; العالم بين جنون البقر وجنون البشر | مجلة المجتمع

العنوان العالم بين جنون البقر وجنون البشر

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر السبت 10-مارس-2001

مشاهدات 11

نشر في العدد 1441

نشر في الصفحة 18

السبت 10-مارس-2001

تقارير طبية أمريكية ومصرية: أدوات التجميل والأدوية تنقل جنون البقر!

ظهر مرض جنون البقر في أوروبا منذ 15 عاماً تقريباً، وزاد الاهتمام به بعد أن ثبت أنه ينتقل للإنسان ويصيبه بالموت بعد فترة حضانة غير معروفة. التحذيرات السابقة كانت تتحدث عن عدم تناول لحوم البقر المصاب، إلا أن تقارير طبية أمريكية ومصرية كشفت أخيراً عن أن خطورة المرض لا تقتصر على التوقف عن تناول اللحوم خصوصاً من الدول الأوروبية، وعلى رأسها بريطانيا التي ظهر فيها المرض، ولكن الأمر يمتد إلى مجالات أخطر تمس حياة كل البشر، وتتعلق باستخدام مشتقات حيوانية مستخرجة من هذه الأبقار تستخدم في بعض الأدوية واللقاحات والأمصال وصولاً إلى أدوات الزينة «المكياج» التي تستخدمها النساء.

القاهرة: محمد جمال عرفة

وإذا ما علمنا أن هذه اللحوم تستخدم أيضاً في تصنيع كل منتجات اللحوم الحديثة التي يقبل عليها شباب اليوم وحتى الكبار، يزداد حجم الكارثة وضوحاً، فهناك الهامبورجر، والسوسيس، والهوت دوج، والبيتزا باللحم أو اللانشون، وهلم جرا. وحتى منع هذه اللحوم في الدول العربية والإسلامية لا يعفي من انتشار المرض الذي تبرز خطورته في أنه لا يظهر إلا بعد بضع سنوات، كما حدث في بريطانيا التي ظهر فيها المرض منذ 8 سنوات تقريباً، ولكن حالات الوفاة حدثت هذا العام والذي قبله.

الدول الأوروبية التي أنفقت الملايين على أبحاث لم تكتمل لمعرفة أخطار هذا المرض، لا تزال تولي التجارة والمكاسب المادية الأولوية في التعامل مع المرض رغم خطورته. ولا يقتصر الأمر على تصدير اللحوم المصابة للدول النامية والفقيرة بأسعار زهيدة تجد تجاوباً من التجار الجشعين، وإنما يصل الأمر إلى تعمد إنكار ما أكدته تقارير طبية عن أن خطر هذه الأبقار يصل إلى الأمصال واللقاحات والأدوية وأدوات التجميل، والدهانات التي يدخل فيها الدهن أو البروتين الحيواني، حتى لا تخسر المزيد من الأرباح.

أما الدول الفقيرة التي تستورد هذه المنتجات فهي الضحية الحقيقية، وتقع عليها أخطار أكبر، لأنها لا تتوافر لها ذات الميزانيات الطبية الضخمة ولا الإمكانات التكنولوجية للوقاية من المرض، أو علاجه، أو وقف انتشاره، بل كيفية اكتشافه من الأصل.

المفاجأة المفزعة التي ربما قد تصيب الكثيرين بالهلع هي ما أكده علماء بالولايات المتحدة، عبر نشرات للهيئات الطبية، من أن مستحضرات التجميل والأمصال واللقاحات والهرمونات الطبية، يمكنها أيضاً نقل جنون البقر، لو كانت الحيوانات المصنعة منها هذه المواد حاملة للمرض! 

وقد نشرت السلطات الأمريكية تحذيرات عدة، بعضها على الإنترنت، تدعو فيه الأمريكيين إلى عدم استخدام مستحضرات التجميل المصنعة في أوروبا، لأن احتمال انتقال مرض جنون البقر من خلال هذه المستحضرات وارد جداً، كما قالت.

 

علماء مصر يحذرون

وقد أكد علماء مصريون هذه الحقيقة الخطيرة، وأصدرت النقابة العامة للأطباء البيطريين قبل أسبوعين تقريراً خطيراً، نصحت من خلاله المصريين بعدم استعمال مساحيق ومستحضرات التجميل، والأدوية الواردة من أوروبا، والمجهزة من منتجات حيوانية، وقالت النقابة في تقريرها إن هذه المواد يمكنها أن تنقل مرض جنون البقر.

وقد برر الدكتور مصطفى عبد العزيز - أمين نقابة الأطباء البيطريين - صدور هذا التحذير بقوله: إن مرض جنون البقر لا يزال حتى الآن سراً لم يتوصل العلماء إلى فك كل ألغازِه، وبالتالي فإن الحكمة تقتضي أن نبتعد تماماً عن استعمال كل ما تدخل في صناعته منتجات حيوانية أوروبية. وقال: إن هذا ما فعله العديد من الدول الأخرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة التي منعت استخدام كل ما له علاقة بالمنتجات الحيوانية الأوروبية بما في ذلك الأعلاف واللحوم والألبان وأيضاً المستحضرات التي تدخل فيها المواد الحيوانية مثل مستحضرات التجميل والأمصال واللقاحات.

وأضاف أن سبب هذا التحريم أن الجميع لا يزال يخشى هذا المرض المجهول الذي فشل العلماء حتى الآن في كشف طبيعة «البريون» المسبب له، مشيراً إلى أن كل ما تم التوصل إليه حتى الآن هو أن هذا الميكروب شبيه بالفيروسات، ويعتقد البعض أنه مركب كيميائي يتكون من أحماض أمينية تنتهي في الخلية العصبية، كما أن احتمال أن يعيش فيروس المرض خارج جسم المصاب أمر وارد جداً، ولهذا يجب أن نبتعد تماماً عن كل ما يدخل في صناعته مواد حيوانية وتشمل مستحضرات التجميل التي تدخل في تصنيعها الشحوم الحيوانية مثل: أحمر الشفاه «الروج»، وكريمات تفتيح البشرة، وكريمات الشعر التي يدخل في تصنيعها الجيلاتين الحيواني، وكذلك الأمصال واللقاحات الحيوانية ومنها: أمصال الحمى الفحمية والحمى القلاعية والطاعون البقري ومصل الكلب، وهذه الأمصال تستخدم لعلاج الحيوانات بالإضافة إلى أمصال الدفتيريا، والسعال الديكي، والتيتانوس، وكذلك الأدوية التي يستخدم فيها الجيلاتين الحيواني ويصل عددها إلى أكثر من ٦٠٠ دواء.

ويضاف إلى قائمة المحظورات - كما يقول مسؤول نقابة البيطريين المصرية - الهرمونات الطبية المستخلصة من غدد الحيوانات مثل: الهرمونات الجنسية كالإستروجين والبروجستيرون والتستوسيزون، بالإضافة إلى الهرمونات الغدة الكظرية ، والكورتيزونات، وهرمونات الغدة النخامية، وهرمونات جونلوووترفين التي تستخدم في تنشيط غدد الجسم، وهرمونات النمو، وهرمونات البروستاجلانين، التي تستخدم في عمليات الولادة، وذكر الدكتور مصطفى عبد العزيز انه لم يتم حظر دخول هذه المستحضرات المستوردة من أوروبا إلا منذ شهر ديسمبر الماضي، مشيرًا إلا أن الحظر لم يشمل كل المستحضرات كما أن الحظر لا يسري علي الرسائل التي تم التعاقد بشأنها قبل تاريخ الحظر، ويسمح لها بالدخول إلى مصر حتى ولو وصلت إلينا بعد قرار الحظر.

الفاو تحذر: 100 بلد مهدد!

ولخطورة المرض حذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحددة «فاو» من أن الأبقار في أكثر من 100 بلد في العالم، ربما كانت قد تعرضت للإصابة بمرض جنون البقر، المعروف علميًا باسم مرض التهاب الدماغ البقري ذي الشكل الإسفنجي (سي إس أي) وقالت: إن هذا المرض المهلك الذي يصيب الدماغ قضى على ما يقرب من 180 ألف رأس من البقر، وبسببه أيضاً مات أكثر من 80 من البشر منذ أن تم التوصل إلى تشخيصه في بريطانيا عام 1985م.

وقال تقرير المنظمة: إن هناك قلقاً حقيقياً من انتشار المرض في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط وآسيا، خصوصًا بعدما قامت الدول التي لديها المرض بتصدير أمصال ولقاحات، وربما لحوم وغيرها لهذه الدول. 

وقد صدرت بريطانيا كميات كبيرة من أعلاف الحيوانات التي ربما كانت ملوثة، بعد أن تم منع استهلاكها محليًا عام ١٩٨٦م، كما صدرت لقاحات وأمصال صحف بريطانية قالت إنها ذهبت لست دول عربية منها مصر، بيد أن تلك البلدان نفت استعمال هذه الأمصال، وإن اعترفت مصر أنها دخلت إليها، كما اعترفت بما أثاره نائب من جماعة الإخوان في البرلمان من وصول لحوم من إيرلندا مصابة بالمرض، بيد أن وزير الزراعة قال إنه تم إعادة الشحنة دون أن يعرف هل ما أثاره النائب عن نزول قرابة ٢٧٠ طنًا من هذه الشحنة للأسواق صحيح أم لا؟ 

تكاليف علاج المرض باهظة: وتزيد الخطورة أكثر عندما نعلم أن علماء الأوبئة يقولون: إن التكلفة النهائية لمرض التهاب الدماغ البقري ذي الشكل الإسفنجي باهظة، لأن الفترة بين الإصابة بالمرض وظهور أعراضه على البشر قد تأخذ عقودًا من الزمن، وقد يكون من شبه المستحيل تشخيص المرض قبل أن يصل إلى مراحله القاتلة. 

وربما لهذا يتوقع علماء آخرون أن يزيد عدد ضحايا الموت من جنون البقر والذي لا علاج له في شكله البشري، والمعروف علميًا باسم مرض كروتزفيلدت - جاكوب «سي جي دي»، حتى إن بعضهم يقدر عدد الضحايا في بلد واحد مثل بريطانيا بما يزيد على ١٢٥ ألفًا!! 

ولا يخلو بلد أوروبي أو غيره حاليًا من وجود ما يشبه خلايا النحل التي تعمل للتوصل لمعرفة أي شيء عن المرض وفي هذا الصدد قالت إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية إن هناك مخاوف من تسرب المرض للأدوية على مدى العقد الماضي بسبب استخدام مشتقات من البقر المصاب، ودعت للتأكد من أن الأدوية لا تحوي أي مادة مشتقة من البقر من أي بلد ظهر فيه مرض جنون البقر. 

وفي هذا الصدد كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن بعض شركات صناعة الأدوية في العالم قد تجاهلت مطالب إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية «إف دي إيه» خصوصًا في أوروبا، كما أن مراكز التحكم والوقاية من الأمراض في الولايات المتحدة لا تزال تصر على أن الأخطار من الأمصال الواقية هي محدودة جدًا، وفي حدودها الدنيا.

ومع ذلك، يحذر مسؤولو الصحة الدوليون من أن انتشار وباء جنون البقر في العالم النامي قد يؤدي إلى خراب ودمار، خصوصًا في الدول الفقيرة، ويقولون إن المرض كان قاسيًا على بريطانيا، التي أنفقت 7.5 بلايين دولار على جهودها لمكافحته بما فيها القضاء على أكثر من أربعة ملايين رأس من البقر. فما بالنا بالدول الفقيرة التي لا تستطيع توفير الطعام لسكانها أصلًا!

  • "الفاو تحذر: 100 بلد مهدد بخطر المرض أغلبها من الدول الفقيرة!"

  • "مصر تستورد «مكياج» مجنون بـ500 مليون دولار سنوياً"

كم تنفق الدول العربية على أدوات التجميل؟!

ومع تكشف العلاقة بين جنون البقر وأدوات التجميل والمكياج، بدأت تظهر أنواع أخرى من جنون البشر في الاستهلاك من الغرب، فعلى الرغم من أنه ليس معلومًا بكم تشتري كل دولة عربية أدوات تجميل من الغرب، فقد كشفت المناقشات التي دارت في مصر حول هذا الأمر أن جنون البشر وخصوصًا النساء، فاق كل التصورات حيث تستورد الدول العربية مستحضرات تجميل بأرقام مخيفة، فمثلًا اقتربت قيمة واردات مصر من مستحضرات التجميل فقط من مليار جنيه مصري «نحو 385 مليون دولار» خلال عام ۲۰۰۰م، بخلاف ما تم تهريبه من المستحضرات ذاتها، والذي تقترب قيمته من المبلغ نفسه، وهو ما يعني أن مصر وحدها تستهلك أكثر من ٧٠٠ مليون دولار سنويًا مستحضرات تجميل مستوردة!!.

وإذا كان هذا هو حال مصر، فكم تصرف بقية الدول العربية والإسلامية على هذه المساحيق التي تأكد أنها تسبب جنون البشر قبل أن يصابوا بجنون البقر؟!

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

بـَـريد المحــَـرر في مشكلة

نشر في العدد 3

42

الثلاثاء 31-مارس-1970

صحة الأسرة: 1186

نشر في العدد 1186

15

الثلاثاء 30-يناير-1996