; المجتمع التربوي عدد (1152) | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع التربوي عدد (1152)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 06-يونيو-1995

مشاهدات 12

نشر في العدد 1152

نشر في الصفحة 55

الثلاثاء 06-يونيو-1995

بمناسبة العام الهجري...

ماذا نريد من الأمة الإسلامية؟ وماذا نريد لها؟

بقلم المستشار عبد الله العقيل

 الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي

إن إطلالة العام الهجري الجديد على الأمة الإسلامية هي إطلالة خير وبركة إن شاء الله تعالى، وهي فرصة للمراجعة مع النفس في استعراض ما انصرم من الأيام الخوالي، وماذا فعل العبد فيها؟ فإن كان خيرًا حمد الله تعالى، وإن كان غير ذلك ندم واستغفر وتاب وأناب وعزم على السير في طريق الحق والصواب، واستعان بالله -عز وجل- في تسديد الخطى والسير قدمًا فيما يُرضي الله تعالى. 

والأمم والشعوب كالأفراد في فترات ضعفها وقوتها تحتاج إلى وقفات تأمل في واقعها ومراجعة لمسيرتها حتى تتجاوز العقبات وتسلك الطريق القويم الذي يوصلها لتحقيق أهدافها في الحياة الكريمة وسط عالم يموج بالأحداث والصراعات والتسابق الحثيث لتحقيق الانتصارات في سائر الميادين ومختلف المجالات. 

وإن الأمة الإسلامية التي هي خير أمة أخرجت للناس، والتي بفضل الإسلام سادت الدنيا وعمرت الحياة بحضارتها الإسلامية ومبادئها الفاضلة وأحكامها العادلة، حيث حررت المظلومين، ووقفت بجانب الضعفاء، وانتصبت للتصدى للطغاة والجبارين من الروم الأباطرة والفرس الأكاسرة الذين كانوا يتحكمون بالبشر ويسوقون الشعوب لخدمة أنظمتهم الباطلة وشهواتهم العارمة ونزواتهم الطائشة، حيث إن الإسلام دين لخدمة الأفراد والشعوب وهدايتها وسعادتها، وليس لإذلالها وامتهان كرامتها أو عبوديتها واسترقاقها. 

إن الإسلام العظيم أطلق صيحات التحرير من العبودية لغير الله ومن الخضوع لغير الواحد الأحد الفرد الصمد، وأعلن المساواة بين الناس في الحقوق والواجبات، وألغى الفوارق في الجنس أو اللون أو اللغة، وجعلهم سواسية كأسنان المشط لا فرق بين أسود وأبيض وأحمر وأصفر وعربي وعجمي، فالناس لآدم وآدم من تراب، وأكرم الناس عند الله أتقاهم، والمسلمون يسعى بذمتهم أدناهم وهم على من سواهم، وأخوة الإسلام والدين تسمو على ما عداها من أخوة النسب أو الطين ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ (سورة الحجرات: 10).

هذه المعاني هي التي سادت العالم في ظل الإسلام، فكانت الحياة الوارفة، والحضارة السامقة، والأمجاد الرفيعة، ثم اعترى الأمة عوامل الضعف ما أفقدها مكانتها، وسلب منها سيادتها وجعلها في ذيل القافلة تقاد من غيرها، وتستغل خيراتها، ويضطهد مواطنوها، وتهدر أموالها، وتنتقص أراضيها، وتنتهك حرماتها، وتسام أشد أنواع الخسف في الشرق والغرب على حد سواء، وليس لها من مخرج إلا أن تعود إلى إسلامها، وتتمسك بعقيدتها، وتأخذ بأسباب القوة ووسائل النصر، وتحكم شرع الله في أفرادها وجماعاتها، وتنزل على أحكام الإسلام في كل أمورها صغيرها وكبيرها، وتنبذ التبعية للكافر المستعمر، وتلتقي على الإسلام وأخوة الإسلام في وحدة صادقة وعمل بناء ومنهج سديد.

النافذة التربوية

أشكال هندسية

إذا حاولت أن تدفع شكلًا مثلثًا إلى الأمام فستجد في ذلك صعوبة كبيرة، وتقل إذا كان الشكل مربعًا، وكلما زادت الأضلاع في الشكل المدفوع إلى الأمام سهل تحريكه، فالشكل السباعي دفعه أسهل من السداسي، وهكذا دواليك حتى نصل إلى شكل فيه عدد لا متناه من الأضلاع المتساوية وهو الشكل الدائري، لذلك نرى عجلات السيارات والعربات الصغيرة والكبيرة لها شكل دائري.

وقد تلاحظ معي -أخي الكريم- أن الأشكال الهندسية العديدة كلما قل عدد أضلاعها نجد زواياها أصبحت أكثر حدة، وهذا هو السبب في صعوبة حركتها، وكلما زاد عدد أضلاعها كان من السهل دفعها وتحريكها.

معاشر الدعاة.. لا يخلو مجتمع صغير أو كبير من مشاكل تظهر في الطريق، والداعية المرن هو الذي يستطيع أن يضع الحلول والخيارات للخروج من الأزمات والمشاكل التربوية والدعوية، وكلما استطاع الداعية أن يضع حلولًا وخيارات متعددة لما يعتريه في طريقه الشاق الطويل، فإن عجلة الدعوة والتربية ستدور وسيسهل سيرها، حالها حال هذه الأشكال الهندسية، فالمربي سيقف عاجزًا عن أداء دوره التربوي إذا لم يعط البدائل والخيارات والحلول المتعددة لمن يربيهم عندما يقعون في المشاكل، وكذلك نحن كدعاة إلى الله سنقف عاجزين عن الدخول في المجتمع والانخراط فيه حتى نؤثر ونصلح إذا لم نبتكر الوسائل العديدة والطرق المتنوعة للوصول إلى قلوب الناس.

أما التعامل مع الآخرين أثناء هذه المشاكل فهي تعتمد على سعة أفق ذلك الداعية وقدرته على إيجاد المخارج منها، وكذلك على قربه أو بعده من الظاهرة المرضية والمسماة «أحادية الرأي والتفكير»، وهي تهدم أممًا وحضارات، ونرى ذلك في فرعون موسى، حيث قال لقومه: ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ (سورة غافر: 29)، والداعية صاحب الحل الأوحد سيكون حادًا مع الآخرين إذا ناقشوه في رأيه الذي يعتقدون أنه غير مناسب -في رأيهم- فتجده يثرثر ويزيد، ويرفع صوته خلال نقاش عقيم، تكون نهايته مؤلمة -طبعًا- إلا إذا تحلى الطرفان بالأخلاق الإسلامية العالية التي تعصم من الزلل. 

فالحدة أثناء الحوار والنقاش ستزول وستكمل عجلة الدعوة والتربية دورانها طالمًا يتمثل الدعاة قول الشاعر:

الرأي كالليل مسودٌ جوانبه *** والليل لا ينجلي إلا بإصباح

فاضمم مصابيح آراء الرجال إلى *** مصباح رأيك تزدد ضوء مصباح

عبد اللطيف الصريخ

الرابط المختصر :