; المجتمع الثقافي (1441) | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع الثقافي (1441)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر السبت 10-مارس-2001

مشاهدات 14

نشر في العدد 1441

نشر في الصفحة 50

السبت 10-مارس-2001

 

عندما تجتمع القيم ماذا تقول 

المفارقات.. والحقيقة.. والحياء؟

إعداد: مبارك عبد الله

بقلم: محمد السيد

رأيت في ما يرى النائم أن القيم قد اجتمعت في قاعة كانت ذكرى زمن ألفته الحنايا الحرة، وكان الوقت ضحى لم يشرب من وجع الجرح النازف، يتنزّى بالتعرّي الذي أصاب كل شيء.. وتوالى الخطباء على المنصة المنصوبة في صدر القاعة، وجاء دور المفارقات فقالت:

تتبدل الأشياء وتتماهى الصور المتناقضة ويقبض العدل على جمرة لابساً قناع القهر. تتفتح الأزاهير، ثم تغمض جفنيها على يبس تنتقل الطيور من برد إلى دفء ويمتلئ الينبوع ويثمل، ثم يعود شحيحاً بطيء الحركة، يهمس في أذن الصخر كلمات العجز. تتكامل الرجولة ثم تندثر، وتغيب خلف غياهب السنين، فترتطم بحقيقة التحول في كل الخلائق، إذ لا يبقى حال على حاله، ولا يبقى مكان على ما كان. وفي مثل هذه الحال تكون الغنيمة في الدرس والعبرة، فتتبدى قلباً يشتعل بالحضور الواعي يرتفع موجه متوهجاً بثبج الموعظة العصية ولتستريح الأهة على كتف الحنين إلى الفطرة. فيتزاوج عندئذ قمر وليل صحراء وجبهة عالية تبتغي حديقة غناء تعبق فيها رياحين التوبة والعودة التي هيجتها الأجوبة العامرة بصدى ﴿ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِم لَا تَقنَطُواْ مِن رَّحمَةِ ٱللَّهِ﴾ «الزمر: ٥٣».

إن من أنكروا كل هذه العظات، لا بد أنهم فعلوها في غياب وفي يأس، كونهم جاؤوا في عصر يورث الوجع، المرء يفتح الأبواب مشرعة للمريبين ويغلق كل المنافذ في وجه ذوي الصلب الإيماني المتين، ويقتل كلمات الأنبياء، ويعلقها على بوابات المدن كاتباً على شواهد قبورها "قتلت لأنها فلقات إرهاب". 

ويجيء الدعي منفرداً عن السرب، منكراً كل المواعظ، تاركاً غبار الجمع خلف فرسه عائذاً بالجلاد مستقوياً به على الضحية، ابنة جلدته وصنو جذوره، فيشتعل الصبر شيباً، ويرسل الدعي فاكساً إلى كل مطارات الهزيمة: "أن أفيضوا إليّ بني العرب، فقد وضعت يدي على كنز من سلام"...

ويأتي دورها.. إنها الثانية وكمن يستيقظ من حفرة قبر عتيق ترتطم جبهة الحقيقة بحافتي القاعة فتترنح ثم تشد القامة مسكونة بفرح الأحلام، لتنتصب فوق المنصة، مبحرة في أعين الحاضرين جميعاً باحثة عن مكان آمن، تزف فيه البشرى بعودة العذوبة المشتاقة للحظة عيش إيمانية.. ويعيبها البحث فلا تجد إلا صدى الخوف والموت وبقايا متعفنة للإنسان. فتتساءل بصوت قادم من قاع القرون: 

أين فرجة الرؤيا الآمنة؟ 

ويرتد السؤال بلا جواب. 

فتعود الحقيقة للسؤال مرة أخرى: هل أصبحنا رملاً تذروه الرياح في وجه الجبال؟ 

- لماذا اصفرت الجباه السمراء؟ وفقد الأطفال البراءة وعجمت اللغة أعوادها فتكسرت كل الحروف الناصعة، وتحولت خطباً تأكلها نار النازحين إلى ضفاف الغربة؟ 

ويأتي الجواب دافقاً بوهج الشماتة: 

- اسألوا عن كل ذلك دماء الشهداء المصلولة التي اتهمت براءتها بلكنة نقيق الواقعية!! لقد تعبت السرايا فكان النوم بعد النوم. حداء المارقين من فتحات الحياة الملتهبة، إلى حضن الأسرة المترجلة عن صهوات الميادين. 

وتردد الحقيقة من جديد أسئلة محيرة تقول: 

ولكن ما الذي جعل القطا يدخل حظيرة المصائد دون حذر؟ أين منه جنون الجناحين المتحفزين أبداً إلى الأعالي؟ 

كيف تكبلت الأقدام الحرة بخداع ردة المواقع العاجزة عن اكتشاف سجن الحقيقة؟

وفي الحال يرتفع صوت يردد على مدى الأفق قائلاً: 

إنه مكر الليل والنهار وانتحار فجر الصبر فوق صخور الأنا المتعملقة في صدور النياشين العتيقة، والتحاق فتيان القوم بركب الهائمين بحثاً عن نسيان يدخلهم دار الظالمين بأمان مصنوع من غدر يوهم كل داخل أنه اكتشف الحقيقة الموصولة بالأفق العربي المبين، مضيئاً جنبات القدس.. بسيف الفارس صلاح الدين ينادي بأعلى صوته متسائلاً: 

تلك القدس تعني..؟ تلك التي ارتسمت جوهرة في سورة الإسراء فيجيئه الجواب حالاً. 

نعم تلك القدس هي. هي.. التي كان أديمها مهبط أقدام البراق، ونار قلب الحقيقة فيها تلتهم حطب الصمت وتطفئ نور عين الحاسدين. ولكن صوتاً يصيح في الجمع قائلاً: لا.. لا ليس الأمر كذلك. العشيرة كلها نامت على هدهدات بني قريظة، وترجل الفارس منذ الزمن الذي نادى فيه منادي القوم أن أفيضوا علينا من أسرار البقاء فوق الكراسي، كي تلعب بحروف الاستراتيجيات.

ويأتي دوره. إنه الثالث.. ها هو يقول:

حينما غرسوني ها هنا.. انتبهت إلى أنهم وضعوني على حافة السقوط، لم أجد سوى دموعي ومواقد حزني تؤنس وحشتي في تلك البقاع. لقد هرب التاريخ من بين أصابعهم، وتحول الحلم في خيالهم إلى ذكريات مؤرقة، فحاولوا التخلص منه بالدخول في أدب الوقت الصهيوني، علهم يجدون ملاذاً من ملاحقتي الكاشفة لعجزهم. ها هم ينادون من قاع الهوة يسألونني ببلاهة:

كيف تستريح على ظهر صهوة؟

لقد راعهم أن تمثلت الرجولة مرة في أطفال من شرفات الحنين أطلت فاسترعت البطولات دهشتهم فعادوا للتساؤل من جديد.

لقد أذن النهار على الأفول.. فعلام أنتم تطلون من شرفات الحنين؟

إننا لم نتعب بعد، وفي بقية النهار متسع للحلم فلماذا تريدنا أن ننتكس كخيل عسكر مهزومين؟

- ألم تعلموا بعد..؟

- ماذا في جعبة العويل يهديه لجسد رفض الاستكانة للوجع..؟

- لقد مات الحياء على مشارف الليل. ولم يوم الأحد.

ولكن ما زالت جباهنا تحتفظ بأرتال من جيوشه تكتمل بها الرجولة، فلا تقتلوا التمرد بفعل الجين، وتوقفوا زحف الشهادة.

في أمسية شعرية

محمد الحسناوي يشدو لأطفال فلسطين وانتفاضة الأقصى

عمان : محمد شلال الحناحنة

أقام المنتدى الثقافي بمدارس دار الأرقم الإسلامية قراءات شعرية متميزة للشاعر الإسلامي محمد الحسناوي قبل أيام، حيث قرأ عدداً من قصائده القديمة والجديدة، حضرها حشد من الجمهور الإسلامي، ونقرأ له نشيد دولة القرآن عبر إيقاع شعري متميز، فيقبس أزهار التفاؤل على الرغم من فجائع الواقع المؤلم:

تفجّري تفجّري *** يا بهجة الإنسان

تكسّري تكسّري *** يا صخرة الحرمان

لقد أطلت دولة القرآن

إن دولة القرآن التي ينشدها الحسناوي تتعطر بالذكر العذب من هدي الرسول. يتردد هذا الهدي النبوي الزكي فتزخر به الأكوان الظامئة لنشاركه أفراحه:

ما أعذب الصدى *** لما ترددوا

يذكر أحمداً *** يعطر المدى

يسلسل الهدى

في ظامئ الأكوان

ويستثمر شاعرنا محمد الحسناوي الحقل الكوني عبر لغة دافئة تزهر من الرياض، ومن إشراقات الربيع، حيث يغدو الكون مهللاً مكبراً مع مواكب الإيمان:

ما للربيع يسفر *** والرياض تزهر

وللأنام استبشروا *** فهلهلوا وكبروا

قالوا: ألست تبصر؟

مواكب الإيمان

أما في قصيدته "أبابيل"، فيرسم بطولة الطفل الفلسطيني لنمضي معه إلى هناك، نقبض على وهج الحرية الحمراء، حيث أضحت الحجارة صواعق على البغاة:

أرنو إليك وأنت النبض والأمل *** يا جندلاً في يمين الطفل يشتعل

أرنو إليك ولا عيب ولا عجب *** أن يبدأ الشوط في مضمارنا حجل

تاه الدليل وأعيتنا سواعدنا *** وعافنا السجن والترحال والحيل

حتى الحجارة أرسلنا صواعقها *** على البغاة وأوهى قرنة الوعل

هكذا نراه يقطف الحكمة الوارفة من عمق المأساة، ويشدو لشموخ فلسطين، ينبض بآمالها.

ويرنو إلى بطولات أطفالها، يحاور التاريخ والموروث والمكان:

من لي بسحرك يا هاروت في رفح *** وفي الخليل تصيد الرقط تعتقل

وأنت طفل زغيب ماؤه وشل *** إدامة بصل كساؤُه المُقَلُ

هذا الطفل العنيد، هذا البطل بارقة هذه الأمة وعنوان أمجادها، فقد عدنا إليه في ظل الجدب العربي حيث الهزائم العسكرية والسياسية، حيث يتساقط الكثيرون ليبقى وحده جبلاً من الثبات والصمود. هكذا يبقى هذا الشعر يدهشنا في مضمونه وإيقاعه، ودلالاته الموغلة في اشتعالات الواقع وأشجانه، فترانا نشرع نوافذنا له:

ما أخطأت رمية سددت وجهتها *** ولا تلجلج في مفتاحه القفل

حتى أشرأبت حصيات مبعثرة *** تهفو إليك وأحلى دراستها الجبل

فمن تراك وما سر تخبئه *** في جانحيك فداك السائل العجل

واحة الشعر

النصر موعود السماء

شعر: محمد أبو دية

يا قدس ما هذا البهاء

 

 

يا قدس ما هذا الضياء

 

للقدس حبّي والولاء

 

 

للقدس مني ما تشاء
 

إليك أســرى أحمد

 

 

الهاشمي الأمجد

 

جبريل كان المرشد

 

 

أكرم بمبعوث السماء

 

محمد صلى هنا

 

 

والكون يعرف من أنا

 

محمد نبينا

 

 

هذا إمام الأنبياء

 

في القدس باب للسماء

 

 

والقدس بيت الأتقياء
 

في القدس عهد ووفاء

 

 

والقدس أرض الشهداء

 

القدس تشكو من سنين

 

 

تدعو الرجال المؤمنين

 

الراكعين الساجدين

 

 

الصابرين على البلاء

 

في القدس عدوان اليهود

 

 

فرعون عاد مع الجنود

 

والقدس في أسر القيود

 

 

تبكي بنيها الأبرياء

 

في القدس شوق وحنين

 

 

في القدس عزم لا يلين

 

الجرح فيها والأنين

 

 

في القدس نهر من دماء

 

في القدس دمع كالمطر

 

 

والقدس يحميها حجر

 

في القدس قراء السور

 

 

في المسجد الأقصى نداء

 

يا قدس يا أرض الجدود

 

 

رفعوا حواليك السدود

 

فإلى متى هذا الجحود

 

 

وإلى متى هذا الجفاء

 

عرس الشهادة رائع

 

 

والعاشقون تدافعوا

 

والخائفون تراجعوا

 

 

تركوا الحبيبة في الشقاء

 

في أرض أحمد والمسيح

 

 

كم من ذبيح أو جريح

 

ومآذن الأقصى تصيح

 

 

أين الكرام الأوفياء؟!

 

يا قيس يا بن الفاتحين

 

 

ليلى تنادي من حين

 

اضرب وجوه المعتدين

 

 

والحق بركب الشهداء

 

يا قيس ليلى في الجنان

 

 

يا قيس قد أن الأوان

 

أقدم ولا تخش الجبان

 

 

في القدس ما انقطع الرجاء

 

القدس والأقصى لنا

 

 

يافا وحيفا دارنا

 

والله بارك حولنا

 

 

في حقلنا عسل وماء

 

يهود هم أهل الفساد

 

 

كفرت بهم كل البلاد

 

جاءوا إلينا بالعتاد

 

 

وغدا مصيرهم الفناء

 

حطين تهتف ويلتاه

 

 

أين الغطارفة الحماه

 

أين الفوارس والكماه

 

 

من جددوا عهد الفداء

 

يا قدس إنا قادمون

 

 

نحن الجنود المسلمون

 

وعلى التخلف نادمون

 

 

لبيك يا قدس العلاء

 

قد جاءنا منك النداء

 

 

عبر الصحائف والفضاء

 

للقدس روحي والدماء

 

 

والنصر موعود السماء

 

                   

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

كيف نحقق خشوع القلب في الصلاة؟

نشر في العدد 2170

10

الاثنين 01-أغسطس-2022

مـن الجامعة

نشر في العدد 342

15

الثلاثاء 22-مارس-1977

المجتمع الإسلامي (العدد 475)

نشر في العدد 475

20

الثلاثاء 25-مارس-1980