العنوان الضغوط الأمريكية.. هل تحرك عجلة العلاقات المصرية الصهيونية؟
الكاتب محمد جمال عرفه
تاريخ النشر السبت 28-فبراير-2004
مشاهدات 25
نشر في العدد 1590
نشر في الصفحة 21
السبت 28-فبراير-2004
منذ وصول السفير الصهيوني الجديد إيلي شاكيد «السابع منذ عام 1979»، للقاهرة وهو يسعى- شأن نظرائه الستة الذين سبقوه- لاختراق جدار المقاطعة المصرية له، بقوة عبر استقطاب مثقفين مصريين وتارة عبر المشاركة في لقاءات رسمية وحفلات دبلوماسية، وتارة عبر إقحام نفسه في ردود لتلقي ما تنشره الصحف وإرسال ردود ينتقد فيها وصف هذه العمليات بأنها استشهادية.
ولكن اللافت أن هذا السفير بدأ منذ قبول أوراق اعتماده رسميًّا في يناير الماضي يتحرك بشكل دعائي أكبر ويتحدث عن تحسن مطرد في العلاقات ويمكن القول اختصارًا إن آلية العلاقات السرية الصهيونية مرتبطة بمسألتي: القضية الفلسطينية والضغوط الأمريكية على مصر.
فكلما دخلت القضية الفلسطينية النفق المظلم وزادت الأحوال تدهورًا بالنسبة للطرف الفلسطيني تضطر القاهرة لفتح "كوة" في جدار العلاقات المتجمدة سواء بإرسال مبعوثين رسميين «مدير المخابرات المصرية غالبًا» لمحاولة إحياء المفاوضات بالقيام باتصال مباشر بين القيادة المصرية والصهاينة.
أما المسألة الأخرى فهي الضغوط الأمريكية المتواصلة على القاهرة سواء لدفعها للضغط على الفصائل الفلسطينية المجاهدة كي توقف عملياتها، أو بالضغط على القيادة الفلسطينية.
وربما يمكن في هذا الصدد فهم كل ما تردد مؤخرًا عن تحسن في العلاقات، وتعاون بين رجال الأعمال وبحث قضية الجاسوس عزام.
سفراء تل أبيب.. سجناء في مصر!
والطريف أن سفراء الكيان الصهيوني في مصر يقبعون، -وفق اعترافات عدد منهم- عقب. انتهاء عملهم- في سجون حقيقية بسبب حالة المقاطعة الشعبية لهم وشبه المقاطعة الرسمية أيضًا؛ حيث لا يسمع المصريون عن أي سفير صهيوني تقريبًا إلا في الفترة الأولى لتعيينه ثم أثناء رحيله.
وقد ظهر هذا بوضوح في حالة السفير الخامس "تسفي مزائيل"، الذي اشتكى أكثر من مرة الخارجية المصرية ولخارجيتة ولصحف أجنبية عبرية من أنه لا يستطيع مزاولة حياته بحرية في مصر؛ حيث يرفض الدبلوماسيون المصريون وعائلاتهم دعوته لحفلاتهم، كما يعزفون عن قبول دعواته لإقامة أي حفلات وأنه يشعر أنه يعيش في سجن، وأن هذا هو ذات شعور أفراد السفارة الإسرائيلية بالقاهرة.
بل إن زوجة السفير مزائيلي اشتكت بدورها- في حوار مع صحيفة «يديعوت أحرونوت- من مجافاة المصريين لإسرائيل وقالت إنها كانت تعتقد أن المسافة بين القاهرة وتل أبيب ساعة واحدة بالطائرة بيد أنها اكتشفت أن المسافة أطول من ذلك بكثير.
وقالت: «ميشال مزائيلي»، عقب انتهاء مدة خدمة زوجها، إنها سعيدة لأنها لم تعد مجبرة على البقاء في مصر بسبب الجفاء الذي عانت منه من المصريين والمصريات؛ حيث كانت تشعر بأنها شخصية غير مرغوب فيها في أي حفل من جانب زوجات الدبلوماسيين المصريين، وأن أغلبهن كن يتهربن من دعوتها لأي حفل أو حضور حفلاتها في منزلها، كما أنها فشلت في إقناع أي مدرسة مصرية بقبول تعليمها اللغة العربية.
سعى السفير مزائيلي في يناير الماضي للرد على صحيفة «الجمهورية»، لنشر رئيس تحريرها مقالًا يشيد فيه بعملية استشهادية قامت بها أم فلسطينية؛ حيث انتقد وصف العملية بأنها استشهادية لا إرهابية حسب وصفه لها، كما انتقد عنف جريدة الجمهورية التي «نشرت رده».
واللافت أنه عقب التدخل المصري بإقناع السلطة الفلسطينية بعقد اللقاء بين شارون ورئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع، سعى السفير الصهيوني شاكيد للظهور والتأكيد للصحافيين في القاهرة أن المصريين هم من سعى لإقناع فريع بالتخلي عن وضع أي شروط مسبقة، ثم بدأ يتحدث عن تحسن في العلاقات بين البلدين ولقاءات بين رجال أعمال من البلدين فزعم أن رجال أعمال مصريين فاتحوا كيانه الغاصب بشأن إقامة مناطق اقتصادية مشتركة في مصر، وأن فكرة إقامة مثل هذه المناطق لمصانع النسيج أثيرت في محادثات بين سيلفان شالوم وزير الخارجية الإسرائيلي والرئيس حسني مبارك في جنيف، وقال إن تلك المناطق سوف تستفيد من اتفاق تجاري إسرائيلي أمريكي.
وقد تزامن هذا التحرك مع طرح العديد من نقاط الخلاف بين الطرفين المصري والصهيوني مثل قضية الجاسوس عزام الذي زعمت جريدة «يديعوت أحرونوت» الصهيونية عبر موقعها الإلكتروني «اعتزام مصر إغلاق ملف الجاسوس عزام عزام». وقالت إن تغييرًا – وصف بالإيجابي طرأ على العلاقات الصهيونية المصرية، ونقلت عن مسؤول سياسي بارز في الكيان الصهيوني قوله، إن مصر معنية بإنهاء قضية السجين عزام عزام المسجون بعد إدانته بالتجسس الحساب الكيان الصهيوني، وأنه ليس هناك شك بأنه قد طرأ تغيير مهم على العلاقات المصرية-الصهيونية.
وقد كانت هذه المسألة مثار سؤال لنائب الإخوان المسلمين بالبرلمان محفوظ حلمي قدمه الوزير الخارجية يوم ٨ فبراير الجاري عن صحة هذه التصريحات ولماذا لم ترد عليها الخارجية المصرية بالسلب أو بالإيجاب، خاصة وأن سجن عزام، كان نتيجة حكم محكمة في قضية تمس الأمن القومي المصري؟
وقد نفي وزير الخارجية ما تردد مؤخرًا حول وجود صفقة للإفراج عن الجاسوس عزام عزام الذي يقضي عقوبة السجن في مصر وأضاف أن عزام جاسوس مثل أمام القضاء النزيه الذي أدائه ثم حكم عليه بالسجن ويسري عليه ما بسري على بقية السجناء ولا يتمتع بوضع خاص.
ومعروف أن محكمة أمن الدولة المصرية أدانت «عزام عزام» عام ١٩٩٦م، بالتجسس لصالح وكالة الاستخبارات الصهيونية الموساد وحكمت عليه بالسجن ١٥ سنة، مع الأشغال الشاقة.
الغاز الطبيعي المصري
أيضًا لفت الانتباه ضمن السعي الصهيوني التسويق فكرة أن هناك تحسنًا في علاقات البلدين أنه خرجت أنباء من تل أبيب عن إجراء مفاوضات سرية في القاهرة في النصف الأخير من فبراير ٢٠٠٤، حيث كشف اربيل شارون رئيس الوزراء الصهيوني يوم ۱۷ فبراير الجاري عن إجراء مباحثات سرية مع مصر لشراء الغاز الطبيعي المصري.
وقالت الصحف الصهيونية إن شارون قرر في ختام جلسة ناقشت تزويد إسرائيل، بالغاز الطبيعي – عدم التوقيع مع شركة بريتيش غاز البريطانية التي تنقب عن الغاز قبالة شواطئ غزة حتى تنتهي المفاوضات مع شركة الغاز المصرية إلا أن مصر تنفي منذ فترة توريد الغاز إلى الكيان الصهيوني.
فهل يسعى الصهاينة من خلال نشر هذه الأنباء عن تحسن العلاقات مع مصر للضغط عليها؟ وهل يرتبط تحسن العلاقات مع الصهاينة بالضغوط الأمريكية المستمرة على مصر خاصة أن نوابًا في الكونجرس يقدمون مشاريع قوانين كل. حين لعقاب مصر بسبب عدم تحسين علاقاتها مع الكيان الصهيوني؟!.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل