; الصهاينة ما زلوا يسعون لإدخال الأغذية الفاسدة والحاملة للأمراض | مجلة المجتمع

العنوان الصهاينة ما زلوا يسعون لإدخال الأغذية الفاسدة والحاملة للأمراض

الكاتب شعبان عبد الرحمن

تاريخ النشر الثلاثاء 04-أبريل-1995

مشاهدات 78

نشر في العدد 1144

نشر في الصفحة 28

الثلاثاء 04-أبريل-1995

مصر

«المجتمع» ترصد من «رفح» و«العوجة» محاولات الاختراق الصهيوني لمصر

  • يقظة من رجال الجمارك والأمن المصري لألاعيب اليهود.
  • الضجة الإعلامية حول الاختراق الصهيوني للزراعة خفضت نسبة البذور المغشوشة... لكن محاولات التهريب ما زالت مستمرة.
  • لم يعد الصهاينة قانعين باختراق مصر ببذور ملوثة، ولكنهم يطمحون في التهام السوق المصري كله.

 محاولات العدو الصهيوني اختراق العقلية المصرية، وتدمير الاقتصاد المصري والثروة الزراعية والتربة لم تتوقف منذ نشأة الكيان الصهيوني وقيامه، غير أن كامب ديفيد فتحت أبواب مصر على مصراعيها أمامه، وها هي الدول العربية تتبارى الآن في سرعة إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني، وتتضافر جهود الدول الكبرى مع الكيان الصهيوني لإقامة السوق الشرق أوسطية التي يسود فيها العدو على دول المنطقة. ولتقديم صورة واقعية عن الاختراق الصهيوني لأرض الكنانة باعتبارها تمثل ثقلًا سكانيًا واقتصاديًا كبيرًا في العالم العربي، قام الزميل شعبان عبد الرحمن بزيارة لمنطقة الحدود المصرية مع فلسطين؛ حيث رصد ظاهرة الاختراق الصهيوني لمصر عبر بوابتي رفح والعوجة، وتجول في سيناء التي تعتبر بوابة مصر الشرقية، وخرج لنا بهذا التقرير الموضوعي الذي نقدمه إلى المتهافتين على العلاقات مع العدو الصهيوني.

«المجتمع»

على امتداد الحدود بين الجانبين توجد ثلاثة منافذ في رفح، والعوجة، وطابا، ويتركز الضغط في التبادل على منفذي رفح والعوجة، الأول لمرور المسافرين والثاني لعملية التبادل التجاري بين الجانبين.

 في ميناء رفح تسير الحركة بهدوء وتدفق المرور ما زال في معدله الطبيعي، برغم أن السلطة الفلسطينية لم تتسلم المنفذ عمليًا من الجهة الأخرى «فلسطين» وما زال اليهود هم الذين يديرون الحركة والعلم الصهيوني ما زال مرفوعًا عليه والتعامل- بيننا عند المنفذ- ما زال يتم مع الميناء... ويضيف أن الذين عبروا بتدفق هم جنود الشرطة الفلسطينية وبعدهم فالمرور عادي عند معدله، أما بالنسبة للتدفق السياحي فقد انخفضت نسبته بمقدار 30%؛ حيث يستقبل الميناء يوميًا ٨ أتوبيسات من السائحين الأجانب من داخل الكيان الصهيوني بينهم أتوبيس واحد صهاينة، وإن كان المعدل قد تزايد في الفترة  الأخيرة، ويؤكد لي خبير سياحي أن الزيارات السياحية لمصر بالنسبة للأجانب تتم في إطار برنامج متكامل يتم وضعه للسائح من قبل الشركات المنظمة بحيث تشمل مصر والكيان الصهيوني، وأن البرنامج يركز على أن يكون الوقت المخصص لمصر ينحصر في المواقع الأثرية الهامة، وأنهم لا يتركون وقتًا كافيًا لسائحي المجموعات ليقضوه في مصر حتى لا يفرغ كل ما في جيبه، وحسب تعبير مسئول أمني في رفح أنهم «ينفضونه» في إسرائيل، ولذلك تكون حمولة السائح من الدولارات خلال دخوله مصر قادمًا من الكيان الصهيوني تكون خفيفة.

