العنوان المجتمع التربوي (العدد 1081)
الكاتب د.عبدالحميد البلالي
تاريخ النشر الثلاثاء 28-ديسمبر-1993
مشاهدات 12
نشر في العدد 1081
نشر في الصفحة 48
الثلاثاء 28-ديسمبر-1993
وقفة تربوية
كيف نصعد بعد الهبوط؟
بعد انتهائي من محاضرة إيمانية ألقيتها على بعض الإخوة، سألني أحدهم: من المعروف في عقيدتنا «أن الإيمان يزيد وينقص»، فما الذي نقوم به عند نقص الإيمان؟ قلت له: إن تكملة النص تقول «تزيد بالطاعات، وتنقص بالمعاصي»، وعليه فإن العمل الذي يجب أن نقوم به عند شعورنا بالضعف والكسل ودنو الهمة، وقسوة القلب، وكل مظهر يدل على الضعف الإيماني، أن نبحث عن المعصية أو المعاصي التي سببت ذلك الضعف، فقد يكون بقطيعة صلة رحم، أو بمعاملة ظالمة للخادم، أو باحتقار للجنسيات الأخرى، أو بنظرة محرمة، أو ترك للصلاة في أوقاتها، أو بسبب الغيبة أو سقط القول، وغيرها من المعاصي الدقيقة والكبيرة.... وذلك في جلسة اختلاء بينك وبين نفسك، تراجعها بما فعلت، وبما قالت، حتى تعثر على تلك المعصية التي أهبطتك، وبعدها تعقد النية بالتوبة النصوح، ثم تبدأ بالعبادات التي لا تشق على النفس، وترتقي رويدًا رويدًا حتى تصل إلى ما كنت عليه، ثم تتجاوز ذلك الأفق إلى آفاق أخرى من الإيمان، وذلك بزيادة نوافلك وقرباتك إلى الله تعالى، وإياك إياك أن تلزم نفسك بالشاق من العبادات في بداية التوبة بعد عثورك على المعصية... ذلك أن طبيعة النمو تأبى إلا التدرج..
أبو بلال
مواقف من نور
بقلم: محمد الجاهوش- الكويت
لو أن إنسانًا أوجز هدف الدين الإسلامي- بعد إقرار التوحيد- بأنه نشر العدل بين الناس لكان موفقًا لم يجانب الصواب، ولا أخطأ القصد، إذ بالعدل تحقن الدماء، وتصان الأعراض، وتحفظ الحقوق، ويعم الأمن.
وفي مثل هذا المناخ الهادئ المطمئن تنصرف العقول إلى الإنتاج والإبداع، وتنطلق في مضمار التقدم والازدهار.
ومن هنا كان لمنصب القضاء في الإسلام أهميته وخطورته، وكان الخلفاء الراشدون من سلف الأمة يحرصون أن يختاروا له المؤهلين تأهيلًا كاملًا.. نظرًا لما ينتج عن ذلك من آثار على الأمة بعامة.
وقد بلغ من حرص بعضهم أن يتولى بنفسه الإشراف على ذلك، ولا يتركه لأحد من أعوانه، أيًّا كانت منزلته، حتى يأمن النتائج، ويقطع الطريق على دوافع القرابة والصداقة والأطماع والمحسوبيات.
وممن عني بهذا الأمر وعرف قدره الخليفة العباسي المأمون.
روى الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء أن الخليفة المأمون قدم إلى دمشق، وطلب من أهل حمص الوفود إليه، فاختاروا أربعة من خيارهم، ليمثلوهم لدى أمير المؤمنين، وهم يحيى بن صالح الوحاظي، وعلي بن عياش، وأبو اليمان، وخالد بن خلي، ولدى وصولهم أمر المأمون بإكرام وفادتهم، وإنزالهم منزلًا يليق بهم، وأمر يحيى بن أكثم أن يقابلهم من الغد، ويسأل كل واحد منهم عن أصحابه، وفي اليوم التالي رتب ابن أكثم مقابلتهم، وقد جلس المأمون خلف ساتر بحيث يجمعهم، ولا يرونه، وكان أول الداخلين أبو اليمان.
سأله ابن أكثم: ما تقول في يحيى بن صالح؟ فأجاب: أورد علينا من هذه الأهواء شيئًا لا نعرفه!!
قال: فما تقول في علي بن عياش؟ فأجاب: رجل صالح، لا يصلح للقضاء.
قال: ما تقول في خالد بن خليّ؟ قال: أنا أقرأته القرآن.
فشكره وطلب منه الانصراف.
ثم أدخل يحيى بن صالح، فساله ابن أكثم: ما تقول في أبي اليمان؟ قال: شيخ من شيوخنا، مؤدب أولادنا.
قال: فعلي بن عياش؟ قال: رجل صالح لا يصلح للقضاء، قال: فخالد بن خليّ؟ قال: عني أخذ العلم، وكتب الفقه، فشكره وصرفه.
وأدخل علي بن عياش فحادثه وسأله: ما تقول في أبي اليمان؟
قال: شيخ صالح يقرأ القرآن، قال: فيحيى بن صالح؟ قال: أحد الفقهاء، قال: فخالد بن خليّ؟ قال: رجل من أهل العلم، ثم أخذ يبكي.
ثم أدخل خالد بن خلي فسأله ابن أكثم: ما تقول في أبي اليمان؟ قال: شيخنا وعالمنا، ومن قرأنا عليه القرآن، قال: فيحيى بن صالح؟ قال: أخذنا عنه العلم والفقه، قال: فابن عياش؟ قال: رجل من الأبدال، إذا نزلت بنا نازلة سألناه، فدعا الله فكشفها، فإذا أصابنا القحط سألناه، فدعا الله تعالى، فسقانا الغيث، وهنا عمد ابن أكثم إلى الستر الذي بينه وبين المأمون، فرفعه، فقال له المأمون: هذا يصلح للقضاء، فولّه، فأمر بالخلِع، فخلعت عليه، وولاه القضاء.
توجيه وتنبيه
إن في قصة الرهط الحمصيين لعبرًا وعظات لأهل العلم، وأرباب الحكم، لعل من أبرزها: أنه لن يستقيم لدولة أمرها إذا ما عطلت موازين العدل في سياستها الداخلية أو الخارجية، وإذا ما غفل رأس الدولة عن وضع الأمور موضعها الصحيح، وأعرض عن اصطفاء الأخيار ليكونوا بطانته، وأهل مشورته، فبشره بفساد أمره، وانفراط عقده، وزوال دولته.
واجب الحكام
جدير بمن رام دوام الملك، وصلاح الرعية، أن يكون صالحًا مصلحًا، يقظ القلب، ساهر العين، مباشرًا مهام الأمر، عليمًا بأحوال الرجال، لا يشغله عن إقامة العدل شغل، ولا يصرفه عن الاستعانة بأهل الرأي صارف، على هذا مضت سنة الأولين، ولن يصلح آخر هذا الأمر إلا بما صلح به أوله.
المطلوب من العلماء
أما أهل العلم فحريّ بهم أن يعظموا ميراث النبوة، ويصونوه عن الابتذال، وأن يرتفعوا معه وبه إلى المكانة التي تليق بالعلم وأهله، ولا تخدعهم عاجلات المكاسب عن أداء ما وجب عليهم من أمانة الكلمة، وصدق الموقف، والبعد عن الابتذال.
وكم هو كريم وعظيم أن يغالب العالم هواه، ويجاهد نفسه، ويأطرها على الحق أطرًا، ليسلس قيادها، وتلين قناتها، وتنظر للنظراء والأقران بعين الرضا، ولا تحملها منافسة الأقران على اعتساف الأحكام، وتلمس العثرات أو الترخص في الذم والتجريح.
فكم أحبط الهوى من أعمال، وكم ولد سوء الظن من إحن وعداوات، وكم طمس من حقائق، وأضاع من حقوق؟
نعم.... كم من شهادة متسرعة، أو تجريح عن هوى، زالت القرون وأثره باق، تطالعه الأجيال، ويتناقله الدارسون، وما هو في- حقيقته- إلا فلتة مغضب، أو صلف معجب يطل على الناس من علٍ، فيراهم دونه في كل شيء، ولو تريث لرأى نصف الحقيقة الآخر، وأنصف الناس، وانحلت لديه عقدة الغرور.
ويجمل أن يستحضر العالم دائمًا أن الجاه والمناصب يجري بها القدر جريانه بالأرزاق والآجال.
﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾ (الزخرف:32)، إنها درجات في كل شيء! الرزق درجات، والجاه درجات، ومنازل الجنة درجات، ﴿هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ﴾ (آل عمران:163)، وإن الترقي من درجة إلى ما فوقها لا يأتي بحول قوي، ولا بحيلة محتال، إن طريقه صون النفس، وحسن الأحدوثة، وصدق التعامل مع الخالق والمخلوق.
ولنبق على ذكر موقف خالد بن خليّ الحمصي وتزكيته لإخوانه، فكل من سبقه بالشهادة نال من إخوانه وغمطهم، ولم يزك إلا نفسه، أما خالد فقد ترفع عن الهوى، واستشعر أن ما سيقوله محاسب عليه، و مجزي به، والغبن كل الغبن أن يفرط الإنسان وهو قادر على الاتزان، وأن يجور وبإمكانه العدل، وأن يغمط إخوانه وإنصافهم سهل ميسور، لذلك لم يقل إلا خيرًا.
ولهذا أعرض المأمون عن أولئك النفر، وخسروا ما أملوا حينما لم ير أحد منهم إلا نفسه، أما خالد فأنصف إخوانه، وأظهر محاسنهم، فوقع عمله موقع القبول، أرضى ربه بصدقه، ومضى بمنصب القضاء، وربما لم يخطر على بال.
فهل يبادر الدعاة المتنافسون إلى التحلي بأخلاق أهل الفضل، فيصونون ألسنتهم، ويحفظون حرمات أقرانهم، ولا ينسوا ذل الموقف يوم الحساب؟
سدد الله الخطى، ووفق الجميع.... والحمد لله رب العالمين .
مشكلات وحلول في حقل الدعوة
المشكلة: الكسل الدعوى (1)
تعريف المشكلة:
هو ضعف الاندفاع الذاتي في مجال الأنشطة الدعوية المختلفة.
أعراض المشكلة:
- التأخير أو عدم حضور الأنشطة.
- عدم الحرص على الأنشطة بالسؤال عنها، أو الندم عند فواتها.
- تثبيط الآخرين عن الحضور.
- اختلاق الأعذار.
- عدم التفاعل أثناء الأنشطة بالسؤال أو الاستفسار أو التغيير للأحسن.
أسباب المشكلة:
- عدم فهم الأهداف الدعوية أو عدم وضوحها له، فمن عرف المكان الذي يسير إليه تشجع للتحرك له، والإسراع للوصول، بخلاف من لا يعرف، أو لا يراه واضحًا.
- قلة التكاليف: فقلة التكاليف التي تأتي له من قبل الدعوة، تجعله يشعر بفراغ يستغله في أي أمر من أمور المباح، مما يجعله يألف هذا الوضع، بعد ذلك يتثاقل عن الأنشطة أو التحرك في أمور الدعوة.
- ضعف المتابعة من قبل المسئولين عن الدعوة تجعل الأفراد يشعرون بعدم أهميتهم، مما يترك أثرًا سلبيًّا على تفاعلهم وتحركهم وحضورهم في المناشط العامة والخاصة.
- حدوث بعض النتائج السلبية بعد أحد الأعمال الدعوية تسبب للبعض إحباطًا وعزوفًا عن العمل.
- قلة المشاركة وضعفها من باقي أفراد المجموعة يشعر بعض العاملين بثقل التكاليف التي يتحملها لوحده، مما يجعله يكسل عن الحضور والتفاعل كرد على قلة المشاركة من قبل الآخرين.
- عندما تتأخر النتائج المرجوة من بعض الأعمال، أو من الدعوة بشكل عام، يسبب عند البعض رد فعل على شكل الابتعاد عن المشاركة والعمل بسبب استعمال قطف الثمار.
- عدم التقدير والتشجيع، يجعل البعض يشعر بأنه سواء عمل أو لا يعمل فلا تقدير لذلك أبدًا.
- التصرف الخاطئ من بعض القدوات يترك انطباعًا سيئًا لدى الأتباع.
- ضعف الجانب الإيماني.
- عدم استشعار الأجر.
- الانشغال بالدنيا .
- الملل من الروتين، والنفس تحب التجديد، ولكنه لا يرى تجديدًا أبدًا في كل أو غالب الأنشطة الدعوية مما يسبب الملل.
- عدم معرفة الآخرين قد تسبب الابتعاد عن العمل ومناشط الدعوة.
- تقبل الشبهات وعدم التثبت منها.
- الاختلاف مع المربي.
- المشاكل الأسرية.
- التأثر بالكسالى ورفقاء السوء.
الحـل:
1. وضوح الهدف:
العمل في حقل الدعوة يختلف عنه في مجال آخر، ذلك لأن الهدف الرئيسي في الدعوة هو «رضى الله تعالى»، فإذا كان رضى الله لا يتحقق إلا بتحقيق العبودية في الأرض، وهو ما أراده من خلق الإنسان ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذاريات:56)، فإن العمل على تحقيق هذا الهدف هو الموصل إلى الهدف الرئيسي في الدعوة، أولا وهو رضى الله تعالى، فوضوح هذا الهدف لكل عامل في الدعوة من شأنه أن يجعله لا يهدأ أبدًا حتى يتم هذا الأمر، أو يموت دونه، ولا بد أن يعرف الدعاة أن جميع الأهداف التي توضع من قبل الحركة الإصلاحية إنما توصل في نهاية الأمر بتحقيق الهدف الرئيسي.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلالتنمية الاقتصادية في الدول العربية.. بين الواقع الملموس والشعارات المرفوعة
نشر في العدد 2121
20
الأحد 01-يوليو-2018