; الفقه والمجتمع (1053) | مجلة المجتمع

العنوان الفقه والمجتمع (1053)

الكاتب أ.د. عجيل جاسم النشمي

تاريخ النشر الثلاثاء 15-يونيو-1993

مشاهدات 13

نشر في العدد 1053

نشر في الصفحة 58

الثلاثاء 15-يونيو-1993

* زكاة الزروع والثمار

سؤال: هل في الزروع والثمار زكاة وما هو النصاب وكيف يتم إخراج الزكاة؟

الجواب: الراجح من أقوال الفقهاء أن كل ما تخرجه الأرض فيه الزكاة، وأما النصاب فهو كما ورد في الأحاديث الصحيحة يقدر النصاب في الحبوب والثمار بخمسة أوسق، والوسق ستون صاعًا، فيكون الخمسة أوسق ثلاثمائة صاع والصاع يقدر بخمسة أرطال وثلث.

ويعتبر النصاب بعد الجفاف وصلاحية الثمار للقطف أو بعد أن يصير الرطب تمرًا والعنب زبيبًا وبعد أن يصفَّى وينقى من قشره في الزروع.

ومقدار الواجب: يختلف باختلاف ما بذل فيه من كلفة ونفقة فإذا سقي بالآلات وما أشبهها ففيه نصف العشر.

وإذا لم يسق بالآلات ولم يتحمل مالكه كلفة ففيه العشر.

ويلاحظ بالنسبة للتمور والأعناب أن تقدير النصاب ومقدار الواجب إنما يتم بطريق الخرص والتخمين يقوم به من له خبرة بذلك.

***

* سفر المطلقة طلاقًا رجعيًا مع مطلقها

سؤال: سيدة تقول: إن زوجها طلقها وكان الطلاق في أشهر الصيف، فسافر وأخذني معه مع الأولاد.. ورجعنا وقبل أن تنقضي العدة راجعني وكان ذلك بعد العودة من السفر، فهل على من إثم حين قبلت السفر معه وأنا مطلقة؟

الجواب: جمهور الفقهاء لا يجيزون للزوج السفر بالزوجة المطلقة وإن كان الطلاق رجعيًّا محتجين بأن المرأة حينئذ ليست زوجة من كل وجه وأن الله تبارك وتعالى طلب عدم إخراجها من البيت فقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا﴾ (الطلاق: 1) وقد تنقضي العدة في السفر فيحرم بقاؤها معه.

وذهب الحنابلة إلى أنه يجوز للزوج أن يسافر بزوجته المطلقة طلاقًا رجعيًا، ونحن نميل إلى هذا الرأي لأن فيه سعة ويناسب حكمة العدة في الطلاق الرجعي وقد يكون سببًا لعودة الحياة الزوجية، والإسلام يتطلع إلى بقاء الحياة الزوجية واستمرارها، وسفرها معه أبلغ في هذا الشأن لاحتياج كل منهما لمساعدة الآخر، والتحدث معه، ولا يعارض ذلك المنع من إخراجها من بيتها، لأنه قد يكون في تركها في بيتها وسفر الزوج خطر عليها على أن يراعي الرجوع بعد السفر قبل انتهاء العدة.

***

* إذا حلفت فحنثت فكفِّر أولًا، ثم ائت الذي هو خير

سؤال: إذا حلف المسلم أنه لن يذهب إلى المكان الفلاني، ثم أراد أن يذهب، ويكفِّر عن يمينه فهل يخرج الكفارة أولًا أو أنه يذهب إلى المكان الذي حلف ألَّا يذهب إليه ثم يكفِّر عن يمينه الكفارة المعروفة وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن لم يجد فيصوم ثلاثة أيام؟

الجواب: يجوز أن يقدم إخراج الكفارة على فعل خلاف ما حلف عليه، وهذا عند جمهور الفقهاء عدا الحنفية الذين قالوا: يجب أن يفعل المحلوف عليه، ثم يكفِّر عن يمينه.

واستدل الجمهور بما روى عبد الرحمن بن سمرة رضى الله عنه «أن "النبي" - صلى الله عليه وسلم - قال: يا عبد الرحمن، إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرًا منها فكفِّر عن يمينك، ثم ائت الذي هو خير». (فتح الباري 11/ 608، ومسلم 3/ 1274)

ولكن جمهور الفقهاء أيضًا على أن تأخير الكفارة إلى ما بعد الحنث في اليمين أفضل من تقديمها.

***

* هل للرجل أن يتصدق بمعظم ماله.. وله أولاد محتاجون؟

سؤال: رجل كثير إنفاق المال بالصدقات والتبرعات وله أبناء يحتاجون إلى بعض ما ينفقه، فهل هذا العمل جائز أم لا...؟

الجواب: قرر الفقهاء أن الصدقة أو التبرع إنما يكون من الفاضل أو الزائد عن حاجته وكفايته وكفاية من يعولهم، فإن تصدق بحيث ينقص حق من يعولهم، أو ينقص ما يحتاجه هو من النفقة، ولا يوجد عنده مصدر يدر عليه أموالًا تعوض ما دفع فإنه يكون آثمًا، لأن ذلك يعتبر من الإسراف، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا﴾ (الفرقان: 67).

وقول "النبي" - صلى الله عليه وسلم- : «كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يمونه» (مسلم 2 /692)

وقالوا أيضًا: إن نفقة من يعوله واجبة والصدقة أو التبرع نافلة، فيقدم الفرض على النافلة.

واستثنى الفقهاء من هذا الرجل إذا كان يعلم من نفسه الصبر على الفقر أو كان عنده موارد مضمونة، فيجوز له أن يتصدق ولو بكل ماله إذا دعت لهذا التصدق حاجة أو ضرورة، وعلى هذا يفسر فعل كثير من الصحابة "كأبي بكر" حينما تصدق بكل ما يملك وتصدق "عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان"- رضى الله عنهم- بأموال طائلة ففي ذلك الأجر الكثير ولا إثم فيه البتة.

***

* ثواب المصيبة

سؤال: هل المصائب التي تنزل بالإنسان المسلم يُثاب عليها وتكفِّر عن سيئاته سواء صبر وشكر أو ضجر ولم يصبر، أم أن الثواب خاص لمن صبر وشكر واحتسب هذه المصيبة عند الله تعالى؟

الجواب: لا شك أن الثواب يستحقه المسلم إذا أصيب بمصيبة لقول "النبي"- صلى الله عليه وسلم- «ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب ولاهم ولا حزن، ولا أذى، ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه». (البخاري 3 / 103، ومسلم 4 / 1992)

قال الشاطبي: إن كانت المصائب من فعل الغير - كمن يضرب ويشتم غيره - كفّر من سيئاته - وأخذ بها من أجر غيره وحمل غيره وزره كما في حديث "أبي هريرة"- رضي الله عنه - في المفلس يوم القيامة - وهو «من يأتي يوم القيامة بعمل كثير لكنه شتم هذا وضرب هذا - فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإذا فنيت حسناته ولم يقض ما عليه أخذ من سيئاتهم وطرحت عليه ثم طرح في النار». (ينظر مسلم 4 / 1997)

وإن كانت المصائب من الله تعالى: فهي كفارات فقط أو كفارات وأجور. (الموافقات 2/ 234)

وقال "القرافي والعز بن عبد السلام": المصائب كفارات للذنوب قطعًا، سواء أسخط، أم رضي، غير أنه إن صبر ورضي اجتمع مع التكفير الثواب، فالمصائب لا ثواب فيها من جهة أنها مصيبة، لأنها غير مكتسبة، والتكفير بالمصيبة يقع بالمكتسب وغير المكتسب.

(الفروق 4 / 234، وقواعد الأحكام 1 / 115)

وقال ابن حجر: التحقيق أن المصيبة كفارة لذنب يوازيها، وبالرضا يؤجر على ذلك، فإن لم يكن للمصاب ذنب عوض عن ذلك من الثواب بما يوازيه (فتح الباري 10/ 105)

***

* الكحول ليس نجسًا وشربه كدواء

سؤال: هل الكحول الذي يستعمل في تطهير الجروح نجس، وإذا كان كذلك هل تصح الصلاة بعد الوضوء ثم مسح مكان الجرح بالكحول، وما حكم دواء الكحة وغيره الذي يشرب وفيه نسبة من الكحول؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.

الجواب: الذي نختاره في هذا الموضوع هو أن الكحول ليس نجسًا، وعلى هذا يجوز تطهير الجروح به واستخدامه في العمليات الجراحية في الحدود المحتاج إليها في ذلك وعلى هذا لا تأثير للكحول في صحة الوضوء والصلاة، وأما استخدام الكحول في الأدوية التي تشرب فينبغي الاحتياط الشديد هنا، فإن الكحول من الخمر وهي مسكرة إذا شُرب مقدار منها ولو كثير.

وعلى هذا فالأصل عدم جواز استخدام الكحول لغرض الشرب لا مفردًا ولا ممزوجًا بغيره، إلا إذا تعين دواء ولا يوجد بديل عنه يقوم مقامه في العلاج.

***

* بيع الملابس الداخلية النسائية.. جائز

سؤال: تاجر يسأل: أنه يبيع ملابس داخلية نسائية فهل هذا العمل جائز أم لا؟

الجواب: نقول: إن هذا البيع جائز لأن الحرمة ليست لذات هذه الملابس وإنما الحرمة في استعمالها غير المشروع من الظهور بها على غير الزوج أو من يحل للمرأة إبداء زينتها أمامهم، ومن يبيع ليس متيقنًا أن هذه المرأة أو تلك سوف تخرج بهذه الملابس أمام من يحرم عليها إبداء زينتها أمامهم، فمن فعلت ذلك فالحرمة عليها من فعلها، ولا شيء على من باع هذه الملابس.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل