العنوان الشيخ خليل القوقا: الحركة الإسلامية هي التي فجرت الانتفاضة
الكاتب عبدالعزيز العمري
تاريخ النشر الثلاثاء 09-أغسطس-1988
مشاهدات 19
نشر في العدد 877
نشر في الصفحة 12

الثلاثاء 09-أغسطس-1988
• الحركة الإسلامية فجرت الانتفاضة...
• حركة المقاومة الإسلامية «حماس» الذراع الأيمن والقوي للإخوان المسلمين وهي التي فجرت الانتفاضة وقادتها قبل أن يكون للاتجاهات والمنظمات دور يذكر.
قال المبعد الفلسطيني الشيخ خليل القوقا الذي يعتبر أحد رموز حركة المقاومة الإسلامية «حماس»: إن الانتفاضة الباسلة التي تشهدها فلسطين المحتلة كانت وليدة الوعي الإسلامي والتعبئة الجهادية من جهة، والاحتلال بقمعه وسطوته من جهة أخرى.
وأضاف المجاهد الفلسطيني المبعد في حوار ساخن وصريح مع المجتمع على مدار أكثر من ساعتين أن حركة المقاومة الإسلامية «حماس» والتي تعتبر الساعد الأيمن والقوي لحركة الإخوان المسلمين هي التي فجرت الانتفاضة وقادتها قبل أن تشارك الاتجاهات والمنظمات فيها.. وإن حركته اتخذت من حادثة المقطورة ساعة الصفر لتفجير الأوضاع في كل فلسطين، وأن الهياكل التنظيمية الصدامية والضاربة لحركة «حماس» تشكلت من أول يوم لتتواءم مع متطلبات الانتفاضة.
وأكد الشيخ المبعد الذي اعتقلته سلطات الاحتلال بعد «21» يومًا من اندلاع الانتفاضة أن حركة «حماس» قررت قبل الانتفاضة أن تصنع العقلية الصدامية، وأن تبادر هي بمشكلة سلطات الاحتلال ومشاغلتهم على مدار العام بكل الوسائل الممكنة.
وأوضح المبعد أن تنظيم الجهاد الإسلامي الذي يتخذ من الثورة الشيعية في إيران مثلًا أعلى ليس على وئام مع الحركة الإسلامية، وأنه كان يتفق مع الاتجاهات والمنظمات الأخرى ضد الحركة الإسلامية، وشارك عناصر الجهاد في هجوم الاتجاهات لإحراق الجامعة الإسلامية، وأن معظم عناصرها كانوا في السجن قبل بدء الانتفاضة.
وشدد المبعد الفلسطيني المجاهد على أن الإسلاميين يرفضون الحلول السلمية والمؤتمر الدولي، كما يرفضون الكفر تمامًا.
وهذا نص الحوار الذي جرى معه في الكويت بعد محاولات كثيرة قبل ذك لإجرائه في لبنان أو تونس:
• لماذا أبعدتك سلطات الاحتلال عن فلسطين؟
- أنت تسأل عن تاريخ وجودنا في الأرض المحتلة.. ولا أستطيع أن أقول إن هناك حادثة معينة من أجلها تحديدًا أبعدتني سلطات الاحتلال.. لكن اليهود نظروا إلى تاريخ صدامي مع السلطة.. تاريخ التحرك نحو بناء الجيل من خلال المسجد الذي أخطب فيه في مخيم الشاطئ الشمالي.. وهذا المسجد امتاز برواده المثقفين.. وامتازت خطب المسجد بتوضيح مجريات الأمور السياسية للقضية الفلسطينية من منظور إسلامي قرآني.. ومعالجة القضايا الاجتماعية.. وكشف المخططات اليهودية لتدمير مجتمعنا وقيمنا.. وتحذير شعبنا من مكائد اليهود بالقضاء على الأخلاق ومحاربة الإسلام وتفريغ المناهج من مضامينها الإسلامية، ودس العملاء ونشر الفساد.. كل هذا كنت أتناوله من خلال خطبة الجمعة والمحاضرات في جامعات فلسطين المختلفة، ومن خلال الجمعية الإسلامية التي كنت أمينًا عامًّا لها منذ تأسيسها في العام 1976م وحتى إبعادي في العام 1988. كذلك من أسباب إبعادي الأسلوب المكشوف والعلني في مواجهة اليهود.. فكنا نؤمن أننا واليهود في صراع على جيل واحد.. فكان اهتمامنا نحن المسلمين هو تخليص الجيل من مكائد اليهود والعملاء والفساد.
• كمبعد عايش الانتفاضة الأخيرة منذ بداياتها الأولى وكان له دوره المؤثر في تحميس الناس وتحريضهم.. نريد أن تحدثنا برأيك حول أهم أسباب هذه الانتفاضة المتصاعدة والمستمرة.
- أعتقد أن انتفاضة شعبنا كانت وليدة أمرين:
الأمر الأول: الوعي الإسلامي الجديد والمتنامي في فلسطين المحتلة.. هذا الوعي الذي كان الناس محجوبين عنه فكانوا في غربة عن دينهم وقرآنهم.. ولكن بفضل الله أولًا ثم بفعل حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وجهود الشباب المسلم التقى الجيل بكتابه، وعانقت الأمة مصحفها وسلمت الأمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن قلب المحراب ولدت الأمة من جديد، وعبر سطور القرآن مر هذا الجيل المنتفض الذي تلقفه الإسلاميون وربوه على حب الجهاد والاستشهاد والصدام مع الاحتلال.
الأمر الثاني أو السبب الثاني لهذه الانتفاضة: هو «الاحتلال».. الاحتلال البغيض بكل معانيه وأشكاله، ومحاولات اليهود المستمرة لقهر الإنسان الفلسطيني وإذلاله.
• البندقية الفلسطينية أصابها الحول:
وهكذا وجد الشعب الفلسطيني نفسه مع الاحتلال وجهًا لوجه.. وفي مقابل ذلك فإن أصحاب الاتجاهات الفلسطينية أفلست وبدأت تعيش على ركام الماضي.. البندقية الفلسطينية أصابها الحول بيد الفصائل منذ بداية السبعينيات.. نعم حول وشلل، فما عادت تعرف حدود فلسطين، فتوجهت إلى صدر النفس الواحدة ومزقت الجسد الواحد.. وجد الشعب الفلسطيني نفسه أمام الواقع ووجد نفسه من جهة أخرى أمام طابور العملاء الطابور الخامس.. فكانت الحركة الإسلامية ملاذه وخلاصه.
• حركة حماس.. واقع عسكري:
وهي الحركة الجادة في مسيرتها الجهادية لتحرير فلسطين، وبرزت كفكر سياسي وواقع عسكري، ومن شواهد ذلك إلقاء القبض على الأستاذ أحمد ياسين بتجمع عسكري كان هو على رأسه، وأخذ أحكامًا هو وإخوانه من ١٣ سنة إلى سنتين، وهروب عدد من الإسلاميين من سجن غزة المركزي ومعركة الشهداء الأربعة في الشجاعية، واستشهاد الصوري، وهو أحد حفظة القرآن الكريم.. هذه كلها كانت علامات على الدور الجهادي للحركة الإسلامية.. وهكذا فإن الوعي الإسلامي والتعبئة الجهادية للجيل الفلسطيني من جهة والاحتلال بقمعه وسطوته من جهة أخرى كانت أسباب هذه الانتفاضة وأسباب استمراريتها للآن؛ لأن عنصر جديد دخل المعركة بقيادة حركة المقاومة الإسلامية التي كان لها دورها الطليعي والرائد والأول في مواجهة سلطات الاحتلال منذ تفجر الانتفاضة.
حماس.. الذراع الأيمن للإخوان:
• أشرت في حديتك إلى حركة المقاومة الإسلامية كأحد الأسباب الرئيسية لهذه الانتفاضة المباركة بسبب دورها الطليعي في مواجهة الاحتلال.. فما هو بالتحديد حجم حركتكم بالنسبة للفصائل والمنظمات الفلسطينية الأخرى.. كفتح والجبهة الشعبية والديمقراطية والشيوعيين؟!
- حينما تسألني عن حركة المقاومة الإسلامية «حماس» كأنك تسألني عن الإسلام في الأرض المحتلة.. كأنك تسألني عن جذور شعبنا المجاهد وأصالته.. إن الذي حمل لواء البعث الإسلامي الجديد في فلسطين هم.
