العنوان القراء يناقشون موضوع: التعددية في العمل الإسلامي
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 28-يونيو-1988
مشاهدات 56
نشر في العدد 872
نشر في الصفحة 34
الثلاثاء 28-يونيو-1988
كنا نشرنا في عدد المجتمع رقم ٨٦٠ الصادر بتاريخ 29/۳/88 منتدى فكريًا حول التعددية في العمل الإسلامي، شارك فيه كل من الأستاذ كامل الشريف والدكتور مانع الجهني والأستاذ يوسف العظم، وتعقيبًا على ذلك المنتدى وردتنا من الأخوة القراء رسائل عديدة بعضها يتبنى ويؤيد بشدة الأفكار والآراء التي طرحها الأخوة الأفاضل المشاركون في المنتدى، وبعضها يعارض وبشدة فكرة التعددية في العمل الإسلامي؛ لأنها مدعاة لتمزيق الصف وتكريس الفرقة، وبعضها يطالب بوضع ضوابط وأسس يلتزم بها العاملون في الحقل الإسلامي، حتى لا تنقلب التعددية مع الزمن إلى فرقة وتنافر وتشرذم بين أبناء الحركة الإسلامية... ماذا يقول هؤلاء القراء هذا هو موضوع حلقتنا لهذا العدد.
- من القارئ سليمان. ح من المملكة العربية السعودية وصلتنا رسالة يشيد فيها بما نشرته المجتمع حول موضوع التعددية في العمل الإسلامي، ويؤكد تأييده المطلق لهذا الموضوع، و يبني تأييده هذا على نقطتين أساسيتين هما:
-اتساع رقعة العالم الإسلامي وتنوع بيئات ولغات وعادات وتقاليد الشعوب الإسلامية مما يجعل من الصعوبة بمكان قيام حركة إسلامية واحدة عاملة في كل هذه البيئات.
-وجود أنظمة إقليمية متعددة في بلدان العالم الإسلامي مع اختلاف وجهات نظر هذه الأنظمة من الجماعات الإسلامية، فبعضها يقف موقفًا عدائيًا صريحًا، وبعضها يتخذ موقف الريبة والحذر، وبعضها يسمح لها بالعمل وفق حدود وضوابط معينة... كل هذا يتطلب تعدد الجماعات الإسلامية لتتأقلم كل منها مع الظروف المحلية المحيطة بها.
وأردف الأخ في رسالته قائلًا: إن هذا لا يعني أبدًا أنني من أنصار التفرقة وتمزيق العمل الإسلامي الموحد، فهذا عمل لا يرضى عنه الله ورسوله، وإنما أرى بأن وجود جماعات إسلامية متعددة عاملة للإسلام في زماننا هذا أجدى وأنفع للإسلام والمسلمين.
- أما القارئ عبد العزيز. م من الكويت، فكتب إلينا مؤيدًا ما ذكره الدكتور مانع حماد الجهني في المنتدى من أن الأصل في العمل الإسلامي الوحدة، لكن الوحدة لا تعني بالضرورة أن يكون جميع العاملين أنماطًا مماثلة، ولا كل الجمعيات ذات برنامج واحد، وإنما المهم أن تكون الأولويات والقواعد الأساسية واحدة، ثم لا مانع من التعدد ضمن إطار هذه الوحدة.
ويقترح الأخ عبد العزيز في ختام رسالته على أقطاب العمل الإسلامي أن يجتمعوا لوضع الأسس العامة التي ينبغي على العاملين في حقل الإسلام في شتى أقطار العالم الإسلامي العمل من خلالها، على أن تترك التفاصيل والجزئيات لكل جماعة إسلامية تضعها حسبما تراه مناسبًا لظروفها الحيطة بها.
وكتب إلينا من باكستان الأخ القارئ عبدالله إبراهيم رسالة مطولة شرح من خلالها آيات قرآنية عديدة وأحاديث نبوية شريفة كلها تحث على الوحدة بين المسلمين على اختلاف أجناسهم، وتدعو إلى نبذ التفرقة منها: قوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران:103) ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ ﴾ (الأنفال:46)، وقوله صلى الله ليه وسلم «المُؤْمِنَ للمؤمنِ كالبُنْيانِ يشدُّ بَعضُهُ بعضًا »(البخاري: 6026).
بعد أن يورد هذه الأدلة من الكتاب والسنة يتساءل الأخ في رسالته قائلًا: لا أري لماذا يتوزع المسلمون اليوم في جماعات إسلامية متعددة مع أن الهدف لهذه الجماعات واحد والغاية واحدة؟ أليست كلها تريد إعلاء كلمة الله في الأرض؟ أليست جميعها تريد تطبيق منهج الله؟ إذًا ما دام الأمر كذلك فلم الفرقة التي يستغلها أعداء الإسلام في بعض ديار السلمين، وبثوا من خلالها سمومهم، وأثاروا من خلالها نار الشحناء والبغضاء بين السلمين، ووقفت نتيجة لذلك بعض الجماعات الإسلامية بالمرصاد للجماعات الإسلامية الأخرى العاملة حتى داخل القطر الواحد، إن الواجب الإسلامي يحتم على عموم المسلمين الالتفاف حول دعوة الإسلام صفًا واحدًا متراصًا لا عوج فيه لا أمت، حتى يقف خط التهور وخط الفرقة وتبدأ عملية النهوض حسب منهج الإسلام.
ويقول قارئ آخر من اليمن الجنوبي أشار إلى اسمه بالحرفين «س.س»: إنه لا مكان في عالم اليوم للأمم الضعيفة والحركات الممزقة، فعالم اليوم لا يحترم إلا القوي صاحب الرأي الموحد السديد، وفي نظري بأن تعدد الجماعات الإسلامية الذي وصلت عدواه إلى كل قطر من أقطار المسلمين، لدرجة أن بعض الأقطار الإسلامية فيها عشرات الجماعات الإسلامية يعد مصدر ضعف لا قوة للحركة الإسلامية العالمية. لقد استفاد أعداء الإسلام وعلى رأسهم الصهيونية العالمية من تشتت قوى المسلمين، فخططوا لضرب كل جماعة على حدة، واستخدموا في تنفيذ مخططاتهم أدواتهم العميلة في ديار المسلمين..
وعقد الأخ القارئ في رسالته مقارنة بين حالة المسلمين وحالة النصارى، وكيف أن الكنيسة سواء كانت كاثوليكية أو أرثوذكسية أو بروتستانتية لها مكانتها واحترامها في قلوب اتباعها، وإن مئات الألوف تخرج للقاء البابا أثناء زيارته للنصارى في أية دولة من دول العالم، فيعامل البابا معاملة رئيس الدولة في أي بلد يزوره، بينما علماء المسلمين لا يحظون بمعشار هذه الحفاوة وهذا التكريم، ويخلص القارئ إلى أن عدم وجود قيادة إسلامية على مستوى العالم الإسلامي هو السبب في حالة التردي والانحدار الذي وصل إليه المسلمون.
القراء يطالبون بـ :
- إنشاء مجلس إسلامي، تمثل فيه كل الجماعات الإسلامية الرئيسية، من أجل صهر كل الأفكار وتأسيس أرضية مشتركة فكرية وإعلامية.
- قيام حركة نسائية عالمية تستطيع من خلالها النساء المسلمات تأدية دورهن الدعوي.
- أما الأخ القارئ «عبد القادر. ج» من الكويت فيقول في رسالته: إذا كانت التعددية في ساحة العمل الإسلامي أمرًا لا مفر منه في وقتنا الحاضر؛ بسبب ظروف التجزئة التي فرضت طويلًا على ديار المسلمين، فلماذا لا يسعى قادة العمل الإسلامي إلى إزالة الفجوات وردم الهوات وتقريب وجهات النظر بين الجماعات الإسلامية؟ إنني اقترح وعبر مجلة المجتمع أن يشكل مجلس تنسيقي تمثل فيه كل الجماعات الإسلامية الرئيسية، ويسعى هذا المجلس خلال فترة زمنية محددة إلى صهر كل الأفكار الخلافية في بوتقته، وتأسيس أرضية مشتركة فكرية وإعلامية، تعمل من خلالها كل الجماعات الإسلامية في العالم الإسلامي، وبهذا تصبح التعددية بعد فترة زمنية وجيزة أمرًا ثانويًا جدًا ولا مضار له البتة على واقع العمل الإسلامي.
- وتبدي الأخت القارئة «عائشة. ص» من البحرين استغرابها لخلو ساحة العمل الإسلامي من الجماعات الإسلامية النسائية التي تأخذ على عاتقها عبء الدعوة إلى الله، ومع أن الأخت القارئة لا تؤمن بتعددية العمل الإسلامي انطلاقًا من قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ (الأنبياء:92) إلا أنها تطالب في رسالتها بقيام حركة إسلامية نسائية عالمية، تستطيع من خلالها النساء المسلمات تأدية دورهن الدعوي، خاصة وأن الإسلام الذي يقوم على القرآن والسنة بما أورده من تعاليم لا يفرق بين الخلق في التكاليف بسبب الجنس أو اللون أو العنصر، وهذاواضح في آيات قرآنية عديدة منها قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ﴾ (النساء:135)
- هذه خلاصة ما أورده الأخوة القراء في رسائلهم إلينا، والأمر بعد ذلك متروك لمفكري الأمة وعلمائها الأفاضل، لإثراء الموضوع بكتاباتهم ومناقشاتهم التي من خلالها تصل أمتنا إلى بر الأمان وسط العواصف الهوجاء التي تعصف بها من كل جانب…