ارتفاع نسبة التبادل التجاري:

وفي قسم الرقابة على الصادرات التقيت بأحمد القصاص- مدير الرقابة على الصادرات في كل من منفذي رفح والعوجة- حيث لفت انتباهي إلى أن منفذ رفح هو منفذ لعبور الأشخاص بالدرجة الأولى، و«العوجة» هو منفذ تبادل الرسائل التجارية مؤكدًا أن نسبة التبادل التجاري بين مصر و«العدو الصهيوني» ارتفعت بعد توقيع اتفاق غزة أريحا بنسبة 60% وأوضح أن نسبة ما تستورده مصر تساوي 10% مما تصدره لليهود أي أن تصدير السلع المصرية أكثر بكثير من الاستيراد... ثم قال إنه يعمل في المنافذ منذ ١٣ سنة أي منذ بداية التطبيع، وكانت عمليات التبادل التجاري تنحصر يوميًا في رسالة واحدة فقط, بينما الآن قفزت إلى ٨ رسائل في المتوسط وتزداد.

وأشار إلى أن مصر تستورد من الصهاينة خراطيم الري بالتنقيط وملحقاتها وقطع غيار السيارات والمكيفات وخراطيم الضغط العالي والتفاح والموز وكتاكيت عمر يوم... أما مصر فتصدر لهم الموبيليا (الأثاث)، والكتب الثقافية والدينية «لأهل فلسطين» والبتومين «الأسفلت» والطبل والحناطير ولب البطيخ والزلط «نوع الفينو»، الذي يستخدم في عمل الأرضيات والمزايكو والجرانيت وفحم الشيشة «أسبوعيًا ٥٠ طنًا».

لكن شهود عيان آخرين أفادوني بأنه يتم أيضًا تصدير الزلط «نوع ساندوتش» والطوب الرملي المستخدم في عمليات البناء، وهو الذي كان يتم تصديره منذ ثلاث سنوات حيث كان يستخدم في بناء المستوطنات الصهيونية، وقد قمت بالكشف عنه في حينه من خلال مطاردة للحافلات التي تنقله من القاهرة حتى العوجة، ونشرت تفاصيل المطاردة في الصحف المصرية ومن يومها توقفت هذه العمليات تمامًا، ولكن يبدو أن عمليات تصدير الطوب هذه قد بدأت بعد غزة- أريحا وربما سيكون الزعم هو تعمير غزة أريحا وليس بناء المستوطنات. 

ويواصل أحمد القصاص موضحًا أن طبيعة عمله تتركز في مراقبة جودة السلع ومواصفاتها، وأنه بناء على ذلك يقوم بفحص السلع ومطابقاتها بالمواصفات، وما تحتاج منها إلى تحاليل لإثبات جودة مواصفاتها يتم حجزها، ويؤخذ منها عينة ترسل للمعمل المركزي الخاص بالصادرات والواردات بالقاهرة بعد أن يتم تشميع الرسالة ويتم إخطارنا بالنتيجة بالهاتف خلال ٤٨ ساعة، وقال إنه بعد توقيع غزة- أريحا تم رفض أكثر من رسالة من الموز الصهيوني «الرسالة۲۷ طنًا» لإصابتها بعفن بنسبة40%  وحملها لحشرات غير موجودة في مصر من الممكن أن تسبب وباء عامًا، ويلفت الانتباه إلى أن المصدر اليهودي أعاد بعض هذه الرسائل ثلاث مرات محاولًا إدخالها، ولكنها رفضت بحسم، ويشير في هذا الصدد إلى مراوغات الصهاينة وكثرة جدالهم وتعدد حيلهم، فقد كانت المناقشات تستمر معهم لمدة خمس ساعات يحاولون فيها بكل أساليبهم إدخالها ولكن دون جدوى، كما تم رفض أكثر من ألف كرتونة من صلصة الطعام ثبت انتهاء مدة صلاحيتها. 

ويؤكد عبد اللطيف السعيد- مسئول الحجر الزراعي. ومعه أحمد القصاص «الرقابة» ومطاوع عبد الحليم «حجر صحي» أن أخطر شيء يتم التدقيق عليه حاليًا فيما هو قادم من إسرائيل... المأكولات بكل أنواعها زراعية أو تصنيعية وتقاوي الزراعات... يقول عبد اللطيف السعيد إن المأكولات لكي نسمح بدخولها فلابد أن تكون حاصلة على شهادة وموافقة من هيئة الإشعاع الذري، أما البذور

 والتقاوي فلابد من حصولها على شهادة صلاحية وموافقة على الدخول من لجنة التقاوي المصرية، وهذه الموافقات لا يحصل عليها إلا المستوردون.

 «ملحوظة: علمت من مصادر في وزارة الزراعة أن القطاع المسئول عن استيراد التقاوي رفض مؤخرًا دخول وكيل استيراد البذور الصهيونية في مناقصة استيراد عدد من البذور والتقاوي، وسبب ذلك هو الحملة الإعلامية الشديدة ضد البذور الصهيونية، وهذا في حد ذاته نوع من  الحد في التعامل في مجال البذور والتقاوي بالذات».

 ويضيف عبد اللطيف السعيد أن أية كميات من المأكولات وخاصة عسل النحل يتم إعدامها فورًا بعد مصادرتها مع حاملها لأن علمنا أن العسل الإسرائيلي يحمل طاعون «الفاروا» الذي يدمر إنتاج العسل، كما أن أي بذور يتم ضبطها تعدم فورًا، نحن نعتبرها غير صالحة طالما لا تحمل شهادة الصلاحية وموافقة لجنة التقاوي حفاظًا على ثروتنا الزراعية من أية أوبئة...

التقاوي- التجارة السرية الرابحة:

 ويعيد الجميع التأكيد على أن الحسم في إعدام هذه الأصناف شاع بين المسافرين، فقلت نسبته كثيرًا، ولكن الشيء الذي لم تتم السيطرة عليه تمامًا هو تهريب التقاوي والبذور أولًا لسهولة ذلك، فالمسافر أو المسافرة يمكنها بسهولة أن تحمل ربع كيلو بذور في أي مكان وخاصة بذور الطماطم التي وصل سعر الكيلو منها ٦٠ ألف جنيه.

 والسبب الرئيسي في استمرار محاولات تهريب البذور والتقاوي هو أن مزارع سيناء ما زال يجد فيها أجود الأصناف التي تعطيه أعلى إنتاج، هكذا يؤكد عدد من المزارعين، ولذلك فإن التجارة السرية الرائجة في رفح والعريش ما زالت تجارة التقاوي والناس تتحايل على إدخالها بشتى الطرق.

 محمود أمين- نقيب الزراعيين في شمال سيناء. ويعمل في الزراعة بمزارعه منذ خمس سنوات، يقول إن عمليات التهريب بالنسبة للتقاوي قلت بعد غزة- أريحا بنسبة 30% لزيادة الاستحكامات، ومع ذلك ما زال المزارع وأنا شخصيًا نعتمد في الزراعة على التقاوي اليهودية... ويرد على ما يتردد عن غش التقاوي أو تحميلها بأمراض وأوبئة مدمرة للزراعة بأنه كان من الممكن أن يحدث من بداية التطبيع، ولكني أعتقد أن خطة اليهود ربما تغيرت الآن، وهم يسعون لكسب الثقة في السوق المصري بالنسبة لكل منتجاتهم وأولها أنهم يسعون لضمان السوق المصري «أكبر سوق في الشرق الأوسط» وهذا في حد ذاته أخطر علينا من تسميم التقاوي.

 قلت له: وهل تعتقد أن العدو الصهيوني من الممكن أن يساعدك على زيادة إنتاجك الزراعي وتحقيق الاكتفاء الزراعي بهذه الدرجة؟

 قال: أعلم أنهم يهود... وأنهم أعداؤنا... وإن الصراع بيننا لن ينتهي بنص القرآن وأعلم أن مئات الأفدنة من الطماطم «نوع أورنيت» التي استوردت تقاويها من إسرائيل قد بارت في العام الماضي، وحدث كساد في الإنتاج، ولكن في مقابل ذلك هنا زراعات لم تظهر فيها الأمراض حتى الآن، والأهم فليس عندي البديل الذي يساعدني على الزراعة لكي أعيش ونحن نختار هذه البذور كبديل مر...

البذور المغشوشة:

 سألت كل من قابلتهم تقريبًا عن سر الضجة التي كنا نسمعها عن ضبط كميات كبيرة من التقاوي والبذور الصهيونية المغشوشة، فقال لي مصدر أمني إن ذلك كان يحدث بالفعل من قبل، ولكنه قل حاليًا بنسبة ٨٠ % وطبقًا لقاعدة حصول التقاوي على شهادة من لجنة التقاوي المصرية بالصلاحية، فإن أية كميات مهربة يتم ضبطها توضع في خانة غير الصالحة ويتم مصادرتها وإعدامها فورًا.

 ويؤكد العديد ممن قابلتهم في الجمرك أو في سيناء أن غش البذور لن ينتهي.. فهذه تجارة مهربة وكل ما يهم مهربها أن يحقق ربحًا كبيرًا لا يهمه إنتاج ولا غيره، ومن ثم تعددت أساليب الغش... فمن الممكن أن يكون الصهاينة هم الذين يغشوه ويلوثوه ويهربوه لنا... حسب المصدر الأمني... هل هم يهمهم مصلحتنا في أي شيء... ولذلك يتم الإعدام بعد المصادرة.

  ومن ناحية أخرى فإن المهرب نفسه القادم من فلسطين يمكن أن يحصل على العبوات الفارغة للتقاوي الأصلية، ويصنع هو تقاوي بطريقته ويضعها في هذه العبوات بعد الحصول -بأية طريقة- عليها من مصانعها وبيعها على أنها أصلية، هذا يحدث وخاصة مع الطماطم التي وصل سعرها ٦٠ ألف جنيه للكيلو... وهكذا تتعدد أساليب الغش ويبقى المزارع في سيناء هو حقل التجارب... وهو وحظه.

 وبمناسبة التهريب وانخفاض نسبته فإنه على أي حال يظل منحسرًا وقليلًا عن طريق المنافذ ولا يتعدى الكميات البسيطة التي لا تزيد عن الجرامات خاصة من التقاوي.

 أنفاق التهريب في رفح:

 أما العمليات التهريبية الكبرى فإنها تتم بعيدًا عن المنافذ، وكانت أكثر الطرق شيطانية في هذا السبيل طريقة التهريب من تحت الأرض، وكان ميدانها مدينة رفح المصرية على الحدود مع رفح الفلسطينية حيث يتفق المهرب من مصر مع المهرب من رفح الفلسطينية، على حفر أنفاق تحت الأرض من ساحة بيت أحدهما على جانب إلى ساحة بيت الطرف الآخر.

يقول لي العديد من أهل رفح أن هذه الطريقة تولدت من خبرة الناس بحفر آبار المجاري أمام بيوتهم. فليس في رفح شبكة صرف صحي، وكل بيت يحفر أهله حفرة أمامه يتجمع فيها الصرف ليختفي بعد ذلك في أعماق الرمال، هذه الطريقة ولدت لدى العديد من الناس خبرة الحفر التي استخدمها المهربون في حفر أنفاقهم التي تبدأ بحفر بئر عمق ۸ أمتار، ثم يجري بعد ذلك حفر النفق بعد تجهيز البئر تمامًا، وبالطبع فإن ذلك يكون شيئًا عاديًا «حفر الآبار» عند كل الناس ولذلك تتم العملية بنجاح. 

وهكذا محاولات التهريب لن تنتهي طالما تحقق أرباحًا طائلة من المال.

 ويبقى بعد كل ذلك أن نؤكد من خلال هذه الجولة أن الصهاينة لم يعودوا قانعين باختراق مصر ببذور ملوثة أو دولارات مزيفة، ولكنهم يطمحون وبإلحاح إلى التهام السوق المصري كله التهامًا بصفته أكبر سوق في المنطقة، ولذلك فإنهم يحاولون خلق نوع من الثقة فيه فذلك أكثر فائدة من المسائل الأخرى... وربما يكون هذا هو التكتيك الجديد.. تكتيك السوق الشرق أوسطية!

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

مخطط جنرالات اليهود للمستقبل

نشر في العدد 4

31

الثلاثاء 07-أبريل-1970

السودان في سطور

نشر في العدد 4

26

الثلاثاء 07-أبريل-1970