«وهنا غضب الشيخ من السؤال» وقال: هذا السؤال يثير في أمور.. هذا السؤال غلط.. فكأن عندك شك بأن حركة المقاومة الإسلامية «حماس»التي هي شعار الحركة الإسلامية والذراع الأيمن والقوي لحركة الإخوان المسلمين لها دور أم لا؟! يا أخي، ليس هناك أدنى شك بأن الحركة الإسلامية والتي شعارها «حماس» هي التي فجرت الانتفاضة، وهي التي قادتها منذ اليوم الأول قبل أن يكون لكل هذه الفصائل التي ذكرت أي دور يذكر.. ففي حين أصدرت حركة «حماس» بيانها الأول خلال الأسبوع الأول من الانتفاضة جاء بيان «القيادة الموحدة» التي تضم هؤلاء بعد ما يقارب «٤٠» يومًا من بدء الانتفاضة.. أحد عناصر حركة فتح قال لي في السجن: إننا في حركة فتح أحجمنا عن المشاركة في الانتفاضة منذ اندلاعها لأننا خشينا أن ينهار تنظيمنا في فلسطين لكثرة المشاكل والخلافات فيه.. هذا كلامهم.. فأقول: إن العقلية الصدامية ضد اليهود والتي تربت من خلال المنابر التي اعتلاها شباب الحركة الإسلامية ومن خلال حلقات الدروس في المساجد والمدارس والرحلات والمخيمات الكشفية وفرق الكاراتيه، كل ذلك ساهم في صناعة هذا الجيل الذي ينتفض اليوم في وجه اليهود.. وقد شعرت سلطات الاحتلال بذلك وقالت: إنها وجدت في الانتفاضة طعمًا ونفسًا يختلف عن غيرها؛ حيث أحست فيها الجدية والعنف الذي يؤججه الإسلاميون!
حماس ترسم خريطة الصدام مع اليهود:
• هل دخلت حركة «حماس» مرحلة قيادة الجماهير ضد الاحتلال؟ وهل ستتحولون إلى العمليات العسكرية؟ وهل كنتم تتوقعون أن تستمر الانتفاضة هذه الأشهر؟
- الحركة الإسلامية نضجت في مواجهة السلطة نضوجًا ترافق مع وعيها لقضيتها وإدراكها للمعادلات الموجودة على الساحة الفلسطينية ومعرفتها بثقل الحمل الملقى على عاتقها.. ومعرفتها اليقينية أن شباب الحركة الإسلامية هم الذين تنتظرهم فلسطين.. هل جيل الفرقان الذين سيفرقون بين مرحلة الهزائم ومرحلة سقوط الرايات والشعارات والعبث السياسي ومرحلة الأوراق الرخيصة التي تقدم لبيع فلسطين من القيادات الحالية.. ومرحلة الجهاد الجاد الطويل والشاق من أجل تحرير كل فلسطين.. كان يقين الإسلاميين كيقينهم بالقرآن.. لذلك كان هذا الجيل يحضر لهذه المواجهة ولهذه المرحلة ولاستلام دوره الرائد والمنشود.. كان مع قراءاته الأبجدية الأولى في المساجد والجمعيات في بداية خطواته مع الحركة الإسلامية.. كان يأخذ هذه الدروس وترسم له الخريطة نحو الصدام ومعركة الخلاص على أرض الإسراء والمعراج.. جيل الانتفاضة اليوم تعبئة عقائدية حضارية، فهو إنسان عميق عمق التاريخ.. قامته أطول من قامة الانتفاضة.. إذن أقول: إن الحركة الإسلامية قررت وقبل الانتفاضة أن تضع العقلية الصدامية وقررت قبل الانتفاضة أيضًا أن تبادر هي بمشكلة سلطات الاحتلال اليهودي حتى لا يستقر لهم قرار عن طريق مشاغلة العدو بكل الوسائل الممكنة من خطب ومناشير ومظاهرات وانتفاضات ومواجهات صدامية يومية مع قوات الاحتلال، فليس غريبًا أن يصرخ الإسلاميون في اليوم الأول للانتفاضة في جباليا وهم يحملون جنازة الإخوة الذين سقطوا في حادثة المقطورة.. أن يصرخوا بأعلى صوتهم:
ما بنتذل ما بنتذل.. بغير المصحف ما في حل
لا إله إلا الله.. الشهيد حبيب الله
خیبر خیبر يا یهود.. جند محمد سوف يعود
شعبي المسلم سير سير.. حتى النصر والتحرير
وغيرها من الهتافات الإسلامية التي كانت محضرة وجاهزة.. ولسنا على موعد مع طول الانتفاضة؛ ولكننا على موعد بصدام مع السلطة.. وكل من يدعي أنه كان يتوقع أن تستمر الانتفاضة هذه الأشهر، فهذا إنسان مدع.
الهياكل التنظيمية الصدامية جاهزة:
ولكن الإسلاميين حضروا أنفسهم للصدام التاريخي مع اليهود.. إذن الانتفاضة بالنسبة للحركة الإسلامية مرحلة من المراحل في مسيرة الجهاد الطويل لتحرير الأرض من المعتدي.. وإذا كانت حادثة المقطورة قدرًا من الله، فإن الحركة الإسلامية اتخذته ساعة الصفر لتنفيذ قرارها السابق باعتباره فرصة مواتية.. لذلك كان الهيكل التنظيمي للحركة الإسلامية جاهزًا من أول يوم ليتواءم مع متطلبات الانتفاضة مع العدو.. رتب الهيكل التنظيمي الصدامي للحياة اليومية للانتفاضة، سواء استمرت أسبوعًا أو شهرًا أو أكثر.. فمن أول يوم كان القرار وكان الاستعداد بتشكيل هياكل صدامية.. وهي التي تضع الانتفاضة اليوم، وهي التي أعطتها هذا النفس وهذه الروح الجديدة.
الجهاد الإسلامي:
• ما تنظيم الجهاد الإسلامي؟ وما طبيعة علاقته مع الحركة الإسلامية؟
- لقد كان زعيم تنظيم الجهاد الإسلامي الأستاذ عبد العزيز عودة في الأصل عضوًا في الحركة الإسلامية؛ لكنه أعفي من الحركة لمجموعة من القضايا المتعلقة فيه وبطبيعة علاقته مع إخوانه، وهو الآن ليس على وئام مع الحركة الإسلامية، وكذلك فتحي شقاقي كان على نفس خطه، وقد سحب نفسه من الحركة.. وفي بداية عام ١٩٧٩ بعد ظهور الثورة الإيرانية اتخذ منها ملاذًا؛ حيث شد اسم الثورة الكل وشدنا أيضًا، ولكننا أدركنا حقيقة هذه الثورة بعد فترة.. وفتحي شقاقي كتب كتابه «الخميني ذلك الحل الوحيد» بهذا الاسم كما أظن في مصر فصادرت الحكومة المصرية الكتاب وأبعدته.. فجاء شقاقي إلى القدس وعبد العزيز عودة رحل إلى الإمارات حيث عمل فيها.. وبدأوا يكونوا تنظيم الجهاد.. وكانت إيران هي عمقهم الاستراتيجي وكانوا يلتقون بسفاراتها.. ثم جاءوا إلى غزة لتكون مقرًّا لحركتهم، جاء عبد العزيز عودة كرائد فكري لهذه الحركة، وفتحي شقاقي كرائد عسكري، وبدأوا الدعوة في المساجد.. وبسبب فكرهم الغريب حيث اتخذوا الثورة الشيعية في إيران مثلًا أعلى... تصدى لهم الشباب المسلم. وكنا نطرح ثورة المجاهدين الأفغان مثلًا بدلًا من ثورة إيران.. لكن الحركة الإسلامية اتخذت قرارًا بعدم التعرض له وتركه يعمل؛ فالساحة تتسع للجميع والبقاء والقبول لن يكون إلا للخط الأنقى والأصح، ومما يؤسف له أن عبد العزيز عودة كان يتفق مع أصحاب الاتجاهات الأخرى ضد الحركة الإسلامية؛ حيث شاركوا في هجوم الاتجاهات المختلفة على الجامعة الإسلامية في غزة سنة 84/ 85 والذي اجتمعت فيه الجبهة الشعبية وشبيبة فتح!
• أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية كثيرًا أن التيار الإسلامي الوحيد الذي يشارك في الانتفاضة هم الجهاد الإسلامي، وأنهم يشتركون في القيادة الموحدة للانتفاضة، وهذا يناقض کلامك، فماذا تقول؟
- أولًا اسمح لي أن أقول لك: إن عناصر الجهاد الإسلامي كانت في السجن قبل الانتفاضة، وهم أصلًا لا يتجاوزون «۱۰۰» عنصر في القطاع والضفة، وهذا العدد بالنسبة للحركة الإسلامية كالقناة أمام البحر.. فلا مجال للمقارنة، ومن الظلم المقارنة.. ثم أقول لمنظمة التحرير: إن عناصر الجهاد كانوا في السجن أثناء الانتفاضة، وعبد العزيز عودة المبعد حاليًا حكم عليه بالإبعاد قبل بدء الانتفاضة بشهر كامل.. وفتحي شقاقي كان مسجونًا من الأول قبل الانتفاضة بسنتين أو ثلاث تقريبًا.. وقرار إبعاد شقاقي ليس له علاقة بالانتفاضة، فهو معتقل في سجن «نفحة».. كذلك اعترف لي عبد العزيز عودة في السجن بأن تنظيم الجهاد انتهى في الخارج، فقلت له: ليش؟! فقال: اعتقل واحد منا حيث استدعي وكان ناسي في جيبه ورقة تنظيمية، فأخذها اليهود وكان فيها أسماء «۷۲» واحد اعتقلوا بعدها.. حتى عناصرهم في داخل السجن تفسخوا وانضم بعضهم إلى الحركة الإسلامية، حتى عندما خرجنا من التحقيق إلى غرف السجن التقيت بهم، وأحدهم قال لي: إن الجهاد لا يربي الأفراد، وأن الحركة الإسلامية هي الأصل، ووجدنا داخل السجن أننا في حاجة إلى تربية الحركة الإسلامية.
وأحد عناصرهم ينشق عن عبد العزيز عودة قبل الانتفاضة بأسبوع، وهذا الشاب قال بالحرف الواحد: لو أن معي مسدسًا لقتلت أحمد ياسين من كثرة الحقد الذي وضعه فينا عبد العزيز عودة ضد أحمد ياسين.
وقيادة المنظمة حتى تضغط على الحركة الإسلامية يمكن أن تتبنى عبد العزيز عودة ويمكن أن يضعوه في المجلس الوطني الفلسطيني حتى يقولوا هؤلاء هم الإسلاميون إنهم معنا.. لكن هذا وهم، فالحركة الإسلامية كالمحيط الذي لا يؤثر فيه شيء، إن شاء الله.
لا نشترك في القيادة الموحدة:
• هل تشتركون في القيادة الموحدة؟
- نحن لا نشترك في القيادة الموحدة.. وليس بيننا وبينها تنسيق حاليًا، لكن في نفس الوقت لا يوجد تعارض أو تضارب بيننا في الانتفاضة ونحن حريصون على ذلك جِدًّا.
• ولماذا لا تشتركون فيها؟.
- أولًا: نحن نختلف مع فصائل هذه القيادة مبدئيًّا من حيث النظرة للقضية الفلسطينية وأبعادها باعتبارها قضية إسلامية، وأن حربنا مع اليهود عقائدية، وأننا نرفض السلام والمؤتمر الدولي والتنازل عن أي شبر من أرض فلسطين، كما أننا نطالب بتحرير كل فلسطين من النهر إلى البحر، وليس عندنا أي استعداد للتفاهم مع أعداء الله یهود.. على عكس الاتجاهات والفصائل في القيادة الموحدة والتي تخالفنا بكل ما سبق، فمن الممكن أن يتوقفوا في منتصف الطريق لينشغلوا بالمبادرات السلمية، وهذا يخالف أهدافنا في الانتفاضة كما يخالف توجهات شعبنا في فلسطين المحتلة.
ثانيًا: إن القيادة الموحدة ليست بحجم التضخيم الإعلامي الذي أعطي لها، كما أنه ظهرت بعض البيانات المتضاربة والتصريحات التي تجعل المرء يتساءل عن حقيقة هذه القيادة ووحدتها وفاعليتها!
الحلول السلمية.. خيانة:
• كيف ينظر الإسلاميون في فلسطين المحتلة إلى المبادرات السلمية لحل القضية الفلسطينية والمؤتمر الدولي كآخر صيغة مطروحة.. وتلقى موافقة دولية وعربية وفلسطينية رسمية؟!
- إن الإسلاميين يرفضون الحلول السلمية كرفض الكفر تمامًا؛ لأن فلسطين أرض إسلامية ليست ملكًا لجيل واحد أو لحقبة تاريخية معينة، وليست ملكًا لزعيم معين، وإنما هي ملك الأجيال جميعًا وملك القائد المسلم الذي يأخذ على عاتقه مهمة تحريرها؛ لا بيعها أو التنازل عن أجزاء منها.. لذلك فكل محاولة للموافقة على تسليم شبر واحد من أرض فلسطين بمؤتمر دولي أو غيره فهي خيانة تاريخية كبرى لله ولرسوله وللوطن والقضية.
