العنوان الشيشان: العواطف «الباردة» لا تجدي
الكاتب عبد الرحمن سعد
تاريخ النشر الثلاثاء 26-أكتوبر-1999
مشاهدات 17
نشر في العدد 1373
نشر في الصفحة 35
الثلاثاء 26-أكتوبر-1999
تحت منطق الصمت المتبادل: «اسكت لي هنا، واسكت لك هناك» تستمر حرب الإبادة الكاملة التي تشنها روسيا ضد الشعب الشيشاني المستضعف، في الوقت الذي يلزم فيه الأمريكيون والأوروبيون سياسة الصمت المطبق تجاه هذه الحرب، وما ترتب عليها من قضاء مبرم على مقومات الحياة كافة في الشيشان، وتدمير البنية التحتية من شبكات ماء، وكهرباء، وهاتف، إلخ، ونزوح ما لا يقل عن ربع مليون مواطن باتجاه الدول المجاورة خاصة أنجوشيا.
هكذا صار الشعب الشيشاني ما بين مشرد، ومعاق، وجريح، ومقتول - دفاعًا عن دينه ووطنه وعرضه - فيما تتقدم القوات الروسية في اتجاه جروزني، وتهدد باستخدام أسلحة محرمة دوليًا، قد لا ترصدها الأقمار الصناعية الغربية مثل البيولوجية أو الكيميائية أو السمعية - البصرية أو النفسية - يؤيد ذلك تصريح رئيس هيئة الأركان أناتولي كفاشنين الذي قال فيه إن روسيا ستستخدم كل أنواع الأسلحة التي بحوزتها فيما عدا النووية!.
العدوان الروسي أيضًا وصل إلى حد تلغيم الطرق الجبلية مع جورجيا وأذربيجان، ومحاولة اصطناع طوق حول الجمهورية المحاصرة، فلماذا هذا الصمت؟.
يقول الروس إن الشيشان شأن داخلي والشيشانيين إرهابيون يقتلون المدنيين، موجهين التحذير للمسؤولين العرب من ارتداد «الإرهاب الشيشاني» عليهم وقد كذبوا في ذلك: فنحن نعيش في عالم أضحت فيه الأزمات شأنًا عالميًا، فلم تكن كوسوفا شأنًا داخليًا يوغسلافيًا، كما لم تعتبر تيمور الشرقية شانًا داخليًا إندونيسيا، بل إن هناك اتفاقًا لتقرير مصير الشيشان وقعه حكام روسيا مع القادة الشيشانيين عقب انتهاء الحرب الأولى (94 - 1996 م) التي لم تكن شأنًا داخليًا كذلك وقتها!.
ومن جانبهم فالشيشانيون لم يكونوا في موضع الغازي لروسيا، وقد عانوا الويلات من عدوانها السابق على بلدهم كما لم يحصلوا على أي تعويضات أو مساعدات، وقد تكون هناك عناصر لا تخضع لسيطرة الدولة الشيشانية، لكن مواجهة هؤلاء لا تكون بمعاقبة شعب، وتدمير دولة.
أما «الإرهاب الشيشاني» فقرية اخترعها الإعلام الروسي لتضليل العالم، فالشيشانيون يعيشون في كل بقاع العالم، ولم نسمع عن حادثة واحدة اعتدى فيها شيشاني على آخرين من أهل البلد.
إن «المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يخذله» - كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم - والواجب على المسلمين جميعًا إثارة المسألة الشيشانية في المحافل والمؤسسات الدولية، والضغط على روسيا للجمها عن مواصلة عدوانها، كما يجب مواصلة إرسال المساعدات الإنسانية إلى اللاجئين في الشيشان فهذا أضعف الإيمان وكذلك تدارس سبل تقديم بقية أنواع المساعدات للمرابطين، فالعواطف «الباردة» لا تكفي، و «مصمصة الشفاه» لن تجدي شيئًا.