العنوان الشيوعية تحارب الإسلام والرأسمالية تكره بقاءه!
الكاتب الأستاذ عبد البديع صقر
تاريخ النشر الثلاثاء 10-نوفمبر-1970
مشاهدات 32
نشر في العدد 35
نشر في الصفحة 8
الثلاثاء 10-نوفمبر-1970
تحقيقات المجتمع بالمراسلة
الشيوعية تحارب الإسلام والرأسمالية تكره بقاءه!
عبد البديع صقر يقول:
· كيف تخطف الشيوعية الثورات؟
· نضوج الأفكار اليسارية في المنطقة أضعف دعوة الوحدة العربية!
· امرأة فاسدة في بلدة ما تتسبب في ترك مائة فتاة بلا زواج وتتسبب في إصابة مائة رجل بمرض خبيث.
وجهت صحيفة المجتمع أسئلة بالمراسلة إلى بعض رجال الفكر حول عدة قضايا تشغل ذهن أجيالنا، وقد نشرت الصحيفة من قبل تحقيقًا مفصلًا مع الشيخ محمد الغزالي وفي هذا العدد نلتقي على عجل مع الأستاذ عبد البديع صقر.
١- ما رأيكم في الأوضاع القائمة في العالم الإسلامي وهل هناك ما يبشر بالخير ويبعث الأمل؟
٢- تطرح عدة حلول لما يسمى بالقضية الفلسطينية، فما رأيكم في هذه الحلول وفي هذه التسمية وما هو الحل الواقعي الصحيح لهذه القضية؟
٣- ما رأيكم في الصراع الظاهر بين الشيوعية والرأسمالية في الأرض وما موقفنا نحن من هذا الصراع؟
٤- رفعت في المنطقة شعارات الوحدة العربية ثم أخمدت فما رأيكم وهل عندكم فلسفة لعودة الأمة الواحدة؟
٥- بعض المغرضين يقولون إن التشريع الإسلامي لا يصلح للتطبيق في زمننا هذا وبعض المخلصين يقولون إن تطبيق الشرع الإسلامي أمنية غالية، ولكنها صعبة التحقيق إلى درجة كبيرة لشدة الفساد الظاهرة في الأرض فما رأيكم؟
٦- قضية الجنس طغت على كثير من أجهزة الإعلام؛ فأوقعت كثيرًا من الناس في المعصية فما هو العلاج العملي لهذه قضية؟
٧- مدارسنا وجامعاتنا أصبحت وسيلة للتوظف وكسب العيش وخلت من التربية القويمة فما رأيكم في الوسيلة السليمة لتخريج جيل مسلم؟
فإنها لفرصة طيبة تلك التي يتاح لنا فيها أن نشارك معكم في تنوير الرأي العام، وفيما يلي إجابات قصيرة ولكم التصرف بها:
جـ 1: إنا ممن يرون أن الاستعمار الغربي ومثله الاستعمار الشرقي -في الجملة ما هو إلا استعباد واستذلال للمسلمين والشعوب الإسلامية فقط، فمن شاء فليستعرض الحالات ليتحقق من صدق هذا الكلام.
ولا شك أن المسلمين في كل أرض تنزف جراحهم، ويخرجون من هوة إلى حفرة يرهقهم الفقر والظلم والتخلف، ويعانون الكثير حتى في فهمهم لدينهم، ومع هذا الواقع السيئ الذي يكادون ينفردون به دون أهل الملل الأخرى.
فأعتقد أن هناك بوارق أمل تتمثل فيما يلي:
١- متانة الإسلام كدين وكفلسفة صالحة للحياة، وقدرته على مغالبة الأفكار والمذاهب المناوئة له مهما علا ضجيجها.
٢- سيادة فكرة الحرية -ولو نظريًا -وانتشار العلم والدعوى إلى تمثيل أفراد الأمة في الحكم، فإن ذلك قد ساعد على ظهور حركات إسلامية وجمعيات تسير تحت لوائه في شتى ميادين النشاط البشري.
