الثلاثاء 23-أبريل-1974
ما لي أراكِ متجهمة ساهمة الوجه.. مشغولة البال؟
قالتها لصديقتها التي طالما كانت تراها كئيبة كأنها تحمل الدنيا على كتفيها، تتأوه من الدنيا ومتاعبها.. الأولاد.. الرزق.. مستوى المعيشة ولماذا؟ لأجل دنيا فانية نجهد أنفسنا هذا الإجهاد. لا يا أختاه.. لو راجعت نفسك لوجدت أن جعل الدنيا همك الوحيد هو الذي ضايقك، ولعرفت أن السبب هو: البعد عن الله، هو الخواء الروحي ولا شيء غير ذلك! وقد تستغربين وتقولين: وما علاقة ذلك بالهموم والأحزان: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ﴾ (طه: 124. 125 . 126).
فمن يعرض عن ذكر الله يتسلط عليه الشيطان بوساوسه التي تجلب الهموم: ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ (الزخرف: 36).
أما أهل طاعة الله ورضوانه فهم في رضى نفسي وسعادة دائمة حتى في أشق الحالات وأشدها؛ فهم يعرفون أن المسلم يُؤجَر حتى في الشوكة يشاكها إذا صبر، ويعلمون ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (الزمر: 10).
فلِمَ الجزع؟ مادامت الآخرة خير وأبقى؟ ولِمَ الأسى مادامت الدنيا متاع الغرور؟
وهل يجد الهم من يلجأ إلى كتاب الله يتلو آيات فيها شفاء للناس؟
فذكر الله مرهم كل جرح، وذكر الناس داء أي داء، ولن يأسى على ما فاته من يصلي فيجد الراحة كشأنه عليه السلام إذا حزبه أمر قال: أرحنا بها «أي الصلاة» يا بلال.
لن يجد الحزن من همه مرضاة الله في الدنيا فحسب؛ فما دام كل شيء بقدر فهو في طمأنينة لما وقع له فالخيرة فيما اختاره الله... وفي طمأنينة لما سيقع لأنه ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا﴾ (التوبة: 51).
لذا استحق الطمأنينة في الآخرة.. ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ (الفجر: الآية 27 . 28 . 29 . 30).
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل