العنوان الفلبين.. البلاد التي نُزع منها الإسلام تحاول أن تعود إليه
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 05-مايو-1970
مشاهدات 47
نشر في العدد 8
نشر في الصفحة 12

الثلاثاء 05-مايو-1970
حديث للأستاذ أحمد الونتو أحد زعماء المسلمين في الفلبين، الزعيم الإسلامي الذي يمثّل المسلمين في البرلمان الفلبيني، ويدافع عن قضاياهم.. أحوال المسلمين في بلاد السبعة آلاف جزيرة ومشكلاتهم ونشاطاتهم.
بمناسبة زيارة الأستاذ أحمد الونتو مدير الجامعة الإسلامية في الفلبين للكويت، تنتهز المجلة هذه الفرصة لتقدم للقراء استطلاعاً موجزاً عن إخوانهم المسلمين في الفلبين، بلاد السبعة آلاف جزيرة. وقد توقف الأستاذ أحمد الونتو في الكويت بضعة أيام، غادرها عائداً إلى بلاده بعد جولة قام بها في أنحاء كثيرة من العالم. وللأستاذ أحمد جولات كثيرة في سبيل الإسلام، وهو من أبرز المناضلين والمدافعين عن قضايا الإسلام والمسلمين في الفلبين، بل في العالم الإسلامي كله. وقد اشترك في كثير من المؤتمرات الإسلامية العالمية.
نبذة موجزة عن الفلبين
الفلبين عبارة عن أرخبيل يتألف من أكثر من سبعة آلاف جزيرة، تقع في جنوب شرقي آسيا، يحيط بها بحر الصين من الشمال والغرب، والمحيط الهادي من الشرق، ومساحتها أكثر من مئة ألف ميل مربع، ومناخها استوائي، ويقدّر عدد سكانها الحالي بحوالي ستة وثلاثين مليون نسمة 10% منهم مسلمون. ويقتصر انتشار السكان في ثلاثمائة جزيرة فقط من مجموع السبعة آلاف جزيرة. وتنتشر في الفلبين 87 لغة ولهجة محلية، واللغة الرسمية للبلاد هي اللغة الإنجليزية.
دخول الإسلام
دخل الإسلام هذه الجزر في القرن الثالث عشر الميلادي على يد تجار عرب مسلمین.
ولقد انتشر الإسلام في البلاد انتشاراً واسعاً، حتى أصبحت البلاد كلها تقریباً تدین به. إلا أن المستعمرين شنوا حملة تنصير هائلة بالقوة، وارتكبوا جرائم إبادة جماعية، واجهها المسلمون بالصمود والمقاومة الباسلة.
ولقد كانت إسبانيا الصليبية تهدف إلى محو كل أثر للإسلام في الفلبين، ودارت بينها وبين المسلمين حروب دامت أربعة قرون، لكنها فشلت في تحقيق مآربها.
ثم جاء الأميركيون وواصلوا نفس السياسة، فهبّت الجماعة المسلمة لمقاومتهم، ولكن حروب القرون الفائتة كانت قد أنهكت قواها، فانتهت المقاومة المسلحة في مطلع القرن الحالي. وظلت أميركا تواصل حملة التنصير، حتى تحولت الفلبين إلى بلاد مسيحية، ليس بها إلا أقلية مسلمة، ولذلك منحتها أميركا الاستقلال عام 1946م.
ويشكّل النصارى في الفلبين %85 من مجموع السكان، وهناك %5 من الوثنيين والباقي %10 من المسلمين.
أسباب انحسار الإسلام
كان المسلمون الفلبينيون شديدي التمسك بدينهم، إلا أن سلسلة الحروب التي خاضوها بمعزل عن إخوانهم في بقية أنحاء العالم الإسلامي، وجهلهم بأمور دينهم، وانشغالهم بالناحية الدينوية، إضافةً إلى حملات التنصير الآنفة الذكر، ساهم في ابتعادهم عن التدين، بل وصل الحدّ إلى ميل الشباب المسلم إلى اتهام علماء الدين بالرجعية والتأخر.
بعث إسلامي جديد
ولقد كان من رحمة الله بهذه الأقلية المسلمة، أن جاء إلى البلاد داعية مسلم من باكستان في عام 1950م، يُدعى الأستاذ عبد العليم صديقي، فكان حضوره إلى الفلبين وخطاباته الكثيرة التي ألقاها في أوساط المسلمين حافزاً لهم، أدى إلى إحساسهم بأن دينهم في خطر.
