; اللغة العربيّة في باكستان | مجلة المجتمع

العنوان اللغة العربيّة في باكستان

الكاتب غلام حيدر جيشتي

تاريخ النشر الثلاثاء 28-فبراير-1978

مشاهدات 11

نشر في العدد 388

نشر في الصفحة 34

الثلاثاء 28-فبراير-1978

  • المجازون في اللغة العربية لا يجدون أي عمل لهم في باكستان 
  • طرق تدريس العربية في باكستان ليست حديثة
  • مرتب مدرس اللغة العربية أقل من مدرس الإنجليزية في العلوم

أصدرت الحكومة الباكستانية قرارًا بتعميم اللغة العربية وتعليمها في مدارس باكستان جميعها، واعتبارها لغة رئيسية.

ويسر المجتمع أن تقدم هذه الدراسة للأستاذ غلام حيدر أستاذ اللغة العربية في الكلية الحكومية-فيصل آباد- في باكستان، حيث يتحدث عن حال اللغة العربية في باكستان، والعوائق التي تقف في طريق تقدمها وانتشارها.

باكستان

جمهورية إسلامية دينها الرسمي الإسلام، وقامت في شهر أغسطس سنة ١٩٤٧م، تحت زعامة القائد الأعظم محمد علي جناح، وتحتل اللغة العربية منزلة سامية في قلوب الناس، إنهم يحبونها حبًّا كثيرًا لأنها لغة القرآن ولغة الرسول الكريم- صلى الله عليه وسلم- ولغة أهل الجنة، ولغة جميع المصادر الدينية من الحديث والتفسير والفقه والتاريخ. 

نال مسلمو باكستان استقلالهم عن الاستعمار الإنجليزي الذي سيطر على باكستان لمائة سنة تقريبًا، وكثيرًا ما حارب الإنجليز اللغة الأردية في هذه الأرض التي اعتبروها جزءًا من إنجلترا، مستعينين في ذلك بكل طرق الدعاية، التي كانت تصور للشعوب الإسلامية أن اللغة الأردية غير صالحة لمتطلبات العصر الحديث علمًا وفكرًا، وجعلوا تعليم الإنجليزية إجباريًّا بقوة القانون، أمَّا اللغة العربية فلم يكن لها شأن في عهد الإنجليز، وقد عارضت الحكومة الإنجليزية التعليم باللغة العربية، فيما عدا المدارس الدينية التي كانت تدرس العربية والعلوم الإسلامية منذ زمن قديم، وقد تخرج عدد كبير من العلماء الكبار والشيوخ العظام من هذه المدارس، على الرغم مما كانت تعانيه من اضطهاد الإنجليز لها وللعلماء المسلمين، ومن هؤلاء العلماء ممن تجدر الإشارة إليهم شيخ عبد الحق محدث دهلوي، وشاه ولي الله، وشيخ عبد الحكيم سيالكوتي، وفي وقتنا الحاضر تخرج من هذه المدارس أساتذة مثل الأستاذ عبد العزيز ميمني في باكستان والسيد أبو الحسن علي ندوي في الهند. 

قد مضى ثلاثون سنة تقريبًا على ظهور باكستان في خريطة العالم، ولكن مع الأسف لم تأخذ اللغة العربية مكانتها في هذه الدولة الإسلامية، مع الحصول على الاستقلال والخلاص من الاستعمار. ولم يكن لها وجود ملحوظ طوال هذه المدة ولم تزدهر، مع أنه كان من المتوقع لها أن تنتشر في البلاد، وبالرغم من التقدم الكبير الذي حققته الأمة الباكستانية في تعليم الزراعة والصناعة والطب والهندسة والمجالات الأخرى، فإنها تواجه صعوبات ومشاكل في تعليم اللغة العربية منها:

1- إن أهل باكستان قد تحرروا من استعمار الإنجليز على أساس الإسلام، وحصلوا على وطن لهم بجهدهم المستمر، ولكن لم يحصلوا على استقلال ثقافي عن الإنجليز، وإن اللغة الإنجليزية لغة رسمية إجبارية في باكستان حتى هذا الوقت، ويجب على كل طالب أن يدرسها إلى مرحلة البكالوريوس، وعلى العكس اللغة العربية هي لغة اختيارية فقط. 

2- المشكلة الثانية: المعروف أن اللغة العربية ليست لغة الشعب الباكستاني وليست باكستان منطقة تتكلم بهذه اللغة؛ لذا فهي تدرس كلغة أجنبية في المدارس والكليات والجامعات. والحقيقة أنها لا تدرس في المدارس النموذجية الإنجليزية، ولا يمكن لطلاب العلوم أن يختاروا هذه اللغة في المدارس والكليات. 

 ۳- والمشكلة الثالثة التي يجب ذكرها: هي أن اللغات المحلية متعددة في باكستان مما يضيق تعليم اللغة العربية.

4- أن اللغة الأردية لغة رسمية كالإنجليزية، وأما اللغة العربية فهي تدرس بواسطة اللغة الأردية في جميع المدارس التركية في عصر الترك كانت لغة التدريس في بلاد الشام وكانت اللغة العربية نفسها تدرس باللغة التركية، وكتب مدارس الحكومة وكلياتها، كما كانت نحوها وصرفها تؤلف باللغة التركية، وقد أشار إلى ذلك الدكتور مازن المبارك في كتابه اللغة العربية في التعليم العالي والبحث العلمي. 

5- إن اللغة العربية لا تدرس كلغة حية حتى في المدارس الدينية التي يقوم فيها رجال الدين والعلماء والشيوخ بتعليم العلوم العربية الإسلامية، وليست الحكومة مسئولة عنها ويجب على الطلاب الذين يريدون الالتحاق بتلك المدارس أن يدرسوا جميع العلوم باللغة العربية، ومما لا شك فيه أن الطلاب يقرؤون كتب التفسير والحديث والفقه والمنطق والصرف والنحو وغيرها بالعربية، ويفهمونها ويحفظون القواعد حفظًا تامًّا ولكن الشواهد تدل على أن أكثرهم لا يستطيعون التكلم بها بطلاقة، أما الأساتذة والشيوخ فهم يدرسون العلوم الإسلامية ويكتفون بها ولا يهتمون بتعليم اللغة العربية نفسها اهتمامًا خاصًّا. 

٦- اللغة العربية تواجه مشكلة أخرى وهي عدم رعايتها من قبل المسئولين، فهم لا يهتمون بأمور ارتقائها كما كان حقها.

7- إن اللغة العربية لا تدرس كموضوع في المعاهد والكليات التربوية إلا في كلية أو كليتين في باكستان، والحقيقة أن طالب اللغة العربية لا يحصل على القبول في تلك الكليات ولا يجد مكانه فيها.

8- إن عدد دارسي اللغة العربية قليل في مدارس الحكومة وكلياتها، وهم أيضًا يعتقدون أن اللغة العربية لغة صعبة ولا فائدة لها في حياتهم العملية، فلذا يفضلون العلوم الأخرى على اللغة العربية ولا يرغبون فيها. 

9- المشكلة التاسعة هي عدم توفر العمل للمتخرجين، الطلاب يقضون معظم حياتهم في تعلم العلوم العربية ويحصلون على شهادات علمية كماجستير ولا يجدون أي عمل لهم، فيخيب أملهم ويتأثر بهم الآخرون، فيحتقرون العربية ويرون في العلوم الأخرى وسيلة للوصول إلى المراكز  المهمة في الإدارات الحكومية. 

10- والمشكلة العاشرة عدم توفير التسهيلات اللازمة لارتقاء اللغة العربية، حيث لا يوجد مثلًا في باكستان كلها مختبر للغة العربية بالمفهوم الحديث، بل لا توجد أية حجرة لدراسة اللغة العربية في أكثر المدارس والكليات، والطلاب يدرسون اللغة العربية تحت الأشجار.

۱۱- المشكلة الحادية عشرة وهي أن طرق تدريس اللغة العربية ليست حديثة، والأساتذة لا يستخدمونها لتدريس اللغة العربية، فهم يدرسون بدون استعمال الوسائل المعينة وبدون المناقشات والتمارين، فلذا هم قاصرون على إثارة الميل والرغبة إلى تعلم اللغة العربية في الطلاب، لا نجد الأساتذة أيضًا قادرين على النطق بهذه اللغة ولا يحصلون على المهارات التعليمية.

۱۲- إن راتب أستاذ اللغة العربية في المدارس أقل من راتب أستاذ الإنجليزية وأستاذ العلوم، وهذا أيضًا سبب التخلف في تعليم اللغة العربية.

 ۱۳- المشكلة الثالثة عشرة وهي أكبر المشكلات في رأيي حيث إن نظام التدريس عندنا لا يخلو من خلل وعدم تنظيم، لأن في باكستان ثلاثة أنظمة للتعليم سارية منذ بدايتها، وهو نظام المدارس الدينية ونظام المدارس الحكومية ونظام المدارس النموذجية الإنجليزية، ويختلف كل واحد من هذه الأنظمة عن الآخر، وهذا أيضًا سبب التخلف في انتشار اللغة العربية في باكستان. 

ولتكن مناهج التعليم والتدريس كما في مصر والمملكة العربية السعودية. اللغة العربية من أهم لغات العالم لكل مسلم في باكستان، وهو يتمنى أن يدرسها ويجيد بها الكلام والكتابة؛ لأن أهمية اللغة العربية مساعدته على تعلم الأمور الدينية، والآن قد كرمت الحكومة الباكستانية اللغة العربية في دستورها وتعتقد أن ارتقاء العربية ونشرها ضرورة؛ لأنها لغتنا الدينية من جهة، ورابطة قوية لتعزيز العلاقات الأخوية والودية بين البلاد الإسلامية والبلاد العربية. 

وقد أسست الحكومة جامعة الشعب المفتوحة في إسلام آباد من أجل توصيل العلم إلى كل بيت، وخاصة أولئك الذين لا يستطيعون لسبب ما الحصول على القبول في المدارس والكليات والجامعات، بوساطة المراسلة والمكاتبة والراديو والتليفزيون والمسجلات الشريطية وغيرها.

وكان برنامجها الأساسي الأول نشر اللغة العربية، ومن أجل تحقيق هذا الغرض المبارك تعمل جامعة الشعب المفتوحة ليلًا ونهارًا بحماس تام وإخلاص كامل، وتبذل أوسع الجهود في تعميم اللغة العربية بين أوساط الشعب الباكستاني، وقد فتحت مراكز التعليم العربي في المدن الكبيرة أولًا وسوف تفتح المراكز الأخرى في جميع أنحاء الباكستان. 

وقد أرسلت الجامعة جماعة من الأساتذة إلى معهد اللغة العربية بجامعة الرياض للتدرب على أحدث طرق تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها، وقد تحملت جامعة الرياض كل التكاليف في هذا الصدد، ولأجل ذلك تستحق خالص الشكر منا ومن الشعب الباكستاني كله.

ونحن نؤكد لجميع المسئولين في وزارة التعليم العالي وجامعة الرياض كي نستطيع أن نخدم لغة القرآن في بلادنا، حرصنا على الاستفادة بقدر الإمكان من هذه الفرصة التي أتيحت لنا. 

وقفة..

أقف على عتبة التاريخ أنادي أسجل أرصد أنظر

مأساتك يا وطني 

مأساتك يا وطني 

في قوم 

مرضوا- وهنوا- خانوا

من ثقب باب المرصد نور

يسطع- يلمع- يجلب 

تتخلله حروف 

تهتز- تتحرك- تمشي- 

تنعى بؤس الحرف 

ترفض عرف القمع 

وغدًا يا وطني 

ستعود للحرف قداسته 

ستعود للأنس شجاعته

على حائط المرصد مكتوب: 

لا أستطيع قراءتها 

اسم- أسماء- ملل- نحل- 

من كثرة ما عرفت ميوعتها 

أسماء نتنة.

باعت 

أرواحًا طاهرة 

أرضًا مقدسة.. 

وطني.. مالك تبكي؟ 

لا تأسَ على حاضر 

يستنكره الماضي والمستقبل 

يا وطني 

أصدر مرسومًا بإقالة خائن 

ترفعه أيدي القتلة 

إلى رتبة قائد

شعب القائد يضحك 

لكن الضحك بكاء 

والقائد

يكذب- يسرق- يكبت 

وعي الأمة يهوي 

لكن

المجدد حسي 

يمشي وسط الجثث 

يحيي الهمم والقيم

جسم القائد ينخر يا أبناء كتيبتنا 

وابن الهزة يقوى يا أبناء عقيدتنا

بركان العزة ينشط 

ثلج الخائن لا يطفئه

شمس القوة تسطع 

وابن العهارة يختبئ 

في الحصن 

في البيت، وراء الشجرة والحجرة

والحق يصيح تعال :

تعال اقتل ابن النجس 

فمتى تنجب أبناء العزة

يا وطني؟

وطني لا تسحرك عيون الفجرة 

لا يعجبك سلوك الظلمة 

فالنصر لمن تاب مع البررة

أرفض مشروعية الفسق

وسكوتك يا وطني:

عن هذا الفسق

ألمس في الحارة جوع الفقر 

وخليط القول كذا الكفر

وطن الشوق متى أسمع صوتك؟

وطن العزة متى ألمس هجرك؟

لضجيج الأقزام القردة؟

وطن الحب متى ألمس رفضك؟

لضجيج الأقزام السحرة؟

وطن العرب متى تقطع

حبل الطغيان السائب؟

شبح الجوع يخيفك يا وطني 

ووجود يهود في أرضي

ثمن الخبز لبطنك يا وطني

وأمامك يا وطني في السجن حبيس

الجدران.

ينادي.

ابن القرآن تعال انبذ

مللًا، نحلًا، مائعة

واترك أرضك طاهرة:

من رجس يهود يا ولدي.

أحمد العلمي- فرنسا

الرابط المختصر :