شعبنا يرجم المؤتمر الدولي بالحجارة:
وإن المؤتمر الدولي هو ارتكاب «فاحشة» بشهود أربعة، بل خمسة، استحقت من أهل الأرض المحتلة تطبيق الحكم الشرعي فيها بالرجم.. وها هم بانتفاضتهم في الأرض المحتلة يرجمون المؤتمر الدولي «الفاحشة» وقرارات ٢٤٢ و٣٣٨ وغيرها من القرارات الدولية إنما هي تحايل لإخضاع الفلسطينيين ليعترفوا بدولة العدو اليهودي.. وإن الاعتراف الفلسطيني عند اليهود أهم من الاعتراف العربي؛ لأنه وحده الذي يحقق الحدود الآمنة الرسمية والمعترف بها لما يسمى بدولة «إسرائيل».
إن الدول العربية لو اعترفت فهذا ليس له قيمة كبيرة عند اليهود، لكن الاعتراف المطلوب هو من الفلسطينيين أنفسهم كي تصبح لليهود حدودهم الآمنة.. وعند ذلك لا يحق للفلسطينيين أن يستولوا على شبر واحد أو يحاولوا تحريره؛ لأنها أصبحت دولة ذات حدود آمنة، فالمجتمع الدولي عند ذلك سيعتبرنا معتدين محتلين.. أما الآن فهم المحتلون والمعتدون.
والحلول السلمية تقفل الباب على الجيل المقبل.. وهذا للأسف الشديد ظهر في كلام أبو إياد أخيرًا على التلفزيون التونسي يقول: كان اليهود يقولون: سنقيم إسرائيل على أرض اليهود.. ولنتعلم من أعدائنا.. كنا نقول: سنحرر فلسطين كلها.. واليوم فلنقل: سنقيم الدولة الفلسطينية على أرض فلسطين، فإذا حدد اليهود دولتهم نأخذ ما تبقى ونحدد دولتنا.
• هل قال ذلك بالنص؟!
- بل قال بالنص: ما يعطوننا إياه اليهود.. وهذا الكلام أنا كاتبه في تونس؛ حيث شاهدت حديثه في التلفزيون التونسي، فأحضرت بسرعة ورقة وقلم وسجلت كلامه.
فنحن نقول لمن يلهثون وراء الحلول السلمية والمؤتمر الدولي: مهلكم.. إن في الأجيال طاقات.. فربما في جيل أطفال الحجارة من هو صلاح الدين.. وربما فيهم عمر وخالد وأبو عبيدة، لماذا نسد الطريق عليهم ونحجزهم؟! فأي زعيم يقدم على بيع فلسطين سيوصم بالخيانة وستلعنه أجيال شعبنا المسلم.
من الأقصى يمر طريق الجنة:
• والآن ما الذي تنوي عمله لمواجهة قرار الإبعاد؟
- سأظل أشعر بالإبعاد.. لن أنساه، وسأتنقل من محطة إلى محطة من أجل قضيتنا الإسلامية في فلسطين.. وسأعمل بكل ما أوتيت من قوة وبكل ما رزقني الله من عقيدة، متوجهًا بروحي ودمي وأطفالي فدية لحبة تراب واحدة من أرض فلسطين المقدسة.. فدية لكل خطوة خطاها محمد صلى الله عليه وسلم في قلب الأقصى.. إلى أن ألقى الله إما في فلسطين.. أو أموت وأنا مبعد خارج فلسطين.. فكل الناس مبعدون.. وأرضهم الحقيقية هي الجنة.. ولكن الطريق إلى الجنة رسمه محمد صلى الله عليه وسلم بأمر من الله عز وجل عندما أسري به من مكة إلى الأقصى وصعد إلى السماء السابعة.. من بيت الأقصى إلى سدرة المنتهى.. أكبر بوابة للجنة.. فأراد أن يقول لنا: من هنا.. من الأقصى يمر طريق الجنة.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
عبدالعالـي حسانـي: «مجتمع السلم» تتبنى مشروع الوحدة بين أبناء الحركة الإسلامية كافة بالجزائر
نشر في العدد 2182
23
الثلاثاء 01-أغسطس-2023

