العنوان الفقه والمجتمع (1054)
الكاتب أ.د. عجيل جاسم النشمي
تاريخ النشر الثلاثاء 22-يونيو-1993
مشاهدات 14
نشر في العدد 1054
نشر في الصفحة 58
الثلاثاء 22-يونيو-1993
وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها
سؤال: ما حكم السلام أو التحية بغير السلام عليكم مثل صبحك الله بالخير، أو قواك الله، أو أي لفظ آخر مما تعارف عليه الناس هل يجوز مثل هذا، وهل لو سلم علينا غير المسلم بقوله السلام عليكم، نرد عليه التحية؟
الجواب: إن السلام بغير السلام عليكم لا يعتبر تحية الإسلام ولا يغني عنها وهذه الأقوال هي من باب الدعاء للشخص وليست سلامًا، فصبحك الله بالخير يعني أدعو الله أن يجعل صباحك خيرًا، وهو من هذا الباب لا شيء فيه وهو حسن، ولكن ينبغي أن يبدأ بالسلام ثم بالدعاء فيقول: السلام عليكم، صبحك الله بالخير يا أبو فلان أو السلام عليكم: مساك الله بالخير يا أبو فلان. وأما بالنسبة لرد السلام على غير المسلم إذا سلم بتحية الإسلام فالواجب أن ترد عليه بنفس التحية فنقول «وعليك السلام» وذلك لعموم قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا﴾ (النساء:86).
طاعة الوالدين فيما يرضي ولو كانا كافرين
سؤال: أنا شاب متدين ووالدتي غير متدينة، ولا تطيع الله في كثير من أمورها بل إنها تعصي الله وتغضبه فيما تقوم به من أعمال، ولقد نصحتها كثيرًا دون فائدة فهل تجب طاعتي لها وبري لها، أفيدوني جزاكم الله خيرًا؟
الجواب: نعم يجب عليك برها وطاعتها في غير معصية الله، فقد أمر تبارك وتعالى ببر الوالدين وطاعتهما ما لم يآمرا بمعصيته، فقال تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ (الإسراء:23) وأوجب الله بر الوالدين وإن كأنا كافرين ما لم يآمرا بمعصيته فقال تعالى: ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ (لقمان:15) بل إن والدتك بما هي عليه أولى في البر من والدك وحالها كما ذكرت يستدعي منك مزيد بر ونصيحة، قال تعالى: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ (لقمان:14) وحين قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك قال ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك «فتح الباري 2/9».
التفرغ لرعاية الأطفال
سؤال: سيدة حالتها المادية جيدة، وهي متمسكة بعملها صباحًا، وقد لاحظت أن طفلتها الرضيعة التي تتركها عند الخادمة قد ساءت صحتها ونفسيتها، وتسأل هل تستمر في وظيفتها، أم تستقيل وتتفرغ لرعاية طفلتها؟
الجواب: مكان المرأة الأساسي هو بيتها لرعاية أبنائها والقيام بشؤون زوجها، وهذا لا يمنع أن تعمل إذا كانت محتاجة للعمل، أو كان عملها ضروريًا لمجتمعها بأن تكون مدرسة أو ممرضة أو طبيبة، وما إلى ذلك من أعمال تختص بها النساء فهذا العمل له تقديره وأهميته لكن إذا تعارض عملها خارج البيت مع مهمتها داخل البيت كتربية أطفالها، فإن مهمتها داخل البيت مقدمة على كل حال، خاصة كما هو بالنسبة للأخت السائلة إن كان العمل غير ضروري بالنسبة لها بأن تكون ميسورة الحال، فعليها أن تقدم مهام بيتها على عملها، فتطلب إجازة، أو تستقيل حسب تقديرها للمصلحة.
حكم السفر إلى البلاد غير الإسلامية
سؤال: ما هو حكم الإسلام في السفر للبلاد غير الإسلامية بنية السياحة، وما هي الآداب التي ينبغي أن يراعيها المسلم في هذه البلاد للحفاظ على دينه؟
الجواب: في الظروف المعاصرة في العلاقات بين الدول لا تعتبر الدول غير الإسلامية دار حرب، ما دام دخولها يتم بإذن من سلطاتها الرسمية، ولذا ينبغي الالتزام بقوانين ونظم هذه الدول والذهاب إلى هذه الدول غير الإسلامية للسياحة أو التجارة جائز لا شيء فيه من حيث هو، ولا شكّ أنه سيستفيد من كثير مما سيعايشه ويعاينه والتنزه والتجول في معالم هذه الدول جائز لا شيء فيه. لكن المحذور هو التبذير في هذا الشأن، وكذلك مجاراة أهل هذه البلاد فيما قد يكون فيها من مفاسد، وكذلك ينبغي أخذ الحيطة بالنسبة للأبناء الشباب والشابات، من أن ينحرفوا ويتأثروا بما يشاهدون، فإذا غلب على الظن أنهم سيتأثرون فإنه لا يجوز لولي أمرهم أن يذهب بهم إلى هذه البلدان، وإذا نظرنا إلى هذه الزيارات والسياحة من جهة الدعوة والتأثير، ففي هذه الحال تكون السياحة بهذا القصد مستحبة بل مطلوبة، وقد تكون واجبة إذا تيقن تأثيره في أهل هذه البلاد، وهذه خير سياحة في أرض الله، وله في ذلك أجر في نيته وتصبح سياحته عبادة لله تعالى يتمتع بخيرًات وطبيعة كون الله وله في ذلك الأجر إن شاء الله.
وفي جميع الأحوال ينبغي أن يكون المسلم مثالًا وقدوة أينما حل، فلا يرتاد مواضع الشبهات والمجون وينكر المنكر ويأمر بالمعروف، وكلما كان المسلم قدوة كان تأثيره عظيمًا، ولقد انتشر الإسلام في كثير من البقاع بواسطة التجار لما كانوا يتحلون به من حسن السمعة والسلوك.
ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها
سؤال: يوجد في بعض البلاد الإسلامية مشروبات بدون كحول لكن اسمها من أسماء الخمور، مثل: بيرة الشعير، فهل يجوز شرب هذه البيرة؟.
الجواب: العبرة في المحرمات بالمسمى لا بالأسماء، ولذلك لو سميت الخمر باسم آخر مثل اللبن أو العصير فهي محرمة ما دامت علة الحرمة فيها وهي الإسكار، وكذلك إذا كانت مشروبًا حلالًا، وسمي باسم من أسماء المحرمات، ولذلك لو سميت القهوة خمرًا لا تحرم ما دامت غير مسكرة علمًا بأن القهوة من أسماء الخمر.
فالعبرة بالمضمون والمسمى لا بالعناوين والأسماء، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم «ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها» «عون المعبود 3/379 ومسند أحمد 5/242».
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام حق
سؤال: امرأة تقول: إنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وتقول: إنه يأمرها بالصدقة وفعل الخير وتسأل: هل رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام حقيقة أم هو أضغاث أحلام... وهل يجب عليها أن تفعل ما تؤمر به في الرؤيا أو الحلم؟
الجواب: رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام حق لقوله صلى الله عليه وسلم- «من رأني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي» «فتح الباري 12/383 ومسلم 4/1775».
فرؤية النبي صلى الله عليه وسلم حق ولو رؤى على غير صورته، فتصور تلك الصورة ليست من الشيطان بل هي من قبل الله تعالى. وأما أمر النبي صلى الله عليه وسلم لمن يراه في المنام بفعل معين أو الامتناع عن أمر ما، فإن الرأي المعول عليه هو أن ما يؤمر به في المنام لا يترتب عليه حكم شرعي، وهو ليس حجة يلزم العمل به؛ لأن النائم ليس من أهل التكليف وليس أهلًا لتحمل رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم. والأهم من ذلك أن الشرع قد كمل بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (المائدة:3) ولم يردنا دليل من قول النبي صلى الله عليه وسلم باعتبار رؤيته في المنام من طرق أخذ الحكم الشرعي.
نشدان الضالة في المسجد
السؤال: بعض الناس يأتي إلى المسجد ويقول إنه قد ضاع له الشيء الفلاني، ويطلب ممن يجده أن يسلمه لإمام المسجد فهل هذا الفعل صحيح؟
الجواب: إن هذا الفعل غير سليم ولا يجوز أن يكون داخل المسجد، لأن هذا من نشدان الضالة في المسجد، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فيروي أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سمع رجلًا ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لهذا» أخرجه مسلم (1/367) وكذلك لا يجوز البيع والشراء داخل المسجد وقد ورد النهي عن ذلك. كما ورد النهي عن رفع الصوت بالخصومة والخلاف داخل المسجد.
والنهي عن هذه الأشياء بعض الفقهاء يرى أنه يحرم هذا الفعل، وبعضهم يرى أنه مكروه لكن لو تم هذا الشيء مثل البيع والشراء ونشدان الضالة خارج المسجد فإنه يجوز.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل