; اللص الظريف في مؤتمر جامعة الزقازيق التاسع الدولي للأمراض الجلدية في القاهرة | مجلة المجتمع

العنوان اللص الظريف في مؤتمر جامعة الزقازيق التاسع الدولي للأمراض الجلدية في القاهرة

الكاتب حمدي حسن

تاريخ النشر الثلاثاء 11-فبراير-1997

مشاهدات 10

نشر في العدد 1238

نشر في الصفحة 54

الثلاثاء 11-فبراير-1997

بدافع من سماحة الإسلام وتسامح المسلم مع أهل الديانات الأخرى يمد المسلم يد التعاون والتعايش السلمي والحياة الإيجابية للآخرين في الدول الأخرى في الشرق والغرب، وذلك للبحث المشترك في كل ما ينفع في عمارة الأرض وتقدم البشرية وإزالة معوقات حضارتها ومعكرات سعادتها هذه النزعة الإيجابية هي سمة من سمات المسلم بها ينفتح على الآخرين ويفتح نوافذه الشرقية والغربية ويسمح للريح أن تدخل عليه فتجدد هواء غرفته وتنفحه انتعاشة ومتعة معاصرة، كما تهبه نعمة التواصل مع الأمم الأخرى -على اختلاف دياناتهم- بوحي من صلة الرحم الإنسانية الكبرى وبموافقة من دينه الحنيف ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (الممتحنة:٨) كل ذلك دون أن ينسى جذوره أو يسمح بالعدوان عليها باسم العلم والتواصل والمعاصرة، متمثلًا الحكمة الشهيرة، والحكمة ضالته سأفتح نافذتي للريح كل تدخل وتجدد هواء الغرفة لكن لن أسمع للريح أبدا أن تقتلعني من جذوري، عندها إذا كانت الريح سمومًا وراودت الجذور والمبادئ فالطاقة التي ستاتيك منها الريح سدها واستريح.

أقول هذا بين يدي دعوة كريمة وجهتها جامعة الزقازيق قسم الأمراض الجلدية والتناسلية في القاهرة بالتعاون مع كلية طب جفرسون، ومركز جفرسون للأمراض الجلدية في فيلادليفيا أمريكا، لمؤتمر الأمراض الجلدية الدولي التاسع لتبادل المعرفة والآراء والتجارب فيما استجد في الأمراض الجلدية من وسائل تشخيص وعلاج دعوة كريمة حقا، وجميل أن تعقد في مصر حاضرة العرب وبيتهم الكبير لقد فتحت الجامعة النافذة العلمية ودعت لفيفًا من الأساتذة العالميين المعروفين في هذا التخصص بموافقة  الجامعة الأمريكية جفرسون، ولكن الذي رابني وأنا أطالع ضيوف الشرف أن أجد ضيفًا غير شريف يدخل مع الداخلين إلى مصر ويتصنع الشرف ملحقًا في ذيل القائمة على استحياء، وهو قادم من إسرائيل -من تل أبيب- يدعى د. روني وولف إن الموقف النقابي المعلن من نقابة الأطباء المصرية هو رفض التطبيع بكافة أشكاله، فكيف يُدعى هذا الطبيب الإسرائيلي إلى مؤتمر كهذا في مصر، وهو مؤتمر مهني يخضع للنقابة وتحكمه قوانينها وإستراتيجيتها العامة، وهو نشاط علمي لا دخل للحكومة والسياسة فيه.

بمعنى أنه نشاط علمي شعبي وليس رسمي حكومي، ويمكن للأساتذة منظمي المؤتمر رفض مشاركته حتى لو فرض عليهم فرضًا، وفي حال إصرار الدولة فيمكن إلغاء المؤتمر أو تأجيله أو مقاطعته ذلك خير من أن ترغم الدولة الجامعة والهيئة المنظمة للمؤتمر على قبول برامج التطبيع الآثمة المرفوضة، وبذلك تبقى الحكومة في وادي التطبيع والشعب بنقاباته الصامدة الشامخة في وادٍ آخر، كيف يُدعى إسرائيلي باسم العلم إلي مصر، ومن هيئة شعبية «أطباء الجلد وجمعية الأمراض الجلدية»، ليجلس كتفًا إلى كتف إلى جانب أطباء وطلبة مصريين يحاضر ويناقش ويجادل في العلم، وكأنه آت من دولة صديقة وكأنه لم يأت من مستوطنة، ولم يطرد أسرة عربية من بيتها، ويجلس فيه وكأن يديه أو يدي أخيه أو أبيه أو زوجته لم تلوث بدماء طفل فلسطيني، ولم يشارك في صنع مجزرة أو صنع مأساة.

إن الكيان الإسرائيلي  كله بالتعاون والتآزر والتكافل مجتمع مجرم متعاون على الإثم والعدوان، قائم على العنصرية والبغضاء للعرب والمسلمين، وهو كله بكل فئاته من أطباء و مهندسين وعلماء، ومزارعين مجتمع ظالم غاصب مشترك في جريمة اغتصاب الأرض والعرض وزهق الأرواح، اليد التي تطلق النار واليد التي تعطي الدواء، واليد التي تزرع الأشجار سواء بسواء -لا فرق لا فرق- ولولا هذه لما كانت تلك، كلهم متعاونون متكافلون متضامنون بالإثم والعدوان، ولا يمكن لطبيب شريف، أو مزارع شريف أو نقابي شريف أن يجتمع معهم في مزرعة، أو مصنع أو لقاء للحكومات حق المهادنة العسكرية معهم، ولكن ليس لها أن تحمل الشعوب على التطبيع الآثم، ولن تستطيع بإذن الله طالما وُجد في شعوبنا إسلام وإيمان، وطالما أن العقائد لم تتحول إلى مصالح وقاذورات، ويمكنك أن تأخذ الحصان إلى النهر، ولكن لن تستطيع أن تجعله يشرب. 

البركة في الأطباء الأشراف في مصر أن يقولوا كلمتهم ويغلقوا نافذة العلم والتبادل العلمي في وجه هذا الضيف غير الشريف أو اللص الظريف الذي يتلفع برداء العلم وهو وقومه جميعًا أفاعٍ وثعابين، لا يرقبون في مؤمن إلًّا ولا ذمة، وما قصة الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام -الذي دخل مصر كخبير في صناعة النسيج ليصنع حوله شبكة قبل إلقاء القبض عليه متلبسًا بأجهزة الاتصال- عنا ببعيدة، إن العداء والتجسس جزء من دمهم بالوراثة.

البركة في الدكاترة محمد عامر، ومحمد ندى، ومحمد الظواهري أعلام الجلد في مصر وغيرهم كثير، وإذا كان حضور هذا الممثل الإسرائيلي الطبي أمر حكومي مفروض فلا أقل من رفض حضور المؤتمر ومقاطعته، وإعلان ذلك حتى لا تتكرر هذه الحادثة المشينة، فالمعارضة السلبية هذه أبسط حقوق الإنسان، والخطوة الأولى في طريق الحرية الشخصية والديمقراطية، أقصد مقابلة الفرض بالرفض والإجبار بالإنكار، وذلك أضعف الإيمان، من يستطيع أن يضطرني لأجلس جنبًا إلى جنب مع شخص ربما يكون هو أو أبوه أو أخوه أو أحد أقاربه ممن شاركوا في مجزرة الأسرى المصريين في سيناء، والذين كانوا بعشرات الآلاف قتلوا غيلة جوعَى ظمأي، ودفنوا أحياء أو جرحى في الصحراء وبشهادة اليهود أنفسهم؟ ألا من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، ألا لا حجة لأحد أمام الشعب وأمام التاريخ، وقبل ذلك أمام الله.

 إننا لا نسأل أوروبيًّا أو روسيًّا أو أمريكيًّا عن دينه ونتعاون معهم جميعا على العلم وتبادل الخبرات والآراء، ونعلم أن فيهم اليهود والنصارى، فلا ضير من اللقاء بهم كأمريكان وأوروبيين في المؤتمرات العلمية والتقنية بصفتهم العلمية ولفائدة البشرية كلها طالما أنهم ليسوا من إسرائيل وليسوا من مناصريها، فنلتقي بهم حين نلتقي كنصارى وكيهود، وليس كصهاينة غاصبين هذه سماحة الإسلام كما نعرفها ولا عدوان إلا على الظالمين.

الرابط المختصر :