم وذريته: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾ (الأنبياء: 73)، وقال عن فرعون وفريقه: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ﴾ (القصص: 41).

والشباب أثناء محاولتهم تحديد أهدافهم قد يتخبطون في اختيار قدواتهم، فلا يحسنون الاختيار فيسيرون في طريق ويقطعون فيها أشواطًا، لكنهم قد يكتشفون أنهم لم يتخذوا القدوات المناسبة، والطامة الكبرى فيمن يطلب الدين عند غير أهله من أهل البدع والشبه الذين يلبسون مسوح الدعاة والمصلحين، وهم المفسدون حقًا، فبعض الشباب رغبة منه في التدين قد يقع في براثن المتشددين أو المتسيبين، أو المأجورين الإفساد الناس باسم الدين.

فعن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكون دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها»، قلت: يا رسول الله صفهم لنا د، قال: «هم قوم من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا» (1)[1]، هذا إن كان الاختيار متاحًا للشباب في اختيار القدوات لكنه في بعض الأزمان والظروف يتم حجب بعض القدوات وإبراز آخرين.

والقدوات نوعان: تاريخية، وآنية حينية؛ بمعنى أن الشباب عندهم المجال الواسع في  اختيار القدوات فهناك السابقون المتوفون عبر الأزمان الذين بت في أمرهم وعلم حالهم أهم من القدوات الحسنة أم السيئة، وهناك القدوات الأحياء الذين يعيشون بيننا، الذين قد نخدع في مظاهرهم، ونظن أنهم من القدوات الحسنة، لكن الزمن قد يظهر عكس ذلك، وفي هذا السياق يفهم معنى قول عبد الله بن عمر: «من كان مستنًا فليستن بمن قد مات» (۲)[2]، وعلل ابن مسعود ذلك بقوله: «فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة» (٣).

القدوات هم الذين نرى فيهم تحقق أحلامنا وأن ما نتمناه ليست أوهامًا بل هناك من حققها على أرض الواقع

العولمة ما هي إلا نتاج فكر غربي إمبريالي أحادي القطب قائم على الأطماع الاستعمارية

والقدوات الحسنة التاريخية وإن غابوا فإنهم لا يمكن تغييبهم أو طمسهم؛ فسيرهم وأعمالهم في الكتب السماوية والأثرية وذكرهم باق لقيام الساعة كما قال تعالى: ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ﴾ (الصافات: 129) عن بعض الأنبياء، ومعنى الآية: «تركنا عليه ثناء حسنا في كل أمة؛ فإنه محبب إلى الجميع» (٤).

والإشكال يكمن في القدوات الحينية الذين هم على قيد الحياة الذين يمكن تغييبهم إذا حدث خلاف بينهم وبين المتنفذين في مجتمعهم، أو النظام السياسي نفسه المتحكم في الدولة.

ففي أوقات الأزمات السياسية قد تضيق الأنظمة بالمخالفين لها في الرؤية فتعمل على التخلص منهم وتغييبهم من خلال تشويههم والهجوم الدائم عليهم، أو بفصلهم من أعمالهم حتى لا تكون لهم كلمة مسموعة، أو بوضعهم تحت الإقامة الجبرية، أو بالاعتقال أو بمنعهم من الظهور على وسائل الإعلام المرئية أو المقروءة من خلال المحاضرات أو المقالات وإفساح المجال لغيرهم ممن لا يمثلون أي خطر على الدولة ومشروعها، ويكونون أداة لإلهاء الشعوب عن القضايا الكبرى المصيرية، ويتم إغداق الأموال عليهم، لأنهم يمثلون أبواقًا للأنظمة، وهؤلاء قد يكونون من الواقعين تحت قول النبي صلى الله عليه وسلم، الذي رواه حذيفة بن اليمان «لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكم ابن لكع»(٥)[3].

والقدوات الحسنة لا ينقطعون على مر الزمان من أول الخليقة، قد يقلون أو يكثرون، لكنه في آخر الزمان لا يبقى للناس إلا القدوات التاريخية إذ إن القدوات الحينية يقلون حتى إنهم يندرون، بل حتى إنهم ينتهون: فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤوسًا جهَالًا فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» (٦).

وعليه، فمهما حاول البعض تغييب القدوات فإنهم قد يقدرون على الأحياء منهم، لكنهم لن يتمكنوا من تغييب الأموات منهم، فباب القدوة مفتوح إلى آخر الزمان، ومن هنا كان السر في حياة هذه الأمة وعدم موتها، ونهضتها من بين ركام المصائب والأهوال.


[1] (1)    أخرجه ابن ماجه في الفتن، باب: العزلة ح(۳۹۷۹)، وقد صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه.

[2] (2)    حلية الأولياء لأبي نعيم (١/ ٣٠٥).

(3)      السنن الكبرى للبيهقي (١٠/ ١١٦).

(4)      تفسير القرطبي (١٥/ ٩٠).

[3] (5)    أخرجه الترمذي في الفتن، ح(۲۲۰۹)، وقال: هذا حديث حسن غريب، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي.

(6)      أخرجه البخاري في العلم، باب: كيف يُقْبَضُ الْعِلْمُ.. ح(١٠٠).

شباب عرب ومسلمون سطروا قصص نجاح

شيماء أحمد

النجاح ليس عطية تُعطى، ولا إرثًا يورث، بل نتاج عمل جبار، وسهر بالليل والنهار: هكذا تؤكد حياة المسلمين المهاجرين الذين حصدوا ثقة العالم بإنجازاتهم المبهرة للبشرية، وتخطيهم لتحديات الغربة وأوهام التفوق المتعالية في عقل الرجل الأبيض.

في السطور التالية ترصد «المجتمع» بعض قصص النجاح للملهمين العرب والمسلمين الشباب، الذين حصدوا نجاحات مذهلة.

1-                 لاجئ فلسطيني ساهم بعلاج «كورونا»:

من مخيمات النيرب في حلب، خرج اللاجئ الفلسطيني د. محمد إبراهيم زيدان، وقد أنهى دراسته للكيمياء الحيوية بتفوق في سورية، وبعد اندلاع الثورة هاجر إلى لبنان وعمل متطوعًا في منظمة الهلال الأحمر الفلسطيني، لكن وكل اللاجئين الفلسطينيين ظل زيدان يعاني قسوة المعيشة؛ فاضطر للهجرة إلى البرازيل الإكمال مسيرته العلمية.

أتقن زيدان اللغة البرازيلية خلال ١٤ شهرًا فقط، وعدل شهادته في جامعة فيسوزا الفيدرالية، وعمل كمحاسب صندوق في أحد المطاعم قبل أن يفتتح مطعمًا خاصًا للمأكولات ليغطي نفقاته، ولكن حلمه العلمي ظل يراوده؛ فالتحق بشركة متخصصة بإنتاج الأدوية وأشرف على مشروع شركة أمريكية دولية لربط أجهزة التحليل المتطورة، ومنذ ذلك الحين عرف زيدان ببراعته، والتحق بمعهد بوتانتان الحكومي البرازيلي، وهي أكبر مؤسسة بحثية في مجال اللقاحات في أمريكا الجنوبية، وحصل بفضل إنجازاته على العضوية الدائمة بمجلس الكيمياء الأعلى، وهو يساهم في إنتاج اللقاحات المضادة للفيروسات ومنها فيروس «كورونا».

2-                 عربي في جمعية القلب الأوروبية:

حصل الطبيب المصري الشاب حاتم سلیمان استشاري الحالات الحرجة، على تكريم وعضوية جمعية القلب الأوروبية، وهو وسام يمنح سنويًا لثلاثة خبراء حول العالم تقديرًا لجهودهم.

تخرج سليمان في جامعة الإسكندرية وتخصص في طب الحالات الحرجة، ثم انطلق إلى بريطانيا وعمل بمستشفى هيرفيلد الذي أجرى به د. مجدي يعقوب أول عملية قلب مفتوح، وقال: إن حلمه لا يزال تزويد أطباء الشرق الأوسط بمستجدات هذا العلم، خاصة مع ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض القلب.

3-                 أول مسلم يقود حزبًا بريطانيًا:

قبل عامين، كان اسم السياسي وطبيب الأسنان الشاب أنس ساروار وصورته مع زوجته المحجبة ملء الصفحات الأولى لوسائل الإعلام الدولية؛ كونه أول مسلم يقود حزبًا سياسيًا في بريطانيا، وهو حزب العمال الإسكتلندي، متغلبًا على منافسيه البريطانيين.

نشأ ساروار في أسرة باكستانية مسلمة، وكان والده أول برلماني مسلم في بريطانيا عن حزب العمال، وقد عمل أنس الابن بالطب ثم اتجه للبرلمان والمشاركة السياسية، وتم تصعيده في حزب العمل وانتخب في قائمة «MSP» لجلاسكو في عام ٢٠١٦م، وقد اهتم بقضايا السلامة في مستشفى ملكي وتم التحقيق معه، كما اهتم بتخطي المجتمع المعضلة العنصرية والتمييز ضد غير البيض، وقد تلقى تهديدات بالقتل ولأسرته التي تضم 3 أطفال، كما تعرض للتمييز ضده بعد قيادته للحزب عام ۲۰۱۷م، وتم إخباره بأن ذلك يرجع لدينه ولون بشرته ومن هنا أسس ساروار ائتلافاً لمكافحة «الإسلاموفوبيا» في البرلمان عام ۲۰۱۸م حتى وصل لرئاسة الحزب عام ۲۰۲۱م.

4-                 أول محجبة في البرلمان الأسترالي:

تعد فاطمة بيمان ذات الأصول الأفغانية أول نائبة محجبة في تاريخ البرلمان الأسترالي، وهي عضوة سابقة في حزب العمال، ومن المدافعات عن حقوق فلسطين، ولهذا فقد قررت الاستقالة من حزب العمال لتصبح نائبة مستقلة في مجلس الشيوخ بعد موقف الحزب من غزة.

كان جد بايمان عضوًا في البرلمان الأفغاني، واضطرته الظروف للهجرة خارج البلاد، وقد عمل الأب في مهن بسيطة ليوفر حياة كريمة لأسرته، متوجهًا لباكستان في البداية ومنها هاجر لأستراليا واجتمعت به أسرته، وقد روت ابنته كيف كانت تستمع له على العشاء يحدثها عن أحلامه من أجل أبناء وطنهم، ولكنه مات بالسرطان وعاني طويلًا، وانضمت هي لحزب العمال للدفاع عن حقوق العمال مثل أبيها.

5-                 داليا مجاهد.. مؤثرة مسلمة صاعدة:

«٨٠٪ من التغطيات الإخبارية عن المسلمين تكون سلبية»، هكذا صرحت داليا مجاهد، وهي مستشارة سابقة في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، وواحدة من أكثر النساء تأثيرًا في العالم العربي.

وقد صعد نجم مجاهد بعد سلسلة محاضرات عن أوضاع العرب والمسلمين بعد أحداث ۱۱ سبتمبر وحالة «الإسلاموفوبيا» التي اجتاحت الغرب، ومزجتها بحياتها الشخصية، وهي باحثة مصرية حاصلة على شهادة الهندسة الكيميائية، ولكنها دأبت على دراسة أوضاع المسلمين حتى أصبحت حاليًا مديرة تنفيذية لمركز كالوب للدراسات الإسلامية، إضافة لعضويتها بمراكز مرموقة للتواصل الإسلامي الغربي.

٦- منصة خان التعليمية تغزو العالم:

في عام ٢٠٠٨م، كان الشاب الهندي الأصل سلمان خان الذي يعيش بولاية لويزيانا الأمريكية، يسعى لمساعدة ابنة عمه في دروس الرياضيات عبر فيديوهات الشرح المواد بشكل مبسط، وهو شاب مثابر تخرج في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا وتخصص في الرياضيات، ثم حمل درجتين للماجستير في الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسب، لم يكن خان يعلم أن قناته البسيطة ستتحول لمنصة عالمية في التعليم الإلكتروني، بل وتغير من مفاهيم التعلم عن بعد وخاصة للمواد العلمية كالفيزياء والكيمياء والرياضيات.

كان حلم خان بناء مدرسة افتراضية مجانية عالمية، وسعى لتعلم كيف يرسم الدروس ويسجلها بأشكال بسيطة، وقد اعتمد طريقة وهي ورقة وقلم وحفنة أقلام كما تعاون مع كبرى المنصات التعليمية مثل لجعل المحتوى أكثر «COLLEGE BOARD» تفاعلية مع الطلاب في مراحل التعليم والاستجابة لأسئلتهم وآرائهم، وأصبحت خان أكاديمي ملاذا للطلاب مع انتشار جائحة «كورونا»، وفي ظروف استثنائية اجتاحت بلدان أفريقيا وآسيا.

وقد دعا بيل جيتس، عملاق «ميكروسوفت»، لأن يستمع العالم لقصة خان عبر منصة «تيد»، والقيم في الأمر أن المؤسسة لا تستهدف الربح وتعتمد على التبرعات والإعلانات على شبكة الإنترنت إلى جانب اشتراكات رمزية، وقد اختارت مجلة «TIME» مؤسس «خان أكاديمي» ضمن أكثر ۱۰۰ شخصية مؤثرة في حياتنا.

 العالم العربي وبطالة الشباب.. المشكلة والحل

أحمد عبد الواحد

هل تعلم أن العالم العربي الذي ينعم بثروات نفطية ومعدنية وزراعية وحيوانية هائلة، سجل معدل بطالة بنسبة ١٢ في العام ٢٠٢٢م، وهو المعدل الأعلى في العالم؟

وهل تعلم أن هناك أكثر من ١٧ مليون شخص في المنطقة العربية لم يستطيعوا الحصول على وظيفة، وفق تقديرات منظمة العمل الدولية في العام ٢٠٢٣م؟

وهل تعلم أن عدد سكان الوطن العربي يبلغ أكثر من ٤٧٠ مليون نسمة، يشكل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين ١٠ و24 عامًا، ٢٨% منه إجماليه، وفق بيانات صندوق الأمم المتحدة للسكان؟

لكن الأهم من تلك الأرقام والبيانات أن هذا العالم الذي يمتد من الخليج شرقًا إلى المحيط الأطلسي غربًا، في حاجة إلى توفير أكثر من ٣٣ مليون فرصة عمل بحلول العام ۲۰۳۰م، فهل صناع القرار، ودوائر الحكم والمال والأعمال، على أهبة الاستعداد لذلك؟

يمكن الانطلاق من لغة الأرقام إلى مناقشة أبعاد هذا التحدي الجسيم، الذي يجثم على صدور الشباب العربي منذ عقود، مع تزايد معدل النمو السكاني واستمرار الأزمات السياسية والعسكرية والاقتصادية في المنطقة، إضافة إلى تطور سوق العمل بشكل هائل بات يبدو في الأفق، غير ملائم، لاستيعاب الخريجين من منظومات التعليم المترهلة عربيًا، والمتخلفة عن ركب التقدم في الألفية الثالثة.

بالتأكيد تختلف أسباب البطالة من مجتمع إلى آخر، وتتفاوت النسب من دولة إلى أخرى، لكن في المجمل، تبقى نسب البطالة عربيا هي الأعلى والأخطر، فوفق بيانات البنك الدولي، سجلت جيبوتي معدل بطالة بنسبة 26.3%، تليها الضفة الغربية وغزة 24.4%، والصومال 19%، وليبيا 18.7%، بينما سجل الأردن 17.9%، واليمن 17.2% والعراق 15.5%، وتونس 15.1%، خلال العام ٢٠٢٣م.

وجاءت معدلات البطالة في باقي الدول العربية كالآتي، سورية 13.5% الجزائر 11.8%، لبنان 11.6%، السودان 11.4%، موريتانيا 10.5%، المغرب 9.1%، جزر القمر 5.8%، مصر 7.3%، بينما انخفض المعدل في دول الخليج تحديدًا، ففي السعودية كان معدل البطالة 4.9%، بينما في الإمارات 2.7%،  والكويت 2.1%، وعُمان 1.5%، والبحرين 1.2%، فيما جاءت قطر كأقل البلدان العربية معاناة من البطالة بنسبة 1.0%، بحسب البنك الدولي.

تقول منظمة العمل العربية: إن واحدًا من كل ٥ شباب «20.4% من سكان العالم» ينتمي إلى فئة الذين لا يعملون ولا يتعلمون ولا يتدربون، وأن أكثر من نصف العمال الشباب في وظائف غير رسمية ما يعني جسامة هذا التحدي الذي يخلف آثارًا كارثية، تصل بالمرء إلى الفقر والجريمة والعنوسة والإدمان والإلحاد والانتحار.

رأس الأسباب وراء أزمة البطالة تدني مستوى التعليم وعدم مواكبة المناهج الدراسية لمتطلبات العصر

يبدو أن البطالة أساس الشرور في هذا العصر الذي تحكمه المادية، وتسيطر عليه الاستهلاكية بشكل متنام ومتسارع، بما يجعل حل تلك المشكلة مفتاحًا سحريًا؛ للقضاء على الكثير من الأزمات التي يعانيها الشباب العربي والانتقال بدول المنطقة من مصاف دول العالم الثالث، إلى مقدمة الأمم، وصدارة العالم.

حينما تكون الدول العربية هي الأكثر شبابًا حول العالم «ربع سكان المنطقة من الشباب»، فمتوسط أعمار السكان في الوطن العربي تحت سن الثلاثين في معظم الدول؛ بل إن نحو ٦٠٪ من السكان تقل أعمارهم عن ٢٥ عامًا؛ ما يعني أننا أمام طاقة مهدرة، وثروة بشرية لا تقدر بثمن، ليس من المنطقي أن تظل أسيرة للبطالة والخمول، أو رهن الفراغ وقلة فرص العمل.

أسباب وحلول

بالنظر إلى أن المنطقة العربية تسجل واحدة من أعلى معدلات بطالة الشباب في العالم، وفق منظمة التعاون الاقتصادي، فإن الأمر جلل، ويحتم تشخيص الأسباب، وتوفير الحلول، شريطة توافر إرادة حقيقية لدى صناع القرار لاستئصال هذا الخطر الجسيم، وليس الهروب من المواجهة بإتاحة مساحات أكبر من اللهو والترفيه والدفع بتلك الطاقة البشرية الهائلة إلى بئر الفراغ والشهوات والجنس والكرة والموضة وغيرها من ملهيات العصر.

إن الأزمة لا تكمن في الموارد أو في عدم توافر السيولة المالية بقدر ما هو تهميش للشباب، ورغبة في عدم تمكين تلك القوة البشرية تعليميًا واقتصاديًا وسياسيًا، وتحويل التعليم إلى شهادات ورقية فقط، ومؤهلات لا تسمن ولا تغني من جوع.

يقف على رأس الأسباب وراء أزمة البطالة، تدني مستوى التعليم في العديد من الدول العربية، وعدم مواكبة المناهج الدراسية المتطلبات العصر، واعتماد الطرق النظرية في التدريس، وإهمال الجوانب العملية وتغييب المهارات اللازمة المحفزة للتفكير والإبداع، وغياب التخطيط والربط بين سوق العمل ومخرجات التعليم والتدريب، وضعف موازنات الإنفاق على التعليم والبحث العلمي.

كذلك من الأسباب التي تفاقم من المشكلة تفشي الفساد، وانتشار المحسوبية، وسوء توزيع الثروات، والاستبداد السياسي، والبيروقراطية وسوء الإدارة، وغياب الأولويات، والتوجه نحو الاقتصاد الاستهلاكي والترفيهي، إضافة إلى إغراق المنطقة العربية في نزاعات أهلية وحروب وصراعات سياسية لا نهاية لها.

لكن توافر الإرادة السياسية أولًا، كفيل بوضع خارطة طريق للتخلص من تلك الأزمة، بل تحويلها من عامل سلبي ولغم قاتل، إلى مصدر إيجابي، وقوة دفع، وسلاح بشري، يقود عالمنا العربي نحو التقدم حال تطبيق منظومة كاملة من الإجراءات والسياسات، تعنى أولا بالنهوض بالتعليم والتدريب المهني، ورفع كفاءة مخرجاته، وتطوير مستوى الخريجين بما يتلاءم مع سوق العمل ومواكبة احتياجات الرقمنة والتطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، ودراسة سوق العمل في بلاد الغرب، وفي المجتمعات التي تعاني من الشيخوخة في تركيبة سكانها؛ لتلبية احتياجاتها من الكفاءات والعمالة الماهرة.

وينصح الخبراء بعمل خريطة تبين اتجاهات سوق العمل العربي والعالمي، وصياغة مناهج تلبي احتياجات السوقين وتطبيق معايير تعليمية وتنافسية موحدة، والتوسع في التعليم التقني، وإقرار برامج وطنية في مجال التدريب والتأهيل والتشغيل تطبق المعايير الدولية، بما يتيح تأهيل العمالة الوطنية، وإكسابها ميزات تنافسية تتفوق على العمالة الهندية أو الأفريقية، على سبيل المثال.

للحد من تنامي البطالة زيادة دعم المشروعات الصغيرة وتقديم التسهيلات لمشروعات شباب الخريجين

توافر الإرادة السياسية كفيل بوضع خارطة طريق للتخلص من أزمة البطالة وتحويلها إلى مصدر إيجابي

وللحد من تنامي البطالة، زيادة دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتبني المشاريع الابتكارية والإبداعية وتقديم التسهيلات المشروعات شباب الخريجين، ومنح الشباب القروض الحسنة، وتوفير الدعم الإعلامي لهم، وإتاحة الخبرات المطلوبة، وتوفير بنك معلومات لهم بالخارطة الاستثمارية والاقتصادية في كل بلد على حدة وسن قوانين تحفز على الاستثمار، مع أهمية الربط بين الشباب وبيئة العمل في القطاع الخاص.

وهناك حلول تطرح نفسها بقوة، وهي متاحة فعليًا، وتتطلب المزيد من العمل والدعم التعزيز نتائجها مثل مشروعات استصلاح الأراضي والثروة الحيوانية والاستزراع السمكي، وتدوير النفايات والتنسيق البيئي ومشروعات الطاقة المتجددة والتسويق الإلكتروني وصناعة المحتوى والترجمة والتدريب، وغيرها من أنشطة مربحة، تتطلب بيوت خبرة تقدم التدريب والدعم اللازمين للشباب من دراسات الجدوى والاستشارات الفنية والمالية والقانونية.

ويمكن التشجيع على التقاعد المبكر حتى يتم توفير فرص عمل جديدة للخريجين، والحد من العمالة الخارجية وربط الحصول على فرصة عمل بالتفوق العلمي، وعمل مسابقات محلية وإقليمية للتوظيف، وصناعة مواد إعلامية تشجع على قهر البطالة، وتقديم جوائز سنوية للشباب الناجح عمليًا، والاستفادة من التجربتين اليابانية والصينية وغيرهما من التجارب المتميزة في مواجهة البطالة، وتعزيز ثقافة وخطط وبرامج العمل عن بعد.

 التحديات السياسية.. وغياب تمكين الشباب العربي

د. عمرو نافع

في يونيو ۲۰۱۹م، أطلقت كلية إليوت للشؤون الدولية التابعة لجامعة جورج واشنطن، التي تعد واحدة من المدارس العالمية الرائدة في الشؤون السياسية الدولية مشروعًا بعنوان «YOUTH POLITICS IN THE MIDDLE EAST AND NORTH AFRICA» تابعًا لـ«مشروع العلوم السياسية في الشرق الأوسط» «POMEPS»، وقد عقد المشروع ورشة عمل حول السياسة الشبابية في عمان بالأردن، وبعض الدول الأفريقية بالتعاون مع مركز فينيكس للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية.

هدفت أوراق الورشة ومداولاتها إلى تفكيك مفهوم السياسة الشبابية ما الذي يميز الموجة الأخيرة من الأجيال الشبابية عن غيرها؟ كيف يتغير نشاط الشباب؟ وما علاقتهم بالسياسة والمواقف العامة والسياسات الحكومية؟ وهل يمكن إجراء تعميمات حول تجربة كونك شابًا وسياسيًا في الشرق الأوسط اليوم؟

يعتبر الشباب في العالم العربي جزءًا حيويًا من نسيج المجتمع، حيث يشكلون نسبة كبيرة من السكان، ينظر إليهم كمحرك رئيس للتغيير والابتكار، إذ يبلغ ما يقرب من ٦٠٪ من سكان المنطقة العربية أعمارهم أقل من ٣٠ عامًا، ونصفهم تتراوح أعمارهم بين ١٥ و٢٩ عامًا، ومع ذلك كان الشباب يواجهون في البلدان العربية العديد من التحديات السياسية والاقتصادية التي تعيق مشاركتهم الفعالة في الحياة العامة وتحد من دورهم في صنع القرارات.

وأمام هذه التحديات الكبيرة رصدت الدراسة الحديثة التي قدمها المشروع جملة من النتائج المهمة، من بينها:

1-                 تجنب الشباب العربي للنشاطات الرسمية يتجنب الكثير من الشباب العربي والمسلم الانخراط في النشاطات الرسمية سواء التابعة للدولة أو الأحزاب المعارضة أو منظمات المجتمع المدني، ويتجهون للشبكات الاجتماعية التي ينبغي تتبعها ومراقبتها بعناية، قد يكون عدم الرسمية سلاحًا ذا حدين فهو يتيح تحقيق مكاسب سريعة وربما يؤدي إلى سياسات تخريبية بسرعة أيضًا، ولكنه لا يترجم بسهولة إلى عالم السياسة العليا.

2-                 اهتمام الشباب بالقضايا الجديدة: يهتم الشباب بدراسة القضايا الجديدة واستخلاص الدروس المستفادة من فشل الفاعلين السابقين، على سبيل المثال يسألون: هل فشلت تجارب حزب الله؟ وهل ستحسم قدرات «حماس» القتالية الواقع في إسرائيل؟ يتساءلون عن فعالية التشكيلات الحزبية والجماعية في السنوات القادمة؟ وهل يمكن الاستمرار بدون التكنولوجيا الحديثة في العالم العربي؟

الكثير من الشباب العربي يتجنبون الانخراط في النشاطات الرسمية ويتجهون للشبكات الاجتماعية

3-                 التكيف مع الواقع الجديد: يتسم نشاط الشباب الجديد بالتكيف مع الواقع، سواء الافتراضي أو الضغوط الداخلية أو تحدي السلطة، فقد أصبح واضحًا أن أشكال السياسة المثيرة للجدل تتغير بمرور الوقت لأن أساليب المقاومة واستراتيجيات المشاركة ليست ثابتة أبدًا، وتدرك الأجيال الجديدة هذه الديناميكية ما جعلهم سياسيين بطرق غير متوقعة إلى حد كبير.

4-                 التعليم السريع والمتخصص يميل الشباب الآن إلى التعليم السريع من خلال البرامج التدريبية والدورات التعليمية المتخصصة في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى مجالات أخرى مثل «البزنس» أو تعليم اللغات الحية أو الهروب السيبراني أو التتبع الرقمي.

التحديات الرئيسة

وبعيدًا عن الورقة، يمكن إيجاز التحديات الرئيسة التي تواجه الشباب العربي في:

1-  الإقصاء السياسي: يعاني الشباب من نقص التمثيل السياسي، إذ تهيمن النخب التقليدية والأحزاب القديمة والشخصيات الأكبر سنًا على معظم الأنظمة السياسية في المنطقة مما يهمش الأصوات الشبابية، حتى في الدول التي تفرض قوانين لدعم تمثيل الشباب، مثل تخصيص مقاعد في البرلمانات، فإن هذه المبادرات غالبًا ما تكون شكلية ولا تؤدي إلى تغييرات جوهرية.

الشباب يعانون من نقص التمثيل السياسي إذ تهيمن النخب التقليدية على معظم الأنظمة السياسية

في بعض الدول العربية يعاني الشباب من قمع الحريات بما في ذلك حرية التعبير والتجمع والإبداع

٢- انعدام الثقة بين الشباب والمؤسسات الرسمية تشير الدراسات إلى أن الشباب في العالم العربي لديهم مستوى منخفض من الثقة في المؤسسات الحكومية والسياسية يعود هذا الشعور إلى الفساد والاحتكار السياسي، حيث يعتقد الشباب أن المؤسسات لا تعبر عن مصالحهم وأنها تخدم مصالح نخب معينة فقط.

٣- البطالة والفوارق الطبقية: البطالة من أكبر التحديات التي تواجه الشباب العربي، حيث تشير إحصاءات البنك الدولي إلى أن نسبة البطالة بين الشباب في المنطقة العربية هي من أعلى النسب في العالم، كما أن الفوارق الطبقية تؤدي إلى شعور بعدم المساواة في الفرص، حيث تعتمد الاقتصادات المحلية على الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز، ما يخلق رجال أعمال أقوياء وطبقات أعمال متواضعة.

4-                 التعليم والتأهيل المهني غير المناسب تعاني النظم التعليمية في العديد من الدول العربية من نقص المرونة والتكيف مع متطلبات السوق العالمية الحديثة، حيث يميل التعليم إلى النظريات والتخصصات التقليدية مما يزيد من مشكلة البطالة ويحد من قدرة الشباب على الإبداع والمساهمة في النمو الاقتصادي.

5-                 الاستبداد والتضييق على الحريات في بعض الدول العربية يعاني الشباب من قمع الحريات السياسية والاجتماعية، بما في ذلك حرية التعبير والتجمع والإبداع، ويضطر البعض إلى اللجوء إلى الأعمال الروائية للهروب من قبضة الرقابة.

العالم العربي لن يحقق تقدمًا حقيقيًا ما لم يتم دمج الشباب كشركاء فاعلين في بناء المستقبل

6-                 العزوف عن السياسة والتركيز على الأنشطة الاجتماعية نتيجة لهذه التحديات اتجه العديد من الشباب العربي إلى التركيز على التغيير الاجتماعي بدلا من المشاركة السياسية المباشرة، فينخرطون بشكل متزايد في المبادرات التطوعية والمشاريع المجتمعية لتحسين الحياة اليومية للمواطنين بعيدًا عن المشهد السياسي الرسمي الذي يعتبرونه فاقدًا للشرعية أو الفعالية.

تمكين الشباب في العالم العربي يمثل تحديًا رئيسًا للمنطقة، وبدون تعزيز مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية ستستمر معدلات البطالة في الارتفاع وسيظل الإحباط سائدًا بين الأجيال الشابة، وهذا يتطلب إيجاد حلول فعالة وإصلاحات شاملة في المجالات السياسية والاقتصادية والتعليمية، مع وضع الشباب في قلب هذه الإصلاحات من خلال تشجيع التمثيل السياسي الحقيقي، ودعم الابتكار، وتحقيق العدالة الاجتماعية.

إن تمكين الشباب ليس مجرد مسؤولية الدولة، بل هو جهد مشترك يتطلب التعاون بين الحكومات، والقطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني، ولن يحقق العالم العربي تقدمًا حقيقيًا ما لم يتم دمج الشباب كشركاء فاعلين في بناء المستقبل، خاصة وأن الأجيال الجديدة لا تثق كثيرًا في المشروعات الرسمية التي تديرها الدول العربية.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 318

28

الثلاثاء 21-سبتمبر-1976

نشر في العدد 1891

25

السبت 27-فبراير-2010

نشر في العدد 1387

18

الثلاثاء 08-فبراير-2000