٣- فشل المبادئ الأخرى بما جرته وتجره على الناس من ويلات.
جـ 2: بالنسبة للقضية الفلسطينية، أعتذر عن عدم الخوض في تفاصيلها والحلول المطروحة لها وأشعر أني ازداد فيها كل يوم جهلًا.
لكني أتمنى أن يهيئ الله لنا فيها من أمرنا رشدًا -إذا لم تعد قضية مليونين مظلومين من البشر وإنما ارتبطنا بها جميعًا بمصير واحد.
وأتمنى النجاح للعمل الفدائي بصفة خاصة -كمقدمة لعمل عام -راجيًا أن يأخذ لونه الطبيعي الممثل للون الشعب الفلسطيني المتدين.
فقد لاحظنا مهارة الشيوعية في خطف الثورات أو تحريف الثورات، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
جـ٣: رأي الإسلام هو رأينا.
- وهو يعتبر الشيوعية إلحادًا، كما يعتبر الرأسمالية بمنع الزكاة ارتدادًا والشيوعية بدورها تصر على حرب الإسلام دون هوادة والدول الرأسمالية تصادم الإسلام وتكره بقاءه.
وأعتقد أن الشيوعية هي العقوبة الإلهية والموضوعية، لطغيان الأموال والجزاء من جنس العمل.
ولا شك أن نظام الإسلام الفريد في نوعه هو الأمل الرائع والدواء الناجع.
جـ ٤: في المنطقة دعوات كثيرة تتصادم فلسفتها، ويخدع كل منها الآخر وتراهم «يتصاحبون» مؤقتًا أو مرحليًا ثم يفترقون متخاصمين لأسباب تافهة ثم يصالحهم «أعمامهم»، ثم يعودون لما قالوا.
ويبدو أن أمام الوحدة العربية -ونحن نؤيدها كمقدمة للوحدة الإسلامية-مصاعب ليس من السهل تذليلها، ذلك لأن نضوج الأفكار اليسارية في المنطقة هو الذي أضعف دعوة الوحدة العربية -فالشيوعية ضد القوميات بطبيعة الحال وأيضًا -فإن هناك بعض التناقضات في داخل الدعوة «العروبية» -كما يقرر علماء الاجتماع، بالنظر إلى وجود أعداد غير قليلة من الفراعنة والآشوريين واليهود والأرمن والأكراد والأفارقة، صاروا عربًا بطول المدة وممارسة اللغة وسكنى المنطقة، ووجود أجناس غير اليهود داخل الإطار العربي لا تؤيد العروبة، ولا يمكن إهمالها.
لذلك سيظل سؤال «من هو العربي الصحيح؟» يحتاج للجواب على أن الدعوة لتوحيد المسلمين لا تسلم عن مثل هذه المشاكل والتناقضات التي يضيق عنها المجال.
وأعتقد أن طريق الوحدة الإسلامية -وهو هدفنا -طويل شاق، لكنه يبدأ:
· بتوضيح الدين وتنقيته مما خالطه من خرافات وأباطيل.
· وقيام هيئات في كل أرض تلتزم به وتدعو إليه لتكوين رأي عام.
· والباقي يصنعه الله سبحانه مصداق قوله تعالى﴿...وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ...﴾ (سورة الأنفال: 10).
جـ ٥: الذين يقولون إن التشريع الإسلامي لا يصلح للحياة، هم:
· إما أعداء أصليون، فهذا موقفهم الطبيعي.
· وإما تلاميذ الأعداء، فهذا مبلغهم من العلم، الذي انخدعوا به.
· وإما صنائع وعوام، وهؤلاء لا وزن لهم.
لكن أحداث التاريخ تقول بصلاحيته مقدمًا على كل تشريع آخر.
وكفى ببقاء هذا الدين في مشاعر ومجتمعات ۷۰۰ مليون على مدى من البشر أربعة عشر قرنًا من الزمان -برغم الكيد والحرمان -دليلًا على عظمته وصلاحيته.
أما صعوبة تنفيذه في المجتمعات المعاصرة فهو حق لا مراء فيه لأن من طبيعة الشريعة الإلهية أنها تحتاج للتعاون الصادق بين الحاكم والمحكوم، فكم من رجل عندنا يسحب سلاحه وينطلق راكضًا لنصرة الإسلام كلما حل به سوء في أي أرض كانت وهو يقول « وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى »؟
وكم من امرأة تذهب للحاكم متطوعة ليطهرها بقطع يدها إذا سرقت أو بجلدها أو قتلها إذا زنت؟ إنها أمور تحتاج لتربية جيل يعرف الحق وينقاد له ومع ذلك فأعتقد أنه لو ألهم الله بعض الحكام بالقيام لتطبيق أحكامه بالحكم.
- ولو بالتدرج -وتربية الناس على الخلق الإسلامي ودعوتهم إليه.
فما أيسر ما تتهيأ لهم الوسائل وتلتف حولهم القلوب ثم تسير القافلة، بعده قضية الجنس هذه يضعها ويروج لها اليهود في العالم كله، وهو أمر مقرر في تعاليمهم لأنه يجمع لهم هدفين كبيرين، أحدهما جمع المال والثاني إضعاف الشعوب وانحلالها ليسودوا عليها فكل عربي أو مسلم يسهم في هذا العمل إنما يخدم أهداف اليهود، وإتيان الفاحشة تسلية يسيرة لكنها تحدث نكبات كبيرة والفاجرة الواحدة في بلد ما تتسبب في ترك مائة فتاة عانسًا بلا زواج، وتتسبب في إصابة مائة رجل بمرض خبيث وفي تدمير ۱۰۰ بيت فكيف بمجتمع مليء بالفاجرات؟
وللأجانب هدف مادي في ربط الجنس بالتجارة فلو قرت كل امرأة في بيتها وغض الرجال أبصارهم لكسدت تجارات هائلة للزينة والعطور والشعور ورواج الخلاعة رواج للكماليات واستنزاف لاقتصاد بلادنا في سلع الاستهلاك التي لا فائدة منها.
ونحن لا نضع العلاجات إلا ما وضعه الإسلام متمثلًا في:
١ -الدعوة إلى العفة، أو الإشباع الجنسي عن طريق الزواج المبكر بشروطه السهلة.
٢ - تنفيذ الدولة للعقوبات التي قررها الإسلام للمنحرفين جنسيًا وأخلاقيًا.
٣ -استكمال الشخصية الإسلامية التي تخشى الله وتطيع أمره.
جـ 6: كان الناس يطلبون العلم لله، يمشون ويسهرون وينفقون ويبحثون ولا ينتظرون من أحد شيئًا، وكانت فيهم بساطة العلماء وبركة العلماء وجهاد العلماء وأثرهم في الدنيا عظيم، ثم نظموه «فلخبطوه».
· ترى العلم القليل، والغرور الكثير.
· نفتقد القدوة الصالحة، فأصبح التلاميذ لا يتقيدون بفضيلة ولا يذكرون الله إلا قليلًا.
· ترتبط الأوراق العلمية بالأوراق المالية، وأصبح الطالب كأرملة الحكومة يقول لها حيث إني «حامل» لكذا فبناءً عليه أرجو كذا، ومستعجز الحكومات في القريب عن كفالة جيوش «الخريجين» الفارغين، والحكومات هي التي صنعت المشكلة.
أما السعي لتخريج جيل مسلم فهو من أوجب الواجبات يبدأ بالشعور بهذه الحاجة ثم بالتعاون لإنشاء مدارس لا تحتاج لمعونات المسيطرين، تجهيز بيئات صناعية صالحة «كالأقسام الداخلية» والسعي مقدمًا لإيجاد مجال معيشي لهؤلاء حتى لا يكونوا صنيعة بين الناس أو عالة على غيرهم والله الموفق والمستعان.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل