; المجتمع التربوي (عدد 1490) | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع التربوي (عدد 1490)

الكاتب د.عبدالحميد البلالي

تاريخ النشر السبت 23-فبراير-2002

مشاهدات 18

نشر في العدد 1490

نشر في الصفحة 54

السبت 23-فبراير-2002

وقفة تربوية

أين الإخوة؟

في جلسة جمعت بين شيخ وتلميذه، بعد سفر طويل قضاه التلميذ خارج البلاد للتحصيل العلمي في بلاد الغرب.

قال التلميذ لشيخه: غبت عن إخواني شهوراً طويلة، ومرض والدي، وعندما عدت إلى البلاد لم يسأل عني أحد من الإخوة، وبعد أسابيع طويلة دق جهاز النداء "البيجر" الخاص بي، فلما طلبت رقم الهاتف الذي ظهر على الشاشة، إذا بأحد الإخوة يكلمني بعبارات باردة، كأنني لم أتغيب كل هذه الشهور، وبعدها لم يتصل بي أحد البتة.. فأين الأخوة التي طالما حدثتمونا عنها، والتي طالما قرأنا عنها في الكتب، وطالما أكدتم لنا معانيها في الرحلات والمواعظ والحفلات.. إلخ؟!.

قال له الشيخ: أيها التلميذ النجيب.. بيني وبينك من العمر ما يتجاوز العشر سنين بكثير، وبالرغم من قدم عهدي بالدعوة، وشهرتي بين جموع الدعاة، ومعرفتي الكثير من الإخوة واحتكاكي بهم، إلا أنه لا يتصل بي أحد، إلا ليطلب مني إلقاء محاضرة .. ولا أتذكر أن أحداً اتصل بي ليسأل عني أو يطمئن على أو فقط ليسمعني صوته، إلا ثلاثة أو أربعة أشخاص على ما أذكر على مدار سنتين كاملتين.. فلا تعجب!.

أبو خلاد

- albelali@bashaer.org

بُشرى

د. زيد بن محمد الرماني (*) 

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود

في الحج غذاء روحي ونفحات إيمانية حري بالمؤمن أن يغتنمها.

هناك علاقة لطيفة بين البشرى والعبادات التي افترضها الله عز وجل على المؤمنين. فلقد عني الإسلام بأمر الصلاة عناية فائقة، وحضّ عليها، ورغب بمحاسنها فهي مفتاح من مفاتيح الجنان، ومن خير الأعمال بعد شهادة الإيمان وأول ما يُحاسب عليه العبد بعد مفارقة الأهل والخلان، عندما يقابل ملائكة الملك الديان.

 وقد جعل الله تعالى الصلاة صفة كريمة وحلية مباركة للمتقين المسلمين به، والمستسلمين له، قال تعالى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 2]، فهؤلاء لهم رتبة مرموقة يوم القيامة، ومكانة محمودة، لأنهم من فريق المفلحين.. ﴿أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [البقرة: 5] وفي السنة النبوية دعوة مرغبة إلى أداء الصلاة في جماعة، وفي سائر الأوقات وخصوصاً صلاتي الصبح والعشاء، إذ جاءتهم البشرى بذلك، فعن بريدة ابن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بشروا المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة» (أخرجه أبو داود في سننه).

 والزكاة ركن مهم من أركان الإسلام، ودعامة من دعائمه، أداؤها عنوان على العمل بطاعة الله عز وجل، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: 9]، فلما سمع المسلمون الأوائل هذه الدعوة المباركة ﴿وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ [الحج: 78] إلى الإنفاق فاضت أيديهم بالمعروف طلباً لرضوان الله سبحانه.

 وقد حض الإسلام على الصدقة لما فيها من الخير العميم والثواب العظيم، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: 274] يقول تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97] إن الحج رحلة كريمة يتوجه فيها المسلم إلى البلد الأمين مكة ليؤدي هذه العبادة التي فرضها الله عز وجل.

منافع عظيمة:

وقد فرض الله سبحانه الحج مرة في العمر على كل مسلم يملك الاستطاعة.

والحج مؤتمر المسلمين السنوي العام يتلاقون فيه عند البيت العظيم الذي صدرت لهم الدعوة منه، ذلك البيت الذي جعله الله أول بيت في الأرض لعبادته. لذا، فإن من يؤدي هذه الفريضة له أحسن الجزاء.

وفي الحج، منافع عظيمة في الدنيا والآخرة فيها الخير العميم من الله سبحانه المؤمنين الذين يعظمون حرماته، ويبتعدون عن محارمه قال تعالى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ [الحج: 30] وفي أداء فريضة الحج غذاء روحي كبير تمتلئ فيه جوانح المسلم خشية وتقوى لله وعزما على أداء طاعته، إذ تنمو فيه عاطفة الحب الصحيح لله عز وجل ولرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم. وكذلك- في الحج- تأتلف مشاعر الأخوة الصحيحة في كل مكان، ويعود الحاج من رحلته هذه وهو أصفى قلباً وأقوى عزيمة على الخير لأنه قد حظي بالنقاء ونال البشارة بالقبول، لأن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.

 وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الحاج الذي أدى هذه الفريضة كاملة دون عوج في الأعمال والأقوال بأنه مقبول عند الله تعالى، وقد غفر له، كأنه ولد وليس عليه من ذنب قال صلى الله عليه وسلم : "من حج  الله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" (صحيح مسلم).

وفي الحج بشائر عدة ونفحات إيمانية حري بالمسلم أن يغتنمها .

مستبشر... ومبشر:

إن البشرى والاستبشار خلق كريم من الأخلاق الإسلامية التي حض عليها القرآن الكريم والسنة النبوية، بل إن البشرى جزء من الهدي النبوي. فالمؤمن الذي خالطت بشاشة الإيمان قلبه من شأنه أن يكون مبشراً بالخير في كل حين ومبشراً بدعوة الحق في مكانها، ومستبشراً بين الناس. والبشرى تلقي الضوء على ما يقوم به المؤمن من عمل، لأنه على ثقة من قبول هذا العمل.

 وقد بينا الله تعالى سرور وفرح الشهداء واستبشارهم عندما قال: ﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ ﴾ [آل عمران: 170] وللبشرى والاستبشار مكانة سامية في سدة الفضائل، فقد أخبر الله تعالى بأنه هو الذي يبشر من يستحقون البشرى ليكونوا من أهل الاستبشار، إذ قال سبحانه: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ﴾ [التوبة: 21]

ومما لا شك فيه أن أهل البشرى سيلقون نعيماً وملكاً كريماً عند مليك مقتدر، فهم ضاحكو الوجوه، مستبشرون بالنعيم، قالي تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ ﴾ [عبس: 38، 39]

خاطرة دعوية

أين موقع أسرتك من الدعوة؟

دعوة أهلك أول مهمة تكلف بها بعد نفسك

إبراهيم الكلثم (*)

الهيئة الملكية بالجبيل

alkaltham@hotmail.com

عندما ننظر إلى حال بعض الذين يتصفون بالصفات الطيبة نرى الواحد منهم يعامل أصدقاءه باحترام وتوقير، بينما لا يقيم لأهل بيته تقديراً أو وزناً، ولا يعرف قريباً، ولا يصل رحماً، ولا يفكر إلا في النزر القليل من معارفه.. فهو في عين من يراه يدعو وينصح، ويهز أعواد المنابر بإيمان لا يتزعزع وقدم راسخة، فإذا أقبل على أهله تخلى عن القيم الحسنة التي كان يتحلى بها.

فأي حماقة وسفاهة أعظم من ذلك؟

ونظراً الخطورة هذا الموقف، الذي يفضي إلى عواقب مهلكة، وينذر بشر مستطير، حاولت جهدي أن أصف الدواء لهذا الداء.

أخي: يا مَنْ من الله عليك بنعمة الهداية، فأنت ترفل فيها، وتسعى جاهداً إلى تنوير الطريق للسائرين فيه، كيف يليق بك وأنت القدوة لغيرك أن تتجاوز الأهم للمهم فتدعو البعيد، وتنسى القريب مخالفاً بذلك قول ربك ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾ [الشعراء: 214] أليسوا هم أولى بالمعروف من غيرهم؟ أم أنك نسيت أو تناسيت إن أول مهمة تعهد إليك بعد نفسك هي دعوة أهلك، وجل القائل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6] ؟! إن واجبك كداعية أن توفر كل الأسباب والمقومات والأجواء والمناخات التي تحقق الأمل المنشود في دعوة أسرتك وأوجزها فيما يلي:

وسائل للدعوة الأسرية:

أولاً: الدعاء: تدعو لهم في ظهر الغيب فإن الدعاء هو سلاح المؤمن كما جاء في القرآن الكريم ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74]

 ثانياً: النصيحة: قدم لهم النصيحة بالأسلوب الأمثل، مراعياً آدابها من اللين، والرفق ومحاولة الإقناع وإقامة الحجة بأن تعقد معهم اجتماعاً لتقوم الاعوجاج، وتصلح التصدع الذي اعتراهم، وتعيدهم إلى المسار الصحيح.

ثالثاً: الدين المعاملة: علمهم بأخلاقك، واحذر أن يخالف فعلك قولك، ولابد أن تتحلى برصيد كبير من المثالية والخلق الحسن.

 رابعاً: أعطهم النصيب الأكبر من الرعاية والحنان وانظر إليهم نظرة إسلامية طيبة تمتزج فيها الرحمة والعطف بالتلاحم الأسري.

خامساً: استعن بالله تعالى ثم بمن تراه صالحاً من أقربائك ليقوم بمساعدتك.

سادساً: احرص على توفير الشريط والكتيب الإسلامي، وقدمه هدية لأهل بيتك.

سابعاً: اصبر على مشاق دعوة أفراد أسرتك ولا تعجل. 

 قال تعالى: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139]

الرابط المختصر :