وكان لزيارته تأثير خاص في قادة الفكر بين المسلمين، فكان ذلك بمنزلة نقطة تحول في تاريخ الإسلام في المنطقة، حيث أخذ المسلمون يرصون صفوفهم، فأعادوا تنظيم جمعية للمسلمين أصبحت فيما بعد لسان حال جميع المسلمين.
كذلك شعر المسلمون في الفلبين بأهمية عقد اتصالات بينهم وبين إخوانهم في العالم الإسلامي، وقد تفرع عن هذه الجمعية الإسلامية التي يرأسها الأستاذ أحمد الونتو جمعيات للنساء وللشباب، وهناك جمعية للطلبة المسلمين، تنضوي تحت لواء هذه الجمعية. كما أن هناك جمعية إقامة الإسلام ومجلس شورى المسلمين في جزيرة مراوي، ويرأسها الأستاذ الشيخ أحمد بشير.
جامعة إسلامية
نظر المسلمون حولهم فوجدوا أن للمبشرين النصارى عدداً كبيراً من المؤسسات التعليمية والجامعات، وأحسوا أن الطريق الوحيد للتقدم هو العلم، فشرعوا في عام 1955م بالعمل لإنشاء جامعة للمسلمين، وبدأت الجامعة بمئة طالب وسارت، وافتتحت عملية اكتتاب وجمع للتبرعات حتى اتسعت، وأصبح عدد الطلاب الملتحقين بها في عام 1965 أكثر من ثلاثة آلاف طالب، وتتألف الجامعة حالياً من خمس کلیات رئيسة.
ولقد ساهمت دولة الكويت مساهمة مالية كبيرة في إنشاء هذه الجامعة الإسلامية، ويبلغ عدد طلابها حالياً حوالي ستة آلاف طالب.
مشكلات أخرى
يواجه المسلمون في الفلبين مشكلة اقتصادية، فمعظمهم فقراء رغم أنهم يعيشون في منطقة تعتبر من أغنى بقاع الدنيا، إلا أن ظروفهم الحالية لا تمكّنهم من الاستفادة منها لعدم توفر الأموال. ولما كانت الحكومة الفلبينية الحالية تسعى إلى جلب رؤوس الأموال الأجنبية لاستثمارها في البلاد؛ لذلك فإن المسلمين الفلبينيين يناشدون العالم العربي والإسلامي للقيام بذلك، واستثمار رؤوس أموال المسلمين الأغنياء في المشاريع الفلبينية. ففي ذلك أخذ بيد المسلمين، وتثبيت لهم على عقيدتهم. ويكفي أن نذكر دور التجار العرب المسلمين السابقين في نشر الإسلام حتى نقدر أهمية هذه الخطوة.
جمعية المهتدين إلى الإسلام في مانيلا
ومما يلفت النظر في الفلبين أن هناك عدداً من الشباب المسيحي اهتدوا إلى الإسلام، وشكلوا جمعية سميت جمعية المهتدين إلى الإسلام ومقرها العاصمة مانيلا، وهدفها دعوة النصارى إلى دينهم الأصلي - دين آبائهم وأجدادهم - ويقوم على هذه الجمعية عدد من الشباب المتحفز المتقد حماسة وغيرة على إسلامه. وتقوم الجمعية بنشر مؤلفات بسيطة عن مبادئ الإسلام وأركانه وشعائره باللغات المحلية، ولكنها تحتاج إلى مطبعة لتوسيع نشاطها.
وأخيراً، فإن الأقليات المسلمة في الفلبين خاصة وفي العالم عامة، مثلها مثل فروع لشجرة هائلة ضخمة جذورها وساقها المسلمون في العالم العربي، وأما الفروع والأغصان فهي الأقليات المسلمة. ولا حياة للفروع والأغصان إذا انقطعت عن الساق والجذور.
فإلى مزيد من اللقاء والتعارف والتزاور مع المسلمين في العالم حتى تقوى شوكتهم. ووالله إن زيارة واحدة للمسلمين في أي مكان من العالم لتعدل في نفوسهم مئات الألوف من الجنيهات.
أما آن لنا أن نعنى بإخواننا في الدين، ونأخذ بأيديهم إلى ما فيه عزتهم وعزنا؟ فالله الموفق إلى ما يريد.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

