العنوان منبر المجتمع: الفصل الأخير من المأساة
الكاتب الدكتور علي جريشة
تاريخ النشر الثلاثاء 24-أغسطس-1982
مشاهدات 17
نشر في العدد 584
نشر في الصفحة 26
الثلاثاء 24-أغسطس-1982
شعب ومأساة
- أخرج الشعب من بلده، وفقد أرضه ودياره وأهله، وشرد في الآفاق وتعاونت أنظمة كثيرة على تنفيذ المخطط الموضوع لإبادته... بعضها بإغرائه بالوجود على غير أرضه، وفتح آفاق الربح والإتجار أمامه... وبعضها بمحاولة تغيير هويته وغمسه في مجتمعه لتطويقه ومحاولة إبادته.. في معارك مفتعلة.. أو في حوادث غامضة.
- ومع ذلك وبرغم قسوة المأساة... بقي الشعب حيًا... يحاول أن يثبت وجوده... من خلال منظمة أو منظمات.. ومن خلال عمليات أو محاولات وجرى تمزيق.. بقايا.. هذا الشعب المجاهد.. بتفريقه بين قيادات ومنظمات وبين شعارات ولافتات... أكثرها ما أنزل الله بها من سلطان!
كما جرى محاولة ضبطه وتشتيته... بالتضييق عليه في أرض العمليات، وبمحاولة القضاء على «عناصر التطرف» التي تصر على الجهاد الحق لأعداء الله...!
الفصل الأخير:
- وجرى تنفيذ الخيوط الأخيرة من المؤامرة... بإغلاق الحدود الجنوبية في وجه أي زحف إلى فلسطين، من خلال ما سمي بمعاهدة السلام، وسماها الغير معاهدة الاستسلام!
وبدأ الأمان للعدو من الجنوب وحان له أن يشذب إلى الشمال فكان زحفه إلى لبنان... لإتمام هذا التشذيب من خلال هدفين:
- تأمين الشمال بدويلة تحمل «الود» لهم والبغضاء لغيرهم.
- ثم القضاء على من بقي من أهل فلسطين مستمسكًا بالسلاح... وإن اختلفت الرايات أو تعددت القيادات، فالسلاح قد يغري الاستعمال والأعداء يودون لو نغفل عن أسلحتنا وأمتعتنا فيميلون علينا ميلة كما أنبأ رب العالمين!
عالم أعمى أصم وأبكم!
- وبدا العالم العربي والإسلامي إزاء الغزو الفاجر... أعمى... أصم... أبكم.
أعمى لا يبصر ولا يرى.
وأصم لا يسمع ولا يعي.
وأبكم لا يتكلم بل ولا يتحرك!
والنتيجة: فهم لا يعقلون...!
نعم لا يعقلون ما يجري... ويظنون أنهم بسكوتهم سوف يسكت عنهم.
- ونسوا أو تناسوا... أن دورهم قادم، وأنهم يومئذ يعقلون أكلوا يوم أكل أخوتهم في فلسطين...!
- نسوا أو تناسوا أن السكوت ليس ذهبًا... ولكنه خذلان وكتمان، وعار وشنار، وأنه بعد حين نار ودمار، نعم...
- خذلان لأخوتهم المستضعفين، ومن خذل أخاه في موطن ينتهك فيه من حرمته أو ينال فيه من عرضه خذله الله تعالى في مواطن يحب فيها نصرته.
- وكتمان للحق... وكتمان الحق لا يعذب الحق بقدر ما يعذب ذلك الكاتم ذلك الشيطان الأخرس!
- وعار لأمة... أتاها الله ما لم يؤت أحدًا من العالمين...
أرضًا
وثروة
وبشرًا
وقبل ذلك: ﴿ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَٰكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ (سورة الشورى: 52)، وشنار على أولئك الأشاوس الذين راحوا يقتل بعضهم بعضًا ويلعن بعضهم بعضًا... وعدو الله يأكل منهم فيهم... وهم لا يزالون مختلفين.
- وهم بعد حين نار ودمار... نار تحرق... من تركوا النار تحرق غيرهم... ودمار يدمر... من رضي بالدمار أو شارك في الدمار لتمتد هذه وتلك... إلى من وضعوا النار... وبدأوا بالدمار... نسوا ذلك كله... وظنوا أنهم... بسكوتهم... عاقلون أو يعقلون...
﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ ﴾؟! (سورة الفرقان: 44).
آن لهذه الرايات أن تطوى
- لأنها... إما خانت... وعمر الخيانة قصير!
أو لأنها... قد عجزت... والعاجز ليس من حقه البقاء...!
أو لأنها... قد فشلت... والفاشل عليه أن يفسح الطريق...!
- نعم وبملء الفم اسمعوها من جماهيركم همسًا قبل أن تسمعوها ضجيجًا ودمارً.. فقال تعالى: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ ۖ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾ (سورة الممتحنة: 4).
- نعم برآء منكم ومما تعبدون من دون الله... من شعارات، ورايات، وقيادات... بعيدة... بعيدة... عما يرضي الله، وما النصر إلا من عند الله.
- نعم كفرنا بكم....
كفرنا بكم.. علمانيين
كفرنا بكم اشتراكيين
كفرنا بكم قوميين...
كفرنا بكم شيوعيين
كفرنا بكم عملاء للغرب أو للشرق... وما أنتم إلا أحد الفريقين
- وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء حتى تؤمنوا بالله وحده.
فهي عداوة موضوعية...
لبعدكم عن الله...
فإن عدتم عدنا
وإن آمنتم بالله... فأنتم بإذن الله مع الصادقين إن لم تكونوا من الصادقين...
آن للأمة أن تعرف الطريق...
- ولا طريق غيره...
لأنه الوحيد المحدد الغاية، الموضح الوسيلة، البين المعالم.
- نعم... هو طريق واحد... وغيره سبل.
تقضي إلى الفشل:
لأن الأول طريق الله.
ولأن الباقي طرق الشياطين.
ولأن الباقي طرق الشياطين..
وأن هذا صراطي مستقيمًا فاتبعوه
ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله..
- هو الطريق المفضي إلى النصر.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (سورة محمد: 7).
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (سورة الروم: 47). «لا الاشتراكيين ولا القوميين».
﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (سورة النور: 55).
والله يقول الحق.