; المجتمع المحلي (العدد 1084) | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع المحلي (العدد 1084)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 18-يناير-1994

مشاهدات 18

نشر في العدد 1084

نشر في الصفحة 6

الثلاثاء 18-يناير-1994

«ومنا.. إلى»

 السيد رئيس المجلس البلدي المهندس محمد الشايع... تصريحكم بخصوص الأراضي التي منحت الشركات دون مقابل وكلفت الدولة ٢٠ مليون دينار، يؤكد حرص مجلسكم على حماية المال العام، ويدلل على حرصكم الشخصي في تبني القضايا ذات الأهمية الملحة، نسأل الله أن يعينكم في مهمتكم الصعبة.

 معالي وزير الإعلام الشيخ سعود ناصر الصباح.. ما زالت الكويت تواجه حملة إعلامية مضادة متزايدة، وعلى الرغم من ذلك بقي إعلامنا بعيدًا كل البعد عن إعطاء صورة إعلامية صحيحة لما يحدث في الكويت فاستغلت قضايا اجتماعية عديدة لتشويه صورة الكويت في ظل غياب إعلامنا، وبدا كما ولو أننا لم نستفد من درس الأزمة.

 وزير التربية والتعليم العالي د. أحمد الربعي.. أقيمت الملاحق الثقافية التابعة لسفاراتنا في الخارج من أجل عدة مهام منها متابعة أمور إخواننا الدراسين في الخارج وتذليل الصعوبات التي تواجههم، وتقديم المشورة عند الحاجة، ولكن الشكوى المتكررة والمتزايدة من الطلبة الدارسين في الخارج تؤكد بأن هذه الملاحق الثقافية تعيش في واد آخر غير الذي يعيش فيه الطلبة.

 معالي وزير الشئون الاجتماعية والعمل/ السيد جاسم العون.. قانون التحاق بعائل بحاجة إلى إعادة تقييم وخصوصًا فيما يخص بند الراتب، فهناك الآلاف من الموظفين بحاجة إلى نظرة جديدة في هذا البند، فإذا كان الموظف يجد القدرة على إحضار أهله فهذا عائد إليه بغض النظر عن الراتب ذاته.

ولا شك أن تعديل هذا البند سيساهم مساهمة مباشرة في إنعاش الوضع الاقتصادي، وحماية المجتمع الكويتي من النواتج السلبية لكثرة العذاب داخل بلدنا.

ولكم جميعًا تفضلوا بقبول فائق الاحترام.

د. عادل الزايد

رسالة ملؤها الأمل.

إلى وزير الصحة

عندما وقعت أزمة الكويت، لم يتصور أحد إطلاقًا أن يكون بمقدور هذا البلد الصغير وشعبه القليل عددًا أن يصمد ولو لأسبوع واحد في وجه عدو حاقد مثل صدام، ولكن تماسك الجبهة الداخلية أدى إلى استمرار الخدمات الاجتماعية بطاقة المتطوعين من الكويتيين والمقيمين الشرفاء على السواء واستمر الصمود. بفضل من الله - سبعة أشهر طوال.

وكان من أبرز الجهات الخدماتية التي استطاعت الصمود الخدمات الصحية، ولم يكن ذلك فقط من خلال تقديم الخدمات العلاجية والتمريضية، وإنما كذلك من خلال الدعم الذي قدمه الأطباء والممرضون والممرضات لرجال المقاومة الكويتية.

ونود أن نؤكد أنه لم يكن بالإمكان أن يستمر هذا العطاء وتتواصل هذه الخدمات لولا تضافر جهود جميع العاملين في هذا المجال من كويتيين ومقيمين، دفعهم حبهم لهذا البلد ولشعبه -الذي تربطهم به علاقات من الصداقة والأخوة والمحبة قوتها الأيام- إلى البقاء للعمل جنبًا إلى جنب مع إخوانهم الكويتيين في تسيير أمور هذه الخدمة ودعم المقاومة الكويتية، وقد أجبرت الظروف القاسية في ذلك الوقت بعضهم إلى تسفير عائلاتهم إلى الخارج، خصوصًا إذا ما علمنا بأن الأطباء كانوا يضطرون أحيانًا لصعوبة الظروف ولحاجة العمل للبقاء يومين أو ثلاثة أيام متواصلة في المستشفى، فلم يكن يطمئن قلبه وهو في عمله على أهله إذا ما تركهم في شقتهم دون أن يتواجد معهم في عمارة قد أصبحت شبه مهجورة، وقد اشتدت الحاجة إلى إخراجهم عندما بدأت الحرب الجوية ففضل خروج زوجته وأولاده على أن يبقى هو مرابطًا في هذه الأرض ليعطيها كما أعطته، وليثبت لأهلها حبه كما أحبوه.

وانتهت الأزمة وجاء وقت النصر والتحرير فأنستهم الفرحة التي ملأت القلوب قسوة تلك الأيام الماضية، وشغلتهم صعوبة ظروف العمل في المستشفيات بعد التحرير فالماء غير متوفر والدواء شبه نافد وغيرها وغيرها من الأمور ومع الوقت بدأت الأمور تسير إلى الأفضل وبدأت العجلة تدور من جديد، ولكن في ذات الوقت كان هناك فرحة تتلاشى من بعض القلوب ويحل محلها شيء من الغصة، وكان ذلك في قلوب الأطباء غير الكويتيين من العرب الذين بقوا ليسهموا مع إخوانهم في العمل الوطني داخل الكويت، فالصدمة الأولى كانت عندما هضمت حقوقهم في رواتبهم عن سبعة أشهر عمل إبان فترة الاحتلال والصدمة الكبرى كانت في منع بعضهم من إعادة زوجاتهم وأولادهم من جديد إلى الكويت بحجة جوازاتهم التي تنتمي إلى بلد معين.

خلق ذلك القرار نوعًا من الأسى العميق في نفوس هؤلاء الأطباء، وسوءًا في نفسيتهم لا بد وأن يكون له أثر في العمل، ومما زاد الوضع سوءًا أن بعضهم استطاع أن يحصل على استثناء من خلال الواسطة وبقي الآخر لا يستطيع أن يفعل شيئًا.

معالي الوزير الإنسان، نحن هنا لا نخاطب وزيرًا لم يعمل في مجال الحقل الطبي فهو لا يعرف همومه ولكنك طبيب قبل أن تكون وزيرًا وهذا يجعلنا نخاطبك كزميل يتفهم ظروف عمل هؤلاء الأطباء، ويتفهم أهمية الاستقرار النفسي لدى الطبيب المعالج، فكيف تتوقع معالي الوزير من هذا الطبيب المعالج، فكيف تتوقع معالي الوزير من هذا الطبيب أن يعمل بكامل الحرص والإخلاص وهو قادم إلى المستشفى بنفسية منكسرة وخصوصًا إذا ما علمنا معالي الوزير أن هناك الكثير منهم قد وصلت علاقاتهم الأسرية إلى حافة الهاوية بسبب هذا الانفصال القسري بينهم وبين زوجاتهم، وأصبح الكثير منهم يشغلهم مستقبل أبنائهم وهو البعيد عنهم لفترة زادت عن ثلاث سنوات.

فهؤلاء الأطباء معالي الوزير يرجون تدخلكم لحل هذه المأساة الاجتماعية التي قد يكون لها تأثيراتها السلبية على سير الخدمات الصحية في الكويت، راجين من زميلهم السابق ووزيرهم الحالي تفهم أوضاعهم.

د. عادل الزايد

حقوق العاملين قبل أرباب العمل في وصايا الرسول ﷺ

في أحد المباني الحكومية الضخمة والفخمة التي تكلف تشييدها الملايين، والتي تضم بين جنباتها أخطر سلطات الدولة القائمة على أمر العدل والإنصاف بين الناس، وفي غرفة صغيرة اتخذ منها عمال النظافة بالمبنى مستودعًا لأدوات النظافة واستراحة لهم من عناء العمل وتناول الطعام، جلس اثنان من العمال في أرضية الغرفة الخالية من أي أثاث سوى بعض الأشياء التافهة التي جمعها بعضهم، كبقايا بعض قناني الماء الفارغة التي شربها غيرهم ثم ألقى بها فآثروا الانتفاع بها، وإذا أمعنت النظر في جوانب الغرفة يقع بصرك على بعض الملابس البالية التي يرتديها هؤلاء العمال بعد أن يفرغوا من العمل ويخلعوا الأردية التي منحتها لهم جهة العمل.

جلس الاثنان ليتناولا طعام الإفطار الذي وُضع أمامهما في أرضية الغرفة وكل مكوناته عبارة عن بعض أرغفة الخبز وطبق صغير به قليل من السكر، وقد أخذ كل واحد منهما يغمس قطعة الخبز في السكر برفق شديد وحذر بالغ؛ كأنه يخشى أن يعلق بها من السكر المزيد فينفد قبل الخبز فتفوت عليه متعة هذا المذاق الشهي امتزاج الخبز بالسكر، وقد تتنوع هذه المائدة أحيانًا فيحل كوب من الشاي محل السكر ويبقى الخبز دائمًا سيد المائدة.

راعني هذا المشهد وقلت في نفسي: أهذا طعام يقيم أود عمال يعتمدون في عملهم على الجهد البدني ويقومون بنظافة هذا المبنى الوقور السامق الشاهق في مبناه ومعناه ثم يتدنى فيه مستوى الإنسان إلى هذه الدرجة! والتي ربما كان حظ القطط والحيوانات التي تبحث عن طعامها في أوعية القمامة أوفر من حظ هؤلاء العمال، فهي تنثر ما تحويه هذه الأوعية من بقايا الأطعمة يمينًا ويسارًا وتفاضل بين أنواع الأطعمة الملقاة وتختار أجودها وأطيبها مذاقًا ثم تنطلق وقد امتلأت منها البطون، وتساءلت: أيحدث هذا على حين انتفخت بطون الكثيرين وأصاب البعض منهم أمراض الجهاز الهضمي لفرط ما يسرفون في تناول الطعام كمًّا وكيفًا وغيرهم بجوارهم طعامه الخبز والسكر؟! ثم تذكرت قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم عليه» (رواه صاحب مصابيح السنة من الصحاح).

وحقوق العامل والخادم كما بينها الحديث في الملبس المناسب والمأكل المناسب تكون سواء أكان مخدومه فردًا أو هيئة حكومية وغير حكومية، فعلى أصحاب الأعمال هيئات وأفراد أن يوفروا للعامل والخادم الملبس والمأكل المناسب، والذي يتلاءم مع مستوى رب العمل إن لم يكن مماثلًا له، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، أما أن يتدنى المستوى إلى الدرجة التي رأيت.. فأمر غير مقبول.

عابد التركي

العدوان العراقي سبب ظاهرة الانحراف

أجمع أساتذة متخصصون في مجال التربية والشريعة والقانون على أن العدوان العراقي على الكويت يمثل عاملًا من عدة عوامل أسهمت في إبراز ظاهرة الانحرافات السلوكية. وأكد كل من عميد كلية التربية الأساسية الدكتور عبد المحسن الخرافي، والدكتور محمد عبد الغفار الشريف من كلية الشريعة، والدكتور كمال مرسي من كلية التربية، ومدير شرطة الأحداث بوزارة الداخلية العقيد محمد السعد في الندوة التي نظمتها وحدة الإرشاد النفسي بكلية التربية بجامعة الكويت، على أن العدوان العراقي كان كاشفًا لبذور الانحراف السلوكي لدى الشباب الكويتي.

وقال د. الخرافي: إن العدوان العراقي على الكويت تسبب في إحداث حالة من الفوضى وعدم الاستقرار الاجتماعي، وساهم في زيادة نسب الانحراف والجرائم خاصة جرائم العنف والقتل والنهب والسلب والجرائم الأخلاقية. وحذر الدكتور الخرافي في الندوة التي افتتحها عميد كلية التربية الدكتور عبد الله الشيخ، ورئيس وحدة الإرشاد النفسي بالكلية الدكتور راشد السهل من خطورة الانحراف على المجتمع بقوله: إن الانحراف يبدد طاقة الفرد وجهده ويفسد حياته ويحطم مستقبله وطموحاته، ويعرض الفرد للعقاب والسجن والإيذاء.

وتحدث د. محمد الشريف الأستاذ بكلية الشريعة بجامعة الكويت فقال: إن الانحراف السلوكي من منظور الشريعة الإسلامية مسئولية فردية، وذكر أن العدوان العراقي كان كاشفًا لبذور الانحراف السلوكي المغطى في المجتمع الكويتي قبل العدوان نتيجة ضعف وإهمال الجانب التربوي.

وأكد د. محمد المرسي الأستاذ بكلية التربية بجامعة الكويت على أن الغزو العراقي لم يكن السبب الرئيسي في انتشار ظاهرة الانحراف السلوكي، وإنما كان عاملًا من عدة عوامل أسهمت في زيادة معدلات الانحراف السلوكي في الكويت بعد التحرير.

وقال مدير شرطة الأحداث بوزارة الداخلية العقيد: محمد السعد: إن ظاهرة العنف انتشرت بين الأحداث بعد التحرير، وأشار إلى أن قضايا الأحداث انتشرت في العمر بين ١٥ –١٨ عامًا، وذكر أنها ارتفعت إلى ۲۸۰۰ قضية والتي تمثل ٨٦% من إجمالي القضايا المسجلة للأحداث.

وعن طريق علاج حالات الانحراف، أكد المشاركون على تنمية الوازع الديني من خلال ربط الإنسان بمبادئ الشريعة الإسلامية وروح الانتماء للوطن وإتاحة حرية التعبير عن الرأي داخل المؤسسات التعليمية واستخدام أسلوب الثواب والعقاب، والنظر إلى أن المنحرف إنسان مريض يحتاج إلى علاج وصبر في علاجه، وتحويل سجون المنحرفين إلى مدارس إصلاحية، وتقديم أنواع العلاج الطبي والنفسي للمنحرفين وتأديبهم لردعهم عن العودة إلى الانحراف.

خالد بورسلي

البروفيسور الفرنسي المسلم كلود ميلان «للمجتمع»: العلم الذي نعتمد عليه في الطب يحتاج إلى الإيمان

والإسلام هو الذي يستطيع القيام بهذه المهمة

أثناء وجوده في الكويت -في زيارة عمل- التقته «المجتمع» وأجرت معه حوارًا ثريًّا، إنه الطبيب الفرنسي المسلم، البروفيسور «کلود میلان» استشاري علاج السرطان ورئيس قسم العلاج الإشعاعي والكيماوي في مستشفى سانت لويس في العاصمة باريس.

المجتمع: حدثنا عن قصتك مع الإسلام وكيفية اعتناقك له؟

د. ميلان: في السابق لم أكن أعتنق أي دين، وكنت كثير الاهتمام بالعلم وأعتبره كل شيء بالنسبة لي، ولكن كنت أحس في قرارة نفسي أن هذا العلم والتبحر فيه ليس كافيًا في حد ذاته ولا بد من توفر عنصر آخر مكمل له، وهو الجانب الروحي. كنت أرى من خلال معالجتي للمرضى -وخصوصًا المصابين بالسرطان- أن هناك فرقًا شاسعًا بين المتدينين منهم وغير المتدينين، كنت أحس بوحشة غير المتدينين وأجدهم ضعفاء وهم يعتمدون على العلم فقط الذي هو حسب معرفتي لا يستطيع أن يؤمن لهم علاجًا كافيًا، بينما كنت أجد المرضى من المسلمين يشعرون بالثقة ويتعاملون مع المرض بشكل أفضل.

من هنا بدأت أرى ضرورة المزج بين الإيمان والطب، وتيقنت أن العلم الذي تعتمد عليه في علاج الكثير من الأمراض يحتاج إلى الإيمان، وأن الإسلام هو الذي يستطيع القيام بهذه المهمة، ذلك أن العنصر النفسي الذي يوفره هذا الدين له أثر عميق على المرضى ويسرع في علاجهم، فالإسلام في الحقيقة هو الجانب الآخر للعلم.

من جهة ثانية، ساعدتني زياراتي للأقطار العربية وبالتحديد المملكة العربية السعودية على التقرب من الإسلام أكثر فأكثر، فقد تعرفت هناك على أصدقاء طيبين، حدثوني كثيرًا عن طبيعة الإسلام ومزاياه، ومع الوقت بدأ اهتمامي بهذا الدين يزداد، وأخذت بقراءة الكتب التي تتحدث عنه وازددت معرفة به، حتى جاء اليوم الذي دعاني فيه صديق مسلم للدخول في الإسلام ولبَّيت دعوته، وقد حظيت باهتمام مميز، وتمكنت من أداء الحج والعمرة أكثر من مرة، وكان لهذه الرحلات أثر عميق في نفسي، وقد مضى على إسلامي خمس سنوات.

المجتمع: يوجد في فرنسا قرابة أربعة ملايين مسلم، منهم ستمائة ألف تقريبًا من أصل فرنسي، بصفتك فرنسي مسلم، ما هو بنظرك موقع هذا العدد من المسلمين مقابل الديانات الأخرى؟ وكيف ترى وضع هؤلاء اليوم في ظل التطورات التي ظهرت مؤخرًا بعد التعرض لعناصر الحركة الإسلامية؟

د. ميلان: الديانة الرسمية في فرنسا هي الكاثوليكية، إلى جانب اليهودية التي تتمتع بنفوذ واسع على الصعد السياسية والاقتصادية والعلمية، هاتان هما الديانتان الرئيسيتان -سابقًا- في فرنسا.

أما الآن فقد بدأ يبرز دين جديد هو الإسلام، وأخذ يحتل يومًا بعد يوم مركزًا قويًّا بين تلك الديانات، نظرًا لوجود الجالية الكبيرة من العرب ومعظمهم من دول شمال إفريقيا، ومن جهة ثانية هناك العدد المتنامي للمسلمين ذوى الأصل الفرنسي، وهم يساهمون بدورهم في دعم مكانة الإسلام وتعزيز عملية انتشاره.

ولا توجد أية مشكلات بين أبناء الديانات الثلاث في فرنسا، باستثناء بعض الصعوبات في التعامل ناتجة عن الركود الاقتصادي والبطالة، إذ يسود جو من التنافس في أوساط هؤلاء.

أما من ناحية الحكومة الفرنسية فلا إشكال لديها بالنسبة لما يسمونه بالإسلام المعتدل «الكلاسيكي»، بل إن هذه الحكومة تسعى لتحسين علاقاتها مع أولئك المعتدلين. ولكن ما يؤرق الحكومة الفرنسية الآن هي مشكلة الحركات الإسلامية، وخصوصًا العناصر التي جاءت إلى البلاد من شمال إفريقيا وبالتحديد من الجزائر، ويخشى المسئولون الفرنسيون ما يمكن أن تسببه عناصر تلك الحركات من تهديد لأمن فرنسا ومصالحها وعلاقاتها الخارجية، بسبب النشاطات المعادية لحكومات بلدانهم، كما يخشى من انتقال العنف إلى داخل فرنسا وحدوث مواجهات بين مؤيدي الأطراف الإسلامية ومخالفيهم المتواجدين على الأراضي الفرنسية، وهذا يؤثر سلبًا على أوضاع المسلمين هناك.

المجتمع: ما هو دور المسلمين الفرنسيين في مناصرة قضايا الأمة الإسلامية المختلفة، كقضية فلسطين والبوسنة والهرسك وغيرها...؟

د. ميلان: يقوم المسلمون الفرنسيون بدور سياسي وإعلامي كبير في هذا المجال، معتمدين على مبدأ الدفاع عن حقوق الإنسان الذي تعتبره الحكومة الفرنسية جزءًا من قضاياها الاستراتيجية في العالم، لذلك فهم يضغطون على حكومة فرنسا للقيام بدور فعال تجاه تلك القضايا، مستغلين تلك القناة المفتوحة للتحرك بشكل أوسع، ولا يدخر مسلمو فرنسا جهدًا في التعاون مع باقي المسلمين لمناصرة قضايا الأمة وإرسال المساعدات والمعونات للمتضررين في كل مكان.

المجتمع: كيف ترى مستقبل الإسلام في فرنسا؟

د. ميلان: الناس في فرنسا اليوم يبحثون عن فلسفة روحية طالما افتقروا إليها، لقد عجزت الكاثوليكية عن تلبية طموحاتهم، وقصرت عن التكيف مع العصر بسبب عدم حيويتها، وهي تلاقي إهمالًا شديدًا خصوصًا من جانب الشباب الذين باتوا لا يعيرونها أي اهتمام، لذا فهذه الديانة تعاني من انحدار شدید.

وهذا ما فتح المجال واسعًا أمام الإسلام في المجتمع الفرنسي، وهو ماض في منحنى تصاعدي سريع، لأنه دين حيوي وقابل للتكيف مع طبيعة هذا العصر، والناس عندنا يبدون به اهتمامًا كبيرًا ويرغبون بالتعرف على حقيقته وفِكره، لأنهم وجدوا لديه أجوبة لكثير من أسئلتهم، وحلولًا لكثير من مشكلاتهم وطموحاتهم وتطلعاتهم، وهذا يبشر بمستقبل باهر للإسلام في فرنسا.

بشار العلي

الرابط المختصر :