; الشتاء الساخن في كوسوفا | مجلة المجتمع

العنوان الشتاء الساخن في كوسوفا

الكاتب د.حمزة زوبع

تاريخ النشر الاثنين 01-فبراير-1999

مشاهدات 13

نشر في العدد 1335

نشر في الصفحة 35

الاثنين 01-فبراير-1999

هذا ما يمكن إطلاقه على الشتاء الحالي في إقليم كوسوفا، فبعد أن توقع الجميع هدوءًا نسبيًا للأوضاع بكوسوفا حتى يتمكن المجتمع الدولي من مد يد العون إلى ثلاثة أرباع مليون لاجئ بالغابات والأحراش عادت السخونة إلى الإقليم حاملة معها بارود الانفجار برغم الجليد... الصرب بدأوا التسخين بالاعتداء على القرى الألبانية في شمال الإقليم وشمال العاصمة برشتينا ورد مقاتلو جيش تحرير كوسوفا وكان الرد عنيفاً ومؤلماً.

وفي الخامس من يناير الجاري تفجرت الأوضاع بشكل غير مسبوق، ظاهر الأمر أنه انفجار في مقهى صربي في العاصمة ولكن باطنه غير ذلك، فقد انفجرت قنبلة في مقهى للصرب وعقب ذلك تم تطويق جميع المقاهي الألبانية في وسط العاصمة وخرج الجنود الصرب في ملابس مدنية وأطلقوا أعيرة نارية على الرواد الألبان وعلى المارة في الشوارع، كانت خطة مدبرة للسيطرة على العاصمة لا بيد الجنود الصرب ولكن على أيدي المدنيين الصرب حتى يظهر الأمر وكأنها الحرب الأهلية، وضمن المخطط الجديد أعلن الحرب عن تشكيل ما يعرف باسم (المجلس القومي الصربي) ويحاول الصرب من خلال هذه الإجراءات دفع الموقف إلى حالة الهاوية دعمًا لموقفهم المرسوم سلفًا وهو التقسيم أو التفاوض على أساس جديد وهو (الأمر الواقع) فمن ناحية ستتمكن هذه العصابات من فرض الرعب على المدنيين العزل ودفعهم للهجرة من منازلهم ومن ثم احتلال المدنيين الصرب لتلك المناطق حتى إذا ما طولب الجيش الصربي بالانسحاب بقي المدنيون بالإقليم.

وهناك محاولات لتطويق العاصمة وتفريغ المناطق المحيطة بها كمناطق عازلة أو أمنة تعلن السلطات الصربية بعدها أن تلك في حدودكم كما أعلنوا ذلك في البوسنة، ولعل الخطوة الأولى كانت إعلان المجلس الوطني الصربي ككيان سياسي يحق له اتخاذ القرار بعيدًا (عن صربيا) وحتى لانتهم صربيا أنها تتدخل في الإقليم لاحقًا. 

وفي خطوة تالية لإعلان المجلس الوطني الصربي في كوسوفا قامت القوات الصربية بتسليح الدنيين وتشكيل عصابات أسموها، «أركان» قامت باعتراض الطرق الرئيسة في مناطق الشمال والوسط واستوقفت الركاب في الحافلات والسيارات الخاصة وقامت بإهانتهم وتعذيب بعضهم، على أن أخطر نموذج لإجرام تلك العصابات قيامهم بتعذيب أحد مسؤولي حزب الرابطة الكوسوفية بقيادة إبراهيم روجوبا وبعض أفراد عائلته ثم تركوا له بيانًا جاء فيه (هذا هو الإنذار الأول أما الإنذار الأخير فإنه يعني الموت)، وبهذا يكتمل الشكل لانفصال صربي داخل الإقليم استعدادًا للتقسيم تمامًا كما جرى في البوسنة.

وجات ردة الفعل السياسية على لسان رئيس الحزب «الألباني المسيحي الديمقراطي»، إذ صرح قائلاً: أردنا أم لم نرد ما يحدث في الإقليم هو تكرار للبوسنة كما أن السياسي الألباني إبراهيم روجوبا لم يعر الأمر اهتمامًا كبيرًا، الشيء الذي يثير الريبة في احتمال علمه بالسناريو القادم.

وبالرغم من أن ما جرى من اعتداء على المواطنين الألبان تم تحت سمع وبصر المراقبين الذين قالوا إنهم سيرفعون تقريرًا عن خرق الصرب لاتفاق أكتوبر ۱۹۹۸م، إلا أنهم نطقوا فقط عند وقوع الجنود الصرب في الأسر وأدان متحدث باسم منظمة الأمن والتعاون الأوروبي جيش تحرير كوسوفا وندد بالعملية وقال إنها تخالف الاتفاق ونصحت المنظمة العاملين بالمراقبة بالخروج من المناطق الملتهبة، وهكذا فأوروبا لن تستطيع حتى مراقبة الوضع عن كتب ولا حماية مراقبيها الذين تركتهم بلا حماية تحت ضغط الصرب. 

بالرغم من إعلانه الانسحاب من الوساطة في كوسوفا إلا أن كريس هيل السفير الأمريكي في مقدونيا عاد من جديد ودخل إلى كوسوفا ولكن من الطرق الجانبية كما ذكر في حديث له، «فكل الطرق الرئيسة محاصرة بالمسلحين»، وأعلن هيل أنه لا حل فيما البنادق مشرعة، وأنه جاء ليعيد إلى الأذهان أن هناك اتفاقًا وقع في أكتوبر ٩٨ ولا بد من احترامه، ولما سئل عن التعديلات التي فرضها الصرب ورفضها الألبان أجاب (لن تتحدث في نص الاتفاقات ولا التعديل ولكن المبدأ هو الأساس).

 في الوقت نفسه خرج تقرير للرئيس كلينتون يشير إلى أن كوسوفا تمثل أهمية للأمن القومي الأمريكي، وتقرير آخر يفيد بأن المقاطعة والحظر قائمان بالفعل من الجانب الأمريكي وهذه الشواهد تعني عودة الاهتمام الأمريكي بملف كوسوفا .    

الرابط المختصر :