; صحة الأسرة (العدد 1331) | مجلة المجتمع

العنوان صحة الأسرة (العدد 1331)

الكاتب إيمان محمود

تاريخ النشر الثلاثاء 22-ديسمبر-1998

مشاهدات 14

نشر في العدد 1331

نشر في الصفحة 62

الثلاثاء 22-ديسمبر-1998

الصوم يعالج الكذب المرضي.. ويضبط الانفعالات

الصوم يعالج الكذب بأنواعه جميعًا، وبخاصة المرضى منها، ويعلي من شأن كل ما هو إيجابي في الإنسان، ويهدم كل ما هو سلبي في شخصيته؛ إذ يعين على ضبط النفس، وترويضها على تحمل الصدمات، ويقوي العزيمة، ويوقظ الضمير، ويورث الثقة في النفس فيواجه الصائم الحياة بقلب مطمئن، منضبط الانفعالات، هذا ما يؤكده علماء الأخلاق، والنفس، والاجتماع من خلال هذا التحقيق:

في البداية يعرف الدكتور أحمد عبد الرحمن- أستاذ علم الأخلاق- السلوك الأخلاقي بأنه: العطاء بلا مقابل، وهناك ما يعرف بالسلبية الأخلاقية، ومعناها: أن يعيش الإنسان من أجل نفسه ولكنه لا يؤذي الآخرين، أما الأمراض الأخلاقية فهي الدرجة السفلى من السلوك الإنساني وتتسم بالأخذ بلا مقابل، ويتخذ هذا النمط أشكالًا تؤذي الغير وتتنافى مع الدين والأخلاق.

علاج للسلوك

وترى الدكتورة رضا محمد كامل- مدرس مساعد الطب النفسي جامعة الأزهر- أن الشخص الذي يسلك تصرفات وسلوكًا غير أخلاقي شخص يفتقد القدرة على التحكم في انفعالاته، بالإضافة إلى عدم إحساسه بالهدوء والراحة وهو مريض نفسيًّا قبل أن يكون سارقًا أو كاذبًا.

والصوم يأتي بنتائج موفقة في الحالتين: المرض، وانحراف الطباع، فالصوم يهذب النفس ويقوي الإرادة، فيتجنب إتيان أي فعل من شأنه الإضرار بالآخرين، ومصداقًا لذلك هناك قول مأثور هو: «إذا صمت فليصم سمعك ولسانك عن الكذب والمآثم، ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك، ولا تجعل يوم فطرك ويوم صيامك سواء».

ولا شك في أن الصبر ثمرة من ثمار الصيام يجنيها الصائم، فتساعده على الشفاء من أي مرض نفسي يقوده إلى فعل أي سلوك غير أخلاقي، فنحن عندما نعالج مصابًا بداء الكذب المرضي، نحدد له عددًا من الساعات يتجنب فيها الحديث عن جميع الموضوعات إلا موضوعًا محددًا، ثم نقوم بعد ذلك بزيادة عدد الساعات حتى يشفى، ويكون السلاح للنجاح في هذه التجربة التي تسمى بالعلاج السلوكي، الصبر الذي اكتسبه من أدائه لفريضة الصيام.

كما ترى الدكتورة نوال سليمان- مدرس في قسم الاجتماع بكلية الدراسات الإنسانية جامعة الأزهر- كان محط عناية وبحث العديد من الدراسات الاجتماعية نظرًا لأهميته، وكان ماركس فيبر أول من نبه لذلك من خلال مقولته: «العامل الديني أساس النظام الاجتماعي في المجتمع».

وفي هذا الجانب أكدت نتائج الدراسة الشهيرة عن الانتحار لـ«دوركايم» مؤسس علم الاجتماع- أن المتدينين أكثر قدرة على التكامل الاجتماعي مع المحيطين بهم وأقل عرضة للانتحار.

وتؤكد الدكتورة نوال أن الصيام له تأثير إيجابي على الجانب الذاتي للفرد، وكذلك على العلاقات الاجتماعية، يحسن العلاقات بين الأهل والأصدقاء، فتسود الألفة والمحبة والتعاطف والتوحد، فالكل يتوقف عن الأكل والشرب في مواعيد محددة، ويبدأ ويجتمع على الطعام في وقت واحد، كما أن الصوم يعد فرصة لتصويب الأخطاء مع الآخرين، وتدعيم العلاقات والروابط الاجتماعية وتطبيع النفس البشرية على التسامح.

ويتفق الدكتور محمد نايل- أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر- مع الرأي السابق مؤكدًا أن الصوم امتناع عن ملاذ الحياة، وبحكم أنه امتناع فهو تدريب على الصبر، وتربية للإرادة والضمير؛ لأن الصائم حينما يمتنع عن الطعام والشراب والملذات كافة يمتنع بدافع من ضميره وإيمانه بمراقبة الله - عز وجل - له.

ومن هنا نعلم أنه إذا صلح الصوم صلح حال العبد، وحفظت جوارحه عن الأنام، ومن ثم سد مسالك الشيطان، فتنطلق نفسه مطمئنة، ويصير كل مسلك له مطابقًا لكتاب الله وسنة نبيه ﷺ فيسلم من الأمراض التي تصيب النفس، وتؤدي بها إلى ارتكاب الشرور.

دهون الجسم تصيب المرء بالعجزة والإعاقة

واشنطن- قدس برس: 

أكد باحثون مختصون أن المستويات العالية من دهون الجسم بين الأشخاص المسنين قد تسبب إصابتهم بالإعاقة، والعجز عن الحركة.

وأظهرت الدراسة التي سجلتها المجلة الأمريكية للتعذية السريرية أن السيدات اللاتي يعانين من وجود كميات عالية من دهون الجسم أكثر احتمالًا للإصابة بالإعاقة بنحو ٣ مرات على مدى ثلاث سنوات، مقارنة بنظرائهن الأنحف.

وأوضح الدكتور مارجولين فيسر- الباحث في المعهد الوطني للشيخوخة في بيشيسدا- أن النتائج نفسها ظهرت بين الرجال أيضًا، مؤكدًا أن الرجال الذين تتواجد كميات عالية من الدهون في أجسامهم يتعرضون للإصابة بالعجز والإعاقة، بنحو الضعف مقارنة بالرجال الأنحف.

واستند الباحثون في دراستهم إلى تتبع الحالة الصحية لـ ٩٤٨٠ من الرجال والسيدات كبار السن، الذين تراوحت أعمارهم بين ٦٥ و ١٠٠ عام، وأوزانهم بين ٧٤ و ۳۱٥ باوند لمدة ثلاث سنوات، مع اختبار قدرتهم على المشي لمسافة نصف ميل، أو ۱۰ خطوات كمؤشرات قوية على الصحة، أو الإعاقة الحركية التي تنبئ بخطر الوفاة، أو ضرورة الدخول إلى أحد مراكز العناية بالرجال أو السيدات المسنات.

وبينت الدراسة أن كبار السن الذين تشكل الدهون نسبة كبيرة من أجسامهم أي أكثر من ٩١ باوند من وزن الجسم يواجهون أكثر من غيرهم خطر الإعاقة، والعجز عن الحركة.

ومن جانبه، أكد الدكتور جورج بلاكبيرن مشرف قسم التغذية في كلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية ضرورة مراقبة الوزن، وتناول طعام صحي فقط، والتقليل من الدهون، فضلًا عن استهلاك الكثير من الفواكه والخضراوات، وممارسة التمارين الرياضية كوسيلة وقاية مهمة من العجز والأمراض الأخرى.

 

ويريح الجهاز الهضمي ويجدد خلايا الجسم

صنغ واحد يكفي على الإفطار.. والتنفل صحي قبل السحور

حوار: نهاد كيلاني

العنوان السابق ينصح به الدكتور سالم نجم- أستاذ الأمراض الباطنة، والوكيل السابق لنقابة الأطباء المصرية- مؤكدًا لمجلة المجتمع أن للصوم آثاره المفيدة على أجهزة الجسم، وبخاصة الجهاز الهضمي؛ إذ يقضي على نظامها الرتيب، ويجدد الخلايا، ويوقظ- حساسيتها، وينشط الدورة الدموية، الأمر الذي يصح الأبدان، ويطهر النفوس.

 ما تأثير الصوم على صحة الإنسان ووظائف أجهزته الحيوية؟

- الصوم له آثار مفيدة على صحة الإنسان، ولنضرب مثالًا لذلك بالجهاز الهضمي: تحتاج المعدة والأمعاء إلى فترة راحة واستجمام تهدأ فيها حركة القناة الهضمية، وتقل نشاطات غددها وإفرازاتها متعددة الوظائف، وبخاصة غدتا الكبد والبنكرياس، وهي بذلك تنشط أعصاب هذه الأعضاء، وتهذب من أدائها ودقة توقيتها، لذلك، فإن الجوع هو المؤثر الأساسي الذي يعطي الإشارة إلى المراكز الحسية العليا في المخ التي ترسل تعليماتها إلى العضلات العاصرة، والغدد المنبثة على طول القناة الهضمية بتنشيطها أو تهدئتها، حسب مقتضى الحال، والجوع لا يتحقق إلا بخلو المعدة والأمعاء من الطعام والشراب، وبالتالي تنخفض نسبة تركيز الدهنيات في الدورة الدموية، وهذا بلا أدنى شك يتحقق في الصيام.

كما أن من فوائد الصيام القضاء على النظام الرتيب لأجهزة الجسم، وبخاصة الجهاز الهضمي، وإعادة تشكيله؛ لكي يعتاد على أوضاع وظروف تختلف عنها في بقية شهور العام، إن كسر وتحطيم هذا الأسلوب الرتيب لوجبات الطعام، يوقظ لدى أجهزة الجسم الحساسية النافعة، والقدرة الواعية على مواجهة ظروف الحياة، بتقلباتها واتجاهاتها التي كثيرًا ما يعجز الإنسان عن مواجهتها، والتصرف إزاءها ما لم يكن قد أعد نفسه، وهيأ جسمه لمثل هذه المواقف.

عند الإفطار يندفع البعض لتناول الطعام بشراهة ثم يعاني بعد ذلك التخمة والامتلاء، فكيف نتجنب سوء الهضم في رمضان؟، وما القواعد الصحية لتناول طعام الإفطار والسحور؟

- نتجنب سوء الهضم في رمضان باتباع توجيهات القرآن العظيم، وسنة الرسول ﷺ التي يؤكدها العلم والبحث السليم.

فالإنسان إذا ما فقه قول الله – تعالى -: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ﴾ (سورة الأعراف: ٣١).

وإذا ما أعمل الفكر في حديث رسول الله ﷺ: «ما ملأ ابن آدم وعاء شرًّا من بطنه، فإن كان لا محالة فاعلًا فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه»، فإنه بالتأكيد لن يصاب بتخمة أبدا، على هذا فإني أنصح الصائم الكريم، إذا ما حان وقت الإفطار أن يتناول شرابًا سكريًّا خفيفًا أو قليلًا من التمر، أو جرعة ماء ثم ينهض لصلاة المغرب؛ ليعود بعد ذلك إلى طعام الإفطار فيأخذ ما يسد جوعه، والأفضل أن يقوم الصائم عن الطعام، وهو فيه راغب، ولا يملأ معدته بالأصناف الدسمة المركزة، وحبذا لو اقتصر في طعامه على صنف واحد، فذلك أوفق لسهولة الهضم، وراحة البدن، وتجنب أعراض سوء الهضم.

وبعد ذلك، تحل صلاة العشاء، وصلاة التراويح، وتلك فرصة جيدة لهضم طعام الإفطار بصورة طبيعية؛ إذ بسبب عوامل استقرار النفس وانشغالها بالعبادة- وما يصاحب ذلك من نشاط في الدورة الدموية، وتنسيق بين إفرازات الخمائر، والعصارات الهاضمة، والهرمونات- لا بد من أن تصح الأبدان والنفوس، فإذا ما جاء وقت النوم المبكر، نام الصائم نومًا هادئًا لا يزعجه فيه انتفاخ، أو عسر هضم.

أما عن طعام السحور، فحين يفيق الإنسان من نومه عليه أن يتوضأ ويصلي ما تيسر له من النوافل، وهذه مقدمة ضرورية يحتاجها الجهاز الهاضم لتقبل وجبة طعام سحور خفيفة من «العسل- اللبن- الجبن- الزبادي- الخضراوات الطازجة- الفواكه» مع شراب ساخن، وما أن ينتهي من تناول طعامه حتى يتوجه إلى المسجد لأداء فريضة الصبح، ثم يعود ليغفو قليلًا، ولينال قسطًا من الراحة يستعين به على أداء عمله اليومي.

  هل هناك أمراض معينة مانعة للصيام؟

- في تقديري: ليست هناك أمراض يتحتم على صاحبها الإفطار، ولكن للمسلم شفافية، ويستطيع أن يتبين بنفسه بعد تجربة صيام الأيام الأولى من الشهر الكريم، إن كانت صحته قد اعتلت أو تدهورت، وحينئذ يجب عليه أن يحفظ بدنه فيفطر ويتصدق، ولكن عليه أيضًا أن يسترشد برأي طبيب مسلم، ومن الأمراض التي قد توجب الفطر البول السكري، وارتفاع ضغط الدم، وبعض أمراض الدم والكلى، وقرحة المعدة والأمعاء المزمنة، وغيرها.

وفي حالة الأمراض الحادة - مثل الحميات بأنواعها المختلفة، والنزلات المعوية، والمعدية، وحالات النزيف، والإسهال، والقيء الشديدين، ومثلها حالات هبوط القلب الحاد، والقرح المعوية الحادة وغيرها- فإن كلمة الطبيب المسلم هي الفيصل بتقديره، وتغليب المصلحة، وعلى المريض أن يمتثل لأوامره، وهو قرير النفس، هادئ البال.

وهل للمرأة الحامل أن تفطر أم أن عليها أن تصوم الشهر الكريم؟ 

لها أن تفطر إن رأى الطبيب المسلم المعالج ذلك، أو إذا أحست من نفسها وهنًا وضعفًا وقصورًا في الدورة الدموية، وكذا ينطبق هذا الوضع بحكمه على المرضع.

• بعض الأمهات يخشى على أطفاله من الصيام، فهل هو خطر على الصغار أم أن له فوائد؟ 

- من الأمور المستحبة أن نعطي أطفالنا فرصة تجربة صوم رمضان أو بعضه، وألا تأخذ الوالدين الشفقة بأبنائهما أو الخوف عليهم، وليطمئنوا إلى أن الطفل يستطيع أن يميز، ويقدر حاجته إلى الشراب أو الإفطار، وينبغي أن نشجعه نحن على إتمام الصوم، ولا نخشى عليه معاقد نتوهم حدوثه من ضرر، بل إن أثار الصيام النافعة على الأطفال- تربية، وسلوكًا، وصـحـة- مؤكدة، وفوق ذلك، فإن رضا الله ورضوانه، ورحمته تعم الأسرة كلها، بأربابها، وشبابها، وأطفالها، وذلك لعمر الله المثال الطيب للبيت المسلم ذي المظهر الحسن الجميل.

الرابط المختصر :